هو شهاب الدين أحمد بن عمر بن على الخزرجى البَلَنسى (الأندلس) يتصل نسبه الشريف بالصحابي الجليل سعد بن عباده الأنصاري اشتهر بكنيته أبو العباس وبلقبه المرسي نسبة إلى بلدة مرسية بالأندلس التى ولد بها , كان جده الأعلى قيس بن سعد أميرا علي مصر من قبل سيدنا الإمام علي بن أبي طالب سنة 36 هـ
ولد سيدي أبا العباس المرسي بمدينة مرسية بالأندلس سنة 616هـ 1219 مـ , كان والده يعمل في التجارة مما مكنه من إرسال إبنه إلي معلم لتعلم القراّن الكريم والتفقه في أمور الدين وقد حفظ القراّن الكريم كله في سنة واحدة وتعلم بالأندلس أصول الفقه والقراءة والكتابة. وكان والده من تجار مرسية فشارك معه في تجارته , وكان المال الذي يتدفق إلي سيدي المرسي من تجارته. يذهب إلي جيوب الفقراء والمساكين وأبناء السبيل وكان يكتفي من أرباح تجارته بما يقيم أوَدَه ويحفظ حياته.
كان مستغرقا بقلبه في ذكر الله فكان شغله الشاغل أن يتقدم كل يوم خطوة في طريق الحق والحقيقة.
أشتهر أبو العباس بالصدق والأمانة والعفة والنزاهة في تجارته كان يربح مئات الاّلف. ويتصدق بمئات الاّلف. وكان قدوة لتجار عصرة في التأدب بأدب الدين الحنيف وكان قدوة للشباب في التمسك بالعروة الوثقي ورعاية حقوق الله فهو يصوم أياماً كثيرة من كل شهر. ويقوم الليل إلا أقله. ويمسك لسانه عن اللغو واللمم.
في عام 640 هـ / 1242م التزم والده الحج إلي بيت الله الحرام فصحبه معه وكذا أخيه أبي عبد الله جمال الدين وأمهما السيدة فاطمة بنت الشيخ عبد الرحمن المالقي , فركبوا البحر عن طريق الجزائر حتي إذا كانوا علي مقربة من شاطيء تونس هبت ريح عاصف أغرقت المركب بمن فيها غير أن عناية الله تعالي أدركت أبا العباس المرسي وأخاه فأنجاهما الله تعالي من الغرق فقصدا تونس وإتخذاها دارا ً لهما.
تلقَّى أبو العباس المرسى التصوف على يد شيخه. الصوفى الأشهر أبى الحسن الشاذلى الذى التقى به أبو العباس فى تونس سنة 640 هجرية. بعدما كان قد تزوَّد بعلوم عصره كالفقه والتفسير والحديث والمنطق والفلسفة. وجاء أوان دخوله فى الطريق الصوفى وتلقيه تاج العلوم.
قال الإمام المرسي : لما نزلت بتونس وكنت أتيت من مرسية بالأندلس وأنا إذ ذاك شاب سمعت بالشيخ أبا الحسن الشاذلي فقال لي رجل نمضي إليه فقلت حتي أستخير الله , فنمت تلك الليلة فرأيت كأني أصعد إلي رأس جبل فلما علوت فوقه رأيت هناك رجلا ً عليه بُرنس أخضر وهو جالس عن يمينه رجل وعن يساره رجل فنظرت إليه فقال عثرت علي خليفة الزمان قال فإنتبهت فلما كان بعد صلاة الصبح جاءتي الرجل الذي دعاني إلي زيارة الشيخ فسرت معه فلما دخلنا عليه رأيته بالصفة التي رأيته بها فوق الجبل جبل زغوان , فدهشت فقال الشيخ أبا الحسن الشاذلي : عثرت على خليفة الزمان , ما إسمك ؟ فذكرت له إسمي ونسبي فقال لي رفعت إليْ منذ عشر سنين ومن يومها وهو يلازم الشيخ أبا الحسن الشاذلي ورحل معه إلي مصر.
