الإمام الشيخ المرشد الفاضل والهمام المربي الأستاذ الهلالي عميمور الأزهري بن محمد، والد الدكتور محي الدين عميمور، هذا الرجل المعروف بقيمه العالية حيث ذاع صيته في أقطار الوطن العربي والدول الإسلامية.
ولد الأستاذ الشيخ الفاضل محمد الهلالي عميمور الأزهري عام 1898 بالمزلية دائرة الرواشد ولاية ميلة، ابن محمد عميمور وفاطمة بنت ابراهيم، وهو ابن عائلة تتسم بالعلم والتقي. درس الشيخ وحفظ القرآن بزاوية سيدي الحسين القشي المشهورة والمعروفة بدائرة العثمانية ولاية ميلة، ثم إلتحق بالمدرسة الكتانية بمدينة قسنطينة بحي سوق العصر كما درس التفسير بالمسجد الأخضر على يد العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس.
وككل شباب الجزائر الطموح إلى الاستقلال والتخلص من ربقة الإستعمار انخرط في حزب نجم شمال إفريقيا، وبعد فترة وجيزة ألقي عليه القبض من طرف الاستعمار ونفي إلى تونس لمدة ثلاث سنوات وكانت إقامته بحي منزل بوزلفة ولم يمنعه هذا من الإتصال بمناضلي تونس من نفس الحزب كالحبيب بورقيبة، والشاذلي قلالة وغيرهم.
عاد إلى الجزائر العاصمة بطلب من أستاذه الشيخ العلاوي المستغانمى، الذي كان ينتسب إلى طريقته المعروفة والمشهورة بإسم الطريقة العلاوية الذي أمره بتكوين مقر لمطبعة جريدة البلاغ- لسان حال الطريقة العلاوية, كما أسس زاوية بحي القصبة خلف مسجد كتشاوة ولا تزال شاهدا إلى اليوم.
التحق محمد الهلالي عميمور الأزهري بإخوانه المرشدين والداعين إلى الإسلام والطريقة بأوروبا وهذا بأمر من شيخه العلاوي خوفا من إلقاء القبض عليه مرة أخرى، فكانت إقامته بباريس بورت فرساي، حيث عمل على رسخ مبادئ الإسلام والوطنية للشباب الجزائري من أجل عدم وقوعهم في براثين الاستعمار أنذاك في العشرينيات، ثم التحق بالأزهر الشريف بمصر لينتهل من العلوم أين تحصل على العالمية الأزهرية.
وبحكم تميزه وعمره أنذاك ثلاث وثلاثون سنة، رشحه شيخ الأزهر لرئاسة رواق المغاربة، كانت له اتصالات وعلاقات مع زعيم الثورة المغربية عبد الكريم الخطابي، والذي كان يمثل همزة وصل بينه وبين الملك محمد الخامس ملك المغرب.
انتقل الشيخ الهلالي إلى غزة وذلك لمساندة إخوانه في نشر الطريقة العلاوية، وقد رحب به واستقبل استقبالا عظيما فقد فتح هناك إثني وسبعون زاوية بغزة، الأحواز، وكامل مدن الضفة، وفي مدينة الفلوجة اجتمع به العالم الجليل الشيخ حسن أبو سردانة، وهو فقيه وشاعر له ديوان في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم، فأكرم نزله ووهبه إبنته رقية التي أنجبت له عشرة بنات وأربعة ذكور.
كان الشيخ يقوم بالعديد من النشاطات التي تؤكد بروزه عن غيره من الشيوخ، فقد جمع العديد من أبناء الجاليات المسلمة من المهاجرين في بريطانيا كرديف ويتكفل بتعليمهم لأصول الشريعة بمصر. كما كانت له اتصالات بإخوانه الروحيين بغزة وغيرها من مدن فلسطين فكانت وطأته مباركة حيثما حل وأينما ارتحل.
وبعد نهاية الدراسة بالأزهر الشريف وحصوله على العالمية سنة 1930 اشتغل كواعظ مفتش عام مشرف على عدة مدن وقرى فلسطين، إلى غاية النكبة المشؤومة سنة 1947, عاد بعدها مباشرة إلى مسقط رأسه الجزائر تاركا ورائه كل ممتلكاته حتى كتبه ومخطوطاته. ويقدم الخالدي في باب التصوف معلومات عن الشيخ الهلالي عميمور الذي كان عضو اللجنة العربية لتحرير القدس، وبين كيف أن القنصلية الفرنسية في الإسكندرية كانت تتابع خطواته خوفا من تأثيره في تحريك المنطقة ضد الغرب الداعم للحركة الصهيونية.
