الشيخ العلاوي - هل يمكن للمجتمع البشري أن يستغني عن الشرائع الإلهية ؟ دليل المسلم العملي 15-05-1930

تم طرح السؤال التالي على شيخنا وسيدنا المبجل, سيدي أحمد بن مصطفى العلاوي:

"هل من الممكن للمجتمع البشري أن يدير نفسه بنفسه وبوسائله الخاصة في الحياة الاجتماعية دون الاستعانة بوسائل خارجية عنه, وهي الشرائع الإلهية (القواعد الدينية), أي دون أن يجد حاجة للجوء إليها؟"

وهنا كانت الإجابة:

"من المسلّم به أن المجتمع البشري في حاجة طبيعية إلى قاعدة سلوكية في الحياة الظاهرية, كما في الحياة الباطنية. وهكذا, فقد وضع الله تبارك وتعالى القوانين الإلهية لتنظيم وضبط السلوك الشخصي والخفي, وكذلك, فإن القوانين الصادرة عن سلطة بشرية تنظم وتضبط السلوك العام.

إذن، الدين والسلطة البشرية, بهذا المفهوم, هما شريكان في إنجاز العمل بشكل جيد: لا يمكن لأحدهما أن يستغني عن الآخر.

كل من يدعي أن السلطة (البشرية) مكتفية بنفسها دون مساعدة الشرائع الدينية, لا يمكن الوثوق به. يجب أن يخشى وقوع الفوضى والاضطرابات في ملكه, حتى لو كان ذلك بعد حين, لأنه إذا كان كل يلتزم بالقوانين ويحترمها ظاهريًا, فإنه لا يفعل ذلك في سلوكه الفردي, أي في حياته الشخصية. 

في الواقع، لتطبيق القوانين المذكورة التي تضمن قمع الأفعال غير الأخلاقية, يجب أن يتوفر دليل. لذلك, فهي تشكل حاجزًا للإنسان, ولكن فقط فيما يتعلق بالسلوك العام. ولكن, ما هو الحاجز الذي يمنع من ارتكاب السرقة أو الاغتصاب على سبيل المثال, وسرًّا, عندما يكون الشخص متأكدًا من أن لا أحد سيعلم بذلك؟ لا شيء سوى الخوف من الله رب العالمين!

وبناءً على ذلك, فإن من يعتقد أنه يمكنه الاستغناء عن الرادع الديني, بفضل قوانين السلطة البشرية وحدها, فهو بلا شك مشتبه في إيمانه, لأنه, من خلال اعتقاده, يرى أن الأفعال غير الأخلاقية مشروعة, طالما أنها تظل سرية. إنه شخص متحضر في العلن, ووحش ضار في السر.

نحن هنا نتجاهل الوعود والتهديدات الواردة في القوانين الإلهية. لو أخذناها في الاعتبار, لما احتجنا إلى الاستشهاد بأدلة عقلية في مثل هذا الأمر! إذن, فإن الأخلاق الإلهية والعقل الطبيعي, اللذين يخاطبان قلب كل إنسان صالح, يجب أن يكونا الملجأ والحصن المنيع للمسلم الصالح!". 

 

المصدر : الشيخ العلاوي - هل المجتمع البشري يمكن له أن يستغني عن الشرائع الإلهية ؟ دليل المسلم العملي باللغة االفرنسية, نشر 15-05-1930

ترجمه إلى العربية : درويش العلاوي

تعليقات