ورأى الشاذلي في أبو العباس المرسي فطرة طاهرة. ونفسا خيرة وإستعداداً طيباً. للإقبال علي الله. فمنحه ورده وغمره بعنايته. وأخذ في تربيته تربية تؤهله ليكون خليفته من بعده. وقال له : يا أَبَا العبَاَّسِ ؛ واللهِ ما صَحَبْتُكَ إِلاَّ لِتَكُون َ أَنْتَ أَنَا. وأَنـَـا أَنْتَ يا أَبـَا العَبَّاس ِ؛ فِيكَ مَا فِى الأَوْلِيَاء وَليْسَ فِى الأَوْليَاءِ مَا فِيك.
ومن مأثورات أبى الحسن الشاذلى التى اشتهرت بين الصوفية. عبر مئات السنين. قوله : أبُو العبَّاسِ مُنْذُ نَفذَ إِلى اللهِ لَمْ يُحْجَبْ .وَلَوْ طَلَبَ الحِجَابَ لَمْ يجـِدْهُ وأَبُو العبَّاس ِ بِطُرُقِ السَّمَاءِ. أَعْلَمُ مِنـْهُ بِطُرُقِ الأَرْضِ.
وصحَّت صحبة أبى العباس المرسى لشيخه الشاذلى. وصار من بعده إماماً للطريقة الشاذلية. وكان قبلها قد تزوج سيدي أبا العباس من كريمة الشاذلي وأنجب منها محمد وأحمد وإبنته بهجة التي تزوجت من الشيخ ياقوت العرش وكان من تلاميذ أبيها ومريديه.
في عام 642 هجرية. 1244م , رأى الشاذلي رضي الله عنه في منامه أن النبي صلى الله عليه و سلم يأمره بالإنتقال إلي الديار المصرية فخرج من تونس ومعه أبو العباس المرسي وأخوه عبد الله وخادمه أبو العزايم ماضي قاصدين الأسكندرية علي عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب.
قال الإمام المرسي رضي الله : كنت مع الشيخ أبا الحسن الشاذلي رضي الله عنه ونحن قاصدون الأسكندرية حين مجيئنا من تونس فأخذني ضيق شديد حتي ضعفت عن حمله فأتيت الشيخ أبا الحسن فلما أحس بي قال يا أحمد ؟ قلت نعم يا سيدي فقال اّدم خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته ثم نزله به إلي الأرض قبل أن يخلقه بقوله إني جاعل في الأرض خليفة ما قال في السماء أو الجنة فكان نزول اّدم عليه السلام إلى الأرض نزول كرامة لا نزول إهانة فإن اّدم عليه السلام كان يعبد الله في الجنة بالتعريف فأنزله إلى الأرض ليعبده بالتكليف. فإذا توافرت فيه العبوديتان إستحق أن يكون خليفة وأنت أيضا لك قسط من اّدم كانت بدايتك في سماء الروح في جنة التعريف. فأنزلت إلي أرض النفس تعبده بالتكليف. فإذا توفرت فيك العبوديتان أستحققت أن تكون خليفة.
قال الشيخ أبو العـباس رضي الله عنه فلما إنتهي الشيخ من هذه العبارة شرح الله صدري وأذهب عني ما أجد من الضيق والوسواس.
ويقول سيدي أبو العباس المرسي رضي الله عنه : لما قدمنا من تونس إلي الأسكندرية. نزلنا عند عمود السواري وكانت بنا فاقة وجوع شديد فبعث إلينا رجل من عدول الأسكندرية بطعام فلما قيل للشيخ عنه قال لا يأكل أحد من شيئ من الطعام فبتنا علي ما نحن فيه من الجوع. فلما كان عند الصبح صلى بنا الشيخ وقال أحضروا ذلك الطعام ففعلوا. وتقدمنا فأكلنا فقال الشيخ : رأيت في المنام قائلا يقول أحل الحلال ما لم يخطر لك ببال. ولا سألت فيه أحد من النساء والرجال.
واستقرا بحى كوم الدِّكة. أمَّا الدروس العلمية والمجالس الصوفية. فقد اختار لها الشاذلىُّ المسجدَ المعروف اليوم بجامع العطارين وكان يُعرف وقتها بالجامع الغربى وقد أقبل على هذه الدروس والمجالس. جمعٌ غفير من خواص الإسكندرية وعوامها.
