ولد الشيخ خالد عدلان بن تونس يوم السبت 28 محرم 1368 الموافق لـ 19 نوفمبر 1949 بالزاوية العلاوية الأم بحي تيجديت بمدينة مستغانم.
و بعد ثلاثة أيام في رضاعته من والدته المصونة، عهد به الشيخ السيد الحاج عدة الى متجردة صاحبة حال رباني بالزاوية لتقوم بكفالته و تربيته، و كف عنه أيادي جميع أقاربه، و نشأ غريبا و هو في وسط عائلته تظلله قبة الزاوية، و القلوب تشرئب إليه شوقا و محبة و حنانا، ونما عوده في أحضان الزاوية كأنه يتيم، يفترش أرضية الزاوية، أنى داعب الكرى جفونه، تارة على الحصير، و آونة أخرى على عتبة من أعتاب الزاوية، و ترعرع في هذا الجو الروحي المخيم على الزاوية، يتنسم من نفحاتها المباركة و يمتلئ صدره من عبيرها العطر الفواح، ترعاه العناية الربانية التي ساقته الى هذا المعين الرباني الفياض، و خلال أطوار نشأته كان يتلقى بشارات و إشارات تكتب بماء العيون على صفحات العيون من أقطاب الطريقة العلوية، و قد أنزله الشيخ الحاج عدة منزلة ابنه، و هو جده الذي سماه بالاسم الميمون عند ذبحه بنفسه كبش العقيقة، فهلل و كبر و دعا بالخير و البركة و التوفيق للمولود السعيد، و حمد الله اذ أنسأ الله سبحانه في عمره ليعايش هذه البشارة المهداة منه تبارك و تعالى، و ظل في ظل الزاوية بين المتجردين و المتجردات يغرف من روحانيتهم و ينطبع بطابع شفوفيتهم، تحفه نظرة أهل بيته بما فيهم الأستاذ الأعظم الشيخ السيد الحاج عدة.(1)
نشأته
يقول الشيخ خالد بن تونس عن صباه "ارتسمت بدايات مصيري بين جدران مستغانم، مستغانم الحبيبة و الإسم على مسمى، حيث ولدت و ترعرعت، و حيث تبلورت أحلامي، و التي أحتفظ بذكرياتها سليمة و حية، و إلى حيث أعود بانتظام، منذ أن لم أعد أعيش فيها، لألقي نظرة عطوفا لمن أحتفظ في ذاكرته بقصة ماضيها. عدد من يعيش هنا - في الزاوية – حوالي مائة و ثلاثين نفرا، كلهم أعضاء في الجماعة، نتقاسم فيها حياة جماعية. و ترتصف المساكن حول فناء تتوسطه نافورة، حيث نستمتع بالتبرد بمائها عندما تشتد حرارة الصيف". (2)
ويضيف "ولدت هنا، عشت حرا و سعيدا السنوات الأولى من حياتي محاط بنساء بدون الشعور الإنتماء إلى بيت معين، بين أمي و مربيتي و زوجة أبي و جدتي. عكس إخوتي و أخواتي لم أكن أعيش مع أمي في البيت العائلي و لكن بمحاذاته مع خالتي الخليلة و الساعد الأيمن لجدتي. لأن الشيخ عدة لم يتبناني فقط بل إختار لي مربية لتهتم بشؤوني".(2)
إنها لالة خيرة إبنة الشيخ المؤسس بالتبني و زوجة الشيخ عدة و أم الشيخ المهدي و جدة الشيخ خالد. عملت بشجاعة على البقاء المادي و الروحي للزاوية لقرابة قرن من الزمن، الذي شهد مشاكل و محن كثيرة. فقد اضطلعت بكرامة و احتفظت بالدور الذي أسنده إليها الشيخ العلاوي و إلى الشيخ عدة و هو يحتضر، إذ قال له "أتركها لك في الزاوية كالميناء الذي تقصده السفن من كل فج لترسو به".
تأثرت حياة الشيخ خالد بن تونس في نشأته، بنساء الزاوية، قيقول عن جدته خيرة، "في العالم الأنثوي الذي أحاذيه، فهي تمثل لي الشخصية المثلى التي تجسد تماما المكانة التي خص بها الرسول صلى الله عليه و سلم المرأة عندما قال ' حبّب إلي من دنياكم ثلاث: الطيب و النساء و جعلت قرة عيني في الصلاة '. بين الجوهر المخفي و السمو. و قال أيضا ' الجنة تحت أقدام الأمهات '. أعيش كلية هذا الحديث، إذ أن خيرة هي المثل الأعلى لطفولتي، فهي تجسد هذه الجنة. يوجد أيضا باية، زوجة أبي الثانية، كانت حريصة علي، كي أجيد تكلم اللغة الفرنسية، عندما دخلت المدرسة العمومية". (2)
"كان عمري ثلاث سنوات، و عمر أبي أربع و عشرين سنة، عندما أصبح بدوره حامل رسالة و تعليم روحي. منذ البداية إعتبرته كشيخ، فالبعد الروحي يأخذ دائما السبق على البعد الأبوي. و هكذا علاقاتنا لم تعد علاقات أب و إبن. مثله تماما تلقيت تربية خاصة منذ سن الرابعة، سن دخول المدرسة القرآنية. كل صباح عدا الجمعة، أتعلم الحروف و الكتابة و سور من القرآن الكريم مع معلم خاص كلفه بتعليمي، كما كان الشأن له. كان الأول هو سيدي عبد العزيز عراب، كاتبه. فالرجل مهاب جدا، يتكلم بصوت خافت... من غير المعقول المغامرة و تخييب أمل هذا المدقق و المتقن و المحب للقرآن. في كل مساء ألتقي أبي، لأتلو عليه دروسي". (2)
ثم التحق التلميذ خالد بن تونس بالمدرسة القرآنية، يعني، مع الأطفال الآخرين بالحي مع سيدي عبد السلام الأكثر يسرا و غرابة. و هو معلمه الثاني للقرآن. "تلقيت كذلك تأثير حكماء الزاوية، الذين يحكون قصص مليئة بالدعابة، و حكم و حقائق مخفية". (2)
في سن السادسة، دخل المدرسة العمومية الإجبارية المخصصة للأهالي. "هو عالم آخر، و لغة أخرى، و حي آخر عليّ أن أكتشفه، إنه للأروبيين. حتى و لو أني دخلت المدرسة العمومية المخصصة للأهالي، فإننا نحظى بنفس التعليم مثل أي فرنسي صغير". (2)
بعد إضراب 1956، الذي شارك فيه التلميذ خالد بن تونس بامتناعه عن الدراسة، صرفت المديرية كل التلاميذ الذين تغيبوا. و لم تعد توجد مدرسة يذهب إليها. "بقيت أكثر من سنة أدرس فقط بالمدرسة القرآنية و ألتقي يوميا بمعلمي". و بعد بحث، تمكن الشيخ المهدي بن تونس من إيجاد مدرسة لاستقبال إبنه خالد، عند السيد ( سافر ) الذي كان يدير المدرسة مع زوجته. بقيت السيدة ( سافر ) مدرسته حتى عام 1962.
"كان عبد السلام يسألني دوما ' هل من جديد' "(2)، و ذات مرة شدّد عليه في السؤال، فليلتها رأى رؤيا عجيبة "رأيت وجه إنسان يسمى محمد، أعطاني شيئ خاص جدا. في اليوم التالي دنا مني عبد السلام، و سألني ' دائما لا شيئ؟ '، فقصصت عليه الحلم الجميل. يبدو أنه أغمره في سعادة ' هذا ما كنت أنتظره '. أخذني إلى دكان يملكه فقير قرب الزاوية و قدّم لي شرابا، و بينما نحن الإثنين جلوس على الصناديق المقلوبة، قرب المحل، قال للبقال 'هل تعرف ماذا رأى؟' فأجاب الرجل 'لقد حدث أخيرا'. لم أفهم شيئ من كلامهما. فبعدما شرح لي أبي هذا الحلم، تحققت كم الحياة مليئة بالأمور العجيبة، حتى لو كانت تتجاوزني، و توجد لغة لطيفة لغة الإشارة و الرموز ".(2)
أصل الطريقة العلاوية (لفتة إلى أجداده الكرام حملة العلم والحكمة قادة الطريقة العلاوية.)
تندرج الطريقة العلاوية في الشاذلية وهي إمتداد لها مرورا بالدرقاوية. يعود إسم الطريقة العلاوية إلى الشيخ العلاوي.
الشيخ أبو الحسن الشاذلي هو صاحب الطريقة الشاذلية، عاش بين سنتين (1196 و1258)، و ضريحه موجود بحميرة قرب مدينة قم أمبو بمصر في شمال أسوان. مولاي العربي الدرقاوي أعطى للطريقة إسمه و ضريحه موجود بضواحي فاس. و بواسطة الشيخ البوزيدي دخلت الطريقة مدينة مستغانم و جعلت منها أرض روحية فريدة. ذهب سيدي محمد ابن الحبيب البوزيدي إلى المغرب بحثا عن شيخ روحي بعدما أنهى دراسته، وإلتقى سنة 1864 بالشيخ ابن قدور الوكيلي و تلقى منه، و لازمه مدة خمس و عشرين سنة، و بعد وفاته عاد إلى مستغانم.
