الشاهد السادس والعشرين من القسم الثالث في سرد جملة من شهادات أعيان الطريقة العلاوية وفقهائها في كتاب الشهائد والفتاوي. (3-26)
إن الحديث عن الشيخ سيدي عدة بن تونس, ومآثره ليس بالمهمة السهلة فوفاءه وملازمته وانقياده بروحه لأستاذه الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي حتى آخر رمق شكلت منه شخصية مصقولة كالبلور الخالص المتعدد الأوجه تتلألأ كل صفيحة من صفائحه بضياء منفرد أخاذ. لقد رسم في ذاكرة الذين عرفوه أو التقوا به ذكرى راسخة لا تتبدل, إنه شخصية عاشت مغمورة في الحضرة الربانية نادى ودعا دون ملل إلى النهضة وإلى الأخوة الواجب تحقيقها إنسانيا, وعبر شهادات الذين عرفوه وصلت بعضها إلى درجة التناقض نلمس الطابع الخاص لشخصية هذا الرجل الذي رسم مصيره منذ كان في الثامنة من عمره عند لقائه الأول بأستاذه الشيخ العلاوي الذي كان في تلك الفترة مقدما للشيخ سيدي محمد بن الحبيب البوزيدي.
جون بياس الذي كان يبلغ من العمر حينها 19 سنة وتشرف بملاقاة الشيخ سنة 1952 بزاوية مستغانم يقول:
"إن المستقبل قد دل على أن هذا الرجل شرف شبابه كما أن شيخوخته شرفت طفولته حتى صار الشيخ عدة وليا صالحا, أسس منهاجه وسط الأنس الرباني, ولا يزال إلى الآن حاضرا في نفسي كما هو تماما, على رأسه عمامة مرتديا جلابة عريضة بيضاء والتي ستكون يوما كفنه وفي عنقه سبحة ذات تسعة وتسعين حبة إشارة إلى أسماء الله الحسنى وتمام المائة يبقى اسما خفيا لا ينطق, والأسماء صفات دالة على الكمالات والأفعال الربانية المتجلية في الكون المشيرة للذات الإلهية. كان يعبق منه شذا التواضع والمحبة والصبر والحلم والبساطة".
كان في صغره كباقي أطفال حي تجديت الحي العربي بمستغانم حيث ولد يذهب إلى الزاوية من أجل تعلم القرآن إذ كانت المؤسسة الوحيدة للتعليم الديني ومند الصبا أحس التلميذ نفسه منجذبا نحو جو الزاوية ومنبهرا لنجابة المريدين وشيئا فشيئا انخرط في تلك الطريقة مع أخيه الأكبر منور بن تونس وأصبحا مريدين مثابرين على حضور الدروس التي كانت تلقى من طرف الكبار بالزاوية كالقرآن والشريعة واللغة العربية وكذلك دروس السماع ,ومن ثم رسمت له طريقه وانصب منكبا روحا وجسدا على العلم الظاهري والباطني الذي كان يتلقاه من شيخه وأبيه الروحي أحمد بن مصطفى العلاوي".
كان في صغره كباقي أطفال حي تجديت الحي العربي بمستغانم حيث ولد يذهب إلى الزاوية من أجل تعلم القرآن إذ كانت المؤسسة الوحيدة للتعليم الديني ومند الصبا أحس التلميذ نفسه منجذبا نحو جو الزاوية ومنبهرا لنجابة المريدين وشيئا فشيئا انخرط في تلك الطريقة مع أخيه الأكبر منور بن تونس وأصبحا مريدين مثابرين على حضور الدروس التي كانت تلقى من طرف الكبار بالزاوية كالقرآن والشريعة واللغة العربية وكذلك دروس السماع ,ومن ثم رسمت له طريقه وانصب منكبا روحا وجسدا على العلم الظاهري والباطني الذي كان يتلقاه من شيخه وأبيه الروحي أحمد بن مصطفى العلاوي".
وعندما بلغ الثامنة عشر تم استدعاؤه مثل كافة الشباب الجزائري في سنه إلى الخدمة العسكرية وتم توجيهه نوح الفيلق الثاني والسادس للرماة الجزائريين وانتهت تعبئته سنة 1921 برتبة رقيب وبالطبع عاد بعدها إلى الزاوية إلا أن رجوعه إلى صحبة شيخه لم يرق والدته, ولما شعرت باليأس من جهة عدم رجوعه إليها دعته مرة وطلبت منه الابتعاد عن شيخه حتى يكون لنفسه أسرة, وقد أورد جون بياس هذا الحوار بينه وبين أمه
- الأم "دعك من الشيخ العلاوي وخذ هذه الحلي فهي لك وكون بها أسرة"
- الإبن "وأنا بدوري أمنحها لك ودعيني مع شيخي"
- الأم "دعك من الشيخ العلاوي وخذ هذه الحلي فهي لك وكون بها أسرة"
- الإبن "وأنا بدوري أمنحها لك ودعيني مع شيخي"
في سنة 1922 سافر بإذن من شيخه إلى جامع الزيتونة بتونس وكان عمره حينذاك أربعة وعشرين سنة فمكث هناك عامين, درس فيها علوم اللغة العربية والشريعة بعد هذا المقام القصير خارج الجزائر عاد إلى جانب شيخه من أجل التفرغ لخدمة الطريق, ولما لاحظ الشيخ العلاوي أهليته للتربية الروحية قربه منه قربا حميميا واسند إليه عدة مهام وخصوصا تمثيله في مختلف المناسبات, وبعد سنة تقريبا زوجه من ابنة أخته خيرة بن عليوة التي كفلها منذ صغرها ورباها كابنته بعد وفاة والديها.
لما أحس الشيخ العلاوي بقرب المنية كفل الشيخ سيدي عدة كفالة شرعية بحيث جعله بمنزلة الإبن ومن ثم سلم له مقاليد التسيير المطلق, فجعله المتصرف الوحيد, كما نص على ذلك عقد الوصية مرجع kk 838 رقم 594 من فهرس محكمة مستغانم الفصل الرابع "إن الحبس بجميع أنواعه يكون تحت تصرف المنزل منزلة الإبن, حضرة السيد بن تونس عدة ولد بن عودة الساكن بمستغانم يجرى فيه على حسب المنصوص عليه بدون ما يتعرض له أي أحد إلا إذا خرج عن مراد المحبس بحبسه خروجا فاحشا وهكذا يبقى جميع ما تقدم ذكره تحت يده ما دام في قيد الحياة وبعد وفاته ينتقل إلى الصالح من أبنائه وإذا لم يوجد من النسل المستعد لذلك فينقل لمن صلحت سيرته وتحققت نجابته من الاتباع".
بهذا خلف شيخه الجليل الذي توفي في 14 جويلية 1934 مخلدا عمله بمواصلة تربية النهضة الروحية المنوطة بالزاوية الأم بمستغانم وبمختلف الزوايا العلاوية بالجزائر والمغرب وفلسطين وسوريا والأردن ومصر والحجاز وغيرها.
وكان يستقبل بالزاوية زوارا من مختلف الجهات عبر العالم مسلمين و غيرهم فكانوا يلقون منه استقبالا حيا حارا كما تبينه هذه الشهادة "لكاترين دولورم" التي زارت الشيخ بمناسبة الاحتفال السنوي للطريقة العلاوية: "كان الشيخ عدة بن تونس يقف أمام الباب لاستقبال الزوار الوافدين من كل نواحي المغرب والجزائر وكان يبدو وكأنه ينتظر وصولي, واستقبلني كأحد أفراد عائلته الروحية وكنت مندهشة أمام مظاهر التقدير والاستقبال الذي خصني به فوجدت نفسي مرتبكة ومطمئنة في نفس الوقت كما أنني كنت قلقة إذ جئت والحفلة في أوجها فإذا بي أمام هذا العدد الهائل من الفقراء.
كنت أسمع ما يقول لي ولكن لم أكن أعي إلا القليل, لأن وجهه أخذ كل انتباهي, فاكتشفت فيه كتابا مفتوحا, وكنز فضيلة ومحبة وصبر وصدق, وكان باحتشامه يضفي على شخصيته وداعة أكثر تأثير و جاذبية من الإعجاب بالنفس".
كانت هيبته وبساطته وإنسانيته معروفة لدى كل سكان المدينة الذين كانوا يحبونه ويحترمونه.
