رسالة محمد المكي الشنقيطي إلى الشيخ العلاوي

الحمد لله وحده

حضرة السيد السند الغوث القطب الجامع بين الشريعة والحقيقة مربي السالكين ومرشد الواصلين فخر الزمان وتاج أولياء الرحمن مولاي أحمد بن مصطفى العلاوي أدامه الله للإسلام مرشداً وحارساً وأفاض علينا والأمة من فيض فيوضاته الربانية بحراً من نور تلألأ سناه على مر الدهور.

السلام عليكم ورحمة الله

وبعد

فيقبل المحسوب للأعتاب

يقبل الأرض عبداً لو أراد بات    يبدى من الشوق ما لاقاه ما قدرا
لم يمضى وقت له إلا بذكركم       وكيف ينساكم والحب قد كثرا

مولاي لو بسط المحسوب نطاق نطقه على اللسان وجمع قوى أقلامه القوية والبنان وأبدى مكنون أشواقه المتزايدة من الجنان وأجرى سيول دمعه من الأجفان وأظهر قبساً من نار الأحشاء المتقدة أو أزاح الستار عن قدر خردلة من جبال المحبة والمودة لقارن بها النجوم الباهرات وفاخر بها الشموس المقمرات

الشوق فوق الذى الشكر إليك وهل        تخفى عليك صبابتى وأشواقى

لم يكن الشوق الذى استقصاني طوره وشنفني نجده وغوره يستطيع الواصف أن يصف لكم فنونه أو يعبر عن عشر من معشار مكنونه وإن كان أفصح من قيسٍ وأذكى من إياسٍ  وأقدر فى الكتابة من ابن مقلة وعبد الحميد وحسين الجلاس أو كانت له الأشجار أقلاما والمياه مدادا والأرض قرطاسا فأنى لى أن أصف وأظهر وأخفي بعد الإظهار وأضمر وحسبي بعد هذا أن أقول:

لقد سمعنا بأوصاف لكم كملت      فسرّنا ما سمعناه وأحيانا
من قبل رؤيتكم نلنا محبتكم      والأذن تعشق قبل العين أحيانا

مولاي إن ما اشتهر عنكم فى المشرقين والمغربين من العلم والصلاح والعفاف والزهد فى الدنيا والكشف والكرامات الظاهرة ومكارم الأخلاق والهمم العالية والشمائل المرضية وتربية المريدين إلى سبيل خير النبيين والمرسلين والدعوة إلى الله وإرشاد العباد إلى ما خلقهم الله له وبما أن فضيلتكم صاحب الوقت المتصرف فى الأكوان والناهج حقيقة منهج سيد ولد عدنان والمتصرف الى القلوب والأرواح جعلني أتفانى فى محبتكم وإن لم تتلاق الأشباح فأقدم هذا المحرر ليتشرف بلمس أناملكم الطاهرة فأحظى بلحظة عناية ربانية من مولاي الغوث ينصلح بها حالي ومثالي مولاي أضيف إلى هذا ما سمعته شفاهاً من ولدكم وتلميذكم النجيب ومريدكم حضرة الأخ الشيخ سعيد سيف عنكم ونعم التقي المرجي والمريد المهذب والمجاهد فى الله الباذل نفسه ونفيسه في إرشاد الخلق إلى الله وما لاحظته عليه من آثاركم وما شعشع عليه من أنواركم وبركاتكم وإمداداتكم حتى أصبح مثالاً حسنا وعنواناً جميلا على فضيلتكم فى ديار اليمن الميمون وإنه لميمون حيث انتمى إلى حضرتكم من أبنائه فى عدن وحدها أربعمائة مريد أو يزيدون والإقبال يزداد كل يوم على طريقتكم المباركة والانتساب إليها فى نمو.

لهذه الأسباب دعتنى المقادير الأزلية والجذبات الربانية فعلقت نفسى بمحبتكم والانتساب إلى حضرتكم واستمداد المدد والفيض من حضرتكم العلية وقد تطفلت بهذا المكتوب على السيد الغوث القطب لعلي أحظى بالمطلوب وأسأله أن يرسم فى لساني وقلبي رسماً فى محبة الله ومحبته ويختم عليهما ختماً فقد جعلتهما بإسمه وقصرتهما على حكمه وبرئت إليه منهما وصرت وكيله فيهما فليس لى فى هذه الدنيا سواهما فجرى الله الأسباب إذ قدرت لى طلب الانتساب وحق لى أن أفتخر وأهنئ نفسي إذا قبلتني الحضرة الأحمدية المصطفوية فكنت من المنتمين إلى المقام العلي والجناب المولوي وبالأدب اللائق أتقدم بأن تلحظوني بنفحة أحمدية علاوية ربانية ينصلح بها حالي فى الدنيا والآخرة وأن أحمل أنا وأولادي ومن اتبعني على بساط كرامة أمداد فيوضات مولاي دنيا وأخرى وسلام الله يخص المولى الأجل ونعم المحبين والإخوان في ذلك الجناب.

المخلص محمد المكي الشنقيطي الحسني المدني
القاضي والمفتي بالديار الحرمية سابقا

تعليقات