سنة 1889 فتح مدرسة لتعليم القرآن، بدون تبليغ التعليم الروحي الذي تلقاه. و بلّغ بعد رؤية ثانية للرسول صلى الله عليه و سلم أمره فيها بتعليم و إذاعة طريق الله. في الرِؤية الأولى، أمره بالإمتناع عن الكلام في الأمر بعد الإنكار والإذاية التي تعرض لها. كان الشيخ يذهب إلى بيوت البغاء لتعليم المومسات، و لتزويجهن للفقراء العزاب.
في لقاء شهير بين الشيخ البوزيدي و الشيخ العلاوي، أصبح هذا الأخير مريدا عند الأول.
تأسيس الطريقة العلاوية
تولى الشيخ العلاوي الخلافة عام 1909 بعد وفاة الشيخ البوزيدي يوم 27 10 1909، و كان قد لازمه مدة خمس عشرة سنة. قضى مولانا الشيخ العلاوي في تجديد هذا التراث الروحي، فبعد رحلة أولى إلى المشرق قادته إلى تونس و ليبيا ثم دار الخلافة العثمانية، عاد أدراجه إلى الجزائر لما كانت تعانيه تركيا من ظهور الحركة الكمالية و سقوط قريب للخلافة العثمانية.
بعد الحرب العالمية الأولى قاد الشيخ نهضة كبيرة، فقد أسس زوايا و ألّف كتبا و نشر جرائد. قام برحلة إلى أروبا عام 1926 و افتتح مسجد باريس، وعام 1930 حجّ إلى بيت الله الحرام و زار سوريا و فلسطين.
توفي الشيخ العلاوي سنة 1934 و خلفه مقدّم الزاوية الكبرى الشيخ عدّة بن تونس. حمل راية الطريق بعد شيخه العلاوي، فقد أسس مجلات و جمعيات منها ( أحباب الإسلام ). و يروي المقدّم سي عبد القادر بلباي هذه القصة، التي تبرز بعض خصال الشيخ عدة بن تونس "أرسلني الشيخ الحاج عدة لحجز القاعة المتواجدة في الفندق الكبير الذي يعود لأحد اليهود. و لما لم يكن باستطاعة صاحب الفندق أن يرفض، ضاعف مبلغ الحجز حتى يوهن عزمنا. ثار غضبي و عدت إلى الشيخ، لكن هذا الأخير أمرني بالرجوع فورا لحجز القاعة بالمبلغ المطلوب. و كان اللقاء قد استحث فضول صاحب الفندق فتسلل خلسة إلى القاعة للإستماع إلى كلمة الشيخ. و عند الفروغ منها، قصد الشيخ وعيناه مغرورقتان بالدموع، و قال ' أنا أعتذر عما بدر مني، سأعيد لك المبلغ لأنك جعلتني أكتشف موسى من جديد. أما عن القاعة فستكون من الآن فصاعدا تحت تصرفكم مجانا".
واستمر الشيخ عدّة بن تونس في نشاطه إلى آخر رمق من حياته و توفي يوم 04 07 1952. يقول الشيخ خالد بن تونس "لم يتجاوز عمري الثلاث سنوات حينها، و لا زال أحمل في ذاكرتي تلك الصورة الحية التي لا تفارق ذهني و كأنها تظهر من وراء غمامة، صورة رجل تعلو وجهه إبتسامة عريضة تحليها لحية بيضاء كنت أشدها كلما ذهبت لأقبله. يوم جنازته، دخلت الزاوية في حالة من التأثر، فقد بكاه عدد كبير من النساء و الرجال، و كان نحيبهم الممزوج بالمدائح و تلاوة القرآن يتجلجل في كل الأرجاء. يومها لم أفهم ما حصل، فكنت أجوب الغرف مرعوبا أبحث عن المواساة و الحماية عند مربيتي التي حاولت عبثا أن تشرح لي أمرا لم أكن لأستوعبه". (2)
قال الشيخ عدة بن تونس عندما كان طريحا في مرضه الأخير " قال الشيخ العلاوي ' سأذهب بلحية بيضاء اللون، و سأرجع بأخرى سوداء و لن تعرفوني '. و أنا أقول لكم -أي الشيخ عدة بن تونس-، أنا كذلك ذاهب، و سأرجع بلحية بيضاء أو غير ملتح، و أعلم أنكم ستقولون لست أنا. لكن إن أغلق المستأجر باب المدخل الذي فتحه و أراد أن يفتح آخر على واجهة المبنى. هل كنتم لتمروا من الباب الجديد أم أنكم ستبقون واقفين أمام الباب المغلق؟ من يريد الدخول، لا يتوقف أمام الباب عليه أن يدخل من باب المدخل". و قال أيضا لولده المهدي بن تونس وهو على فراش الموت"، أرى عاصفة هوجاء قادمة إلى هذا البلد. لكن لاتخف و تمسك جيدا بسارية السفينة". كانت الصورة شديدة البلاغة بالنسبة للحاج المهدي، العاشق للبحر، عندما اعتمد بالإجماع، في 05 يوليو 1952 شيخا للطريقة. إعتبره الجميع ليس خليفة لأبيه و إنما بالأحرى للشيخ العلاوي.
أثناء الثورة الجزائرية
سنتان بعد خلافته و تندلع الثورة الجزائرية. قبيل الثورة سافرالشيخ المهدي بن تونس إلى أروبا عام 1954، لتشييد الجسر بين الإسلام و الغرب علما منه بأن الهوة قد اتسعت بينهما.
إندلعت الثورة يوم 01 نوفمبر 1954، و كان الشيخ المهدي المشبع بالإيمان الديني و بالحس الوطني مناضلا متحمسا في سبيل تحرير الجزائر. فقد شارك بفعالية في النضال مع عائلته و أتباعه من كل الجنسيات. كانت الزاوية ملجأ ليليا للمجاهدين، الذين كان يحرص الشيخ بنفسه على تزويدهم بالأدوية و الطعام بواسطة سيارته. اعتقل و حكم عليه بالإعدام و لكن عناية الله أنقذته.
كان الشيخ خالد بن تونس شاهدا على الثورة، فيذكر إنتفاضة شارك فيها "كذلك في سنة 1960، كانت كل المدينة في إضراب لحضور جنازة سبعة أفراد من عائلات كبيرة بمستغانم، ماتوا تحت التعذيب من بينهم صديق وفي لأبي. تصدى الحرس المتنقل و جنود الإقليم للحشد. أطلقوا النار في الهواء. إنهم أطفال الكولون الذين يقومون بخدمتهم العسكرية بالتعاون... أطلقوا النار ليس فقط في الهواء بل مباشرة في الحشود. في هلع، نادى محمد بلعروسي، حلاق، الأطفال ليتسلقوا فوق ظهره بسرعة لبلوغ حائط المقبرة لحمايتهم. لقد كنت منهم. تمسكت به، و بالكاد عبرت إلى الجهة الأخرى، قُتل. إنه يرقد أمامي، أعرف أنه حتى مماتي سأحتفظ بصورة هذا الرجل الذي أنقذ يومها حياتي". (2)
ويضيف قائلا "وفي هذا السياق من المعاناة و الكره و العنف، كان أبي يعمل على مساعدة الأشخاص الأكثر عوزا محولا الزاوية إلى مركز للصليب الأحمر للعناية بالجرحى و تأمين الملجأ لمن هم بحاجة إليه...و يبدو أنه كان وسيطا ممتازا بين المستعمرين و الجزائريين و مسؤولا بارزا في المقاومة الوطنية. في العام 1961 قام برحلة إلى سويسرا، في سرية تامة لمقابلة وفد جبهة التحرير الوطني التي كان يمثلها الدكتور بن تامي. في نهاية الحرب لم يتردد في الدفاع عن قضية الأروبيين، أطفال مستغانم، لدى جبهة التحرير الوطني لإنقاذ حياتهم. إذ أنشا شبكة دعم قضائي مع محامين، الأستاذ بوطالب و حمادو، الذي اغتيل على يد منظمة الجيش السري في عام 1961". (2)
بعد إستقلال الجزائر
يوم 19 مارس 1962، الذي تم فيه وقف إطلاق النار، و إنهاء القتال المسلح، و تتويج الثورة الجزائرية بنصر ثمين، كان اليوم الذي اغتيل فيه عبد الله رضا الفرنسي (ألفونس إزار)، السكرتير الخاص للشيخ المهدي بن تونس، كان يشغل نفس المنصب مع أبيه الشيخ عدة بن تونس، إغتالته جماعة إنتهازية لم تتمكن من الوصول إلى الشيخ المهدي فما كان منهم إلا أن ينتقموا من سكريتيره. في المساء قدمت جماعة من مسؤولي حزب جبهة التحرير الوطني إلى الشيخ للإعتراف بخطئهم و الشهادة ببراءة عبد الله رضا.
يعبّر الشيخ خالد بن تونس عن يوم إستقلال الجزائر، فيقول " يوم 05 07 1962، كنت الوحيد الذي يحمل العلم وسط الجمع، و ربما أنا الآخر الجمع. إجتاح الأطفال الشوارع منذ الصباح...عند أبواب المنازل، كانت النساء توزع الحلوى و المشروبات. كان عمري 13 سنة و أنا من اختير ليرفع علم جزائري مستقل فوق دار بلدية مستغانم ".
عقب البهجة التي أثارها الإستقلال، استشعر الشيخ المهدي بن تونس المستقبل القاتم الذي ينتظر الجزائر. فبعد سنتين بالكاد من و صولها إلى السلطة، أممت الحكومة التراث العقاري و الروحي لكل الأخويات الدينية. إلا أن الشيخ المهدي ليس بالرجل الذي يقبل الهزيمة. فهو لا ينحني مهما كان وجه من يريد إخضاعه. فما كان منه إلا أن توجه إلى الرئيس بن بلة ليشرح له ما ينطوي عليه هذا القرار من مخاطر التقسيمات و الصراعات. فكانت النتيجة أن تمّ إلغاء المرسوم، بكل بساطة.
