عبد الرحمن (شارل) طبي (1860 - 1923), فرنسي صاحب مكتبة بوهران, أسلم وانخرط في الطريقة العلوية سنة 1913. صاحب الأسئلة العشرة التي وجهها للشيخ أحمد العلاوي واشترط في تحري إجابتها منهجية معينة طالبا إياه الإجابة عنها بغاية الوضوح لتكون أداة لتبليغ رسالة الإسلام للغرب، وتعهد بأن يتولى هو ترجمتها للفرنسية. ولكن توفت المنية بعبد الرحمن طبي ويبدو أن الشيخ العلاوي لم يجد من يملئ الفراغ الذي خلفه وفاة عبد الرحمن طبي الذي عوَّل كثيرا عليه ولم يجد بين أتباعه الأوربيين من يقوم مقامه, فتوقف إنجاز مشروع كتاب الأجوبة العشرة عند الإجابة على السؤال الرابع إثر وفاة عبد الرحمن طبي، وظل مشروعا طموحا لم يكتب له أن يرى النور، فلم ينشر منه إلا مقدماته ضمن كتاب الروضة السنية، أما الأجوبة الأربعة فقد نشرت مقاطع منها في جريدة "البلاغ الجزائي" ضمن مقالات حول الإصلاح الاجتماعي.
جاء في جريدة النجاح لعام 1923م: أسلم على يد الشيخ العلاوي أخيرا فرنساوي يسمى السيد "طبي", كان صحافيا بوهران وفيلسوفا كبيرا, وتسمى بعد الإسلام بعبد الرحمن, وقد مات أخيرا وشيعت جنازته في مشهد عظيم وصلى على جنازته الشيخ بن عليوة ودفن بمقبرة المسلمين, والقى خطبة على نعشه حضرة الأديب السيد عدة بن تونس, كان لها وقع عظيم في نفوس الحاضرين, وعلقت على إسلامه جرائد الإفرنج ما علقت, وأحسن ما قالت إحدى الصحف هذه الجملة: إن السيد "طبي" وضع على رأسه العمامة عندما تجد المسلم يضع على رأسه البرنيطة بافتخار".
وجاء في التعليق في كتاب الشهائد والفتاوي: إن من أسلم على يده ليس المشار إليه بانفراده وإنما خصص بالذكر بمكانته بين أفراد جنسه, وقد أسلم أيضا على يد البعض من أتباعه الكثير, وقد كنت وقفت على رسالة جاءت من فرنسا يقول فيها مريد له أنه أسلم على يدنا نفسا بين ذكور وإناث.
وقد كانت جريدة "التقدم الجزائري" بسطت القول فيما يتعلق بجنازته في عددها العاشر (10) تحت عنوان "صحافي فرنساوي مات مسلما" قالت ما نصه: جاءتنا من مدينة وهران الرسالة التي تلي: كان هذا الرجل المسمى في أصله الفرنساوي السيد "طبي" وتسمى بعد إسلامه بالسيد "عبد الرحمن" فهو أعظم فيلسوف يعتبر ببلد وهران, ومما عرف به حب الخير لعموم البشر, وقد زادت رقته على الضعفاء وملاطفته لهم وبالأخص على المسلمين, فقد كان يقتحم الصعوبات من أجلهم لما يراهم فيه من النكبات, لا لغرض دنيوي, وقد أداه اجتهاده في الأيام الأخيرة إلى أن يترك الأفكار السياسية ويشتغل بما يعود عليه بالصلاح في نفسه, وبعدما جال في العلوم الرياضية وكذا الأخلاقية لم يوفق إلى ضالته المنشودة إلى أن اجتمع بالأستاذ العارف بربه الشيخ السيد أحمد العلاوي المستغانمي, فقضى معه أوقاتا في نكت هي أحرى بالبحث عنها, فاستفاد من ذلك بغيته, وهكذا كان يلهج بذكر هذا الرجل ويقول "لو كان في الوجود من مثله جماعة لارتفع الخلاف من جهة المعتقدات الدينية" ولا دليل أقوى على ميله واعترافه من اعتناقه الإسلام على يد الشيخ المذكور وباختصار أنه دام على صحبته والعمل بإشارته إلى أن انقضى أجله وختمت أنفاسه على كلمة التوحيد, فشيعت جنازته في محفل يهتف أهله بالأذكار تتقدمهم الطائفة العلاوية على هيئة نظامية تروق للناظرين, ولا عجبا إن قلنا هي الجنازة الوحيدة التي مرت بتلك الصفة في مدينة وهران هيبة واحتراما, وقد اعتنى بذلك البعض من أعضاء المجلس البلدي إلى أن وضعت الجنازة في مقبرة المسلمين حسب وصيته, ثم تقدم للصلاة عليه السيد أحمد العلاوي المستغانمي ومن ورائه صفوف المصلين الذين غصت بهم قاعه المقبرة, وبعد الدعاء والتأمين ألقى حضرة الأديب السيد عدة بن تونس خطابا بليغا, ثم وري الفقيد التراب, رحمه الله رحمة واسعة, وهران في 5 ربيع الأنور سنة 1342هـ, الثلاثاء 16 أكتوبر 1923م.
