الشيخ العلاوي - تفسير للآية (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ)

سئل رضي الله عنه عن قوله تعالى: "وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ" [طه:114].

فأجاب قائلا على ما تعطيه الإشارة إنّ النهي عن العجلة جاء متعلّقا بتفسير معاني القرآن، كأنّه يقول تعالى، ولا تعجل يا محمد بتبيين جميع معاني القرآن، قبل أن يأتي أوانها "وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ" [الحجر:21]، فالقرآن وإن انقضى وحيّه لك من جهة الأحكام، فهو لا ينقضي من جهة ما احتوى عليه من الإلهام، فلا يسمح لك إلاّ بإظهار ما هو مستحق الظهور، وما زاد على ذلك من غرائبه فاتركه لأوانه، يظهره الله تبارك وتعالى على ألسنة علماء أمّتك، وقد أشار بعضهم إلى هذا المعنى بقوله (الحقّ يجري على ألسنة علماء كلّ زمان بما يليق بأهله)، والمراد بالعلماء، العلماء بالله، المشار لهم في الحديث العلماء ورثة الأنبياء، والنكتة في قوله ورثة الأنبياء بدلا أن يقول ورثة الرسل تفيدنا تحجيرهم على عدم مجاوزتهم على ما أحاط به القرآن.

والمعنى إنّ الإلهام الذي خصّهم به الحقّ عزّ وجلّ، وإن كان هو قسم من أقسام الوحي، جاءهم مقصورا على القرآن، لا يتجاوزه لما وراء ذلك, فما زالوا رضي الله عنهم يستخرجون من معاني القرآن ما لا تحتمله الأذهان، وكلّ ذلك من أثر الوحي وشعاعه المتّصل إلى قلوبهم من الحضرة النبويّة، فما زالوا ينفقون مما خصّهم الحقّ عزّ وجلّ به من عجائب القرآن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والقرآن لا تتناهى معانيه، والذي يشعرك به قوله صلّى الله عليه وسلّم: (القرآن لا تنقضي عجائبه) والله أعلم.

تعليقات