الشيخ أبو الحسن الشاذلي هو صاحب الطريقة الشاذلية، عاش بين سنتين (1196 و1258)، و ضريحه موجود بحميرة قرب مدينة قم أمبو بمصر في شمال أسوان. مولاي العربي الدرقاوي أعطى للطريقة إسمه و ضريحه موجود بضواحي فاس. و بواسطة الشيخ البوزيدي دخلت الطريقة مدينة مستغانم و جعلت منها أرض روحية فريدة. ذهب سيدي محمد ابن الحبيب البوزيدي إلى المغرب بحثا عن شيخ روحي بعدما أنهى دراسته، وإلتقى سنة 1864 بالشيخ ابن قدور الوكيلي و تلقى منه، و لازمه مدة خمس و عشرين سنة، و بعد وفاته عاد إلى مستغانم.
سنة 1889 فتح مدرسة لتعليم القرآن، بدون تبليغ التعليم الروحي الذي تلقاه. و بلّغ بعد رؤية ثانية للرسول صلى الله عليه و سلم أمره فيها بتعليم و إذاعة طريق الله. في الرِؤية الأولى، أمره بالإمتناع عن الكلام في الأمر بعد الإنكار والإذاية التي تعرض لها. كان الشيخ يذهب إلى بيوت البغاء لتعليم المومسات، و لتزويجهن للفقراء العزاب.
في لقاء شهير بين الشيخ البوزيدي و الشيخ العلاوي، أصبح هذا الأخير مريدا عند الأول.
تأسيس الطريقة العلاوية
تولى الشيخ العلاوي الخلافة عام 1909 بعد وفاة الشيخ البوزيدي يوم 27 10 1909، و كان قد لازمه مدة خمس عشرة سنة. قضى مولانا الشيخ العلاوي في تجديد هذا التراث الروحي، فبعد رحلة أولى إلى المشرق قادته إلى تونس و ليبيا ثم دار الخلافة العثمانية، عاد أدراجه إلى الجزائر لما كانت تعانيه تركيا من ظهور الحركة الكمالية و سقوط قريب للخلافة العثمانية.
بعد الحرب العالمية الأولى قاد الشيخ نهضة كبيرة، فقد أسس زوايا و ألّف كتبا و نشر جرائد. قام برحلة إلى أروبا عام 1926 و افتتح مسجد باريس، وعام 1930 حجّ إلى بيت الله الحرام و زار سوريا و فلسطين.
توفي الشيخ العلاوي سنة 1934 و خلفه مقدّم الزاوية الكبرى الشيخ عدّة بن تونس. حمل راية الطريق بعد شيخه العلاوي، فقد أسس مجلات و جمعيات منها ( أحباب الإسلام ). و يروي المقدّم سي عبد القادر بلباي هذه القصة، التي تبرز بعض خصال الشيخ عدة بن تونس "أرسلني الشيخ الحاج عدة لحجز القاعة المتواجدة في الفندق الكبير الذي يعود لأحد اليهود. و لما لم يكن باستطاعة صاحب الفندق أن يرفض، ضاعف مبلغ الحجز حتى يوهن عزمنا. ثار غضبي و عدت إلى الشيخ، لكن هذا الأخير أمرني بالرجوع فورا لحجز القاعة بالمبلغ المطلوب. و كان اللقاء قد استحث فضول صاحب الفندق فتسلل خلسة إلى القاعة للإستماع إلى كلمة الشيخ. و عند الفروغ منها، قصد الشيخ وعيناه مغرورقتان بالدموع، و قال ' أنا أعتذر عما بدر مني، سأعيد لك المبلغ لأنك جعلتني أكتشف موسى من جديد. أما عن القاعة فستكون من الآن فصاعدا تحت تصرفكم مجانا".
واستمر الشيخ عدّة بن تونس في نشاطه إلى آخر رمق من حياته و توفي يوم 04 07 1952. يقول الشيخ خالد بن تونس "لم يتجاوز عمري الثلاث سنوات حينها، و لا زال أحمل في ذاكرتي تلك الصورة الحية التي لا تفارق ذهني و كأنها تظهر من وراء غمامة، صورة رجل تعلو وجهه إبتسامة عريضة تحليها لحية بيضاء كنت أشدها كلما ذهبت لأقبله. يوم جنازته، دخلت الزاوية في حالة من التأثر، فقد بكاه عدد كبير من النساء و الرجال، و كان نحيبهم الممزوج بالمدائح و تلاوة القرآن يتجلجل في كل الأرجاء. يومها لم أفهم ما حصل، فكنت أجوب الغرف مرعوبا أبحث عن المواساة و الحماية عند مربيتي التي حاولت عبثا أن تشرح لي أمرا لم أكن لأستوعبه". (2)
قال الشيخ عدة بن تونس عندما كان طريحا في مرضه الأخير " قال الشيخ العلاوي ' سأذهب بلحية بيضاء اللون، و سأرجع بأخرى سوداء و لن تعرفوني '. و أنا أقول لكم -أي الشيخ عدة بن تونس-، أنا كذلك ذاهب، و سأرجع بلحية بيضاء أو غير ملتح، و أعلم أنكم ستقولون لست أنا. لكن إن أغلق المستأجر باب المدخل الذي فتحه و أراد أن يفتح آخر على واجهة المبنى. هل كنتم لتمروا من الباب الجديد أم أنكم ستبقون واقفين أمام الباب المغلق؟ من يريد الدخول، لا يتوقف أمام الباب عليه أن يدخل من باب المدخل". و قال أيضا لولده المهدي بن تونس وهو على فراش الموت"، أرى عاصفة هوجاء قادمة إلى هذا البلد. لكن لاتخف و تمسك جيدا بسارية السفينة". كانت الصورة شديدة البلاغة بالنسبة للحاج المهدي، العاشق للبحر، عندما اعتمد بالإجماع، في 05 يوليو 1952 شيخا للطريقة. إعتبره الجميع ليس خليفة لأبيه و إنما بالأحرى للشيخ العلاوي.
أثناء الثورة الجزائرية
سنتان بعد خلافته و تندلع الثورة الجزائرية. قبيل الثورة سافرالشيخ المهدي بن تونس إلى أروبا عام 1954، لتشييد الجسر بين الإسلام و الغرب علما منه بأن الهوة قد اتسعت بينهما.
إندلعت الثورة يوم 01 نوفمبر 1954، و كان الشيخ المهدي المشبع بالإيمان الديني و بالحس الوطني مناضلا متحمسا في سبيل تحرير الجزائر. فقد شارك بفعالية في النضال مع عائلته و أتباعه من كل الجنسيات. كانت الزاوية ملجأ ليليا للمجاهدين، الذين كان يحرص الشيخ بنفسه على تزويدهم بالأدوية و الطعام بواسطة سيارته. اعتقل و حكم عليه بالإعدام و لكن عناية الله أنقذته.
كان الشيخ خالد بن تونس شاهدا على الثورة، فيذكر إنتفاضة شارك فيها "كذلك في سنة 1960، كانت كل المدينة في إضراب لحضور جنازة سبعة أفراد من عائلات كبيرة بمستغانم، ماتوا تحت التعذيب من بينهم صديق وفي لأبي. تصدى الحرس المتنقل و جنود الإقليم للحشد. أطلقوا النار في الهواء. إنهم أطفال الكولون الذين يقومون بخدمتهم العسكرية بالتعاون... أطلقوا النار ليس فقط في الهواء بل مباشرة في الحشود. في هلع، نادى محمد بلعروسي، حلاق، الأطفال ليتسلقوا فوق ظهره بسرعة لبلوغ حائط المقبرة لحمايتهم. لقد كنت منهم. تمسكت به، و بالكاد عبرت إلى الجهة الأخرى، قُتل. إنه يرقد أمامي، أعرف أنه حتى مماتي سأحتفظ بصورة هذا الرجل الذي أنقذ يومها حياتي". (2)
ويضيف قائلا "وفي هذا السياق من المعاناة و الكره و العنف، كان أبي يعمل على مساعدة الأشخاص الأكثر عوزا محولا الزاوية إلى مركز للصليب الأحمر للعناية بالجرحى و تأمين الملجأ لمن هم بحاجة إليه...و يبدو أنه كان وسيطا ممتازا بين المستعمرين و الجزائريين و مسؤولا بارزا في المقاومة الوطنية. في العام 1961 قام برحلة إلى سويسرا، في سرية تامة لمقابلة وفد جبهة التحرير الوطني التي كان يمثلها الدكتور بن تامي. في نهاية الحرب لم يتردد في الدفاع عن قضية الأروبيين، أطفال مستغانم، لدى جبهة التحرير الوطني لإنقاذ حياتهم. إذ أنشا شبكة دعم قضائي مع محامين، الأستاذ بوطالب و حمادو، الذي اغتيل على يد منظمة الجيش السري في عام 1961". (2)
بعد إستقلال الجزائر
يوم 19 مارس 1962، الذي تم فيه وقف إطلاق النار، و إنهاء القتال المسلح، و تتويج الثورة الجزائرية بنصر ثمين، كان اليوم الذي اغتيل فيه عبد الله رضا الفرنسي (ألفونس إزار)، السكرتير الخاص للشيخ المهدي بن تونس، كان يشغل نفس المنصب مع أبيه الشيخ عدة بن تونس، إغتالته جماعة إنتهازية لم تتمكن من الوصول إلى الشيخ المهدي فما كان منهم إلا أن ينتقموا من سكريتيره. في المساء قدمت جماعة من مسؤولي حزب جبهة التحرير الوطني إلى الشيخ للإعتراف بخطئهم و الشهادة ببراءة عبد الله رضا.
