التقليد و العصرنة للشيخ العلوي في قلب الفكر الإصلاحي

ولد الشيخ أبو العباس أحمد بن مصطفى بن عليوة المعروف باسم "العلاوي المستغانمي" سنة 1874 بحي "تيجديت" بمستغانم من أسرة محافظة عريقة مشهورة بالعلم والأخلاق واهتم منذ مرحلة الشباب بالتصوف و تتلمذ على يد العالم الصوفي الشيخ سيدي محمد بن الحبيب البوزيدي مؤسس الطريقة الدرقاوية الشاذلية وبعد وفاة الشيخ البوزيدي أنشأ الشيخ العلوي الطريقة العلوية كنهج روحي جديد لإبراز الزاوية في شكل يتكيف مع متطلبات و مستجدات المرحلة المعاصرة وذلك مع الحفاظ على الدور التربوي الروحي.

وتشير المصادر التاريخية إلى انه بعد تأسيسه للطريقة العلاوية في بداية القرن الماضي اشتغل الشيخ العلوي بنشر العلم و التربية و أنشأ من أجل ذلك زوايا عديدة بالجزائر و خارج الوطن حيث شهدت أوروبا في العشرينيات من القرن الماضي إنشاء العديد من الزوايا (فرنسا و هولندا و بريطانيا) و التي كان لها إسهاما كبيرا في المحافظة على تعاليم الدين و نشرها بهذه المنطقة من العالم.

ومنذ بداية طريقته الصوفية التي تبنت التربية و الإصلاح نصب لها الشيخ بن عليوة مرشدين في المشرق العربي و العراق و اليمن وغيرها فالتف حولها الكثير من المريدين الذين عملوا بدورهم على التعريف بها و جلب الأتباع.

وقد ترك الشيخ بن عليوة حوالي 26 كتابا ورسالة في العقيدة و الفقه و التصوف و الفلسفة و التفسير منها (الرسالة العلوية في البعض من المسائل الشرعية) و (الأبحاث العلوية في الفلسفة الإسلامية) و (معراج السالكين و نهاية الواصلين) و (المنهاج المفيد في أحكام الفقه و التوحيد.

كما عرف الشيخ العلاوي كاتبا صحفيا حيث اتخذ من الصحافة منبرا لنشر أفكاره و التعريف برسالته الإصلاحية و التربوية و قد أصدر جريدة (لسان الدين) سنة 1923 مدعمة بمطبعة ثم صحيفة البلاغ الجزائري سنة 1926 بمستغانم لتنتقل سنة 1930 إلى الجزائر العاصمة و تستمر في الصدور الى غاية سنة 1948.

وقد نشر الشيخ العلاوي حوالي مائة مقال و افتتاحية تناولت خاصة تدهور أحوال المسلمين في ظل الاستعمار و نقد الواقع المعاش و مسائل الإصلاح و الدين كما تطرق في أعماله و دراساته الإعلامية إلى وضعية المرأة و الطفل و الأسرة و التعليم والإدارة و العدالة و مسائل عقائدية متنوعة.

ويعتبر بعض الدارسين لمآثر الشيخ العلاوي انه هذا الرجل كان نموذجا يتميز بفكر متفتح على مقتضيات العصر و جامع لكل مقومات الفكر و العلوم و الثقافة من فقه وتفسير و تصوف و ثقافة و شعر و سياسة و مسرح و صحافة و أسهم بقسط وفير في التراث الروحي في الجزائر و خارجها.

وأج, النهار الجديد: 21 - 07 - 2009

تعليقات