ولد رضي الله عنه في مدينة حلب في سوريا وتربى في كنف والدين كريمين وأسرة طاهرة وتعلم القرآن الكريم منذ صغره ثم باشر دراسته العلمية وانتسب بعدها إلى كلية العلوم في جامعة حلب وبأمر من شيخه سيدي عبد القادر عيسى رحمه الله توجه لدراسة العلوم الشرعية في معهد الروضة الهدائية .
منذ نعومة أظفاره ظهرت عليه رضي الله عنه سيما الصلاح والفلاح فكان محافظاً على الصلوات بفروضها وسننها سالكاً طريق أهل الله إلى أن اجتمع بشيخه سيدي عبد القادر عيسى رحمه الله سنة 1969 وتربى في كنفه وتحت رعايته على كتاب الله عز وجل وسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد أن أخذ الشيخ عليه العهد رأى رؤيا أنه كان جالساً في الغرفة التي كان يعطي فيها سيدي الشيخ عبد القادر عيسى رضي الله عنه الأوراد للمريدين فرأى سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام جالساً على أريكة وعلى طرفيه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقعد رجال الطريق رضوان الله تعالى عليهم في أرض الغرفة وكان خلف شيخه مباشرة فقال سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام للشيخ عبد القادر عيسى رضي الله عنه قم وعطر فبدأ سيدنا عبد القادر عيسى بتعطير سيدنا إبراهيم عليه السلام والأنبياء جميعاً ثم رجال الطريق إلى أن وصل إلى سيدي الشيخ مضر حفظه الله فقال له رسول الله عليه الصلاة والسلام عطره عطره عطره هكذا ثلاث مرات وفي المرة الثالثة وضع الشيخ عبد القادر عيسى رضي الله عنه زجاجة الطيب(العطر) في قلب سيدنا الشيخ مضر حفظه الله. وعندما قص الرؤيا على شيخه سيدي عبد القادر عيسى رضي الله عنه سر سروراً شديداً وعندما قال له الشيخ مضر أنك وضعت الزجاجة في صدري أجابه شيخه بصوت مرتفع بل وضعتها في قلبك.
كان أثناء تربيته عند شيخه رحمه الله تلميذا مطيعاً غايةً في التأدب سواءً مع شيخه أو مع عموم المسلمين فأكتسب بذلك حظوةً خاصةً عند شيخه الذي تفرس فيه الهمة والحال والقدرة على رفع لواء القرآن والسنة فأجازه أمام 16 شخصاً بالورد العام والخاص وأحزاب الطريق والإرشاد فكان بذلك خليفة سيدي عبد القادر عيسى رحمه الله ووارثه وكثيراً ما كان يعطي الأوراد ويربي المريدين في حياة شيخه رضي الله عنه وكان سيدي عبد القادر عيسى رضي الله عنه يقول "من أخذ ورده من سيدي مضر فكأنما أخذه مني " وبقي ملازماً لشيخه مطيعاً له متربياً بحاله ومقاله حتى توفي شيخه سيدي عبد القادر عيسى رحمه الله .
منهاجه التربوي في التصوف :
إن منهاج سيدي الشيخ محمد مضر مهملات لإرشاد السالكين مقتبس من كتاب الله وسنة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. فهو يأمر المريد أول سلوكه بالتوبة النصوح والإقلاع عن الآثام ظاهرا ًوباطناً ويشدد على هذا الركن ويقول "نور وظلمة لا يجتمعان" ثم يلقنه الورد العام والأحزاب الواردة عن رجال الطريق ويحضه على حضور مجالس الذكر ويذكره بجملة من الآداب التي يصل بواسطتها إلى الله تعالى وهي :
- ذكر الله تعالى والصلاة على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام
- مجاهدة النفس وتهذبها وترويضها على الطاعات
- تعلم العلوم الشرعية اللازمة بالضرورة لتصح العبادات ويتم قبولها
- محبة الله تعالى وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام والصحابة رضوان الله تعالى عليهم ورجال الطريق والصالحين نفعنا الله ببركاتهم
- المذاكرة وهي جلسة بين المريد والشيخ يعرفه فيها على محاسن نفسه ويبين له إساءتها وعيوبها واصفاً له سبل التخلص من هذه العيوب وهذه الجلسة تطبيق عملي لقوله تعالى وأمرهم شورى بينهم.