يعبّر الشيخ خالد بن تونس عن يوم إستقلال الجزائر، فيقول " يوم 05 07 1962، كنت الوحيد الذي يحمل العلم وسط الجمع، و ربما أنا الآخر الجمع. إجتاح الأطفال الشوارع منذ الصباح...عند أبواب المنازل، كانت النساء توزع الحلوى و المشروبات. كان عمري 13 سنة و أنا من اختير ليرفع علم جزائري مستقل فوق دار بلدية مستغانم ".
عقب البهجة التي أثارها الإستقلال، استشعر الشيخ المهدي بن تونس المستقبل القاتم الذي ينتظر الجزائر. فبعد سنتين بالكاد من و صولها إلى السلطة، أممت الحكومة التراث العقاري و الروحي لكل الأخويات الدينية. إلا أن الشيخ المهدي ليس بالرجل الذي يقبل الهزيمة. فهو لا ينحني مهما كان وجه من يريد إخضاعه. فما كان منه إلا أن توجه إلى الرئيس بن بلة ليشرح له ما ينطوي عليه هذا القرار من مخاطر التقسيمات و الصراعات. فكانت النتيجة أن تمّ إلغاء المرسوم، بكل بساطة.
يروي الشيخ خالد بن تونس موقفا حدث له "في سنة 1963، كان التعليم المدرسي يلقن من طرف المتعاونين الفرنسيين، و كان أحدهم من غلاة الشيوعيين، يدرسنا نصوص الكتّاب التقدميين و الإشتراكيين، دون إهمال للقراءة المضنية لكتاب (الرأسمال)، و نظرا لصغر سني فإني لا أدري هل كنت أفهم معناه. يبقى في أحد الأيام وجدني عمي مستغرقا في مطالعة المؤلف المذكور لكارل ماركس، و بهذه المناسبة سألني عنه، و بعد أن أعطيته بعض الإيضاحات غضب و قال: ' كيف هذا إلحاد '،و عند الغذاء شكا بغضب إلى والدي، و إني أتذكر إذا إبتسامة أبي و إجابته إيّاه قائلا ' لأجل حماية المرء من العلة يجب إدخالها بكمية صغيرة في جسده، و هذا هو مبدأ اللقاح، فلا تقلق، إنهم الآن يلقحونهم". (3)
التلقين
"... دقت الساعة بالنسبة لي كي أغادر زمن الطفولة. عليّ أن أتخلى عن الكارت ألذي صنعناه من صندوق السردين و مدرجات كريات، مما كان يتيح لنا النزول إلى حي تيجديت بسرعة فائقة، متفادين بأعجوبة السيارات و الشاحنات عند ملتقيات الطرق؛ و علي أن أتخلى عن النزهات التي كنا نقوم بها فوق الدراجة الهوائية، وسيلة نقل عمومي حقيقية، إذ كنا نركبها في جماعة من عشرة أفراد أو إثنى عشرة فردا للذهاب إلى الشاطئ. لم يعد الوقت يسمح بصنع الكرات و الخيام و الطائرات الورقية؛ كنت أحس ذلك جيدا. و عندما أخبرني مقدّم مستغانم، بدايج، أن علي الإستعداد للمساورة، إنتابني ما يشبه الخوف. كنت أعي ما يعنيه ذلك من إلتزام على الدرب الروحي و من مسؤوليات في الحياة. فالإرتباط الذي سأبرمه غير مفتوح للتجديد أو من عدمه، و لا يمكن الإخلال به أبدا، و حتى و إن أخللت بالتزاماتي. سوف أكون مرتبطا بالطريقة للأبد، مهما تغيرت سلالتي أو أستاذي، لأن الإرتباط يظل في المنبع، و البحث يتواصل، ألا و هوالبحث عن الله. لكن الوقت قد حان، و لن يكون في وسعي الهروب من المصير الذي كان ينتظرني". (2)
بعثه شيخه و أبيه الحاج المهدي بن تونس إلى أحد المقاديم، و هو سي الطاهر من كبراء الفقراء، يقطن مدينة غليزان، التي تبعد خمسين كيلومتر عن مستغانم. و عنده دخل الخلوة و لقنه الإسم الأعظم و علمه كيفية ذكره. بقي الشيخ خالد بن تونس عنده سنتين، فتبدلت أحواله و نمى شعوره.
بعدها عاد إلى الزاوية و كثرت لقاءاته الروحية مع شيخه. درس الشريعة و السيرة النبوية و الحديث الشريف، و السماع بالزاوية، و إلتحق لفترة بنادي الهلال بمستغانم لتعلم الموسيقى الأندلسية. كان يجتمع مع أبيه كثيرا، و يتداولان مواضيع شتى، أحداث العالم، و الشيوعية، و الحياة و الأدب و الفلسفة. و حدث مرة أن غاب الشاب خالد بن تونس عن شيخه مدة شهرين مخيما مع أصدقائه على شاطئ البحر.
تأسيس جمعية الشبيبة الإسلامية العلاوية
أسسها الشيخ المهدي بن تونس، و كان يرأسها نجله الشاب خالد بن تونس، فيقول عنها " كنا ننظم حفلات، و أسفار و مخيمات أثناء العطل للقاءات. لقت نجاحا كبيرا بمستغانم و بعدها في مدن كثيرة أخرى. كنا نقوم معا بالرياضة، نكتشف الحياة و نتكلم لمدة ساعات عن أمور تشغلنا... سنة 1967، أخذت الحركة نسبة هامة حتى تواجدت في مواجهة مع شبيبة حزب جبهة التحرير الوطني ( الحزب الواحد و الحاكم )، حتى و لو كان البعض ينتمي إلى الجمعيتين ". (2)
الحملة المغرضة ضد الطريقة العلاوية
تعرضت الطريقة لحملة شرسة، شنتها جهات من النظام، رأت في الحركة النهظوية التي يقوم بها الشيخ المهدي بن تونس، أنها تمثل خطرا على مصالحها، فباتت تراقبه، فدست له الجواسيس، و أفشت عنه الأراجيف، كي تهين عزمه، و تصد عنه الناس. فقد علا شأن الطريقة العلاوية و شاع صيتها في البلاد لما تقدمه من أعمال خيرية و تربوية في المجتمع. تتبعت الإمام في خطواته، فقد باتت أعماله تمثل إزعاجا للنظام القائم، فترصدت حركاته. يقول الشيخ خالد بن تونس "فقد أفاضا الكأس، حدثان هما الإحتفال المميز بالمولد النبوي الذي أحدثه الحاج المهدي بن تونس بمستغانم في سنة 1967، بحيث انطلق موكب من زاوية تيجديت ليصل في النهاية إلى وسط المدينة بالقرب من ضريح سيدي السعيد، أكبر ولي بالمدينة، و كذلك تأسيسه لجمعية الشبيبة الإسلامية العلاوية". (2)
ويرى الشيخ خالد بن تونس في هذا الإقبال " تأثر الوضع السياسي الفرنسي بأحداث ماي 1968 فقد كان الشباب مصممون على إسماع صوتهم وتقرير مصيرهم بأنفسهم، لكن هذا لم يتحقق حتى بعد إستقلال الجزائر. فلم ينتج عن إبداعاتهم و جهودهم الجبارة و نجاحاتهم إلا تأججا لغيرة و عداوة المغرضين الذين بذلوا قصارى جهدهم لإظهار العلاويين كمعارضين للنظام مما أدى إلى شن حملة صحفية شرسة ضدهم و اعتقال الشيخ في فبراير 1970. هاجمته الصحف الجزائرية مثل صحيفة المجاهد و صحيفة (ألجيري أكتياليتي) واصفة الطريقة بأنها (دولة داخل دولة)، و يوم السبت الموافق للعشرين من شهر يوليو 1968 صدر مقالا تحريضيا في صحيفة المجاهد "من هم العلاويون و ماهو إسلام رجال الأعمال؟ ماذا يريدون؟ أ إسلامهم كاملا أم هم مسلمون يعيشون في عزلة كاملة؟
التلقين
"... دقت الساعة بالنسبة لي كي أغادر زمن الطفولة. عليّ أن أتخلى عن الكارت ألذي صنعناه من صندوق السردين و مدرجات كريات، مما كان يتيح لنا النزول إلى حي تيجديت بسرعة فائقة، متفادين بأعجوبة السيارات و الشاحنات عند ملتقيات الطرق؛ و علي أن أتخلى عن النزهات التي كنا نقوم بها فوق الدراجة الهوائية، وسيلة نقل عمومي حقيقية، إذ كنا نركبها في جماعة من عشرة أفراد أو إثنى عشرة فردا للذهاب إلى الشاطئ. لم يعد الوقت يسمح بصنع الكرات و الخيام و الطائرات الورقية؛ كنت أحس ذلك جيدا. و عندما أخبرني مقدّم مستغانم، بدايج، أن علي الإستعداد للمساورة، إنتابني ما يشبه الخوف. كنت أعي ما يعنيه ذلك من إلتزام على الدرب الروحي و من مسؤوليات في الحياة. فالإرتباط الذي سأبرمه غير مفتوح للتجديد أو من عدمه، و لا يمكن الإخلال به أبدا، و حتى و إن أخللت بالتزاماتي. سوف أكون مرتبطا بالطريقة للأبد، مهما تغيرت سلالتي أو أستاذي، لأن الإرتباط يظل في المنبع، و البحث يتواصل، ألا و هوالبحث عن الله. لكن الوقت قد حان، و لن يكون في وسعي الهروب من المصير الذي كان ينتظرني". (2)
بعثه شيخه و أبيه الحاج المهدي بن تونس إلى أحد المقاديم، و هو سي الطاهر من كبراء الفقراء، يقطن مدينة غليزان، التي تبعد خمسين كيلومتر عن مستغانم. و عنده دخل الخلوة و لقنه الإسم الأعظم و علمه كيفية ذكره. بقي الشيخ خالد بن تونس عنده سنتين، فتبدلت أحواله و نمى شعوره.
