علي بن محمد وفا

الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن وفا القرشي الأنصاري الشاذلي المالكي, أسكندري الأصل كان مولده سنة 761 وقيل 759هـ بالقاهرة.

في عام 764 هـ نقص النيل ولما توقف عن الزيادة توجه الناس إلى أبيه سيدي محمد وفا و سألوه أن يرجو الله تعالى أن يفي النيل وأن يمنَّ عليهم بالزيادة عن قريب، فدخل إلى خلوته وخرج إلى الناس في اليوم الثاني وهو يقول وفا وفا، فلذلك سمي سيدي محمد وفا.

ثم إن ابنه سيدي علي نظم موشحاً مطلعه:

فــالعقلُ طــاشَ مــن الظمأ    أسق العطـــاش تكرمـــا

وخرج إلى الناس وهو يترنم بهذا الموشحٍ فأوفى النيل المبارك بعد أن قطع رجاء الناس، فكثر أتباعه وأتباع أبيه، فرتب لهم أذكارا بألحان كان يستميل بها قلوب العوام

يقول عنه الشعراني والمقريزي: أعطاه الله لسان الفرق والتفصيل ومن ذلك قوله في العارف بالله و المريد والأستاذ والدعاة.

كان جميل الصورة نظيف الثياب، دان أصحابه بحبه واعتقدوا رؤيته عبادة وبذلوا له رغائب أموالهم.

وفاته  
توفي في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة 807 بالقاهرة عن عمر يناهز 46 عام و في رواية أخرى توفي عن 48 عام.

له مؤلفات منها
الباعث على الخلاص في أحوال الناس
الكوثر المترع في الأبحر الأربع في فقه المذاهب السنيَّة الأربع
المسامع الربانية في التصوف
ديوان شعر وموشحات

من أقواله رضي الله عنه:
- كل ما أرضى العارف بالله والمريد أرضى معروفه، وكل ما أغضبه أغضب معروفه, فاعملوا أيها المريدون على أن يرضى عنكم العارفون إن أردتم رضا ربكم ، واحذروا فإن العكس في العكس...إلى أن يقول, والمريد الصادق ليس له أن يفارق إمام حضرة هدايته أبداً ، واعرف يا مريد ما هو مرادك, فأول مبادئ المريد أن تتحلى طويته فإذا كُشف لبصيرته عن أستاذه رأى صورة صلاحه وولايته في صفاء صورة أستاذه ، فينطق أن أستاذه هو الصالح المولى ، فيستمد من بركات ملاحظته المتوالية وهممه العالية فيتودد إليه ويراه عظيماً فيسفر حجاب صورته الآدمية عن جمال ما خصه الله من الروح المحمدية, فهناك يشهد أستاذه سيداً محمدياً، ويكون له عبداً ولا يجعل له في سواه إرباً ولا قصداً, إلى أن ينزع الله منه نزعة الزيغ ويغشى سدرة سر الأنوار الروحانية ، فينظر إلى أستاذه ، فلا يرى إلا الواحد يتجلى في كل مشهد على قدر وسع الشاهد فيصير عدماً بين يدي وجوده ، ومحواً في حضرة شهوده ، فهكذا يكون المريد الصادق مع أستاذه أول أمره توفيق و أوسطه تصديق ، وآخره تحقيق واعلموا أن من ليس له أستاذ ليس له مولى ومن ليس له مولى فالشيطان به أولى فكما أن الله تعالى لا يغفر أن يُشرك به ، فكذلك محبة الأشياخ لا تسامح أن يشرك بها

- من كتم سرّه ملك أمره، ولم يكتم شيئا من أظهر من الأحوال ما يدلّ عليه فلا تظهر لقومك إلاّ ما تعرف منهم قبوله منك, لا تقصص رؤياك على إخوتك.

- الكشف من ربّك العليم والغطاء من وهمك البهيم فلا تستعن على الكشف بوهمك فإنه لا يزيدك إلاّ غطاء ولا تخشى من ربّك منعا عند صدق توجّهك لجوده فإنه لا يوجدك إلاّ إعطاء فافهم.

ـ صورة الأستاذ الناطق مرآة سرّ المريد الصّادق.

- من ادّعى أنه أعرف بأحوال شيخه في سفره وحضره وبسطه وغضبه وسائر أوقاته وأنه أعرف بعلاقة الشيخ مع سائر أتباعه أو أنه أورع وأتقى لله منهم أو نظر لإخوانه نظرة التحقير وأنه أفهم منهم وأنه الناجي في هذه الطّائفة فهو رجل فاسد العقل مخبول عديم الفضل كثير الفضول، وما أحسن ما قال من قال في مدح الصحابة رضي الله عنهم:

كــلّ أصحابـه هـداة فمـا أخـسر قومـا بهـم لهـم إغـواء
بينـما هم في الجهـل غـرقــى إذا هـم للـبـرايـا أئمّة علـماء

وقال : "إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم, ومن كفّر مسلما فهو للكفر أقرب."

ملاحظة : لما توفي سيدي محمد وفا سنة 765 خلفه ابنه سيدي علي وفا الذي ولد سنة 761 أي كان عمره أربع سنوات عند وفاة أبيه ! والسند إن ترك بهذا الشكل فهو منقطع بلا شك، وللأسف فإنّ السلسة ترد هكذا عند كافة الشاذلية توارثا جيلا عن جيل، أما الصواب فهو أن بين الأب وابنه شيخ ثالث هو سيدي محمّد الزيلعي (وقيل تحت كفالة أخيه) فقد أوصى له سيدي محمّد وفا بتربية ابنه عليّ، حتى شبّ هذا الأخير وصار عمره سبعة عشر سنة فجلس مكان أبيه. وفي بعض التقاييد أن عمه أبي الفتح من قام بكفالته وخلفه عند وفاته.

المصادر
- شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي
- طبقات الشعراني
- الأنوار القدسية

تعليقات