جدد الشيخ نشاطاته وتحديدا بمدينة عنابة بإلقائه للدروس والوعظ والإرشاد والتربية والتوعية الوطنية وبث روح الوطنية في الشباب في الزوايا والبيوت والمقاهي والحوانيت وفي الفيافي تحت أشجار الزيتون أين تفطنت فرنسا لذلك فجعلته تحت الإقامة الجبرية إلى حد الثورة المباركة وتقلص نشاطه شيئا ما ليستأنف بعد الاستقلال وفي سنة 1964 وبقوة إذ استلم بالترخيص من السلطات الجزائرية كنيسة حي سيبوس (مسجد الفلاح سابقا, مسجد الشيخ محمد عميمور الهلالي الأزهري حاليا) إذ طلب شيخنا من القسيس إلقاء كلمة فقام قائلا: "الحمد لله لقد بني هذا المكان للعبادة، وبقي للعبادة" .وأصبحت مدرسة بمعنى الكلمة تدرس فيها جميع الفنون بما فيها الرياضيات والجبر والهندسة والفيزياء والكيمياء والتاريخ والجغرافيا والأدب لتكوين المعلمين والمدرسين، كما لم يهمل دروس محو الأمية, فكان المؤسس والمدير يشرف على هذه المدرسة تربويا، أما الدروس يقوم بها تلاميذته بأنفسهم.
وفي 02 ماي من سنة ,1971 رحل عن عالمنا المعلم والإمام والمرشد الهلالي عميمور، تاركا ورائه إرثا لا مثيل له، عرف بتواضعه فكان لين الكلام لكل من جالسه، له همة عالية، عفيف النفس، صاحب ذكاء، وفطنة عالية، تخرج على يده عدة شيوخ وعلماء في الفقه والتوحيد والتصوف والتفسير وغيرها من العلوم الشرعية. رحم الله شيخنا الهلالي عميمور الأزهري وأسكنه فسيح جنانه.
الذكرى الثالثة والأربعون، لرحيل الإمام والشيخ الفاضل والهمام المربي الأستاذ الهلالي عميمور الأزهري.
̄ عائشة ق
نشر في صوت الأحرار يوم 24 - 05 - 2014
ولد الأستاذ الشيخ الفاضل محمد الهلالي عميمور الأزهري عام 1898 بالمزلية دائرة الرواشد ولاية ميلة، ابن محمد عميمور وفاطمة بنت ابراهيم، وهو ابن عائلة تتسم بالعلم والتقي. درس الشيخ وحفظ القرآن بزاوية سيدي الحسين القشي المشهورة والمعروفة بدائرة العثمانية ولاية ميلة، ثم إلتحق بالمدرسة الكتانية بمدينة قسنطينة بحي سوق العصر كما درس التفسير بالمسجد الأخضر على يد العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس.
وككل شباب الجزائر الطموح إلى الاستقلال والتخلص من ربقة الإستعمار انخرط في حزب نجم شمال إفريقيا، وبعد فترة وجيزة ألقي عليه القبض من طرف الاستعمار ونفي إلى تونس لمدة ثلاث سنوات وكانت إقامته بحي منزل بوزلفة ولم يمنعه هذا من الإتصال بمناضلي تونس من نفس الحزب كالحبيب بورقيبة، والشاذلي قلالة وغيرهم.
عاد إلى الجزائر العاصمة بطلب من أستاذه الشيخ العلاوي المستغانمى، الذي كان ينتسب إلى طريقته المعروفة والمشهورة بإسم الطريقة العلاوية الذي أمره بتكوين مقر لمطبعة جريدة البلاغ- لسان حال الطريقة العلاوية, كما أسس زاوية بحي القصبة خلف مسجد كتشاوة ولا تزال شاهدا إلى اليوم.