بعدها عاد إلى الزاوية و كثرت لقاءاته الروحية مع شيخه. درس الشريعة و السيرة النبوية و الحديث الشريف، و السماع بالزاوية، و إلتحق لفترة بنادي الهلال بمستغانم لتعلم الموسيقى الأندلسية. كان يجتمع مع أبيه كثيرا، و يتداولان مواضيع شتى، أحداث العالم، و الشيوعية، و الحياة و الأدب و الفلسفة. و حدث مرة أن غاب الشاب خالد بن تونس عن شيخه مدة شهرين مخيما مع أصدقائه على شاطئ البحر.
تأسيس جمعية الشبيبة الإسلامية العلاوية
أسسها الشيخ المهدي بن تونس، و كان يرأسها نجله الشاب خالد بن تونس، فيقول عنها " كنا ننظم حفلات، و أسفار و مخيمات أثناء العطل للقاءات. لقت نجاحا كبيرا بمستغانم و بعدها في مدن كثيرة أخرى. كنا نقوم معا بالرياضة، نكتشف الحياة و نتكلم لمدة ساعات عن أمور تشغلنا... سنة 1967، أخذت الحركة نسبة هامة حتى تواجدت في مواجهة مع شبيبة حزب جبهة التحرير الوطني ( الحزب الواحد و الحاكم )، حتى و لو كان البعض ينتمي إلى الجمعيتين ". (2)
الحملة المغرضة ضد الطريقة العلاوية
تعرضت الطريقة لحملة شرسة، شنتها جهات من النظام، رأت في الحركة النهظوية التي يقوم بها الشيخ المهدي بن تونس، أنها تمثل خطرا على مصالحها، فباتت تراقبه، فدست له الجواسيس، و أفشت عنه الأراجيف، كي تهين عزمه، و تصد عنه الناس. فقد علا شأن الطريقة العلاوية و شاع صيتها في البلاد لما تقدمه من أعمال خيرية و تربوية في المجتمع. تتبعت الإمام في خطواته، فقد باتت أعماله تمثل إزعاجا للنظام القائم، فترصدت حركاته. يقول الشيخ خالد بن تونس "فقد أفاضا الكأس، حدثان هما الإحتفال المميز بالمولد النبوي الذي أحدثه الحاج المهدي بن تونس بمستغانم في سنة 1967، بحيث انطلق موكب من زاوية تيجديت ليصل في النهاية إلى وسط المدينة بالقرب من ضريح سيدي السعيد، أكبر ولي بالمدينة، و كذلك تأسيسه لجمعية الشبيبة الإسلامية العلاوية". (2)
ويرى الشيخ خالد بن تونس في هذا الإقبال " تأثر الوضع السياسي الفرنسي بأحداث ماي 1968 فقد كان الشباب مصممون على إسماع صوتهم وتقرير مصيرهم بأنفسهم، لكن هذا لم يتحقق حتى بعد إستقلال الجزائر. فلم ينتج عن إبداعاتهم و جهودهم الجبارة و نجاحاتهم إلا تأججا لغيرة و عداوة المغرضين الذين بذلوا قصارى جهدهم لإظهار العلاويين كمعارضين للنظام مما أدى إلى شن حملة صحفية شرسة ضدهم و اعتقال الشيخ في فبراير 1970. هاجمته الصحف الجزائرية مثل صحيفة المجاهد و صحيفة (ألجيري أكتياليتي) واصفة الطريقة بأنها (دولة داخل دولة)، و يوم السبت الموافق للعشرين من شهر يوليو 1968 صدر مقالا تحريضيا في صحيفة المجاهد "من هم العلاويون و ماهو إسلام رجال الأعمال؟ ماذا يريدون؟ أ إسلامهم كاملا أم هم مسلمون يعيشون في عزلة كاملة؟
ثمة فكرة راسخة في الجذور في الوسط الديني بمستغانم يبدو أنها نابعة عن تقدير نشاط العلاويين السابق و الحاضر ترغب في أن تكون الطريقة حركة رجعية من الوارد حتى أن تصل إلى غاية اتخاذ تدابير مضادة للوطن. يقال في مستغانم أن العلاويين أقاموا دولة داخل دولة تأوي تحت سقفها زوايا و عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي تتخفى تحت غطاء الإسلام و تنشط في المساء بموافقة الشيخ.
أهي حقيقة أم إستغلال للفرص؟ كان رد المستغانميين على هذا السؤال نحن لم نفهم شيئا: " لماذا يرغب أجنبي مهما كان أمريكيا، أو سويسريا أو إنجليزيا أو فرنسيا في إعتناق الإسلام هنا بمستغانم؟ أ ليست الجزائر واسعة؟ أ لا توجد مساجد إلا في مستغانم؟ و بشأن إقامة دولة داخل دولة فقد إستشهد المستغانميون بتنظيم الشبيبة العلاوية. و يقال شباب جبهة التحرير الوطني، هذا ما جعل تنظيم الشبيبة العلاوية ينتشر في كل المدن الجزائرية التي تظم زوايا علاوية، و يقوده ابن الشيخ المدعو بخالد بن تونس و الذي يبلغ من العمر 18 سنة. للتنظيم ميثاق وميزانية مستقلة كما كانت له رحلات إلى الخارج و استعراضات في مستغانم بمناسبة المولد النبوي الشريف ".إهـ
"بات الشيخ الحاج المهدي مشبوها في أعين السلطة. ما الذي جاء بهؤلاء الأجانب من فرنسا و إنجلترا و المغرب و غيرها من البلدان إلى الجزائر؟ نحن الآن في السبعينات و الشبان الفرنسيون الذين يجوبون العالم بحثا عن الروحية يتوقفون في الزاوية حيث يلقون إستقبالا حارا... و قد دعا والدي في مناسبات عديدة و من خلاله إلى المصالحة و تضميد الجراح، و خاصة في منطقة القبائل". (2). و يضيف الشيخ خالد بن تونس قائلا "لم يرق هذا لكل أولئك الذين يرون من مصلحتهم نشر البلبلة و الإضطراب في البلاد". (2)
يقول الشيخ خالد بن تونس في موضع آخر " مع إشتداد الخناق دعينا إلى زواج أخ عقيد بالدرك، إذ ذهبت مع أبي. كل شخصيات المدينة كانت حاضرة. عندما دخلنا، غض كل واحد منهم، عنا بصره ... حيّ أبي العقيد و قدّم له تهانيه و للعائلة و للعريس. قلت له 'هؤلاء يريدون قتلك، يجب الذهاب من هنا و مغادرة الجزائر'. عندما عدنا إلى الزاوية بعد الحفلة، أشار إليّ أبي أن أطلب من سيدي لخضر سائقه الخاص تجهيز السيارة للغد. هذا يعني أنه قبل الذهاب. في الليلة نفسها حضرت حقائبي لمرافقته. كنت سعيدا عندما رأيت السيارة في الصباح أمام الباب. صعدت لإعلامه أن كل شيئ جاهز. نظر إليّ مبتسما و قال بلطف ' لن أذهب، سأبقى '. قلت له 'سيقتلونك'، فقال ' إذا كان الأمر كذلك، يجب أن تهتم بإخواتك و أخواتك و بالعائلة'. تقطع شيئ بداخلي. الآن أريد مغادرة مدينتي، بلدي، أريد الذهاب، الفرار بأي ثمن". (2)
الفرار
من نهاية سنة 1968 حتى أوت 1969، إلتحق خالد بن تونس بجامعة أوكسفورد لتحضير أطروحة حول التاريخ الإسلامي، فلم يتأقلم مع الجو بالرغم من الغنى الثقافي و الفكري الإنجليزي، فاختار العودة إلى فرنسا.
فرّ الشيخ خالد بن تونس في فبراير 1970 متوجها إلى المغرب، و بعد تعرقل عند الحدود حيث حجز جواز سفره، تدخل أحد الفقراء و هو حارس حدود بحيث أخفى بطاقة معلوماته أثناء المداولة. و في الغد دخل الشيخ خالد بن تونس المغرب والتحق بخاله الحاج أحمد رضوان الذي يعيش في مدينة سبتة. لم يكن يتخيل خاله أن شخصية مهمة في البلاد مثل الإمام المهدي يمكن أن تعتقل، لهذا لم يقلقه الأمر. بعدها غادر خاله وإلتحق بصديقه، الذي يرافقه بسيارته منذ أن غادرا مستغانم، و توجها معا إلى فرنسا مرورا بإسبانيا. "إنتابني شعور مقلق ليلة 10 إلى 11 فبراير 1970... قلت لصديقي 'يجب بلوغ باريس في أقرب وقت'. في الغد، عند وصولي إلى بوردو حاولت الإتصال بأبي بالهاتف، في الزاوية أفهموني أنه غائب في العاصمة، أحسست أن أمرا خطيرا قد حدث، و لم أستطيع الحصول على أي معلومة. ليحفظوني حتى نهاية الرحلة، أخفى أهلي عني الحقيقة. فقط عند وصولي إلى زاوية (إيفري سير سان) بالضواحي الباريسية فهمت. وجوه الفقراء حزينة... في صباح اليوم نفسه، اعتقل أبي". (2)
بمأنه عضو نشيط في جمعية الشبيبة الإسلامية العلاوية فقد لوحق خالد بن تونس حتى في باريس، حاولت السلطات إختطافه و إعادته إلى البلد للضغط على أبيه. بمستغانم اعتقل إبن عمه موهوب إعتقادا منهم أنه هو، و عندما تحققوا من هويته أطلقوا صراحه.
