إبراهيم اليعقوبي

إبراهيم بن إسماعيل بن محمد الحسن اليعقوبي الحسني, جزائري الأصل هاجر جدّه محمد الحسن إلى دمشق مع بعض المشايخ سنة 1263هـ. وُلِدَ رحمه الله بدمشق ليلة الأضحى سنة 1343 هـ - 1925م. وقد أخذ العلم عن مشايخ كثيرين: منهم (وقد كان أولهم) والده الشيخ إسماعيل: فقد لقنه وهو صغير مبادىء العقيدة والقرآن الكريم، والشيخ مصطفى الجزائري الذي لقنه مبادىء العلوم، والشيخ محمد علي الحجازي الذي حفظ عليه أكثر القرآن الكريم، والشيخ محمد الهاشمي الذي أجازه بخطه إجازة عامّة، والشيخ محمد المكّي الكتّاني الذي روى من طريقه الأحاديث المسلسلة كحديث الرحمة والمشابكة والمصافحة وحديث معاذ بن جبل: "والله إني لأحبك"، وأجازه بخطه مرتين. 

كما قرأ على الشيخ محمد صالح الفرفور (مؤسس معهد الفتح الإسلامي) قرأ عليه علوماً كثيرة مثل: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، وجواهر البلاغة، وعلىالشيخ عبد الوهاب الحافظ الشهير بدبس وزيت، ولقد أجازه شفهياً مرات، وتوفي الأخير رحمه الله قبل أن يجيز الشيخ كتابياً، وكان الشيخ عبد الوهاب يقول: (إذا أردتم أن تسألوا عن حكم في المذهب الحنفي ولم تجدوني فاسألوا الشيخ ابراهيم اليعقوبي في محراب المالكية بالجامع الأموي)، وعلى الشيخ محمد أبي اليسر عابدين قرأ بعض رسائل ابن عابدين وقال: (إن خليفتي في الفقه والأصول الشيخ إبراهيم اليعقوبي).

حفظ متوناً كثيرة زاد مجموعها على خمسة وعشرين ألف بيت منها: الألفية لابن مالك الجوهرة الوحيدة في التوحيد، البيقونية في المصطلح، الرحبية في الفرائض. وكان قد بدأ بالتدريس دون العشرين في جامع سنان باشا، ودرّس في معهد الفتح الإسلامي وغيره. حجّ الفرض مرة واحدة سنة 1392هـ عن طريق البر، ولم يحج سواها. وقد ترك عدداً كثيراً من الكتب والمؤلفات منها: (النور الفائض في علم الميراث والفرائض)، و(منظومة في آداب البحث والمناظرة). كما حقق مجموعة من المخطوطات منها: (الحِكَم العطائية)، (هدية ابن العماد في أحكام الصلاة)، (الأنوار في شمائل النبي المختار)، (قواعد التصوف للشيخ أحمد زرّوق).

كان رحمه الله يجذب الناس إليه ويؤلّفهم نحوه، عليه تواضع العلماء وسَمْتهم، ليّن الحديث، ولا يميز نفسه عن الآخرين، يقبل عليهم بكلّيّته إذا زاروه ويمتّعهم بأحاديثه العذبة، ولا يملّ منهم، ولا يتململ من أسئلتهم التي يجيب عليها بوضوح وتفصيل جواب العالم المتقن الشافي. ومع هذا فهو يحبّ العزلة ويميل إليها، ويقول: (لولا العلم وطلب العلم، لما قابلت من الناس أحداً). أحبّ الأوقات إليه ساعتان، ساعة درس يتلذّذ فيها بالعلم، وساعة نجوى يقضيها بذكر الله تعالى. كان شيوخه الذين درس عليهم يجلّونه ويحترمونه ويحبونه ويسألونه رأيه في بعض المعضلات التي تشكُل عليهم.

كان صاحب الترجمة مصاباً بضيق الصّمّام التاجي نتيجة الإرهاق والتعب. ولما زاد مرضه بقي في داره متفرّغاً للتأليف والإفتاء. وقبل وفاته بأيام ازداد مرضه فنُقِلَ إلى المستشفى وتوفي ليلة الجمعة في 26 ربيع الأول عام 1406هـ - 1985م، في المستشفى حيث غسّله أبناؤه وصلى عليه ولده الأكبر محمّد أبو الهدى في الجامع الأموي، وشُيِّع في جنازة حافلة إلى مقبرة باب الصغير.

تعليقات