الشاهد التاسع من القسم الأول في سرد طائفة من شهادات ذوي الهيئات الشرعية والمراتب الدينية الرسمية في كتاب الشهائد والفتاوي. (1-09)
الشيخ أبو محمد بلقاسم بن الطيب عبد القادر بن كابو المدرس والمفتي ومقدم الطريقة التيجانية والذي ارتبط اسمه ببيت الله الذي يعرف "بجامع بن كابو" بالمدينة الجديدة بوهران.
فيما أجاب به فضيلة العالم الكبير النحرير, المدرس بمدينة وهران, فضيلة الشيخ السيد بلقاسم بن كابو 1 عن السؤال الوارد عليه الذي نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم, والصلاة والسلام على النبي الكريم
في 2 من جمادى الأول سنه 1342 هـ, الجمعة 12 أكتوبر 1923م
بقية السلف المعتمد عليه, وزهرة الخلف الملتجأ إليه, فضيلة العالم النحرير والمدرس الشهير, الشيخ السيد بلقاسم بن كابو, عليكم وعلى من انتمى إليكم أطيب السلام ورحمه الله وبركاته, أما بعد...
فقد ظهر للعبد الفقير أن يعتمدكم فيما أهمه من جهة ما صحَّ عندكم من أحوال الشيخ السيد أحمد بن عليوة المستغانمي بالنسبة لما تقوله فيه بعض الجرائد, ولا ينكر فكري أنكم ممن جالسه, فهل علمتم منه أو من أتباعه ما يؤذن بالانحطاط عن السبيل القويم والصراط المستقيم؟ فأخبرونا بحرية ضمير, بارك الله فيكم, ولكم الأجر الجزيل.
خادم العلم محمد بن عبد الباري الشريف التونسي
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أحمد الله الذي تنزهت ذاته عن الأضداد وتقدست أسمائه عن الشركاء والأنداد, والصلاة والسلام على سيدنا محمد مظهر العطاء والجود, ومطمح المقاصد والموارد والشهود, وآله وأصحابه واتباعه وأحبابه, وبعد...
فقد ورد عليَّ كتاب كريم, وخطاب وسيم جسيم, من حضرة فاضل جميل, وعالم نحرير جليل, سيدي محمد بن عبد الباري التونسي.
بعد السلام عليه وأن يمتعه بما أولاه وأسداه إليه...
يسأل (السائل) فيه عما أهمه من أمر العارف بالله, التقي الأواه, سيدي أحمد بن مصطفى بن عليوة المستغانمي, فأقول قولا مريدا به وجه الله 2 ولا حول ولا قوة إلا بالله الذي أدين به الله, في هذا السيد المسؤول عنه بما رأيناه مشافهة, وسمعناه مكالمة ومفاهمة, سافر إلينا من بلده (مستغانم) واجتمعنا به بمحلنا وقت استيطانه بوهران, حيث إن مدة إقامته بين أظهرنا 3 لا يكمن فيها تلبيس ولا يتطرق إليها تخليط ولا تدليس, فرأينا من إقباله على الله وانحياشه إليه بهمة وغاية عزيمة في العمل بمقتضى الشرع الكريم, والاستقامة التامة, والتدين بالدين القويم, والعكوف على مجالسة العلماء, واقتطاف أحوال الصلحاء العظماء, والمباحثة في المسائل الدينية, والمواعظ والحكم العرفانية. وكنا, ولا زلنا, نتوسم فيه أنه من أشد أفراد أهل زمانه غيرة على الدين 4 واتباعا لسنة سيد المرسلين, صلى الله عليه وسلم. وأما ما أثير عنه من جهة الشطحات التي يتوهم من سمعها خلاف المراد منها, فالمرجع فيها إلى مقاصده وأحواله 5, وما هو بأول من اعترضت أقواله 6, وكفى من لم يشهد محسوس ذاته 7 ما أجاب به العلماء الأجلاء حماة الدين والملة عن شيمته ونعوته, وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.
في 9 من جمادى الأول عام 1342 هـ, الجمعة 19 أكتوبر 1923م
عبد ربه محمد بلقاسم بن الطيب بن كابو, مقدم الطريقة التيجانية وخادم العلم والعلماء بمدينة وهران.
_______________
- يعتبر فضيلة المشار إليه أعظم مقدم في الإيالة الوهرانية للساده التيجانية, وهذا زيادة على مكانة الرجل في العلم والعمل والاشتغال بالدراسة التي تتخلل سائر أوقاته. وقد أخبرني من هو مطلع على أحواله انه أميل للسكينة والهدوء والوقار في سائر معاملاته, وأنه يجنح دائما لمراعاة الأصول في تحقيقاته. وبالجملة إن فضيلته ممن يلتجا إليه في النوازل, لا أوحش الله الوجود من أمثاله.