"بات الشيخ الحاج المهدي مشبوها في أعين السلطة. ما الذي جاء بهؤلاء الأجانب من فرنسا و إنجلترا و المغرب و غيرها من البلدان إلى الجزائر؟ نحن الآن في السبعينات و الشبان الفرنسيون الذين يجوبون العالم بحثا عن الروحية يتوقفون في الزاوية حيث يلقون إستقبالا حارا... و قد دعا والدي في مناسبات عديدة و من خلاله إلى المصالحة و تضميد الجراح، و خاصة في منطقة القبائل". (2). و يضيف الشيخ خالد بن تونس قائلا "لم يرق هذا لكل أولئك الذين يرون من مصلحتهم نشر البلبلة و الإضطراب في البلاد". (2)
يقول الشيخ خالد بن تونس في موضع آخر " مع إشتداد الخناق دعينا إلى زواج أخ عقيد بالدرك، إذ ذهبت مع أبي. كل شخصيات المدينة كانت حاضرة. عندما دخلنا، غض كل واحد منهم، عنا بصره ... حيّ أبي العقيد و قدّم له تهانيه و للعائلة و للعريس. قلت له 'هؤلاء يريدون قتلك، يجب الذهاب من هنا و مغادرة الجزائر'. عندما عدنا إلى الزاوية بعد الحفلة، أشار إليّ أبي أن أطلب من سيدي لخضر سائقه الخاص تجهيز السيارة للغد. هذا يعني أنه قبل الذهاب. في الليلة نفسها حضرت حقائبي لمرافقته. كنت سعيدا عندما رأيت السيارة في الصباح أمام الباب. صعدت لإعلامه أن كل شيئ جاهز. نظر إليّ مبتسما و قال بلطف ' لن أذهب، سأبقى '. قلت له 'سيقتلونك'، فقال ' إذا كان الأمر كذلك، يجب أن تهتم بإخواتك و أخواتك و بالعائلة'. تقطع شيئ بداخلي. الآن أريد مغادرة مدينتي، بلدي، أريد الذهاب، الفرار بأي ثمن". (2)
الفرار
من نهاية سنة 1968 حتى أوت 1969، إلتحق خالد بن تونس بجامعة أوكسفورد لتحضير أطروحة حول التاريخ الإسلامي، فلم يتأقلم مع الجو بالرغم من الغنى الثقافي و الفكري الإنجليزي، فاختار العودة إلى فرنسا.
فرّ الشيخ خالد بن تونس في فبراير 1970 متوجها إلى المغرب، و بعد تعرقل عند الحدود حيث حجز جواز سفره، تدخل أحد الفقراء و هو حارس حدود بحيث أخفى بطاقة معلوماته أثناء المداولة. و في الغد دخل الشيخ خالد بن تونس المغرب والتحق بخاله الحاج أحمد رضوان الذي يعيش في مدينة سبتة. لم يكن يتخيل خاله أن شخصية مهمة في البلاد مثل الإمام المهدي يمكن أن تعتقل، لهذا لم يقلقه الأمر. بعدها غادر خاله وإلتحق بصديقه، الذي يرافقه بسيارته منذ أن غادرا مستغانم، و توجها معا إلى فرنسا مرورا بإسبانيا. "إنتابني شعور مقلق ليلة 10 إلى 11 فبراير 1970... قلت لصديقي 'يجب بلوغ باريس في أقرب وقت'. في الغد، عند وصولي إلى بوردو حاولت الإتصال بأبي بالهاتف، في الزاوية أفهموني أنه غائب في العاصمة، أحسست أن أمرا خطيرا قد حدث، و لم أستطيع الحصول على أي معلومة. ليحفظوني حتى نهاية الرحلة، أخفى أهلي عني الحقيقة. فقط عند وصولي إلى زاوية (إيفري سير سان) بالضواحي الباريسية فهمت. وجوه الفقراء حزينة... في صباح اليوم نفسه، اعتقل أبي". (2)
بمأنه عضو نشيط في جمعية الشبيبة الإسلامية العلاوية فقد لوحق خالد بن تونس حتى في باريس، حاولت السلطات إختطافه و إعادته إلى البلد للضغط على أبيه. بمستغانم اعتقل إبن عمه موهوب إعتقادا منهم أنه هو، و عندما تحققوا من هويته أطلقوا صراحه.
إعتقال والده الإمام المهدي بن تونس
يروي السيخ خالد بن تونس أن "فرقة خاصة قدمت من الجزائر العاصمة قامت بمداهمة الزاوية، و أبلغوا والدي أن وزير الداخلية يريد مقابلته. لم يكن بحوزتهم أمرا يخول القبض عليه و لا أية وثيقة رسمية أخرى. و بعد ثمان و أربعين ساعة أوقف معه إثنين من مريديه الفرنسيين هما (بييرات بري) و (جوزيف غابريال لو مار). قضى والدي ليلته الأولى في محافظة شرطة مستغانم قبل أن يرحل في الغد إلى الجزائر العاصمة عبر موكب خاص قاده إلى المديرية العامة للأمن الوطني، حيث تم التحفظ عليه في السجن الإنفرادي. و من هناك اقتيد إلى المحافظة المركزية للشرطة حيث استجوبه المحافظ صالح فسبا و فرقته الخاصة. و بعد عدم العثور على أي دليل لإدانته، طلب منهم التخلص من هذا الرجل.
زجّ بالشيخ في السجن الإنفرادي، و تمّ تفتيش الزاوية في خرق أبسط الحقوق. بعدها وضعت السلطة الشيخ في الإقامة الجبرية في مدينة جيجل و هي منتجع بحري صغير يبعد عن مستغانم بألف كيلومتر. و قد شغل غرفة متواضعة في فندق تولى هو ذاته دفع أجرتها. و كان عليه أن يثبت حضوره في محافظة الشرطة صباحا و مساءا". (2)
لم يطلق سراح الشيخ المهدي بن تونس إلا في شهر نوفمبر 1970 الموافق لشهر رمضان. يقول الشيخ خالد بن تونس "في مستغانم، لم تتوقف مضايقات النظام للشيخ. فحظر عليه السفر خارج حدود الولاية، و تم الإستيلاء على ممتلكات الجماعة، كالزوايا والأراضي الزراعية الوقفية (الحبوس)، كما طرد طلاب المعهد القرآني الذي أنشأه و صودرت آلاف الكتب و أتلفت وجمدت كل الحسابات المصرفية... وقد حظرت الإحتفالات الروحية الكبيرة، و وجد بعض كبار الشخصيات أنفسهم ممنوعين من الوصول إلى قبر الشيخ العلاوي، و تم إنكار وجوده و إرثه تماما". (2)
الحياة العملية
منذ وصوله إلى فرنسا لم يكن الشيخ خالد بن تونس يعتمد على أحد فيقول " فبدأت أتدرب على التجارة بدافع رغبة ملحة في تأمين معاشي. و بنصائح من صديق لي، استوردنا من المغرب و أفغانستان بعض الأشياء التقليدية و الملابس و الأثاث...". (3)
في نفس الفترة إلتقى بزوجته و هي أروبية تجهل كل شيئ عن الإسلام " فإن اللقاء سمح بأن نرى بصورة ملموسة، ما إذا كان بإمكان التقليدين التعايش معا دون أن تبتر شخصية أي منهما ". (3). ثم يضيف قائلا: " إستقرنا، أنا و إيفلين، معا في شقة صغيرة. أعمالنا التجارية مزدهرة، و سنفتتح هذه المرة محلا ثانيا في شارع الدكتور جان بيار تيمبو، حيث سنتمكن أخيرا من إيجاد مسكن لنا بالطابق الذي فوقه. ولدت إبنتنا صوفي في أبريل 1973.
بإختياري لهذه المرأة الغربية الفرنسية الكاثوليكية النورماندية، أعلم أني أعاكس تماما اتجاه التقاليد التي أنتمي إليها. و مع ذلك لا أتخيل أن أعيش كما عاش أبائي. في التقاليد الإسلامية، تكون المرأة سجينة نظام إجتماعي، و كذلك الرجل، حيث يكون هو الآخر حبيس عادات محلية متوارثة تذهب في اتجاه معاكس للقرآن، الذي تتمثل رسالته المقدسة في الحرية قبل كل شيئ.
مازلت لا أعرف إلى أي حد سيكون لمثل هذا الإختيار أهمية بالنسبة لمصيري، و لا إلى أي حد كان قراري الحفاظ عليه تجاه و في مواجهة كل شئ يقربني في الحقيقة من جوهر النص.
