الشيخ العلاوي والمريد المغرور

في يوم ما, عند انتهاء الصلاة, التفت الفقراء نحو الشيخ العلاوي (قدس الله روحه) ليسمعوا منه مذاكرة تناسب الحال كعادته, فحمد الله ثم قال:

- ما أنا إلا ساعي, أوصل الأمانات إلى أهلها, أنا مثل ساعي البريد الذي يوصل  الرسائل إلى أصحابها كما طلب ذلك منه. ليس لي الحق أن أكتم أمانات الغير, والذي يظن أن أمانته عندي وإني أرفض أن أسلمها له, فلا يشك إلا في ذاته ولا يتهم إلا نفسه. الذي حمَّلني مسؤولية هذه الأمانة, فقد أخذ مني قبل ذلك العهد ألا أكتم ما أحصل عليه, ولا أعطي أمانة شخص لشخص آخر. لا أعطي أي شيء من عند نفسي ولا  أكتم أي شيء من حق أي كان. الذي تحصَّل على شيء مني فذاك رزقه وحقه, فليحمد الله على فضله, أما الآخر فلا شيء له عندي, ولو يصِّر على ما هو عليه, فإنه يدفع نفسه إلى  الخطر.

ثم قام الشيخ أحمد العلاوي وغادر المسجد.

بقي الفقراء على حيرتهم لعدم إدراكهم مغزى كلام الشيخ, ولكنهم أدركوا خطورة الموقف... من هذا الذي اتهم الشيخ بكتم الأمانات ؟

فيما بعد, عرف الفقراء أن أحدهم ومن أقدمهم في الطريق, طرح سؤالا فيه شيء من الاتهام, لقد قال: "لماذا أعطى الشيخ العلاوي الإذن الخاص بالتربية والسلوك وتلقين الإسم الأعظم لكثير من الفقراء أقل خبرة ورسوخا في الطريق مني, ولم يقم بذلك معي رغم أنني من المؤسسين الأوائل للزاوية ؟"

قال الشيخ أحمد العلاوي في قصيدته التي مطلعها :
يا مريد السر سلم *** لا تنكر علينا

قال في مغزى هذه الكلام:

لست فاشي ولا كاتم     ***    بينهم وبينا
نؤتي الحكمة ولا نحرم *** من حظه فينا

المصدر: سيدي علي بن سيدي محمد السايح أحد آخر الفقراء المباشرين للشيخ أحمد العلاوي.

تعليقات