أما بمناسبة الاحتفالات التي كانت تقام بمستغانم فإن الجو كان ملونا بجمال الأناشيد الصوفية المثيرة مما يضفي على المدينة لبرهة من الزمن طابعا خاصا, فتصبح ملتقى عالميا لرجال ونساء عطشى للحب الرباني, و شهادات ناطقة على الأخوة الإنسانية.
كتب مراسل جريدة "صدى وهران" في سبتمبر 1950 واصفا إحدى هذه اللقاءات قائلا
"تعرف مدينتنا منذ أيام توافدا غير معتاد بحيث نلتقي يوميا مسلمين يتكلمون لهجات مختلفة عن لهجة المنطقة, واتضح أنهم قادمون من مليلية و وجدة و تلمسان, مقصدهم الزاوية العلاوية التي يعد اتباعها بالآلاف عبر كامل إفريقيا, لحضور مؤتمرها السنوي".
و يضيف الصحفي قائلا صرح "ملموان" رئيس البلدية ومندوب الجمعية الجزائرية بأنه معجب ببساطة الشيخ الحاج عدة الذي نشعر بصدق أقواله ويضيف مخاطبا الشيخ "إن تطبيق مبادئكم التي تلقنونها اتباعكم كفيلة بان تدخل السعادة إلى قلوبنا ومطامحنا المشروعة". وهكذا كان الحال في كل سنة يتوافد الزوار وأعيان المدينة دون تمييز بين عرق أو دين للتعبير عن مودتهم للشيخ.
ومن جهة أخرى كان بعض ممثلي الإدارة الاستعمارية يرون في هذه التظاهرات الروحية وسيلة للمراوغة الغاية منها إيقاظ الجماهير وتجنيدها لصالح الحركة الوطنية.
ومن ذلك ما جاء على لسان الجنرال بج اندري من أكاديمية العلوم الاستعمارية متأثرا بالجو السائد في تلك الفترة فوصف الشيخ سيدي عدة بأنه شخصية مشكوك فيها ويقول "يبدو أن روح الطريقة العلاوية قد تغيرت بعد موت مؤسسها فقد خلفه فيها عدة بن تونس المنزل منزلة الابن والذي لم يبق له من النفوذ إلا مجرد اعتقادات دون قدرته على مواصلة العمل الروحي الذي كان لشيخه بن عليوة وعلى ما يبدو تقترب فكرته من فكرة جمعية العلماء المسلمين حركة إصلاحية دينية ظهرت في الجزائر وفي معظم البلاد الإسلامية مع بداية القرن العشرين من تأسيس المدارس و إصدار الجرائد باللغة العربية و التأثير على الجماهير المسلمة من اجل إيقاظها و بث الروح الوطنية فيها و الجنوح إلى الشدة إذا لزم الأمر".
أبلغ من هذا صدور تقرير مجهول عن مصالح المخابرات الاستعمارية يصف الشيخ بأنه شخصية خطيرة يقول التقرير: "بالرغم من وسائله الضعيفة وقلة تأثيره فإنه يتوفر على نفسية ماكرة ومغرورة ومخادعة فهو شخص يريد أن يلعب دورا ما باستطاعته أن يضر كثيرا طبعا ليس بين طبقة المثقفين لكون معرفته الأدبية ضئيلة ولكن بين لفيف الجماهير البسيطة و الساذجة والأمية, بحيث يمكن أن يؤثر فيها ليوقظها ويحرضها بإرشاداته وبواسطة المراكز التي أنشأها والتي سينشئها متى وجد الوسط الملائم ذلك أن روح الشيخ عدة بن تونس وبغير جدال روح وطنية".
وفي نفس السجل معلومة أخرى عن مركز الإعلام والدراسات للحكومة العامة بالجزائر مؤرخة في 05 جانفي 1948 تنص"أنه في شهر مارس 1937 بعث رئيس دائرة مستغانم إلى حاكم عمالة وهران ترجمة لقصيدة ألفها الشيخ عدة بن تونس وكتب في التقرير المرفق ما نصه "إن هذه القصيدة تنحو نفـس المنحى الذي أبداه عـبد الحميد بن باديس في بدايته كضرورة تعليم المسلمين وإتباع الدين بصفة صارمة وحثهم على الاتحاد ثم أضاف رئيس العمالة بالنيابة وهو يتحدث عن الشيخ سيدي عدة يجب أن تراقب تحركاته عن قرب حتى لا يؤثر في الأهالي".
وعلى النقيض من ذلك فإن العقيد شوان رئيس مصالح اتصالات شمال إفريقيا لدى الحكومة العامة بالجزائر, لا يشارك رئيس العمالة هذا الرأي إذ كتب في تقرير له ما نصه: "إن المسيرين العلاويين لم ينخرطوا في أي حزب سياسي, ولم يشاركوا في أي انتخابات, بل لم يشاركوا حتى في الملتقيات الطرقية سواء قبل أو بعد الحرب. كما لم ينضموا إلى جمعية مشايخ زوايا الجزائر, و لا إلى زعماء زوايا إفريقيا التي كان يرأسها الشيخ الكتاني من فاس, ولا إلى رؤساء زوايا المغرب الشرقي التي تأسست سنة 1953 برئاسة الشيخ لعرج القنادسي ذلك الذي قاد حملة ضد حزب الاستقلالكما لم يطلب المسيرون العلاويون أي امتيازات أو علاوات أو رواتب, ولم يشارك أي منهم في الحملات التي كانت تنظم ضد جلالة الملك محمد الخامس من طرف الجلاوي والشيخ الكتاني, ولم يؤكد أي واحد منهم حضوره في المؤتمر الطرقي الذي انعقد بفاس سنة 1953. إذن يتعلق الأمر بطريقة غير رجعية يحركها وازع ديني صادق, بعيدة عن أمور هذا العالم الدنيئة, وبعيدة عن كل إثارة أو اضطراب, متميزة بذلك عن كثير من الطرق بل ولا تقيم معها في الغالب أي علاقة".
وبالعكس من ذلك فإن الأسبان الذين كانوا يحتلون شمال المغرب أين كانت الطريقة العلاوية واسعة الانتشار يرون أن الشيخ الحاج عدة عميلا للدعاية الفرنسية ضد المصالح الفرانكية ففي تعليمة صادرة عن القنصلية الفرنسية بمليلية موجهة بتاريخ 18 أوت 1945 إلى السفارة الفرنسية بالرباط تنص على ما يلي: "يشرفني أن أعلم معاليكم بأن السلطات الإسبانية للحماية تبدو قلقة من نشاط وتقدم الحركة العلاوية التي ترى فيها أداة للدعاية الفرنسية". وبالفعل فإن تقريرا مؤرخا بالفاتح من هذا الشهر يوضح فيه ممثل الأهالي للجنرال فاريلا من أن الاجتماعات المنعقدة في 28 - 29 جويلية المنصرم بسيدي طلحة من طرف الطريقة العلاوية كانت اجتماعات ّذات أهمية ركزت على الأتباع من أهل الناحية وقد تلقى إثرها رؤساءهم إنضمامات جديدة. ويشير الممثل بعد ذلك: "أن مقر هذه الجمعية بمستغانم وأن أصلها فرنسي وما هي إلا سلاح سياسي توجهه فرنسا ضد الحماية الإسبانية".
وحسب نفس التقرير دائما فإن شخصية مسلمة شبهت "توسع الطريقة العلاوية بالمنطقة الإسبانية بتوسع الشيوعية في العالم" مما حدا بالسلطات الإسبانية منع الشيخ من دخول المنطقة التي كانت تحتلها بشمال المغرب لدى سفره بعد الحرب العالمية الثانية لزيارة اتباعه هناك.
في إنجلترا كانت الجالية اليمنية المنطوية تحت لواء الطريقة العلاوية جالية مشبوها فيها بالنسبة للسلطات الفرنسية التي كانت ترى أنها تخدم مصالح أجنبية لاسيما المصالح الإنجليزية والمصرية. وقد استند صالح خليفة على تقرير اتصالات شمال إفريقية ينص على أنه حوالي 1946 اتصل ثلاثة عسكريين إنجليز بالشيخ الحاج عدة واعدين إياه بمساعدة مالية مهمة إذا أخذ بعين الاعتبار مصالح السياسة الإنكليزية إلا أن الشيخ رفض هذا العرض.