من خلال كسر هذا الطابو، فتحت ثغرة سوف يتسنى لتيار الطريقة أن يجد لنفسه عبرها سبيلا جديدا و ينطلق إلى الغرب لريّ حقول أخرى ". (2)
كتابة صفحة جديدة
يروي الشيخ خالد بن تونس كيف جرى آخر لقاء له مع والده أثناء آخر زيارة له إلى أروبا عام 1974 " قبل عودته إلى مستغانم، جاء إلى بيتنا في باريس في وقت متأخر و دونما إخطار. إعتراني القلق أريد أن أعرف ما إذا كان خطب ما قد حصل. و لكنه أجاب ببساطة: ' لقد جئت لرؤيتكم فحسب '. و بعد ذلك طلب من زوجتي افلين أن تحضر له حفيدته صوفي، و أن تجلب له فنجان قهوة... حضّرت له القهوة و هنا أخبرني بأنه زار كوت دازير لأول مرة، و أضاف إنه لمكان رائع للعيش...". (2)
"فاصطبر خلي و صابر و ارض بالذي رضينا عساها تحلو المرائر فتحظى بما حضينا". كانت هذه آخر الوصايا، بعثها الإمام المهدي بن تونس إلى إبنه خالد، دونها بالقلم الرصاص على ظهر ظرف أعطاه لمقدم باريس واري عمار ليسلمه له.
"قبل أربعة أيام من رحيله، دعا الشيخ الحاج المهدي مجلس الحكماء و كل الفقراء الكبار لاجتماع روحي حيث أعلن بأن الوقت قد حان لفتح و كتابة صفحة جديدة. و أخذ في تفسير قصيدة الحاج عدة ( يا صاحي هل فزت به )... ثم قال ' إننا كلفنا فقيرا بمهمة ليقوم بها، و لو يلقي نفسه في النار ليأتيكم بالفوز، فادعوا له ربي حتى يعطيها له هكذا (و جمع أصابع يده اليمنى و وضعها جملة في كف يده اليسرى) فادعوا له، فإن أتاه الله بالفوز فإن هذا الفوز يعود عليكم' ". (1)
توفي الإمام محمد المهدي بن تونس يوم الرابع و العشرين من شهر أبريل عام 1975 ببيته بقرية خير الدين، التي تبعد عن مستغانم بإثنتا عشرة كيلومتر، شهيدا للمثل العليا التي كان يحملها.
الخلافة و التولية
"عندما بلغني خبر و فاته، تمزقت السماء بداخلي. لا يمكنني أن أصدق. فإن ألامي تصم إمتزجت بالغضب و العصيان. بضعة أسابيع كنت معه، لم أتحضر لرحيل عنيف مثل هذا. ليس فقط أب من اختفى و لكن كذلك شيخ. فكرت في إخوتي و أخواتي الذين مازالوا صغارا، فكرت في الشيخ الذي كان لنا. أتذكر تلك الجملة التي قالها لي لما عبّرت له مرة عن تمسكي بالشيخ ' إن الشيخ الحقيقي هو الذي يكسر الصنم ليتجلى الحق سبحانه في المريد ' ". (2). " فكريا كان ذلك مقبولا تماما، لكن عندما حدث ذلك حقيقة، و حينما رأيت التابوت، و لمست الجثة، أحسست بصدمة رهيبة، و كأني كنت خارج إطار الواقع، لدرجة أني كنت عاجزا عن متابعة أحداث الجنازة". (3)
في التراث الصوفي، لا يعين الشيخ أبدا خليفته، بل الجماعة التي يلزمها القيام بذلك، فيجتمع الحكماء- أي كبار الفقراء- في مجلس حيث يتعبدون و يتفكرون و يصومون. و في غضون تلك المدة، يتلقى كل واحد منهم إشارة، و هي قد تحدث عندهم إما عند حلم أو رؤيا أو عبر إلهام، و بعدئذ يتشاورون فيما بينهم.
"بعد قراءة سورة ياسين و الدعاء للفقيد، يمسك كل من الحكماء سبحته و يذكر إسم الذي يبدو حسب رأيه الأقدر على قيادة الطريقة. هذه المرة تمت المراسيم قبل الدفن. تناقل الحكماء الإسم، من الواحد للآخر في أذنه، حتى وصلوا إلى إجماع. بعد الدفن أعلمني عمي أنني مطلوب بالضريح أين كانوا يجتمعون. قال لي ' أنت من اختاروه. لم أفهم كلمة مما قاله لي، قلت له 'أنا ماذا؟' نزعوا سترتي الجلدية السوداء و ألبسوني جلابة الشيخ البيضاء. ثم قادني أربعة أو خمسة رجال أمام أضرحة المشايخ. هناك و في دائرة، تقدم كل واحد منهم بالدور يبسط يده في يدي لتجديد العهد. وصفتهم بالمجانين. بكل بساطة هذا لايمكن إطلاقا، لم أتخيل لحظة إمكانية تعويض أبي على رأس الطريقة، و كذلك العيش في هذا البلد الذي سبب له آلاما كثيرة. أجّلوا سلوكهم. قادوني من جديد إلى غرفة أخرى يبدو لي أنني مجذوب نحو حقيقة أخرى. لم أعد أرى الوجوه أو أسمع صوتا. إني في حال آخر، في داخلي كأنني مقطوع عن بيئتي. صدري يحترق لا أعرف بأي نار، بفتح عيني أرى المشهد كحلم لا أعرف أحد سوى زوجتي ". (2)
"لقد استمر هذا الحال مدة ثلاثة أشهر، و أعترف أن عيشه كان حادا و صعبا جدا، سواء على المستوى النفسي كما على المستوى الجسدي. كنت أريد أن أقنع نفسي أن جماعة الحكماء ستدرك خطأها وتصححه". (2)
عاد الشيخ بعدها إلى باريس و قضى بعض الأمور لعائلته، و إشتروا بيتا بالجنوب الفرنسي بكوت دازير.
يقول الشيخ خالد بن تونس "عند تعييني من قبل مجلس الحكماء لخلافة أبي، كان لي ست و عشرون سنة، و لم أستطع تصديق ذلك، و بدت لي المهمة عظيمة الشأن، فكنت أظن أن الأمر يتعلق بواجب مؤقت و أن الشيخ الحقيقي سيظهر بعد مدة معينة، و أمام هذا التوجه الجديد إستطعت أن أدرك الأهمية الأساسية لتجربة الخمس سنوات الباريسية ، لقد استطعت أن أعيش الحياة كسائر الناس، و أدبر الحاجيات اليومية و المال و أعيش كل القيم، وأظن أن السر كان يكمن هنا، فقد هيّأني القدر لأعيش و أدمج هاتين التجربتين و هذه الثنائية: الحياة الروحية التي اكتسبتها من التعليم الأصيل، و الحياة المادية بمختلف مظاهرها.
و بعد تعييني، اكتشفت أن البنايات المادية للطريقة قد زعزعت بعمق، فكان هناك إعتقال والدي، و تدمير و تأميم كل ما كانت له قيمة من المدارس، و الأراضي الفلاحية، و أماكن العبادة...
يروي السيخ خالد بن تونس أن "فرقة خاصة قدمت من الجزائر العاصمة قامت بمداهمة الزاوية، و أبلغوا والدي أن وزير الداخلية يريد مقابلته. لم يكن بحوزتهم أمرا يخول القبض عليه و لا أية وثيقة رسمية أخرى. و بعد ثمان و أربعين ساعة أوقف معه إثنين من مريديه الفرنسيين هما (بييرات بري) و (جوزيف غابريال لو مار). قضى والدي ليلته الأولى في محافظة شرطة مستغانم قبل أن يرحل في الغد إلى الجزائر العاصمة عبر موكب خاص قاده إلى المديرية العامة للأمن الوطني، حيث تم التحفظ عليه في السجن الإنفرادي. و من هناك اقتيد إلى المحافظة المركزية للشرطة حيث استجوبه المحافظ صالح فسبا و فرقته الخاصة. و بعد عدم العثور على أي دليل لإدانته، طلب منهم التخلص من هذا الرجل.
زجّ بالشيخ في السجن الإنفرادي، و تمّ تفتيش الزاوية في خرق أبسط الحقوق. بعدها وضعت السلطة الشيخ في الإقامة الجبرية في مدينة جيجل و هي منتجع بحري صغير يبعد عن مستغانم بألف كيلومتر. و قد شغل غرفة متواضعة في فندق تولى هو ذاته دفع أجرتها. و كان عليه أن يثبت حضوره في محافظة الشرطة صباحا و مساءا". (2)
لم يطلق سراح الشيخ المهدي بن تونس إلا في شهر نوفمبر 1970 الموافق لشهر رمضان. يقول الشيخ خالد بن تونس "في مستغانم، لم تتوقف مضايقات النظام للشيخ. فحظر عليه السفر خارج حدود الولاية، و تم الإستيلاء على ممتلكات الجماعة، كالزوايا والأراضي الزراعية الوقفية (الحبوس)، كما طرد طلاب المعهد القرآني الذي أنشأه و صودرت آلاف الكتب و أتلفت وجمدت كل الحسابات المصرفية... وقد حظرت الإحتفالات الروحية الكبيرة، و وجد بعض كبار الشخصيات أنفسهم ممنوعين من الوصول إلى قبر الشيخ العلاوي، و تم إنكار وجوده و إرثه تماما". (2)
الحياة العملية
منذ وصوله إلى فرنسا لم يكن الشيخ خالد بن تونس يعتمد على أحد فيقول " فبدأت أتدرب على التجارة بدافع رغبة ملحة في تأمين معاشي. و بنصائح من صديق لي، استوردنا من المغرب و أفغانستان بعض الأشياء التقليدية و الملابس و الأثاث...". (3)
في نفس الفترة إلتقى بزوجته و هي أروبية تجهل كل شيئ عن الإسلام " فإن اللقاء سمح بأن نرى بصورة ملموسة، ما إذا كان بإمكان التقليدين التعايش معا دون أن تبتر شخصية أي منهما ". (3). ثم يضيف قائلا: " إستقرنا، أنا و إيفلين، معا في شقة صغيرة. أعمالنا التجارية مزدهرة، و سنفتتح هذه المرة محلا ثانيا في شارع الدكتور جان بيار تيمبو، حيث سنتمكن أخيرا من إيجاد مسكن لنا بالطابق الذي فوقه. ولدت إبنتنا صوفي في أبريل 1973.