- أما والحق بيِّن في أن فضيلة الشيخ ما كان يريد بجوابه غير وجه الله وما ينبغي له أن يكون على غير ما تطلبه مكانته منه, وهذا يجري في من سبق من زملائه من الأجلاء وفيمن يأتي بعد هذا, فإنهم طبقة أرفع من أن يعمل فيها داع غير ما أرادوه من أداء واجب الشهادة ولما يعرفونه من أن الساكت على الحق كالمتكلم بالباطل, وإلا فأي شيء يدعو ذا المكانة العلية لأن يتكلم في شخص بخلاف ما يعرفه منه, وعلى فرض أن يجري ذلك في واحد فهو أبعد من أن يتصور في جماعة مستفيضة.
- يظهر مما أتى به فضيلة الشيخ أنه يريد رفع الاحتمال على ما تتضمنه المعاشرة مع الاطلاع ليكون القارئ على يقين تام فيما أخبر به من أحوال الأستاذ رضي الله عنه.
- أما أنا, لو أخبرت بأن الغيرة على الدين تجسمت, لحلفت يمينا بأن الأستاذ رضي الله عنه مظهرها, وما قلته صالح أن يقول به غيري فيما يأتي من الأجوبة, ويا لله العجب ممن كان بهذه المثابة من جهة الغيرة على الدين كيف نتوقع منه أن يكون جاء بما فيه فساد الدين.
- وهذا ما اعتمده علماء الدين في الكلام الجاري على ألسنة الأكابر جريا منهم على شبه ما استطرده فضيلة الشيخ الطيب بن إبراهيم المهاجي في جوابه السابق (الشاهد السابع) من قولهم أن "المراد يدفع الإيراد", وكم صدر على ألسنة القوم من الكلام المستثقل ظاهره في الأسماع, ولما امتحنت مقاصدهم في ذلك وجدت مبرأة عما يقتضيه ظاهر الألفاظ. أنشدت بيتا أمام صديق لي من كلام ابن عربي الحاتمي وهي: (يا من يراني ولا أراه * كم ذا أراه ولا يراني) فقال لي صديقي كيف تقول إنه لا يراك وأنت تسلم أنه يراك؟ فقلت مرتجلا: (يا من يراني مجرمًا * ولا أراه آخذاً * كم ذا أراه مُنْعِمًا * ولا يراني لائذاً) قال الحافظ المقلي: ومن هذه الجزئية ونحوها نعلم أن الشيخ محي الدين لم يقصد ظاهر الكلام بل له مجال واسع يليق بمقامه, وللناس في ذلك الكلام أبحاث, والتسليم أسلم, والله بكلام أوليائه أعلم.
- لو تتبعنا جميع ما اعترضت أقوالهم من أكابر العلماء, لما وجدنا مبرأ, ودونك نموذجا يسهل لك به التوصل إلى ما أشرنا إليه وأنت خبير بأن آخر من شاع صيته من المرشدين في طريق الله وانتشر ذكره جماعة, غير إني أذكر لك منهم أن يظهر في عصرنا كالمجمع على ولايته والمتفق على رسوخه وهو جلالة العارف بالله والدال على الله الشيخ سيدي أحمد التيجاني رضي الله عنه, ومع ما هو عليه من المكانة لم يسلم من انتقاد أقواله, ولا نطيل بما رجمه به ذاك الفقيه "المصري" (المفسر الفقيه المتكلم الشيخ علي بن محمد الميلي الجمالي المغربي التونسي, نزيل مصر), في كتابه "الصوارم والأسنة في نحر من تعقب أهل السنة" حيث تهجم فيه على الشيخ أحمد التيجاني ولوث المسامع مما لا يحسن ذكره, وهل صح ما اعتمده ذلك المعترض في رده من أن الشيخ التيجاني كان يعتقد انفصال الكلام الإلهي عن الذات العلية حيث جاء في عبارته ما نصه: "إن كلامك بالقرآن دال على مداولات الكلام الأزلي لا على عين الكلام الأزلي البارز من الذات". ومن كتاب "مبرد الصوارم والأسنة في الرد على من أخرج الشيخ التيجاني عن دائرة أهل السنة" للشيخ إبراهيم الرياحي التونسي, وقد علق المعترض على ذلك كلاما, والله يستقبح ذكره, ونظيره من تعقب قول الشيخ المذكور (أي التيجاني) في كتابه "جوهرة الكمال في مدح سيد الرجال" حيث اعتبر النبي, صلى الله عليه وسلم, صراط الله, ثم عبَّر عن ذلك الصراط بـ (الأسقم) ففهم أنه يريد تنقيص الجناب الرفيع, صلى الله عليه وسلم, بعبارته هذه, وهكذا غيره... وهل تظن أن فهمهم هذا ينطبق على مراد الشيخ؟ حاشا لله أن لسانا يصوِّر هذا فيه من له أدنى مسكة من حسن الظن بالمنتسبين إلى الله. فتأمل هذا, مع أن الشيخ التيجاني رضي الله عنه كان أبعد الناس عما يوهم الانتقاص من جهة ما هو عليه من رسوخ القدم وسعة العلم, ومع ذلك لم يسلم مما يوهم خلاف المراد لتكون له أسوة بمن سلف, ولعل القائل يقول: أي داع ألزم هؤلاء الأكابر بارتكابهم ألفاظا لا يعطي ظاهرها صريح ما أرادوه؟ فأقول: ولعله دعاهم ذلك الداعي الذي دعا أشرف العالمين أن يذكر في صفات الله ما استوعر فهمه لدى العموم, فاضطر الخاصة لتأويله كقوله عليه الصلاة والسلام: "إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء" وقوله: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض", وقوله: "إني لأجد نفس الرحمن من قِبَلِ اليمن", وما هو من هذا القبيل مما يعبرون عنه بـ "أحاديث الصفات", وقصار القول أن الألفاظ في بعض المقامات تتعطل عن حمل المعاني ولو وضع فيها أكثر مما جاءت به لدكت دكا.
- فكأن فضيلة الشيخ يقول: أن كان من يشهد محسوس ذات هذا المسؤول عنه (الشيخ بن عليوة) أو مارس أحواله واستوعب أخلاقه في الغالب, يشهد له بما شهدنا به, ومن لم يشهد ذلك كفاه ما شهدت به العلماء الأجلاء حماه الدين والملة, فيما صحَّ عنده من جميل أخلاقه وحسن شيَّمه, فليعتمدهم وكفى بهم معتمدا. وهنا انتهى ما أجاب به فضيلة هذا الشيخ (الطيب بن كابو) وما أراه إلا جوابا محكما, جزى الله المنصفين ما هم أهله.
_______________
ترجمة الشيخ بلقاسم بن كابو بإيجاز:
الشيخ أبو محمد بلقاسم بن الطيب عبد القادر بن كابو الحجازي أصلا, الوهراني قرارا، علامة ومدرسا ومفتيا ومقدما ففي الطريقة التيجانية بوهران والذي اسمه ارتبط ببيت الله ويعرف "بجامع بن كابو" بالمدينة الجديدة. كانت ولادته سنة 1862م - 1279هـ, حفظ القرآن والتحق بجامع القرويين بالمغرب على يد أكبر العلماء ليعود الى وهران ويؤسس زاويته التي تخرج منها مئات الطلبة, تلقى التقديم في الطريقة التيجانية عن مفتي وهران الشيخ علي بن عبد الرحمن الذي ورث عنه جل كتبه وكان يثني عليه ثناء جميلا لأنه لم يعرف حقيقة العلم إلا بمجالسته, توفي سنة 1953م - 1372هـ. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته, آمين.
الشيخ أبو محمد بلقاسم بن الطيب عبد القادر بن كابو الحجازي أصلا, الوهراني قرارا، علامة ومدرسا ومفتيا ومقدما ففي الطريقة التيجانية بوهران والذي اسمه ارتبط ببيت الله ويعرف "بجامع بن كابو" بالمدينة الجديدة. كانت ولادته سنة 1862م - 1279هـ, حفظ القرآن والتحق بجامع القرويين بالمغرب على يد أكبر العلماء ليعود الى وهران ويؤسس زاويته التي تخرج منها مئات الطلبة, تلقى التقديم في الطريقة التيجانية عن مفتي وهران الشيخ علي بن عبد الرحمن الذي ورث عنه جل كتبه وكان يثني عليه ثناء جميلا لأنه لم يعرف حقيقة العلم إلا بمجالسته, توفي سنة 1953م - 1372هـ. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته, آمين.
هاذا الإسم مزيف الإسم الحقيقي العلامة الشيخ سي بلقاسم حمار لبيوض
ردحذفإسم بن كابو مزيف ومن لقبه سوف يحاسب يوم القيامة
حذفإسم بن كابو مزيف ومن لقبه سوف يحاسب يوم القيامة
حذفالسلام عليكم, راجعت شهادة الشيخ بلقاسم بن كابو, ورأيت أنه أمضى بالتالي (عبد ربه محمد بلقاسم بن الطيب بن كابو, مقدم الطريقة التيجانية وخادم العلم والعلماء بمدينة وهران.) لو كان اسمه خلاف ذلك لكان كتبه والسلام.
ردحذف