لدى وفاة الشيخ العلاوي كان للطريقة العلاوية نفوذ واسع باليمن وإنجلترا تحت تصرف مقدم كان يعيش بكرديف انشق بعد ذلك عن الطريقة. إنه عبد الله الحكيمي الذي كان مواليا للإنجليز والمشتبه فيه من أن له علاقة بمقتل الإمام يحي ملك اليمن ولما لم تعد للشيخ سيدي عدة ثقة بهذا المنشق عين مكانه الحاج حسن إسماعيل ومحمد علي عوضي المرادي. وفي مقال صدر بالجريدة الإسلامية في شهر أوت 1952 ذكر هذه الجالية المسلمة قائلا: "يوجد بإنجلترا جالية هامة من مسلمي اليمن ينتمون إلى الطريقة العلاوية التي أسسها الشيخ بن عليوة بالجزائر وقد أقامت هذه الجمعية مؤخرا احتفالها السنوي أيام 9 - 10 - 11 ماي بكرديف تحت إشراف رئيس إدارتها الشيخ حسن إسماعيل وبمساعدة السيد ناصر يحي المقتصد والسيد علي باشا مستشار الجمعية. وخلال الاحتفال الذي دام ثلاثة أيام كان هؤلاء الأتباع يطوفون شوارع الحي المسلم بالذكر والتهليل, الشيء الذي ترك أثرا بليغا في المدينة. وكان في هذا الاحتفال حضورا بليغا لمسلمي المناطق المجاورة والبعيدة قدموا عبر حافلات مليئة من بيرمينغام ومن مدن مهمة أخرى وكان ضمن المدعويين مستشارو المجلس الإسلامي من بينهم السيد إسماعيل من يورك صاحب المجلة الإسلامية والنائب بالمجلس والعقيد عبد الله بانس هويت وهو مسلم إنجليزي معروف جدا".
إن حجم هذه الجالية وحركتها كانت من الأهمية بمكان ويتجلى ذلك في الطلب الذي قدمته إلى جامع الأزهر بمصر بغية إرسال بعثة دينية لتقوم بوظيفة التعليم وقد نشرت جريدة المصري فحوى هذا الطلب في إحدى أعدادها الصادر في 11 مارس 1952: "إن مشيخة الأزهر تدرس ببالغ الاهتمام الطلب الوارد عليها من الجالية المسلمة بكرديف لإرسال أستاذ في الشريعة من أجل نشر مبادئ اللغة العربية وثقافتها إذ تضم هذه المنطقة الإنكليزية جالية مسلمة هامة جدا".
أثار هذا الطلب قلقا لدى الحاكم العام بالجزائر أ. نايجلن بحيث طلب من سفير فرنسا بالقاهرة ج. أرفنقاس أن يطلعه على حيثيات هذا الموضوع فأجابه برسالة مؤرخة في 28 مايو 1949 هذا بعض ما فيها: "لقد طلبتم منا في رسالة لكم تحت رقم 853 مؤرخة في 13 أبريل معلومات عن العلاويين, حسب معلوماتي فإن الطريقة العلاوية ليس لها أي عضو هنا باستثناء الشيخ الهلالي بن محمد عميمور من العلماء الجزائريين وهو معروف جيدا لدى حكومتكم العامة". إذن إرسال أستاذ مصري إلى كارديف لا يعبر بتاتا عن إرادة مصر في بسط نفوذها على هذه الجالية الدينية, علما أن هذه الطرق ليس لها نفس التأثير في مصر كما هو الحال في شمال إفريقيا, زيادة أن هذه التدابير لا تعكس إلا رغبة مصر في امتداد ثقافتها عن طريق إرسال بعثات علمية كما فعلت ذلك منذ حوالي سنة إلى مختلف الدول الإسلامية".
هذه بعض الأحداث التاريخية التي كانت تصنع الجو المشوب بالشبهات والضغوطات التي أحاطت باستمرار حول الشيخ الحاج عدة. غير أن تلك الضغوطات والمرض السكري الذي أصابه طيلة حياته مهددا صحة هذا الأستاذ الروحي لم ينالا من همته ولم يؤثرا في صفائه ولا في عزيمته القوية لنشر رسالة التسامح والأخوة والمحبة التي كان يحملها في باطنه.
والدليل على ذلك مما ذكرته جريدة المنار التونسية في عددها الصادر بتاريخ 26 ديسمبر 1952 بقلم كاتبها محمد قداس مندوب المؤتمر الروحي العالمي إذ كتب يقول: "عرفت الطريقة العلاوية منذ 1934 انطلاقة جديدة بفضل تفاني الشيخ سيدي عدة بن تونس وبذله من الجهد بغير حساب من أجل تعليم مريديه وتوجيههم لما فيه صلاحهم دينا ودنيا وحثهم على التعلق بالأخوة الإنسانية والسمو الروحي وبإجماع كل الذين عرفوه هنا بالجزائر سواء مريديه أو غيرهم يعترفون بفضائل هذا الشيخ ونبله. كما تجدر الإشارة إلى أنه يتمتع بمكانة خاصة ومودة حارة وتقدير لا مثيل له في الأوساط المسيحية بحيث يستقبل زواره من غير المسلمين بلطف وكرم دون المساس بقناعتهم مذكرا في كل لقاء بهم أن جوهر الدين هو أحسن قاعدة للأخوة المتينة والدائمة. على أي فإن شهرة الشيخ عدة بن تونس قد جاوزت حدود إفريقيا والمشرق العربي مما جعل كثيرا من الشخصيات عبر أوروبا و أمريكا تعتنق الإسلام بفضل اتصالهم به". و يعلق الصحافي قائلا: "ما هي وجهة نظركم في هذا ؟" فيجيبه الشيخ قائلا: " فكرتنا هي أن تعود الإنسانية قاطبة إلى الأخوة والسلام عن طريق ثقافة مكارم الأخلاق وكذلك بواسطة حمل التعاليم الدينية بهمة عالية إلى أن نبلغ حقيقة الأخوة الكامنة في قلوبنا ككمون الزبد في اللبن ولو أن الإنسانية استعادت ولو قليلا تلك الأخوة لشملها سلام الله ولزال كل اختلاف تاركا مكانه المحبة والأخوة وتزول حينئذ كل الأحقاد والنزعات ويعيشون في سعادة لا يكدر أخوتهم أي شيء ؛ هذه فكرتنا".
في أطروحة دكتوراه دولة تقدم بها المؤرخ صالح خليفة كما تقدم سابقا تحت عنوان "العلاويون و المدنيون" بين فيها جملة من مشاكل الميراث الذي تلقاه الشيخ سيدي عدة بعد وفاة الشيخ العلاوي خصوصا من بعض كبار المقاديم, "غير أن مؤتمرا عاما انعقد يوما بعد جنازة الشيخ العلاوي جمع جل اتباع الطريقة العلاوية بايعوا فيه بالإجماع الشيخ عدة بن تونس خليفة جديدا للطريقة العلاوية. هؤلاء المريدون بوصفهم المدافعين الشرعيين أسسوا اختيارهم هذا على ما كان للشيخ سيدي عدة من علاقة وطيدة بالشيخ العلاوي وبما عرف عنه بخدمته المتفانية لشيخه وبرهنته على صدق عواطفه فضلا عن جعله خليفة له في حياته بمنحه حق التصرف المطلق بكامل ممتلكاته من منقول وعقار خصوصا وهو الشيخ المدقق و القائد الحكيم, لذا عين الشيخ سيدي عدة بوصفه المريد الأكثر نزاهة وكفاءة وبما له من الخصال الحميدة والسمو الروحي والترقي في مراتب المعرفة التي أهلته ليكون القائم على شؤون ومصير الطريقة العلاوية بعد انتقال شيخه".
