وصية الشيخ أحمد العلاوي 1931م

إنّ وصية الشيخ أحمد العلاوي رضي الله عنه التي تركها من بعد موته هي آية من آيات الصدق في التوجه إلى الله جلت قدرته ونصّها :

بسم الله الرحمن الرحيم

يعترف عبد ربّه أحمد ابن عليوة شيخ الطريقة العلاوية أنّه حبس جميع ما يملكه من دور وعقارات وأثاث على نفسه، ما دام على قيد الحياة، ثمّ بعد ذلك يجري الحبس على التفصيلات الآتية المختصرة في عشرة فصول، المبينة لمراد حبسها، فلا بدّ من مراعاة كلّ فصل منها على حده، معتمدا في ذلك على مذهب الإمام الأعظم (أبي حنيفة النعمان) رضي الله عنه، وعن سائر الأئمة المهتدين.

الفصل الأول:
أنّه جعل زاويته الكائنة بمدينة (مستغانم) بقرية (تجديت) يعني بذلك المسجد وما اتصل به من البيوت على ما يؤمه من المصلين عموما، وعلى أتباع الطريقة بالخصوص، يجتمعون فيه لنحو الذكر والصلاة وتلقي الدروس.

الفصل الثاني:
إنّه جعل جميع ما يملكه من الدور الملتصقة بالمسجد، والخارجة عنه، وكذلك ما يملكه من العقار كالبستان الكائن (بالدبدابة) حوز (مستغانم)، والدار الكائنة بشاطىء البحر، وما يتبعها من الأراضي، وكذلك البحائر الموجودة حذو الدار من الجهة الفوقيّة، وكذلك الدار الكائنة بالجزائر بمحل (سانت اوجان)، وكذلك بقيّة الأراضي الكائنة (بعرش ازكير) وقطاره، ومينة وتاحمده، فجميع ذلك يصرف دخله على عمارة الزاوية الكائنة (بمستغانم)، وعلى مؤونة القائمين بها حسب التبين الآتي:

الفصل الثالث:
أول ما يصرف من دخل الحبس مؤونة المتصرّف وعائلته القائمين بعمارتها، الموجودين من عهد حياة المحبس، ثمّ يصرف الفاضل على المنقطعين بها للذكر، وتعاطي الدروس التي يشترط المحبس وجودها لزوما.

الفصل الرابع:
إنّ الحبس بجميع أنواعه، يكون تحت تصرّف المنزل منزلة الابن،  حضرة السيد (بن تونس عدّة ولد بن عودة) الساكن بمستغانم، يجري فيه حسب المنصوص عليه بدون ما يتعرّض له أي أحد كان، إلاّ إذا خرج عن مراد المحبس،  بحبسه خروجا فاحشا، وهكذا يبقى جميع ما تقدّم ذكره تحت يده، ما دام على قيد الحياة، وبعد وفاته ينتقل إلى  الصالح من أبنائه، وإذا لم يوجد من النسل المستعد لذلك، فينقل لمن صلحت سريرته، وتحقّقت نجابته من الأتباع.

لفصل الخامس:
إنّ تولية المستخلف يعتمد فيها على الأتباع من أهل (مستغانم) إن كانت لهم بقيّة تعتبر، وإلاّ فيشاركهم في النظر والاختيار من له الحقّ والمكانة من بقيّة إخوانهم.أمّا المستخلف (بالفتح) فلا يشترط فيه أن يكون مستغانميّا، أو غير مستغانمي   إنّما يشترط فيه الكفاءة، وحسن التصرّف، ولا تتمّ له تولية إلاّ برسم من قاضي البلدة، وللقاضي حقّ المراقبة على أعماله سنويا.

الفصل السادس:
إنّ المتصرّف السابق الذكر، يختص بنفسه ونفقة عياله، ونفقة زوجته المحبس، وهكذا بقيّة المنقطعين الملازمين السابق ذكرهم في (الفصل الثالث) حسب المعروف، وما زاد على ذلك يصرف على عمارة المسجد، حسبما تقدّم، وأمّا المتولّي من بعده فلا بدّ وأن يفرض له القدر الذي يصرف على عمارة المسجد.

الفصل السابع:
إنّ زوجة المحبس المسمّاة (بالورقة مغنيّة بنت علي) لها نفقتها وسكناها، نفقة غير ضيقة ما دامت على قيد الحياة، إلاّ إن تزوجت، وتكون بين العائلة فإن ساءت بينهم المعاشرة يفرد لها ما ينوبها نحو الستمائة وخمسين فرنكا شهريا   وتختص من جهة السكنى بالدار المحاذية للمسجد، التي كانت محل سكنى المحبس، كما تختص بمصوغها وأثاث منزلها من جهة التصرّف في ذلك.

الفصل الثامن:
إنّ المنقطعين بالزاوية المنبه عنهم في (الفصل الثالث) تجب مراعاتهم واحترامهم، وتقديم نفقتهم على نفقة غيرهم، بدون ما يزعج أحد منهم بالخروج، ما أحسنوا المعاشرة، إلاّ إذا كان باختيارهم، ويلحق بهؤلاء القائمون بشؤون الفلاحة خارج الزاوية، فلا بدّ وأن يقرّر كلّ على عمله، يبقى ما بقي بالحياة شاغلا لمركزه، حكمه حكم المنقطع إلى العمل بزاوية المنبه عنه في هذا، وفي الفصل الثالث ما قبله.

الفصل التاسع:
إنّه يكون للمحبس حقّ الاختيار في بيع محل أو استبداله بغيره، وهكذا يكون للمتصرّف حقّ استبدال مكان بمكان إذا تحقّقت في ذلك فائدة الحبس، بما يرجع على قصد المحبس بفائدة واضحة.

الفصل العاشر:
إنّه يخرج من المنقولات المتروكة، أو ما يراه المتصرّف ما يقدر بخمسة وعشرين ألف فرنك للعصبة منحة، باختيار المحبس على شرط موافقتهم على صحّة الحبس، وإذا ظهرت من بعضهم منازعة، فيسقط حقّه كما يسقط حقّ المتوفى منهم، ويرجع لأصل الحبس، أمّا مصرف ذلك فيهم فللذكر مثل حظ الانثيين،   والموجودون الآن من العصبة.

خاتمة:
ختم الله للمحبس بالسعادة، ولمن احترم حبسه، وعمل على تنفيذه (فمن بدّله بعد ما سمعه فإنّما إثمه على الذين يبدلونه), البقرة آية 181. (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) الشعراء آية 227، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

وقع في الثاني من جمادي الأول 1351هـ الموافق الحادي وعشرين سبتمبر 1931م,

تعليقات