ولايفوتنا الإشارة هنا. إلى أنَّ الإسكندرية كانت فى هذا العصر مدينةً متميزة ذات مكانة علمية خاصة فقد حفلت من قبل الشاذلىّ. والمرسىّ برجالٍ كبار. حطُّوا رحالهم فيها وأقاموا المدارس العلمية؛ أمثال الطرطوشى. ابن الخطاب الرازى. الحافظ أبو طاهر السَّلَفى وكان صلاح الدين الأيوبى يحرص على قضاء شهر رمضان من كل عام بالإسكندرية؛ ليسمع الحديث النبوى من الحافظ أبى طاهر السَّلَفى.
وإستمر أبو العباس مع الشاذلي يسير في ضوء تربيته وينهج طريقه لا يحيد عنه قيد الشعرة إلي أن كانت وفاة الشاذلي.
أقام الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه بالأسكندرية 43 عاما ينشر العلم و يهذب النفوس و يربي المريدين و يضرب المثل بورعه و تقواه و قد تلقي العلم علي يدي أبو العباس و صاحبه الكثير من علماء عصره كالإمام البوصيري و إبن عطاء الله السكندري و ياقوت العرش و إبن اللبان و العز بن عبد السلام و إبن أبي شامة و غيرهم و توفي رضي الله عنه في 25 من شهر ذي القعدة سنة 686هـ / 1287م و دفن معه إبنه محمد و إبنه أحمد و مسجده الذي بني علي قبره بحي رأس التين.
وقد تولَّى أبو العباس مشيخة الطريقة الشاذلية بعد وفاة أبى الحسن الشاذلى سنة 656 هجرية / 1258م وكان عمره آنذاك أربعين سنة وظلَّ يحمل لواء العلم والتصوف حتى وفاته, بعد أن قضى أربعةً وأربعين عاماً فى الإسكندرية. سطع خلالها نجم الطريقة الشاذلية فى الآفاق.
أوقات الإنسان في نظر سيدي الإمام أبو العباس المرسي:
يقسم الإمام أبو العباس المرسي رضي الله عنه أوقات الإنسان إلي أربعة هي:
النعمة , البلية , الطاعة , المعصية
- ولله عليك في كل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية.
- فمن وقت الطاعة فسبيله شهود المنة من الله عليه إذ هداه الله لها. ودفعه للقيام بها.
- و من كان وقته المعصية فسبيله الإستغفار.
- ومن كان وقته النعمة فسبيله الشكر. وهو مزج القلب بالله.
- ومن كان وقته البليلة فسبيله الرضا بالقضاء والصبر.
أعظم الذكر
ينصح الإمام أبو العباس رضي الله عنه بالذكر بإسم الله وقال لأصحابه ليكن ذكرك الله فإن هذا الإسم سلطان الأسماء و له بساط وثمرة. فبساطه العلم وثمرته النور. ثم النور ليس مقصودا لنفسه. و إنما ليقع به الكشف والعيان. وجميع أسماء الله للتخلق إلا إسمه الله فإنه للتعلق. فمثال ذلك أنك إذا ناديته يا حليم. خاطبك من إسمه الحليم. أنا الحليم فكن عبدا حليما ً. و إذا ناديته بإسمه الكريم خاطبك من إسمه الكريم. أنا الكريم فكن عبدا كريما. وكذلك سائر أسمائه. إلا إسمه الله فإنه للتعلق فحسب. إذ مضمونه الألوهية و الألوهية لا يتخلق بها أصلا.
من أقوال سيدي أبو العباس المرسي
- الأنبياء إلي أممهم عطية و نبينا سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم هدية و فرق بين العطية و الهدية لأن العطية للمحتاجين و الهدية للمحبوبين , قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إنما أنا رحمة مهداه.
- قال رضي رضي الله عنه في قول سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم" أنا سيد ولد أدم ولا فخر " : أي لا فخر بالسيادة و إنما أفتخر بالعبودية لله سبحانه وتعالي.
- الأكوان كلها عبيد مسخرة. و أنت عبد الحضرة.
- و الله ما جلست بالناس حتي هددت بالسلب وقيل لي لئن لم تجلس لسلبتك ما وهابناك.
- لي أربعون سنة ما حجبت طرفة عين عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ولو حجبت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ما عددت نفسي من جملة المسلمين.