وقد كان لبعض الأقطار الخارجية يدا في حركة الانشقاق هذه, ففي تقرير سري حول منطقة الريف بالمغرب التي كانت تحت الحماية الإسبانية مؤرخ في مايو 1950 يقول مشيرا إلى الطريقة العلاوية: "ولذا حاولت السلطات خلق حركة انشقاق داخل الطريقة العلاوية يتزعمها مقدمون منشقون من أهل المنطقة, ولكن بدون جدوى". ومن هنا ندرك لماذا منعت السلطات الإسبانية دخول الشيخ إلى المناطق الخاضعة لسلطتها بالمغرب لسبب تافه. لقد بينت أطروحة المؤرخ صالح خليفة "من أن الطريقة العلاوية في عهد الشيخ سيدي عدة كادت تقضي عليها مشاكل لا حصر لها فالشيخ عدة لم يكن ليواجه حركة الانشقاق الواسعة التي ظهرت بعد سنة 1934 فحسب, بل كان عليه أن يواجه كذلك الورثة من أولى عصبة الشيخ العلاوي الذين ابدوا احتجاجهم واستنكارهم على صيغة الميراث الواردة في الوصية, التي حرمتهم من حق الاستفادة منه وجعله ميراثا لا يسخر للاستغلال الذاتي, بل وقف على أهل النسبة من أهل الطريقة العلاوية؛ وقد حاول الورثة إلغاء هذا الإجراء عن طريق القضاء ولكن باءت كل محاولاتهم بالفشل".
رغم كل تلك الصعاب والمحن فقد راح شيخنا يعمل على تنمية ذلك الميراث الذي ورثه عن شيخه فبدأ بإعادة إصدار جريدة "لسان الدين" سنة 1937 الذي بدأ أول الأمر بمدينة الجزائر ثم بمستغانم فكان بهذه الوسيلة ينشر تعاليم التصوف ومبادئه ويدافع عنه ردا لهجمات الإصلاحيين. طبع أول كتاب له الروضة السنية والذي دون فيه سيرة شيخه أحمد العلاوي وهو نفس الكتاب الذي نقل منه مارتن لينجر أغلب معلوماته في كتابه المشهور والذي ترجم إلى عدة لغات وفي سنة 1939 أسس جمعية التذكير العلاوية والتي بواسطتها فتح عدة مدارس للغة العربية والتعليم الديني. ويعود صالح خليفة في أطروحته ليذكر: "بالمصاعب التي واجهت الشيخ سيدي عدة حينما طلب من السلطات الإذن له بإيواء المنحرفين القصر المزج بهم في السجون من أجل تكوينهم وتعليمهم وقد نشر "لسان الدين" عدة مقالات ضافية من كتاب متطوعين طالبوا السلطات الفرنسية بإسناد هذه المهمة الحساسة إلى الشيخ سيدي عدة فتمخض عن ذلك قبول السلطات هذا الطلب سنة 1938 وتوافد على الزاوية دفعات متتالية من عشرات المنحرفين القصر, فكانوا يوجهون حسب اختياراتهم إلى أعمال البستنة أو المطبعة أو نحو ورشات الميكانيكا العامة أو صناعة المخبزة, فكان العمل بالنهار والتعليم بالليل قصد إدماجهم وتأهيلهم اجتماعيا".
في سنة 1946 اصدر مجلة ثانية مزدوجة اللغة تصدر رأس كل شهر؛ هي مجلة المرشد التي كانت تطبع بالمطبعة العلاوية بمستغانم والتي استمرت حتى جانفي 1952. بجهاده هذا كافح الشيخ سيدي عدة على جبهات متعددة وفاء لتعاليم شيخه وتوضيحا للجدل القائم برفع اللبس وإنهاء لكل خلط بين المرابطية والظلامية والتصوف, ذلك الصراع الذي كانت تغذيه بعض العناصر الإصلاحية لأغراض حزبية. والجدير بالذكر أن جمعية العلماء الجزائريين التي تأسست في مايو 1931 وكان الشيخ العلاوي عضوا مؤسسا لها "جمعت بين عدة توجهات مختلفة تمثلها شخصيات معروفة إما بثقافتها الدينية أو بمكانتها الاجتماعية أو بأنشطتها في حقل الصحافة والتعليم". غير أن هذه الجمعية أخذت تتوجه توجها مغايرا إذ أصبحت آلة بيد الإصلاحيين للقضاء على التيار الصوفي في الجزائر.
كما أوضحت ذلك سوسي انديزيان بمساهمتها في الكتاب المسمى "طرق الله": "لم تحقق المحاولات المتتالية للإصلاحيين من أجل القضاء على الحركة الإخوانية الطرق الصوفية أي نجاح يذكر بحيث لم تقدر على ذلك حتى الإدارة الاستعمارية التي لجأت إلى غلق بعض الزوايا ومنع اتباعها من حضور المواسم ولذا فإن خلاصة مراد في عمله ذو الأهمية البالغة حول الحركة الإصلاحية والتي مفادها أن الطرقية قد استأصلت جدريا من طرف الإصلاح لم تكن صحيحة إلى حد بعيد. ففي أطروحة منوغرافية محلية أوضحت الاختلاف الكبير للأوضاع السائدة التي خلقتها محاولات السعي للتموقع والهيمنة على الجزائر من قبل الإصلاحيين خلال فترة الثلاثينات, ومع ذلك فإن الطرقية وحركة الإصلاح لم يكنا قطبين متناقضين على الدوام إذ أن بعض رؤساء الزوايا وبسرعة فائقة تقبلوا فكرة الإصلاح, بل من المشايخ من مارس الإصلاح حتى على مستوى زواياهم ومناطق نفوذهم قبل ذلك بكثير مما سهل عليهم الانخراط في جمعية العلماء الجزائريين بمجرد ظهورها في نفس الفترة نشاهد ميلاد طريقة جديدة هي الطريقة العلاوية 1920 التي دخلت في صراع ديني مع العلماء. وخطة الإصلاحيين كفاح ثقافي ديني وسياسي ضد الإدارة الاستعمارية وأصحاب النفوذ المحليون من رجال الدين والسياسة تحت شعار براق العروبة والإسلام.
إن سبب تقهقر الطرقية في الجزائر بعد الاستقلال غير مرتبط بنجاح التيار الإصلاحي, بل يعود سببه أكثر إلى انهدام بنية المجتمع الجزائري وإعادة بناء هيكلة الحكم فيه من جديد, فتمخض عن ذلك نظاما تبنى إسلاما دينا للدولة حدد مفهومه من قبل الإصلاحيين, يقصي المظاهر التصوفية من الحقل الديني في الجزائر المستقلة, بيد أن التيار الصوفي وان اهتز مع عصرنة الهياكل الاجتماعية إلا أنه تماشى قليلا مع مستجدات الأحداث المحلية وبرز بروزا نسبيا حسب مكانته في الخريطة الوطنية الجديدة, حيث واصلت بعض الطرق تحافظ على وجودها بأشكال ووظائف أخرى في مجال التعليم الديني كما هو شأن الطريقة الرحمانية و العلاوية اللتين كانتا فضاءات دينية اجتماعية للكثير من الوافدين خصوصا النساء اللواتي كن يتجنبن اعتياد المساجد لاعتبارها أماكن للذكور فقط حسب اعتقادهن".
وإنه لمن المهم العودة في هذا المجال إلى حقيقة هذا الموضوع الذي ظل محتقرا ومهانا, ولا يزال بالفعل هدفا لعديد من التلاعبات فنذكر هنا دراسة للسيد جاك كاري يقول فيها: "منذ القرن الثاني عشر رأينا بروز عدة طرق دينية بشمال إفريقيا والتي من بينها الزوايا الصوفية التي أعطت للتصوف إطارا اجتماعيا لم تعطه المرابطية من قبل, تجاوب مع حاجيات المجتمع وهيكلة وتنظيم الشعوب اللازمين, فكانت الطرق مدعوة لأن تلعب دورا كبيرا لإسلامية المغرب".
