بخالد بن كابو - الشهائد والفتاوي (1-11)

الشاهد الحادي عشر من القسم الأول في سرد طائفة من شهادات ذوي الهيئات الشرعية والمراتب الدينية الرسمية في كتاب الشهائد والفتاوي (11-1)
الشيخ بخالد بن كابو من سيدي بلعباس.
فيما أجاب به فضيلة العالم النحرير المدرس تطوعا بمدينة بلعباس إيالة وهران, الشيخ السيد بخالد بن كابو
1 عن السؤال الصادر الذي نصه:
في يوم الثلاثاء 26 ربيع الأنور سنه 1342هـ , 6 نوفمبر 1923م
ذو الأخلاق المرضية, فضيلة المدرس الأنفع, الشيخ السيد بخالد بن كابو, أبقاكم الله رحمة للمسلمين, السلام عليكم وعلى من اجتمع بكم من الطلبة والمحبين.
هذا أيها السيد, لا شك أنه حصلت لكم عدة اجتماعات بحضرة الشيخ السيد أحمد بن عليوة المستغانمي, وبما أنتم عليه من سلامة الذوق وصحة الوجدان, أردت أن أستفهمكم عما تفرستم في شأن ذلك الشيخ من جهة مكانته في التعبير, ولهجته في حالة التذكير, وغير هذا مما فهمتم لنكون بذلك على بصيرة, فأخبرونا مأجورين.
محبكم محمد بن عبد الباري الشريف التونسي
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الحمد لله الذي أحيا قلوب أحبابه بمعرفته, وأمدهم بنور الإيمان فاستشعروا بما يطرأ عليهم من هيبته, والصلاة والسلام على خير خلقه ومعدن سره, سيدنا محمد وآله وصحبه وبعد...
فيقول عبيد ربه بخالد بن الحبيب بن كابو, القاطن بمدينة سيدي بلعباس للتدريس تطوعا, كان الله له وليًّا ومعينا, آمين.
إني استفتيت من بعض الأحبة ما عليه الشيخ سيدي أحمد العلاوي المستغانمي رضي الله عنه...
أعلم, أرشدنا الله وإياكم لما فيه النجاح, إن الشيخ المذكور المسؤول عنه, قد اجتمعت به مرارا عديدة, فتوسمنا منه أنه سيد جليل متمكن من جهة أحوال الصوفية الأوائل
2, معظِّم للسنة, محترم لما احترمه الله ورسوله, معرضٌ عمَّا عدا ذلك, له مشاركة في جميع العلوم, سيَّما علم التصوف, طيب العبارة, حَسَنَ المذاكرة, لا يقدر أحد على معارضته 3, منصفٌ من نفسه, متواضعٌ لربه, مرشدٌ بخُلُقِهِ, مواعظه تُفيد, ومذاكرته تُلين الحديد, مع كمال الذوق لكل ما حواه 4, مجلسه مُهاب عند العامة والخاصة, حائز لرتبة الكاملين, يُذَكِّرُكَ حضوره بمن مضى من السلف الصالح , ماشٍ على منهاج القدماء, غير مخترع لأمر ينكر عليه, وظيفته إرشاد من انتمى إليه.
هذا ما أمكنني استحضاره تطييباً لخاطر السائل, وإلا فالسيد له مزايا عظام, وأنى لمثلي أن يستقصيها , غير أن إسعاف المحبين حمَلني على ذلك, والسلام من المذكور أعلاه.
كتب يوم السبت 7 ربيع الثاني سنه 1342هـ, 17 نوفمبر 1923م.
_____________
  1. قال فضيلة بن عبد الباري: قد كنت اجتمعت بفضيلة المشار إليه فوجدته ليِّن الجانب, حَسَنَ الأخلاق, جميل السيمة, حريصا على التعليم, محتَرَمًا بين قومه, وهكذا رأيت من اجتمعت به يثني على حسن شيمته, أما اعتباره هو للأستاذ فقد كان يجلُّه للغاية حسب ما سمعته منه ورايته عند اجتماعي به, فهذا خلاصه ما استحصلته من أمر السيد المشار إليه لكوني اجتمعت به وأنا على جناح السفر.
  2. وما اعترف فضيلة الكاتب بهذا إلا وهو على يقين مما عَلِمَهُ من أحوال الأستاذ ضرورة, وهكذا كان يخبر غيره من أهل تلك المدينة حسب ما ذكره فضيلة مفتيها فيما سبق (الشاهد الخامس الشيخ مصطفى بن طالب) ودليلهم أنه كلما مرَّ بناحيتهم إلا وترك من بينهم آثارا تُذْكَرُ زيادةً على ما فهموه من إشاراته وتحققوه من سيرة أتباعه.
  3. يعني في مجلسه بما يبديه من الحقائق البيِّنة والحجج الواضحة التي لا يتسنى للمنصف غير تسليمها على أنه لم يكن بمجادل ولا عيَّاب, إنما يتكلم مهما كان المجلس قابلا للكلام وإلا تركه لغيره, وقد أخبر عنه فضيلة الفقيه عمار بن بايزيد البوعبدلي المدرس بغليزان, بهذا الوصف فيما سيأتي من شهادته (الشاهد الثالث عشر) حيث قال ولا يلاججنك ولا يفتتن منك, هذا حال أخلاقه.
  4. يعني بذلك مراعاة اختلاف المشارب, فيعطي جليسه ما يستحق, وهكذا كان يوفي المجالس حقها, وقد كان يحاول على صفاء المجلس ما استطاع.
  5. ولا مستبعد أن يكون الأستاذ ممن يشمله الموصول من قول نبيِّنا محمَّد نقلا عن النبيِّ عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: "جاسوا من تذكركم بالله رؤيته, ويرغبكم في الآخرة عمله, ويزيد في علمكم منطقه".
  6. وهذا غاية ما ينبغي للمنصف أن يعرف به لمثل هذا الأستاذ رضي الله عنه, وفقني الله والمسلمين إلى سبيل الرشاد.
 __________
ترجمة موجزة
الشيخ بخالد بن كابو الحجازي أصلا, العباسي قرارا, مدرس ثم مفتي بسيدي بلعباس ومقدم الطريقة التيجانية, دَرَّسَ العلوم الإسلامية في مسجده أكثر من نصف قرن ثم خلَّفَه ابنه حامد بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في الخمسينات, رحمه الله وجعل الجنة مثواه, آمين.


تعليقات