- الطي علي قسمين طي أصغر وطي أكبر. فالطي الأصغر لعامة هذه الطائفة. أن تطوي لهم الأرض من مشرقها إلي مغربها في نفس واحد والطي الأكبر طي أوصاف النفوس.
ولد سيدي أبا العباس المرسي بمدينة مرسية بالأندلس سنة 616هـ 1219 مـ , كان والده يعمل في التجارة مما مكنه من إرسال إبنه إلي معلم لتعلم القراّن الكريم والتفقه في أمور الدين وقد حفظ القراّن الكريم كله في سنة واحدة وتعلم بالأندلس أصول الفقه والقراءة والكتابة. وكان والده من تجار مرسية فشارك معه في تجارته , وكان المال الذي يتدفق إلي سيدي المرسي من تجارته. يذهب إلي جيوب الفقراء والمساكين وأبناء السبيل وكان يكتفي من أرباح تجارته بما يقيم أوَدَه ويحفظ حياته.
كان مستغرقا بقلبه في ذكر الله فكان شغله الشاغل أن يتقدم كل يوم خطوة في طريق الحق والحقيقة.
أشتهر أبو العباس بالصدق والأمانة والعفة والنزاهة في تجارته كان يربح مئات الاّلف. ويتصدق بمئات الاّلف. وكان قدوة لتجار عصرة في التأدب بأدب الدين الحنيف وكان قدوة للشباب في التمسك بالعروة الوثقي ورعاية حقوق الله فهو يصوم أياماً كثيرة من كل شهر. ويقوم الليل إلا أقله. ويمسك لسانه عن اللغو واللمم.
في عام 640 هـ / 1242م التزم والده الحج إلي بيت الله الحرام فصحبه معه وكذا أخيه أبي عبد الله جمال الدين وأمهما السيدة فاطمة بنت الشيخ عبد الرحمن المالقي , فركبوا البحر عن طريق الجزائر حتي إذا كانوا علي مقربة من شاطيء تونس هبت ريح عاصف أغرقت المركب بمن فيها غير أن عناية الله تعالي أدركت أبا العباس المرسي وأخاه فأنجاهما الله تعالي من الغرق فقصدا تونس وإتخذاها دارا ً لهما.
تلقَّى أبو العباس المرسى التصوف على يد شيخه. الصوفى الأشهر أبى الحسن الشاذلى الذى التقى به أبو العباس فى تونس سنة 640 هجرية. بعدما كان قد تزوَّد بعلوم عصره كالفقه والتفسير والحديث والمنطق والفلسفة. وجاء أوان دخوله فى الطريق الصوفى وتلقيه تاج العلوم.
قال الإمام المرسي : لما نزلت بتونس وكنت أتيت من مرسية بالأندلس وأنا إذ ذاك شاب سمعت بالشيخ أبا الحسن الشاذلي فقال لي رجل نمضي إليه فقلت حتي أستخير الله , فنمت تلك الليلة فرأيت كأني أصعد إلي رأس جبل فلما علوت فوقه رأيت هناك رجلا ً عليه بُرنس أخضر وهو جالس عن يمينه رجل وعن يساره رجل فنظرت إليه فقال عثرت علي خليفة الزمان قال فإنتبهت فلما كان بعد صلاة الصبح جاءتي الرجل الذي دعاني إلي زيارة الشيخ فسرت معه فلما دخلنا عليه رأيته بالصفة التي رأيته بها فوق الجبل جبل زغوان , فدهشت فقال الشيخ أبا الحسن الشاذلي : عثرت على خليفة الزمان , ما إسمك ؟ فذكرت له إسمي ونسبي فقال لي رفعت إليْ منذ عشر سنين ومن يومها وهو يلازم الشيخ أبا الحسن الشاذلي ورحل معه إلي مصر.
ورأى الشاذلي في أبو العباس المرسي فطرة طاهرة. ونفسا خيرة وإستعداداً طيباً. للإقبال علي الله. فمنحه ورده وغمره بعنايته. وأخذ في تربيته تربية تؤهله ليكون خليفته من بعده. وقال له : يا أَبَا العبَاَّسِ ؛ واللهِ ما صَحَبْتُكَ إِلاَّ لِتَكُون َ أَنْتَ أَنَا. وأَنـَـا أَنْتَ يا أَبـَا العَبَّاس ِ؛ فِيكَ مَا فِى الأَوْلِيَاء وَليْسَ فِى الأَوْليَاءِ مَا فِيك.