ويقول جاك كاري بخصوص المرابطية: "في الأصل إنها مؤسسة لنشر الإسلام والدفاع عنه ضد أعدائه, و حث المؤمنين على الوفاء لدينهم, فهي وثيقة الصلة بالجهاد, والمرابطية نفسها كلمة مشتقة من سلالة بربرية حكمت جزءا كبيرا من المغرب الأقصى والجزائر ما بين 1055 - 1146 ميلادية. مذهب المرابطين مالكي متشدد وهم رجال دين وجهاد اتخذوا من الرباط مساكن لهم على شكل أديرة محصنة, و إذا رجعنا إلى أصل الكلمة نجد أنها اشتقت من الفعل العربي ربط والذي يعني عقد و أوثق و منه الرباط الذي كانت تجمع فيه الخيول معقولة ورابط بمد الراء بمعنى حرس الحدود, إذن فالرباطات كانت مراكز يقظة مهمتها التنبيه على أي خطر في دار الإسلام وهي المناطق التي كانت تخضع للتشريع الإسلامي. تعد هذه الرباطات بعشرات الآلاف وتنقسم حياة المرابطين داخل هذه الحصون إلى تدريبات عسكرية وحراسة تناوبية وأداء الشعائر والعبادات. خارج هذا الدور الذي لعبه هؤلاء الجنود النساك نجد نظاما شبيها إلى حد ما بنظام الفرسان الرهبان في الديانة المسيحية فالمرابطون عبارة عن رجال محترمين وسطاء بين الله والمريدين, و هو نفس الدور الذي يقومون به إلى الآن, والمرابط رجل رباني مبارك متعلق بالله, ولهذا نجد مريديه يوقرونه ويقبلون ولو طرفا من برنوسه و أحيانا يقبلون حتى آثار خطواته, و هو بالنسبة لهم صانع كرامات وصاحب عبادة و ورع, فتراهم يوقرونه في حياته وبعد مماته و ضريح المتوفى فيهم تعلوه قبة و هو عبارة عن مزار مقدس".
واستكمالا للمقالة التحليلية التي قدمها جاك كاري فهناك شهادة العقيد دوماس الذي كان ضابطا بالجيش أثناء الغزو الفرنسي للجزائر إذ يصف المرابطين و تأثيرهم على المجتمع التقليدي فيقول "لاحظنا أن الأمين و هو اسم قائد القرية, ليس له إلا دور رجل الأمن المحدود الصلاحية, ضعيف التأثير إذ لم يكن ليفرض النظام و السلم العموميين داخل البلد؛ و على أعوان الأمن أن لا يتجاوزوا حدود صلاحياتهم المتمثلة في صغريات المهام, لتبقى القضايا الكبرى بيد سلطة أوسع و أقوى و أعلى من سلطتهم إنها سلطة الشيوخ المرابطين المتعلقين بالله , فإذا ما وقع نزاع بين قبيلتين فالشيوخ وحدهم لهم الحق في التدخل سواء لفك النزاع أو لعقد صلح أو هدنة بين الجانبين على الأقل لفترة ما وفي حالة اختيار رؤساء القرية فالمرابطون هم من يقدمون لأهل القرية الأصلح و الأجدر وبعد ذلك يقرؤون الفاتحة تبركا. و في حالة استمرار قبيلة ضعيفة معرضة للإبادة في مواجهة قبيلة قوية غالبة, فإن المرابطين يفرضون على المنتصرة إعلان الاستسلام. إن موقفا كهذا يجلي بوضوح عظمة هذه القلوب والعقول التي استطاعت أن تحفظ لكل طرف من المتخاصمين حقه من الكرامة بوسيلة تحفظ كرامة العزيز إذا ما ضعف وبقاءه إذ ما هدد بالانعدام, تلك هي جبلة هذا الشعب.
والسلطة كذلك للمرابطين في الأسواق, بحيث لا سلطة للأمناء أمام سلطتهم, فأسواقهم أسواق حرة معفية من الضرائب ومن جباية الأسعار والرسوم, و ليس لأحد أي كان أن يخرق سياج هذا النظام الحر, بعكس أسواق العرب التي كان فيها صاحب الجنحة أو المقترف جريمة يلقى عليه القبض فورا, الشيء الذي لا يسمح به في أسواق المرابطين مهما كان الأمر".
من الإنصاف الاعتراف من أن فكرة المرابطين قد أبعدت وغاب معناها الحقيقي من حياة الناس؛ و هذا راجع لا محالة إلى انحطاط المجتمع الجزائري في مجمله, إذ لا تزال آثار هذا الانحطاط قائمة إلى اليوم الاجتثاث من الأصول, الجهل, الفقر, غياب القيم الأخلاقية كلها مظاهر أبعدت الإنسان الجزائري عن أصالته.
إن ثقافة السلف الصالح كانت هي القاعدة التي قامت عليها البنية الاجتماعية وحافظت على هوية هذا الشعب وبقائه أمة متماسكة, ثقافة قلصت من مظاهر العداوة والتصادم وجمعت الشعب و نخبه في إطار منسجم ومتناسق, غير أن هذه القيم همشت وغيبت تدريجيا. هذه القوة الأخلاقية المتمثلة في هؤلاء الرجال الأتقياء وفي التعاليم التي لقنوها بسخاء داخل زواياهم أخذت تستأصل شيئا فشيئا, تارة بواسطة الاستعمار وتارة أخرى بتأثير الإصلاحيين؛ و فيما بعد بسبب التوجهات السياسية والثقافية التي تبناها النظام الجزائري, هذا النظام الذي اختار من أول وهلة للاستقلال الإسلام المجرد نهائيا من بعده الروحي, الذي لا يتجاوز طقوس العبادات البسيطة.
لقد عارض الشيخ سيدي عدة بن تونس بشدة هذا الفصل بين الإسلام وتعاليمه الروحية إذ عمل بكل ما في وسعه ليحافظ على ميراث المشرق والمغرب الروحي والثقافي. في دراسة السيد جاك كاري التي تقدمت يصف فيها الروح التي تنشطت فيه الطريقة العلاوية فيقول: "إن الطريقة العلاوية التي تأسست سنة 1920 على يد الشيخ بن عليوة حازت قصب السبق في الحفاظ على أصالة المبادئ القديمة للتصوف, و الانفتاح على مسايرة العصرنة و التحرر, و اللذين كنا نعتقد أنهما حجر على الإصلاحيين فقط".
إن صدى رسالة الشيخ سيدي عدة تجاوز حدود المجتمع الإسلامي بحيث كان يخاطب الإنسانية جمعاء رغم الانقسامات والصراعات التي كانت تعرفها, "و استطاع أن يجسد بعفوية و تلقائية التفاهم السلمي الحي في مجتمع دولي كان غارقا طيلة ربع قرن وسط انفجارين هددا بحق الكائن البشري, ذلك الخطر الذي كان على وعي باحتمال وقوعه, فعمل - رغم المرض الذي كان يهدد صحته - على تقريب الناس بعضهم ببعض. هذا المختار الذي كان عبدا لله جعل من نفسه خادما للإنسانية, بحيث كان يحمل في باطنه مرآة صقيلة وجهها نحو الخلود, أظهر بسخاء لمريديه و زواره ولكل طالب كيف يجلوا عن أنفسهم غبار الأوهام, وكيف يوجهوا مرايا بواطنهم العاكسة من الزاوية المقابلة لمصدر النور. "هذا الشيخ ذو الصفاء البلوري المتعدد الأوجه كشف لنا من إحداها حبه الخالص للكثير من المحرومين".
نعم أصدقائي أحب السود رغم أنني أبيض, قد كنت عزمت بعد وفاة شيخي الروحي الولي الأكبر الشيخ العلاوي ترك عائلتي وبلدي للذهاب إلى إفريقيا حتى أعيش إلى جانب السود, وكان قلبي يحدثني حينها أن هناك قلوبا مخلصة صافية, أجل من أعماق قلبي أحب السود, لا لكونهم سودا ولكن لأنهم عانوا كثيرا من رق العبودية, ولأنني عبد الله أحب العبيد, ولو أن الناس كانوا عقلاء لرضوا بطيب قلب أن يكونوا عبيدا, و أقول لن ندرك مقام السيادة في هذه الحياة الدنيا ما لم نمر بمقام العبودية".
