عبد الكريم جوصو (غوستاف هنري)

عبد الكريم جوصو (غوستاف هنري)
1866-1951 الرسام والكاتب وهو رسام كاريكاتير موهوب. انتسب إلى الطريقة العلوية وألف كتابا (اعتناقي الإسلام) يصف تفاصيل إسلامه. وله كتاب آخر (طريق الله) يصف فيه تجربته الصوفية وزيارته للشيخ العلاوي سنة 1924.

إهداء كتاب عبد الكريم (اعتناقي الإسلام) : الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله الذي جاء بالحق ليظهره على الدين كله، مرغمًا أنف من عاند وحقد وحسد، فدعا لسبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادل الناس بالتي هي أحسن، فمنهم من تجبر ونفر، ومنهم من انقاد وأذعن وأقر، وتلك سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً، وعلى كافة الأنبياء والمرسلين، وجميع الآل والأصحاب ومن تبعهم وتلاهم إلى يوم الدين.

أما بعد؛
فإن المنازل تستهوي ألباب قاطنيها بما يتاح لهم تحت أديمها من أفانين السعادة والسعادة - لا زلت لها قرينًا - نوعان : سعادة أرواح، وسعادة أشباح، بينها من التفاوت كما بين النار والنور، والظل والحرور. وقد صادفت أثناء إقامتي بالقطر التونسي سعادةً لنفسي، وراحةً لفكري، مِن نصبٍ وكفاحٍ مارسته عقدين من السنين، أعني حين قرّ قراري، وسكنت نفسي، وانقاد ضميري، لاتباع دين الهدى وشريعة الإسلام، فصار هذا القطر حينئذٍ وطنًا للنفس تحن إليه، وترفرف بأجنحتها عليه، ومَن كان حرَّ الضمير يصدع بالحق لا يخشى لومًا ولا تثريبًا. لذلك أردت أن أبدي للناس عندما نجز هذا التأليف ما لفؤادي من الود والميل نحو قطر يجدر لي أن أدعوه : ( قطر السعادة )، فوطدت العزم على إهداء الكتاب لأميره الأعظم، وملاذه الأفخم، صاحب السؤدد والفخار، سيدنا محمد الناصر باشا باي، صاحب المملكة التونسية، لا زال رفيع العماد، طويل النجاد ؛ آمين.

وهذه مقدمته
تقوّلت عني بعض الصحف الفرنسية عندما اعتنقت دين الإسلام أني أريد تمهيد السبيل للتزوج بأربع نساء، وامتلاك ما أشاء من الجواري، سبحانك اللهم هذا رجمٌ بالغيب، وقذفٌ بالبهتان ؛ بل إني أسلمت لله رب العالمين، مخلصًا له الدين، وما أنا أول المهتدين .وجدت الإسلام دينًا سمحًا سهل المأخذ، بين العقيدة، واضح البرهان، مجردًا مِن الغموض، لا يفتقر أتباعه في عبادة خالقهم إلى واسطة، فارتضيته لنفسي والحمد لله.

لقد كنت بادئ بدء أردت أن أقلد أسلافي الكاثوليكيين، ولكن الفكر أبى أن يعتقد شيئًا لا دليل عليه، وكيف يقام البرهان على صحة العقائد الكاثوليكية وقساوستها ورهبانها وكردينالاتها عاجزون عنها.

بعد ذلك مكثت نحو عشرين سنة أبحث عن الدين الحق لأكون من شيعته، إذ لا غنى لمخلوق عن عبادة خالقه. فاتفق لي في أواخر هذه المدة أن جبت بعض الأقطار الإسلامية، فأثّر جمال حياة أهلها تأثيرًا عظيمًا على قريحتي الفنية، واستهوتني محاسنها إلى أن اندفعت للبحث في شؤونهم إجمالاً وتفصيلاً، وإذ ذاك أخذ دين الإسلام يستميلني شيئًا فشيئًا، إلى أن تجلّى اليقين أمام عيني، وعلمت أن الدين عند الله الإسلام.

وها أنا أبيّن للواقفين على هذا الكتاب خلاصة أبحاثي من أولها إلى آخرها تفنيدًا لمزاعم الواهمين. اهـ.
 

تعليقات