ومن مأثورات أبى الحسن الشاذلى التى اشتهرت بين الصوفية. عبر مئات السنين. قوله : أبُو العبَّاسِ مُنْذُ نَفذَ إِلى اللهِ لَمْ يُحْجَبْ .وَلَوْ طَلَبَ الحِجَابَ لَمْ يجـِدْهُ وأَبُو العبَّاس ِ بِطُرُقِ السَّمَاءِ. أَعْلَمُ مِنـْهُ بِطُرُقِ الأَرْضِ.
وصحَّت صحبة أبى العباس المرسى لشيخه الشاذلى. وصار من بعده إماماً للطريقة الشاذلية. وكان قبلها قد تزوج سيدي أبا العباس من كريمة الشاذلي وأنجب منها محمد وأحمد وإبنته بهجة التي تزوجت من الشيخ ياقوت العرش وكان من تلاميذ أبيها ومريديه.
في عام 642 هجرية. 1244م , رأى الشاذلي رضي الله عنه في منامه أن النبي صلى الله عليه و سلم يأمره بالإنتقال إلي الديار المصرية فخرج من تونس ومعه أبو العباس المرسي وأخوه عبد الله وخادمه أبو العزايم ماضي قاصدين الأسكندرية علي عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب.
قال الإمام المرسي رضي الله : كنت مع الشيخ أبا الحسن الشاذلي رضي الله عنه ونحن قاصدون الأسكندرية حين مجيئنا من تونس فأخذني ضيق شديد حتي ضعفت عن حمله فأتيت الشيخ أبا الحسن فلما أحس بي قال يا أحمد ؟ قلت نعم يا سيدي فقال اّدم خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته ثم نزله به إلي الأرض قبل أن يخلقه بقوله إني جاعل في الأرض خليفة ما قال في السماء أو الجنة فكان نزول اّدم عليه السلام إلى الأرض نزول كرامة لا نزول إهانة فإن اّدم عليه السلام كان يعبد الله في الجنة بالتعريف فأنزله إلى الأرض ليعبده بالتكليف. فإذا توافرت فيه العبوديتان إستحق أن يكون خليفة وأنت أيضا لك قسط من اّدم كانت بدايتك في سماء الروح في جنة التعريف. فأنزلت إلي أرض النفس تعبده بالتكليف. فإذا توفرت فيك العبوديتان أستحققت أن تكون خليفة.
قال الشيخ أبو العـباس رضي الله عنه فلما إنتهي الشيخ من هذه العبارة شرح الله صدري وأذهب عني ما أجد من الضيق والوسواس.
ويقول سيدي أبو العباس المرسي رضي الله عنه : لما قدمنا من تونس إلي الأسكندرية. نزلنا عند عمود السواري وكانت بنا فاقة وجوع شديد فبعث إلينا رجل من عدول الأسكندرية بطعام فلما قيل للشيخ عنه قال لا يأكل أحد من شيئ من الطعام فبتنا علي ما نحن فيه من الجوع. فلما كان عند الصبح صلى بنا الشيخ وقال أحضروا ذلك الطعام ففعلوا. وتقدمنا فأكلنا فقال الشيخ : رأيت في المنام قائلا يقول أحل الحلال ما لم يخطر لك ببال. ولا سألت فيه أحد من النساء والرجال.
واستقرا بحى كوم الدِّكة. أمَّا الدروس العلمية والمجالس الصوفية. فقد اختار لها الشاذلىُّ المسجدَ المعروف اليوم بجامع العطارين وكان يُعرف وقتها بالجامع الغربى وقد أقبل على هذه الدروس والمجالس. جمعٌ غفير من خواص الإسكندرية وعوامها.
ولايفوتنا الإشارة هنا. إلى أنَّ الإسكندرية كانت فى هذا العصر مدينةً متميزة ذات مكانة علمية خاصة فقد حفلت من قبل الشاذلىّ. والمرسىّ برجالٍ كبار. حطُّوا رحالهم فيها وأقاموا المدارس العلمية؛ أمثال الطرطوشى. ابن الخطاب الرازى. الحافظ أبو طاهر السَّلَفى وكان صلاح الدين الأيوبى يحرص على قضاء شهر رمضان من كل عام بالإسكندرية؛ ليسمع الحديث النبوى من الحافظ أبى طاهر السَّلَفى.