إن هذا الاستعداد الروحي والانفتاح الإنساني الذين برهن عليهما الشيخ سيدي عدة كانا محل إعجاب وتعاطف واستقطاب لكثير من الأوروبيين نحوه, و زاد ارتباطهم به أكثر بعد تأسيسه جمعية أحباب الإسلام سنة 1948؛ إذ كانت هذه الجمعية في تلك الفترة الوحيدة العاملة على جمع الكلمة في إطار الحوار واللقاءات بين الأديان ومختلف التيارات الفكرية. كما أن المحاضرات التي كانت تنظم في هذا الإطار بنادي السياحة بوهران و في قاعة النزل الكبير بمستغانم جلبت إليها جمهورا عريضا كان يتوافد باستمرار للاستماع إلى تعاليم الشيخ. ولتسليط الضوء على أهمية تلك المحاضرات نذكر هنا شهادة المقدم سيدي عبد القادر بالباي رحمه الله ـفيقول: "أرسلني الشيخ مرة إلى النزل الكبير لحجز القاعة الخاصة بالمحاضرات, ولدى وصولي طلبت مقابلة صاحب النزل -وكان يهوديا - فلما التقيت به وعلم بغايتي وأنني أريد القاعة للكراء تحاشى أن يرفض طلبي مباشرة فضاعف الثمن حتى يصدني ويثبط عزمي, فعدت إلى الشيخ قلقا أخبره بما كان, فأمرني بالعودة إليه فورا لحجز القاعة بالقيمة التي حددها صاحب النزل,ولما عدت إليه راضيا بالثمن تفاجأ لذلك. لم يكن ذلك اليهودي على خبرة بمكانة الشيخ و اكتشف ذلك لدى حضوره المحاضرة, وفي نهاية اللقاء تقدم نحو الشيخ باكيا وهو يقول: "أرجو أن تقبل اعتذاري وتسامحني على ما بدر مني وهذه نقودك أعيدها إليك لأنك جعلتني اليوم اكتشف سيدنا موسى من جديد".
سردنا هذه الحادثة كمثال على لطافة وعظمة تعاليم الشيخ سيدي عدة الذي كان همه تأليف القلوب وإدخال السرور والبهجة إليها, حتى صار كثير من الأوروبيين المثقفين - من كتاب و أطباء و صحفيين- من جملة أتباعه وآخرون كثيرون تعلقوا به وربطوا معه صداقات رغم بقائهم على قناعتهم ومعتقداتهم.
لقد شاهدنا خلال المسيرة التي قطعتها جمعية أحباب الإسلام ظهور صحوة روحية حقيقية بفعل تلك المحبة الشاملة التي كان الشيخ يزرعها بلا انقطاع في قلوب من يقصدونه ذكورا وإناثا. و على النقيض من ذلك فإن فئة أخرى رأت في هذا الانفتاح تيارا جارفا مدمرا نعتته بالماسونية الإسلامية المتطرفة التي استطاعت وبجراءة الجمع بين المؤمنين والملحدين, فكانت ترى في ذلك انزلاقا خطيرا حسب اعتقادها.
بالفعل ففي الأسبوعية الإسبانية SIETE FECHAS
لما أحس الشيخ العلاوي بقرب المنية كفل الشيخ سيدي عدة كفالة شرعية بحيث جعله بمنزلة الإبن ومن ثم سلم له مقاليد التسيير المطلق, فجعله المتصرف الوحيد, كما نص على ذلك عقد الوصية مرجع kk 838 رقم 594 من فهرس محكمة مستغانم الفصل الرابع "إن الحبس بجميع أنواعه يكون تحت تصرف المنزل منزلة الإبن, حضرة السيد بن تونس عدة ولد بن عودة الساكن بمستغانم يجرى فيه على حسب المنصوص عليه بدون ما يتعرض له أي أحد إلا إذا خرج عن مراد المحبس بحبسه خروجا فاحشا وهكذا يبقى جميع ما تقدم ذكره تحت يده ما دام في قيد الحياة وبعد وفاته ينتقل إلى الصالح من أبنائه وإذا لم يوجد من النسل المستعد لذلك فينقل لمن صلحت سيرته وتحققت نجابته من الاتباع".
بهذا خلف شيخه الجليل الذي توفي في 14 جويلية 1934 مخلدا عمله بمواصلة تربية النهضة الروحية المنوطة بالزاوية الأم بمستغانم وبمختلف الزوايا العلاوية بالجزائر والمغرب وفلسطين وسوريا والأردن ومصر والحجاز وغيرها.
وكان يستقبل بالزاوية زوارا من مختلف الجهات عبر العالم مسلمين و غيرهم فكانوا يلقون منه استقبالا حيا حارا كما تبينه هذه الشهادة "لكاترين دولورم" التي زارت الشيخ بمناسبة الاحتفال السنوي للطريقة العلاوية: "كان الشيخ عدة بن تونس يقف أمام الباب لاستقبال الزوار الوافدين من كل نواحي المغرب والجزائر وكان يبدو وكأنه ينتظر وصولي, واستقبلني كأحد أفراد عائلته الروحية وكنت مندهشة أمام مظاهر التقدير والاستقبال الذي خصني به فوجدت نفسي مرتبكة ومطمئنة في نفس الوقت كما أنني كنت قلقة إذ جئت والحفلة في أوجها فإذا بي أمام هذا العدد الهائل من الفقراء.
كنت أسمع ما يقول لي ولكن لم أكن أعي إلا القليل, لأن وجهه أخذ كل انتباهي, فاكتشفت فيه كتابا مفتوحا, وكنز فضيلة ومحبة وصبر وصدق, وكان باحتشامه يضفي على شخصيته وداعة أكثر تأثير و جاذبية من الإعجاب بالنفس".
كانت هيبته وبساطته وإنسانيته معروفة لدى كل سكان المدينة الذين كانوا يحبونه ويحترمونه.
أما بمناسبة الاحتفالات التي كانت تقام بمستغانم فإن الجو كان ملونا بجمال الأناشيد الصوفية المثيرة مما يضفي على المدينة لبرهة من الزمن طابعا خاصا, فتصبح ملتقى عالميا لرجال ونساء عطشى للحب الرباني, و شهادات ناطقة على الأخوة الإنسانية.
كتب مراسل جريدة "صدى وهران" في سبتمبر 1950 واصفا إحدى هذه اللقاءات قائلا
"تعرف مدينتنا منذ أيام توافدا غير معتاد بحيث نلتقي يوميا مسلمين يتكلمون لهجات مختلفة عن لهجة المنطقة, واتضح أنهم قادمون من مليلية و وجدة و تلمسان, مقصدهم الزاوية العلاوية التي يعد اتباعها بالآلاف عبر كامل إفريقيا, لحضور مؤتمرها السنوي".
و يضيف الصحفي قائلا صرح "ملموان" رئيس البلدية ومندوب الجمعية الجزائرية بأنه معجب ببساطة الشيخ الحاج عدة الذي نشعر بصدق أقواله ويضيف مخاطبا الشيخ "إن تطبيق مبادئكم التي تلقنونها اتباعكم كفيلة بان تدخل السعادة إلى قلوبنا ومطامحنا المشروعة". وهكذا كان الحال في كل سنة يتوافد الزوار وأعيان المدينة دون تمييز بين عرق أو دين للتعبير عن مودتهم للشيخ.
ومن جهة أخرى كان بعض ممثلي الإدارة الاستعمارية يرون في هذه التظاهرات الروحية وسيلة للمراوغة الغاية منها إيقاظ الجماهير وتجنيدها لصالح الحركة الوطنية.
ومن ذلك ما جاء على لسان الجنرال بج اندري من أكاديمية العلوم الاستعمارية متأثرا بالجو السائد في تلك الفترة فوصف الشيخ سيدي عدة بأنه شخصية مشكوك فيها ويقول "يبدو أن روح الطريقة العلاوية قد تغيرت بعد موت مؤسسها فقد خلفه فيها عدة بن تونس المنزل منزلة الابن والذي لم يبق له من النفوذ إلا مجرد اعتقادات دون قدرته على مواصلة العمل الروحي الذي كان لشيخه بن عليوة وعلى ما يبدو تقترب فكرته من فكرة جمعية العلماء المسلمين حركة إصلاحية دينية ظهرت في الجزائر وفي معظم البلاد الإسلامية مع بداية القرن العشرين من تأسيس المدارس و إصدار الجرائد باللغة العربية و التأثير على الجماهير المسلمة من اجل إيقاظها و بث الروح الوطنية فيها و الجنوح إلى الشدة إذا لزم الأمر".
أبلغ من هذا صدور تقرير مجهول عن مصالح المخابرات الاستعمارية يصف الشيخ بأنه شخصية خطيرة يقول التقرير: "بالرغم من وسائله الضعيفة وقلة تأثيره فإنه يتوفر على نفسية ماكرة ومغرورة ومخادعة فهو شخص يريد أن يلعب دورا ما باستطاعته أن يضر كثيرا طبعا ليس بين طبقة المثقفين لكون معرفته الأدبية ضئيلة ولكن بين لفيف الجماهير البسيطة و الساذجة والأمية, بحيث يمكن أن يؤثر فيها ليوقظها ويحرضها بإرشاداته وبواسطة المراكز التي أنشأها والتي سينشئها متى وجد الوسط الملائم ذلك أن روح الشيخ عدة بن تونس وبغير جدال روح وطنية".