وقد كانت جريدة "التقدم الجزائري" بسطت القول فيما يتعلق بجنازته في عددها العاشر (10) تحت عنوان "صحافي فرنساوي مات مسلما" قالت ما نصه: جاءتنا من مدينة وهران الرسالة التي تلي: كان هذا الرجل المسمى في أصله الفرنساوي السيد "طبي" وتسمى بعد إسلامه بالسيد "عبد الرحمن" فهو أعظم فيلسوف يعتبر ببلد وهران, ومما عرف به حب الخير لعموم البشر, وقد زادت رقته على الضعفاء وملاطفته لهم وبالأخص على المسلمين, فقد كان يقتحم الصعوبات من أجلهم لما يراهم فيه من النكبات, لا لغرض دنيوي, وقد أداه اجتهاده في الأيام الأخيرة إلى أن يترك الأفكار السياسية ويشتغل بما يعود عليه بالصلاح في نفسه, وبعدما جال في العلوم الرياضية وكذا الأخلاقية لم يوفق إلى ضالته المنشودة إلى أن اجتمع بالأستاذ العارف بربه الشيخ السيد أحمد العلاوي المستغانمي, فقضى معه أوقاتا في نكت هي أحرى بالبحث عنها, فاستفاد من ذلك بغيته, وهكذا كان يلهج بذكر هذا الرجل ويقول "لو كان في الوجود من مثله جماعة لارتفع الخلاف من جهة المعتقدات الدينية" ولا دليل أقوى على ميله واعترافه من اعتناقه الإسلام على يد الشيخ المذكور وباختصار أنه دام على صحبته والعمل بإشارته إلى أن انقضى أجله وختمت أنفاسه على كلمة التوحيد, فشيعت جنازته في محفل يهتف أهله بالأذكار تتقدمهم الطائفة العلاوية على هيئة نظامية تروق للناظرين, ولا عجبا إن قلنا هي الجنازة الوحيدة التي مرت بتلك الصفة في مدينة وهران هيبة واحتراما, وقد اعتنى بذلك البعض من أعضاء المجلس البلدي إلى أن وضعت الجنازة في مقبرة المسلمين حسب وصيته, ثم تقدم للصلاة عليه السيد أحمد العلاوي المستغانمي ومن ورائه صفوف المصلين الذين غصت بهم قاعه المقبرة, وبعد الدعاء والتأمين ألقى حضرة الأديب السيد عدة بن تونس خطابا بليغا, ثم وري الفقيد التراب, رحمه الله رحمة واسعة, وهران في 5 ربيع الأنور سنة 1342هـ, الثلاثاء 16 أكتوبر 1923م.
وهذا نص الخطاب الذي ألقاه عدة بن تونس ونقلته جريدة "التقدم الجزائري" فيما بعد وأدرجته في عددها الحادي عشر (11) تحت عنوان "خطبة السيد عدة بن تونس على جثة المرحوم عبد الرحمن طبي"...
الحمد لله الذي أنزل في كتابه المصان ذلك الكتاب المسمى بالقرآن, "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ" آل عمران:64, والصلاة والسلام على من جاء بالتوحيد الحق والتسوية بين أفراد الخلق, القائل "لا فضلا لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بتقوى الله" وعلى آله وأصحابه ومن سار على سيره وحذا حذوه, أما بعد... فيا أيها الحاضرون لهذا المحفل الجليل نستسمحكم بإلقاء كلمة وجيزة في شأن هذا الرجل الملقى على نعشه من بينكم المدعو سيدي عبد الرحمن طبي غفر الله له وللمؤمنين, كان والله صادق العزائم, محب للخير وأهله, عاش حينا من الدهر يسعى فيما كان يظهر له أنه الحق, وكل يؤجر حسب نيته, وفي الأخير توفق لأن يبحث عن النكت الهامة من القرآن عسى أن يطبقها على ما كان يعرفه من الإنجيل المعظم إنجيل عيسى عليه السلام لكي يطرق الحق من بابه, فاجتمع بأناس كثيرين في هذا الغرض وراجع مؤلفات متفرقة, فلم يتوفق حسب ما أخبر به حتى اجتمع بالأستاذ العارف الشيخ أحمد العلاوي المستغانمي أطال الله بقائه منذ عشر سنين, فألقى عليه ما أهمه وما كان يختلج بضميره من وجوب تطبيق الكتب على بعضها مهما كانت من عند الله, فحصل له ببركة ذلك الأستاذ ما كان يأمله, وتمكن منه أن يقول إن القرآن حق وأنه جاء ليعضد بقية الكتب السماوية وإنه صالح لأن يعمل به العالم أجمع, ثم أوجب على نفسه العمل به بعدما طلب من الأستاذ أن يديم الصحبة معه, فقبل ذلك منه غير أنه اشترط عليه أن لا يتداخل في السياسة لأن الرجل كان مستغرقا فيما ذكر, وكفى أنه كان صحافيا بما أن مذهب الشيخ العلاوي ينافي الأغراض السياسية, فتقبل منه ذلك بقبول حسن واشتغل بعد ذلك بتصفية باطنه على مصطلح الحكماء, وكل ذلك لم يمنعه عن السعي في جلب النفع لأمته, أعني الفرنساوية, فألقى أسئلة عشرة على الأستاذ المذكور, أعني الشيخ سيدي أحمد العلاوي, كتابة وطلب منه أن يجيبه كتابة ليترجمها إلى اللسان الفرنساوي, ومن سوء الحظ لم يتم ذلك ولا طالت حياة السائل, هذا ما عرفناه من سيرته على سبيل الاختصار, فلندعو الله له بالمغفرة والقبول وأشكر كل من حضر جنازته وشيع نعشه وبالأخص من حضر من الخارج..." إلى أخره ما ذكره من أسماء بعض الأعيان وختم بقوله "وفي الخاتمة أسأل الله أن يرشدنا والحاضرين وأن يوفقنا لما فيه صلاح الدارين" اهـ.
تعليقات
إرسال تعليق