- كما يأمر المريد بالالتزام بالسنن والنوافل وكثيراً ما يقول: "إذا ترك أحدكم السنة قد يأتيه يوم ويترك الفرض" ويحض المريد على الصدق مع الله والهمة العالية في طلب الله تعالى والصبر على الشدائد والتسليم لقضاء الله وقدره.
صفاته وأخلاقه وعاداته رضي الله عنه:
الحب لله تعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام أكثر من نفسه
الرضا والصبر واليقين بالله والتوكل الدائم والاعتماد على الله تعالى
ثقته التامة بأن الله تعالى أرحم به من نفسه
من صفاته رضي الله عنه :
- جاذبيته التي لا تقاوم وضياؤه العجيب ونظرته الصافية التي تسبر أغوار كل شيء وتغوص إلى حقيقته بسحر فوق المعتاد فعند النظر إليه أثناء الذكر لا ترى إلا نوراً متوهجاً كضوء الشمس يشع من عينيه ويملأ كامل جسده وكل من أبصر عينيه أحبه وأدرك خصوصيته.
- تربيته للمريدين بالنظر كما قال سيدي أبو الحسن الشاذلي قدس الله سره "نحن نربي مريدنا بالنظر كما تربي السلحفاة أولادها" وكان يربي المريد بالحال والهمة قبل المقال والدعوة فتجد الشيخ دائم الذكر والصلاة كثير القراءة والتدبر للقرآن الكريم محافظاً على صلاة الضحى وإحياء مابين العشاءين وقيام الليل وصلاة التهجد وذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح حتى طلوع الفجر.
- استقامته على الطاعة استقامة تامة وعدم التهاون بفعل أي حسن وإن صغر أو ترك أي قبيح وإن صغر كما قال تعالى: { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره, ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره}
- محبته للصالحين وخدمته إياهم بنفسه إن كانوا عاجزين طلباً لبركتهم ومحبته للشاب التائب وطلب الدعاء منه
- شديد التواضع فلا تميزه عن باقي مريديه في مجلس الذكر وكثيراً ما يلاطف مريديه ويمازحهم ولا يضع بينه وبينهم حاجزاً وهو يقول : "أنا لاأحتاج إلى خادم فأنا خادم الجميع".
- كراهيته للإطراء والمداهنة فهو لا يسمح لأحد من مريديه أن يقبل يده وإن كان ولا بد فإنه يبادله المثل وكثيراً ما كان يردد حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم".
- رسوخه في مقامه العالي فلا يلتفت إلى الأحوال بل هو مع المحول وهو الباري جل وعلا وكثيراً ما يقول: "الريح تحرك الشجرة لكن الجبل يمزق الريح".
- وهو لا يعرف المداهنة في التربية والسلوك ولا يتنازل عن شيء من الآداب أو التعاليم الشرعية تحت وطأة نفس المريد فهو مهتم بالصادق في طلب الله تعالى والتعرف إليه.
- لا يسعى للشهرة ولا يبالي بقلة عدد المريدين فما يهمه هو استفادة المريدين أكثر من عددهم وكثيراً ما يقول : "كيلو من الذهب أفضل من طن من التنك".
- وهو كريم جواد لا يخلو منزله من الضيوف أو مائدته من الطعام وكان كثير التصدق على الفقراء و المحتاجين وأجود ما يكون في شهر رمضان.
- يحب الفروسية وركوب الخيل ويمارسها منذ سنة 1967 وحتى الآن.
- شديد التورع في حدود الله يتحرى دائماً لقمة الحلال ولا يأكل من طعام شخص في ماله شبهة.
- له ذوق صحيح في فهم الأمور وبعد نظر واضح وفراسة لا تخيب إذ كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله".