وفي نفس السجل معلومة أخرى عن مركز الإعلام والدراسات للحكومة العامة بالجزائر مؤرخة في 05 جانفي 1948 تنص"أنه في شهر مارس 1937 بعث رئيس دائرة مستغانم إلى حاكم عمالة وهران ترجمة لقصيدة ألفها الشيخ عدة بن تونس وكتب في التقرير المرفق ما نصه "إن هذه القصيدة تنحو نفـس المنحى الذي أبداه عـبد الحميد بن باديس في بدايته كضرورة تعليم المسلمين وإتباع الدين بصفة صارمة وحثهم على الاتحاد ثم أضاف رئيس العمالة بالنيابة وهو يتحدث عن الشيخ سيدي عدة يجب أن تراقب تحركاته عن قرب حتى لا يؤثر في الأهالي".
وعلى النقيض من ذلك فإن العقيد شوان رئيس مصالح اتصالات شمال إفريقيا لدى الحكومة العامة بالجزائر, لا يشارك رئيس العمالة هذا الرأي إذ كتب في تقرير له ما نصه: "إن المسيرين العلاويين لم ينخرطوا في أي حزب سياسي, ولم يشاركوا في أي انتخابات, بل لم يشاركوا حتى في الملتقيات الطرقية سواء قبل أو بعد الحرب. كما لم ينضموا إلى جمعية مشايخ زوايا الجزائر, و لا إلى زعماء زوايا إفريقيا التي كان يرأسها الشيخ الكتاني من فاس, ولا إلى رؤساء زوايا المغرب الشرقي التي تأسست سنة 1953 برئاسة الشيخ لعرج القنادسي ذلك الذي قاد حملة ضد حزب الاستقلالكما لم يطلب المسيرون العلاويون أي امتيازات أو علاوات أو رواتب, ولم يشارك أي منهم في الحملات التي كانت تنظم ضد جلالة الملك محمد الخامس من طرف الجلاوي والشيخ الكتاني, ولم يؤكد أي واحد منهم حضوره في المؤتمر الطرقي الذي انعقد بفاس سنة 1953. إذن يتعلق الأمر بطريقة غير رجعية يحركها وازع ديني صادق, بعيدة عن أمور هذا العالم الدنيئة, وبعيدة عن كل إثارة أو اضطراب, متميزة بذلك عن كثير من الطرق بل ولا تقيم معها في الغالب أي علاقة".
وبالعكس من ذلك فإن الأسبان الذين كانوا يحتلون شمال المغرب أين كانت الطريقة العلاوية واسعة الانتشار يرون أن الشيخ الحاج عدة عميلا للدعاية الفرنسية ضد المصالح الفرانكية ففي تعليمة صادرة عن القنصلية الفرنسية بمليلية موجهة بتاريخ 18 أوت 1945 إلى السفارة الفرنسية بالرباط تنص على ما يلي: "يشرفني أن أعلم معاليكم بأن السلطات الإسبانية للحماية تبدو قلقة من نشاط وتقدم الحركة العلاوية التي ترى فيها أداة للدعاية الفرنسية". وبالفعل فإن تقريرا مؤرخا بالفاتح من هذا الشهر يوضح فيه ممثل الأهالي للجنرال فاريلا من أن الاجتماعات المنعقدة في 28 - 29 جويلية المنصرم بسيدي طلحة من طرف الطريقة العلاوية كانت اجتماعات ّذات أهمية ركزت على الأتباع من أهل الناحية وقد تلقى إثرها رؤساءهم إنضمامات جديدة. ويشير الممثل بعد ذلك: "أن مقر هذه الجمعية بمستغانم وأن أصلها فرنسي وما هي إلا سلاح سياسي توجهه فرنسا ضد الحماية الإسبانية".
وحسب نفس التقرير دائما فإن شخصية مسلمة شبهت "توسع الطريقة العلاوية بالمنطقة الإسبانية بتوسع الشيوعية في العالم" مما حدا بالسلطات الإسبانية منع الشيخ من دخول المنطقة التي كانت تحتلها بشمال المغرب لدى سفره بعد الحرب العالمية الثانية لزيارة اتباعه هناك.
في إنجلترا كانت الجالية اليمنية المنطوية تحت لواء الطريقة العلاوية جالية مشبوها فيها بالنسبة للسلطات الفرنسية التي كانت ترى أنها تخدم مصالح أجنبية لاسيما المصالح الإنجليزية والمصرية. وقد استند صالح خليفة على تقرير اتصالات شمال إفريقية ينص على أنه حوالي 1946 اتصل ثلاثة عسكريين إنجليز بالشيخ الحاج عدة واعدين إياه بمساعدة مالية مهمة إذا أخذ بعين الاعتبار مصالح السياسة الإنكليزية إلا أن الشيخ رفض هذا العرض.
لدى وفاة الشيخ العلاوي كان للطريقة العلاوية نفوذ واسع باليمن وإنجلترا تحت تصرف مقدم كان يعيش بكرديف انشق بعد ذلك عن الطريقة. إنه عبد الله الحكيمي الذي كان مواليا للإنجليز والمشتبه فيه من أن له علاقة بمقتل الإمام يحي ملك اليمن ولما لم تعد للشيخ سيدي عدة ثقة بهذا المنشق عين مكانه الحاج حسن إسماعيل ومحمد علي عوضي المرادي. وفي مقال صدر بالجريدة الإسلامية في شهر أوت 1952 ذكر هذه الجالية المسلمة قائلا: "يوجد بإنجلترا جالية هامة من مسلمي اليمن ينتمون إلى الطريقة العلاوية التي أسسها الشيخ بن عليوة بالجزائر وقد أقامت هذه الجمعية مؤخرا احتفالها السنوي أيام 9 - 10 - 11 ماي بكرديف تحت إشراف رئيس إدارتها الشيخ حسن إسماعيل وبمساعدة السيد ناصر يحي المقتصد والسيد علي باشا مستشار الجمعية. وخلال الاحتفال الذي دام ثلاثة أيام كان هؤلاء الأتباع يطوفون شوارع الحي المسلم بالذكر والتهليل, الشيء الذي ترك أثرا بليغا في المدينة. وكان في هذا الاحتفال حضورا بليغا لمسلمي المناطق المجاورة والبعيدة قدموا عبر حافلات مليئة من بيرمينغام ومن مدن مهمة أخرى وكان ضمن المدعويين مستشارو المجلس الإسلامي من بينهم السيد إسماعيل من يورك صاحب المجلة الإسلامية والنائب بالمجلس والعقيد عبد الله بانس هويت وهو مسلم إنجليزي معروف جدا".
إن حجم هذه الجالية وحركتها كانت من الأهمية بمكان ويتجلى ذلك في الطلب الذي قدمته إلى جامع الأزهر بمصر بغية إرسال بعثة دينية لتقوم بوظيفة التعليم وقد نشرت جريدة المصري فحوى هذا الطلب في إحدى أعدادها الصادر في 11 مارس 1952: "إن مشيخة الأزهر تدرس ببالغ الاهتمام الطلب الوارد عليها من الجالية المسلمة بكرديف لإرسال أستاذ في الشريعة من أجل نشر مبادئ اللغة العربية وثقافتها إذ تضم هذه المنطقة الإنكليزية جالية مسلمة هامة جدا".
أثار هذا الطلب قلقا لدى الحاكم العام بالجزائر أ. نايجلن بحيث طلب من سفير فرنسا بالقاهرة ج. أرفنقاس أن يطلعه على حيثيات هذا الموضوع فأجابه برسالة مؤرخة في 28 مايو 1949 هذا بعض ما فيها: "لقد طلبتم منا في رسالة لكم تحت رقم 853 مؤرخة في 13 أبريل معلومات عن العلاويين, حسب معلوماتي فإن الطريقة العلاوية ليس لها أي عضو هنا باستثناء الشيخ الهلالي بن محمد عميمور من العلماء الجزائريين وهو معروف جيدا لدى حكومتكم العامة". إذن إرسال أستاذ مصري إلى كارديف لا يعبر بتاتا عن إرادة مصر في بسط نفوذها على هذه الجالية الدينية, علما أن هذه الطرق ليس لها نفس التأثير في مصر كما هو الحال في شمال إفريقيا, زيادة أن هذه التدابير لا تعكس إلا رغبة مصر في امتداد ثقافتها عن طريق إرسال بعثات علمية كما فعلت ذلك منذ حوالي سنة إلى مختلف الدول الإسلامية".