وإستمر أبو العباس مع الشاذلي يسير في ضوء تربيته وينهج طريقه لا يحيد عنه قيد الشعرة إلي أن كانت وفاة الشاذلي.
أقام الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه بالأسكندرية 43 عاما ينشر العلم و يهذب النفوس و يربي المريدين و يضرب المثل بورعه و تقواه و قد تلقي العلم علي يدي أبو العباس و صاحبه الكثير من علماء عصره كالإمام البوصيري و إبن عطاء الله السكندري و ياقوت العرش و إبن اللبان و العز بن عبد السلام و إبن أبي شامة و غيرهم و توفي رضي الله عنه في 25 من شهر ذي القعدة سنة 686هـ / 1287م و دفن معه إبنه محمد و إبنه أحمد و مسجده الذي بني علي قبره بحي رأس التين.
وقد تولَّى أبو العباس مشيخة الطريقة الشاذلية بعد وفاة أبى الحسن الشاذلى سنة 656 هجرية / 1258م وكان عمره آنذاك أربعين سنة وظلَّ يحمل لواء العلم والتصوف حتى وفاته, بعد أن قضى أربعةً وأربعين عاماً فى الإسكندرية. سطع خلالها نجم الطريقة الشاذلية فى الآفاق.
أوقات الإنسان في نظر سيدي الإمام أبو العباس المرسي:
يقسم الإمام أبو العباس المرسي رضي الله عنه أوقات الإنسان إلي أربعة هي:
النعمة , البلية , الطاعة , المعصية
- ولله عليك في كل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية.
- فمن وقت الطاعة فسبيله شهود المنة من الله عليه إذ هداه الله لها. ودفعه للقيام بها.
- و من كان وقته المعصية فسبيله الإستغفار.
- ومن كان وقته النعمة فسبيله الشكر. وهو مزج القلب بالله.
- ومن كان وقته البليلة فسبيله الرضا بالقضاء والصبر.
أعظم الذكر
ينصح الإمام أبو العباس رضي الله عنه بالذكر بإسم الله وقال لأصحابه ليكن ذكرك الله فإن هذا الإسم سلطان الأسماء و له بساط وثمرة. فبساطه العلم وثمرته النور. ثم النور ليس مقصودا لنفسه. و إنما ليقع به الكشف والعيان. وجميع أسماء الله للتخلق إلا إسمه الله فإنه للتعلق. فمثال ذلك أنك إذا ناديته يا حليم. خاطبك من إسمه الحليم. أنا الحليم فكن عبدا حليما ً. و إذا ناديته بإسمه الكريم خاطبك من إسمه الكريم. أنا الكريم فكن عبدا كريما. وكذلك سائر أسمائه. إلا إسمه الله فإنه للتعلق فحسب. إذ مضمونه الألوهية و الألوهية لا يتخلق بها أصلا.
من أقوال سيدي أبو العباس المرسي
- الأنبياء إلي أممهم عطية و نبينا سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم هدية و فرق بين العطية و الهدية لأن العطية للمحتاجين و الهدية للمحبوبين , قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إنما أنا رحمة مهداه.
- قال رضي رضي الله عنه في قول سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم" أنا سيد ولد أدم ولا فخر " : أي لا فخر بالسيادة و إنما أفتخر بالعبودية لله سبحانه وتعالي.
- الأكوان كلها عبيد مسخرة. و أنت عبد الحضرة.
- و الله ما جلست بالناس حتي هددت بالسلب وقيل لي لئن لم تجلس لسلبتك ما وهابناك.
- لي أربعون سنة ما حجبت طرفة عين عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ولو حجبت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ما عددت نفسي من جملة المسلمين.
- الطي علي قسمين طي أصغر وطي أكبر. فالطي الأصغر لعامة هذه الطائفة. أن تطوي لهم الأرض من مشرقها إلي مغربها في نفس واحد والطي الأكبر طي أوصاف النفوس.
تعليقات
إرسال تعليق