- سعة صدره في تربية المريد فقد يأتيه المريد جاهلاً بمقامات الرجال فيرقيه ويأخذ بيده متحملاً الصعاب والمشاق باذلاً وقته وراحته في سبيل الدعوة إلى الله حتى يوصله إلى مقام العارفين بالله ولا ينسب لنفسه أي كرامة تقع للمريد أثناء سيره بل يقول له: "هذا دليل على صدقك ودليل أن طريقنا طريق حق".
- وهو يحث المسلمين دائماً على الوحدة والمحبة ويقول أن سبب ما عليه المسلمين الآن في زماننا هو كراهيتنا لبعضنا البعض فكفانا تفرقة وكفانا تباعد وكفانا تشاحن {ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا}.
- وهو حفظه الله يأخذ بيد الشاب التائب ويقربه منه ويحزن على شباب الإسلام الضائع الراكض وراء شهواته وملذاته ويقول دائماً: "إن الاستعمار وإن خرج من الأوطان إلا أنه اصطاد كثيرًا من العقول والقلوب والنفوس".
- صبره على من يعادي طريق التصوف وينكر طريق أهل الله ويعذره لأن نفوسه حجبته عن الله عز وجل ومع ذلك فإن أخلاقه حفظه الله تمنعه من أن يذكر واحداً منهم باي نقص ويقول: "لم نكسب حسناتنا بالسهل حتى نضيعها بالغيبة والنميمة والوقوع في أعراض الناس " ويقول أيضا : "أولياء الله عرائس ولا يرى العرائس المجرمون".
- يغضب كثيرا عند مخالفة الشرع أو السنة المحمدية الطاهرة ويقول أن الحسن ما حسنه الشرع و القبيح ما قبحه الشرع .
- يقول أن الشطح والجذب نقص ولو كان الجذب كمالاً لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مجذوباً وحاشاه وكل حقيقة خالفت الشريعة فهي باطلة
- شديد الأدب والحياء مع كبار المسلمين وصغارهم ،ويقول لنا ناصحا من لا أدب له لا سير له.
- مهيب الطلعة ومهابته يشعر المريد بها عندما يجلس أمامه لأول مرة وبعد فترة من مصاحبته وتربته للمريد يصبح حفظه الله تعالى أحب حبيب للمريد بعد الله تعالى وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وهذا مما يؤكد وراثته لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ،فمن صفاته صلى الله عليه وسلم أن من رآه هابه ومن خالطه أحبه.
- ومن أهم أخلاقه رضي الله تعالى عنه الاستقامة على القرآن الكريم والسنة المطهرة والأوراد منذ أن صحب شيخه حتى الآن لأن الاستقامة عين الكرامة .
- وهو من أكثر الدعاة إلى الله تعالى تعباً ونصَباً ويقول: "من علامة الإيمان نقل الخير للغير"
- وهو من أشد محبي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المحافظين عليها، ويوصي مريديه دائما بالمحافظة على السنن وعدم تركها، ومرة علم ان أحد الإخوة ترك سنة العصر القبلية فبكى وهو ينصحه قائلاً : "إن من حافظ على سنة العصر القبلية حرم جسده وشعره عن النار".
- وهو رجل حكيم تراه شديدا عند الشدة خصوصاً إذا ماتعلق الأمر بالعبادات الأوامر والنواهي، وتراه طرياً لين القلب عند ذكر الله سبحانه وتعالى وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم .
- وهو سخي الدمعة أعرفه باكياً أكثر مما أعرفه ضاحكاً وأكثر مايبكيه كان ذكر الله حتى أنه يقضي أياماً وليالي باكياً لاتجف دمعته شوقاً ومحبة أو عند ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- إلا أنه بسوم الوجه خصوصاً مع المريدين الجدد وأهل الغفلة يحاورهم على مقدار عقولهم ويلاطفهم . وهو ليس ممن يهوى جمع الاتباع بل إنه حفظه الله يحب أن يكون حوله عدد محدود من الإخوة والأحباب الذين يفهمون عليه ويفهمون منه ويأخذون منه .
سيدي الشيخ محمد مضر مهملات حفظك الله
ردحذفاكثر من ساعة افكر في الكلمات لوصفك فلم أجد بأن الكلام ينصفك ..
قررت الصمت .... والنظر في عينيك
أطال الله بعمرك