بإختياري لهذه المرأة الغربية الفرنسية الكاثوليكية النورماندية، أعلم أني أعاكس تماما اتجاه التقاليد التي أنتمي إليها. و مع ذلك لا أتخيل أن أعيش كما عاش أبائي. في التقاليد الإسلامية، تكون المرأة سجينة نظام إجتماعي، و كذلك الرجل، حيث يكون هو الآخر حبيس عادات محلية متوارثة تذهب في اتجاه معاكس للقرآن، الذي تتمثل رسالته المقدسة في الحرية قبل كل شيئ.
مازلت لا أعرف إلى أي حد سيكون لمثل هذا الإختيار أهمية بالنسبة لمصيري، و لا إلى أي حد كان قراري الحفاظ عليه تجاه و في مواجهة كل شئ يقربني في الحقيقة من جوهر النص.
من خلال كسر هذا الطابو، فتحت ثغرة سوف يتسنى لتيار الطريقة أن يجد لنفسه عبرها سبيلا جديدا و ينطلق إلى الغرب لريّ حقول أخرى ". (2)
كتابة صفحة جديدة
يروي الشيخ خالد بن تونس كيف جرى آخر لقاء له مع والده أثناء آخر زيارة له إلى أروبا عام 1974 " قبل عودته إلى مستغانم، جاء إلى بيتنا في باريس في وقت متأخر و دونما إخطار. إعتراني القلق أريد أن أعرف ما إذا كان خطب ما قد حصل. و لكنه أجاب ببساطة: ' لقد جئت لرؤيتكم فحسب '. و بعد ذلك طلب من زوجتي افلين أن تحضر له حفيدته صوفي، و أن تجلب له فنجان قهوة... حضّرت له القهوة و هنا أخبرني بأنه زار كوت دازير لأول مرة، و أضاف إنه لمكان رائع للعيش...". (2)
"فاصطبر خلي و صابر و ارض بالذي رضينا عساها تحلو المرائر فتحظى بما حضينا". كانت هذه آخر الوصايا، بعثها الإمام المهدي بن تونس إلى إبنه خالد، دونها بالقلم الرصاص على ظهر ظرف أعطاه لمقدم باريس واري عمار ليسلمه له.
"قبل أربعة أيام من رحيله، دعا الشيخ الحاج المهدي مجلس الحكماء و كل الفقراء الكبار لاجتماع روحي حيث أعلن بأن الوقت قد حان لفتح و كتابة صفحة جديدة. و أخذ في تفسير قصيدة الحاج عدة ( يا صاحي هل فزت به )... ثم قال ' إننا كلفنا فقيرا بمهمة ليقوم بها، و لو يلقي نفسه في النار ليأتيكم بالفوز، فادعوا له ربي حتى يعطيها له هكذا (و جمع أصابع يده اليمنى و وضعها جملة في كف يده اليسرى) فادعوا له، فإن أتاه الله بالفوز فإن هذا الفوز يعود عليكم' ". (1)
توفي الإمام محمد المهدي بن تونس يوم الرابع و العشرين من شهر أبريل عام 1975 ببيته بقرية خير الدين، التي تبعد عن مستغانم بإثنتا عشرة كيلومتر، شهيدا للمثل العليا التي كان يحملها.
الخلافة و التولية
"عندما بلغني خبر و فاته، تمزقت السماء بداخلي. لا يمكنني أن أصدق. فإن ألامي تصم إمتزجت بالغضب و العصيان. بضعة أسابيع كنت معه، لم أتحضر لرحيل عنيف مثل هذا. ليس فقط أب من اختفى و لكن كذلك شيخ. فكرت في إخوتي و أخواتي الذين مازالوا صغارا، فكرت في الشيخ الذي كان لنا. أتذكر تلك الجملة التي قالها لي لما عبّرت له مرة عن تمسكي بالشيخ ' إن الشيخ الحقيقي هو الذي يكسر الصنم ليتجلى الحق سبحانه في المريد ' ". (2). " فكريا كان ذلك مقبولا تماما، لكن عندما حدث ذلك حقيقة، و حينما رأيت التابوت، و لمست الجثة، أحسست بصدمة رهيبة، و كأني كنت خارج إطار الواقع، لدرجة أني كنت عاجزا عن متابعة أحداث الجنازة". (3)
في التراث الصوفي، لا يعين الشيخ أبدا خليفته، بل الجماعة التي يلزمها القيام بذلك، فيجتمع الحكماء- أي كبار الفقراء- في مجلس حيث يتعبدون و يتفكرون و يصومون. و في غضون تلك المدة، يتلقى كل واحد منهم إشارة، و هي قد تحدث عندهم إما عند حلم أو رؤيا أو عبر إلهام، و بعدئذ يتشاورون فيما بينهم.
"بعد قراءة سورة ياسين و الدعاء للفقيد، يمسك كل من الحكماء سبحته و يذكر إسم الذي يبدو حسب رأيه الأقدر على قيادة الطريقة. هذه المرة تمت المراسيم قبل الدفن. تناقل الحكماء الإسم، من الواحد للآخر في أذنه، حتى وصلوا إلى إجماع. بعد الدفن أعلمني عمي أنني مطلوب بالضريح أين كانوا يجتمعون. قال لي ' أنت من اختاروه. لم أفهم كلمة مما قاله لي، قلت له 'أنا ماذا؟' نزعوا سترتي الجلدية السوداء و ألبسوني جلابة الشيخ البيضاء. ثم قادني أربعة أو خمسة رجال أمام أضرحة المشايخ. هناك و في دائرة، تقدم كل واحد منهم بالدور يبسط يده في يدي لتجديد العهد. وصفتهم بالمجانين. بكل بساطة هذا لايمكن إطلاقا، لم أتخيل لحظة إمكانية تعويض أبي على رأس الطريقة، و كذلك العيش في هذا البلد الذي سبب له آلاما كثيرة. أجّلوا سلوكهم. قادوني من جديد إلى غرفة أخرى يبدو لي أنني مجذوب نحو حقيقة أخرى. لم أعد أرى الوجوه أو أسمع صوتا. إني في حال آخر، في داخلي كأنني مقطوع عن بيئتي. صدري يحترق لا أعرف بأي نار، بفتح عيني أرى المشهد كحلم لا أعرف أحد سوى زوجتي ". (2)
"لقد استمر هذا الحال مدة ثلاثة أشهر، و أعترف أن عيشه كان حادا و صعبا جدا، سواء على المستوى النفسي كما على المستوى الجسدي. كنت أريد أن أقنع نفسي أن جماعة الحكماء ستدرك خطأها وتصححه". (2)
عاد الشيخ بعدها إلى باريس و قضى بعض الأمور لعائلته، و إشتروا بيتا بالجنوب الفرنسي بكوت دازير.
يقول الشيخ خالد بن تونس "عند تعييني من قبل مجلس الحكماء لخلافة أبي، كان لي ست و عشرون سنة، و لم أستطع تصديق ذلك، و بدت لي المهمة عظيمة الشأن، فكنت أظن أن الأمر يتعلق بواجب مؤقت و أن الشيخ الحقيقي سيظهر بعد مدة معينة، و أمام هذا التوجه الجديد إستطعت أن أدرك الأهمية الأساسية لتجربة الخمس سنوات الباريسية ، لقد استطعت أن أعيش الحياة كسائر الناس، و أدبر الحاجيات اليومية و المال و أعيش كل القيم، وأظن أن السر كان يكمن هنا، فقد هيّأني القدر لأعيش و أدمج هاتين التجربتين و هذه الثنائية: الحياة الروحية التي اكتسبتها من التعليم الأصيل، و الحياة المادية بمختلف مظاهرها.
و بعد تعييني، اكتشفت أن البنايات المادية للطريقة قد زعزعت بعمق، فكان هناك إعتقال والدي، و تدمير و تأميم كل ما كانت له قيمة من المدارس، و الأراضي الفلاحية، و أماكن العبادة...
يضاف إلى هذا أن معارضينا لما تحققوا من أن المعيّن الجديد كان شابا، طويل الشعر، مقيما في باريس، لم يعتبروني خطيرا، و هذا ما خفف عنا من جسامة الثقل، و سمح لنا بتنفس الصعداء شيئا ما، وبرزانة و تمهل بدأنا نستجمع الأشلاء، و شيئا فشيئا رجعت الأمور إلى نصابها". (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). كتبه السيدان الحاج أحمد الحضري و السيد الحاج محمد بن عبد الله المريني العروسي بـ " أضاميم المد الساري للبلاغ الجزائري"، تحت عنوان " الإمام الهمام عدلان خالد بن تونس". سنة 1986.
(2). الأخوة في الميراث. الشيخ خالد بن تونس. سنة 2009.
(3). التصوف قلب الإسلام. الشيخ خالد بن تونس. سنة 1996
تعليقات
إرسال تعليق