الشيخ العلاوي - تفسير للآية (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ...)

سئل رضي الله عنه عن قوله تعالى: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" [النحل:125].
 
فأجاب قائلا إنّ القوم الذين أقامهم الله تعالى لدعوة الخلق، عرّفهم أسلوب التذكير، فينقاد لهم بسبب ذلك الكبير والصغير، والجليل والحقير، كلامهم مقبول في الأسماع لأنّ وعظهم يصدر من القلوب، لا من الكتب، والكلام إذا صدر من القلب وقع فيه، فلهذا أثّرت في القلوب موعظتهم، وسارت في المريد إشارتهم، وقد فهموا الآية الكريمة إنّ الناس جاءت على أزواج ثلاثة، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول أنزلوا الناس منازلهم، فالقسم الأول من الأقسام لا ينقاد للمذّكر إلاّ بالحكمة، وهم الخاصّة من عباد الله، والقسم الثاني تفيده الموعظة الحسنة، الواقعة بين ترغيب وترهيب، أي برفق وملاطفة، القسم الثالث أهل المجادلة، وهو الذي أتعب المرشدين، رسولا ووليّا، فأباح الله للرسول فتح باب المجادلة معهم، إلاّ أنّه قيّدها بالتي هي أحسن، وهكذا الأحسن فالأحسن، ولهذا كان السيف آخر درجات التبليغ، ومن تخلّف عن هاته الخطّة المشروعة للتذكير، ففي الغالب يكون أمره مردودا عليه، وكلّ ذلك يستفاد من قوله صلّى الله عليه وسلّم : (من أمر فليأمر بالمعروف)، أي برفق ولين، ليكون أدعى للقبول، والله أعلم.

تعليقات