الشيخ العلاوي - تفسير للآية (فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا)

سئل رضي الله عنه عن قوله تعالى
"فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا" [يونس:108].

فأجاب قائلا جاءت هاته الآية على ما يتبادره الفهم الخاصّ، تشعرنا بأنّ الهداية محصورة في معرفة النفس، كما إنّ الضلالة محصورة في عدم معرفتها، فكأنّه تعالى يقول فمن اهتدى هداية لا يشقى بعدها أبدا، ولهذا جاءت الهداية محصورة بإنّما، وبعبارة أخرى فمن اهتدى فغاية ما يهتدي إليه، أن يهتدي لنفسه، أي يعرفها على ما هي عليه، والذي يشعرك بهذا، ما يروى في الأثر انّه من عرف نفسه فقد عرف ربّه، والعكس بالعكس، فمن جهل نفسه فقد جهل ربّه، وهو قوله ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها، فجاءت الضلالة أيضا محصورة بإنّما فكأنّه تعالى يقول لا ضلال أضلّ من ضلّ عن نفسه أن يعرفها، فهذا هو الضلال البعيد، فأشدّ ما يعاتب به العبد أن يضلّ عن نفسه من أن يعرفها، قال تعالى نسوا الله فأنساهم أنفسهم  الحشر آية 19، قال أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه: طلبت ذاتي في الكونيين فلم أجدها، إلى أن انسلخت عنّي فعرفت من أنا، قال تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا" [الشمس: 9, 10] نفعنا الله بخيرها وأعاذنا من شرّها آمين.

تعليقات