التحق محمد الهلالي عميمور الأزهري بإخوانه المرشدين والداعين إلى الإسلام والطريقة بأوروبا وهذا بأمر من شيخه العلاوي خوفا من إلقاء القبض عليه مرة أخرى، فكانت إقامته بباريس بورت فرساي، حيث عمل على رسخ مبادئ الإسلام والوطنية للشباب الجزائري من أجل عدم وقوعهم في براثين الاستعمار أنذاك في العشرينيات، ثم التحق بالأزهر الشريف بمصر لينتهل من العلوم أين تحصل على العالمية الأزهرية.
وبحكم تميزه وعمره أنذاك ثلاث وثلاثون سنة، رشحه شيخ الأزهر لرئاسة رواق المغاربة، كانت له اتصالات وعلاقات مع زعيم الثورة المغربية عبد الكريم الخطابي، والذي كان يمثل همزة وصل بينه وبين الملك محمد الخامس ملك المغرب.
انتقل الشيخ الهلالي إلى غزة وذلك لمساندة إخوانه في نشر الطريقة العلاوية، وقد رحب به واستقبل استقبالا عظيما فقد فتح هناك إثني وسبعون زاوية بغزة، الأحواز، وكامل مدن الضفة، وفي مدينة الفلوجة اجتمع به العالم الجليل الشيخ حسن أبو سردانة، وهو فقيه وشاعر له ديوان في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم، فأكرم نزله ووهبه إبنته رقية التي أنجبت له عشرة بنات وأربعة ذكور.
كان الشيخ يقوم بالعديد من النشاطات التي تؤكد بروزه عن غيره من الشيوخ، فقد جمع العديد من أبناء الجاليات المسلمة من المهاجرين في بريطانيا كرديف ويتكفل بتعليمهم لأصول الشريعة بمصر. كما كانت له اتصالات بإخوانه الروحيين بغزة وغيرها من مدن فلسطين فكانت وطأته مباركة حيثما حل وأينما ارتحل.
وبعد نهاية الدراسة بالأزهر الشريف وحصوله على العالمية سنة 1930 اشتغل كواعظ مفتش عام مشرف على عدة مدن وقرى فلسطين، إلى غاية النكبة المشؤومة سنة 1947, عاد بعدها مباشرة إلى مسقط رأسه الجزائر تاركا ورائه كل ممتلكاته حتى كتبه ومخطوطاته. ويقدم الخالدي في باب التصوف معلومات عن الشيخ الهلالي عميمور الذي كان عضو اللجنة العربية لتحرير القدس، وبين كيف أن القنصلية الفرنسية في الإسكندرية كانت تتابع خطواته خوفا من تأثيره في تحريك المنطقة ضد الغرب الداعم للحركة الصهيونية.
جدد الشيخ نشاطاته وتحديدا بمدينة عنابة بإلقائه للدروس والوعظ والإرشاد والتربية والتوعية الوطنية وبث روح الوطنية في الشباب في الزوايا والبيوت والمقاهي والحوانيت وفي الفيافي تحت أشجار الزيتون أين تفطنت فرنسا لذلك فجعلته تحت الإقامة الجبرية إلى حد الثورة المباركة وتقلص نشاطه شيئا ما ليستأنف بعد الاستقلال وفي سنة 1964 وبقوة إذ استلم بالترخيص من السلطات الجزائرية كنيسة حي سيبوس (مسجد الفلاح سابقا, مسجد الشيخ محمد عميمور الهلالي الأزهري حاليا) إذ طلب شيخنا من القسيس إلقاء كلمة فقام قائلا: "الحمد لله لقد بني هذا المكان للعبادة، وبقي للعبادة" .وأصبحت مدرسة بمعنى الكلمة تدرس فيها جميع الفنون بما فيها الرياضيات والجبر والهندسة والفيزياء والكيمياء والتاريخ والجغرافيا والأدب لتكوين المعلمين والمدرسين، كما لم يهمل دروس محو الأمية, فكان المؤسس والمدير يشرف على هذه المدرسة تربويا، أما الدروس يقوم بها تلاميذته بأنفسهم.
الذكرى الثالثة والأربعون، لرحيل الإمام والشيخ الفاضل والهمام المربي الأستاذ الهلالي عميمور الأزهري.
̄ عائشة ق
نشر في صوت الأحرار يوم 24 - 05 - 2014
تعليقات
إرسال تعليق