هذه بعض الأحداث التاريخية التي كانت تصنع الجو المشوب بالشبهات والضغوطات التي أحاطت باستمرار حول الشيخ الحاج عدة. غير أن تلك الضغوطات والمرض السكري الذي أصابه طيلة حياته مهددا صحة هذا الأستاذ الروحي لم ينالا من همته ولم يؤثرا في صفائه ولا في عزيمته القوية لنشر رسالة التسامح والأخوة والمحبة التي كان يحملها في باطنه.
والدليل على ذلك مما ذكرته جريدة المنار التونسية في عددها الصادر بتاريخ 26 ديسمبر 1952 بقلم كاتبها محمد قداس مندوب المؤتمر الروحي العالمي إذ كتب يقول: "عرفت الطريقة العلاوية منذ 1934 انطلاقة جديدة بفضل تفاني الشيخ سيدي عدة بن تونس وبذله من الجهد بغير حساب من أجل تعليم مريديه وتوجيههم لما فيه صلاحهم دينا ودنيا وحثهم على التعلق بالأخوة الإنسانية والسمو الروحي وبإجماع كل الذين عرفوه هنا بالجزائر سواء مريديه أو غيرهم يعترفون بفضائل هذا الشيخ ونبله. كما تجدر الإشارة إلى أنه يتمتع بمكانة خاصة ومودة حارة وتقدير لا مثيل له في الأوساط المسيحية بحيث يستقبل زواره من غير المسلمين بلطف وكرم دون المساس بقناعتهم مذكرا في كل لقاء بهم أن جوهر الدين هو أحسن قاعدة للأخوة المتينة والدائمة. على أي فإن شهرة الشيخ عدة بن تونس قد جاوزت حدود إفريقيا والمشرق العربي مما جعل كثيرا من الشخصيات عبر أوروبا و أمريكا تعتنق الإسلام بفضل اتصالهم به". و يعلق الصحافي قائلا: "ما هي وجهة نظركم في هذا ؟" فيجيبه الشيخ قائلا: " فكرتنا هي أن تعود الإنسانية قاطبة إلى الأخوة والسلام عن طريق ثقافة مكارم الأخلاق وكذلك بواسطة حمل التعاليم الدينية بهمة عالية إلى أن نبلغ حقيقة الأخوة الكامنة في قلوبنا ككمون الزبد في اللبن ولو أن الإنسانية استعادت ولو قليلا تلك الأخوة لشملها سلام الله ولزال كل اختلاف تاركا مكانه المحبة والأخوة وتزول حينئذ كل الأحقاد والنزعات ويعيشون في سعادة لا يكدر أخوتهم أي شيء ؛ هذه فكرتنا".
في أطروحة دكتوراه دولة تقدم بها المؤرخ صالح خليفة كما تقدم سابقا تحت عنوان "العلاويون و المدنيون" بين فيها جملة من مشاكل الميراث الذي تلقاه الشيخ سيدي عدة بعد وفاة الشيخ العلاوي خصوصا من بعض كبار المقاديم, "غير أن مؤتمرا عاما انعقد يوما بعد جنازة الشيخ العلاوي جمع جل اتباع الطريقة العلاوية بايعوا فيه بالإجماع الشيخ عدة بن تونس خليفة جديدا للطريقة العلاوية. هؤلاء المريدون بوصفهم المدافعين الشرعيين أسسوا اختيارهم هذا على ما كان للشيخ سيدي عدة من علاقة وطيدة بالشيخ العلاوي وبما عرف عنه بخدمته المتفانية لشيخه وبرهنته على صدق عواطفه فضلا عن جعله خليفة له في حياته بمنحه حق التصرف المطلق بكامل ممتلكاته من منقول وعقار خصوصا وهو الشيخ المدقق و القائد الحكيم, لذا عين الشيخ سيدي عدة بوصفه المريد الأكثر نزاهة وكفاءة وبما له من الخصال الحميدة والسمو الروحي والترقي في مراتب المعرفة التي أهلته ليكون القائم على شؤون ومصير الطريقة العلاوية بعد انتقال شيخه".
وقد كان لبعض الأقطار الخارجية يدا في حركة الانشقاق هذه, ففي تقرير سري حول منطقة الريف بالمغرب التي كانت تحت الحماية الإسبانية مؤرخ في مايو 1950 يقول مشيرا إلى الطريقة العلاوية: "ولذا حاولت السلطات خلق حركة انشقاق داخل الطريقة العلاوية يتزعمها مقدمون منشقون من أهل المنطقة, ولكن بدون جدوى". ومن هنا ندرك لماذا منعت السلطات الإسبانية دخول الشيخ إلى المناطق الخاضعة لسلطتها بالمغرب لسبب تافه. لقد بينت أطروحة المؤرخ صالح خليفة "من أن الطريقة العلاوية في عهد الشيخ سيدي عدة كادت تقضي عليها مشاكل لا حصر لها فالشيخ عدة لم يكن ليواجه حركة الانشقاق الواسعة التي ظهرت بعد سنة 1934 فحسب, بل كان عليه أن يواجه كذلك الورثة من أولى عصبة الشيخ العلاوي الذين ابدوا احتجاجهم واستنكارهم على صيغة الميراث الواردة في الوصية, التي حرمتهم من حق الاستفادة منه وجعله ميراثا لا يسخر للاستغلال الذاتي, بل وقف على أهل النسبة من أهل الطريقة العلاوية؛ وقد حاول الورثة إلغاء هذا الإجراء عن طريق القضاء ولكن باءت كل محاولاتهم بالفشل".
رغم كل تلك الصعاب والمحن فقد راح شيخنا يعمل على تنمية ذلك الميراث الذي ورثه عن شيخه فبدأ بإعادة إصدار جريدة "لسان الدين" سنة 1937 الذي بدأ أول الأمر بمدينة الجزائر ثم بمستغانم فكان بهذه الوسيلة ينشر تعاليم التصوف ومبادئه ويدافع عنه ردا لهجمات الإصلاحيين. طبع أول كتاب له الروضة السنية والذي دون فيه سيرة شيخه أحمد العلاوي وهو نفس الكتاب الذي نقل منه مارتن لينجر أغلب معلوماته في كتابه المشهور والذي ترجم إلى عدة لغات وفي سنة 1939 أسس جمعية التذكير العلاوية والتي بواسطتها فتح عدة مدارس للغة العربية والتعليم الديني. ويعود صالح خليفة في أطروحته ليذكر: "بالمصاعب التي واجهت الشيخ سيدي عدة حينما طلب من السلطات الإذن له بإيواء المنحرفين القصر المزج بهم في السجون من أجل تكوينهم وتعليمهم وقد نشر "لسان الدين" عدة مقالات ضافية من كتاب متطوعين طالبوا السلطات الفرنسية بإسناد هذه المهمة الحساسة إلى الشيخ سيدي عدة فتمخض عن ذلك قبول السلطات هذا الطلب سنة 1938 وتوافد على الزاوية دفعات متتالية من عشرات المنحرفين القصر, فكانوا يوجهون حسب اختياراتهم إلى أعمال البستنة أو المطبعة أو نحو ورشات الميكانيكا العامة أو صناعة المخبزة, فكان العمل بالنهار والتعليم بالليل قصد إدماجهم وتأهيلهم اجتماعيا".
في سنة 1946 اصدر مجلة ثانية مزدوجة اللغة تصدر رأس كل شهر؛ هي مجلة المرشد التي كانت تطبع بالمطبعة العلاوية بمستغانم والتي استمرت حتى جانفي 1952. بجهاده هذا كافح الشيخ سيدي عدة على جبهات متعددة وفاء لتعاليم شيخه وتوضيحا للجدل القائم برفع اللبس وإنهاء لكل خلط بين المرابطية والظلامية والتصوف, ذلك الصراع الذي كانت تغذيه بعض العناصر الإصلاحية لأغراض حزبية. والجدير بالذكر أن جمعية العلماء الجزائريين التي تأسست في مايو 1931 وكان الشيخ العلاوي عضوا مؤسسا لها "جمعت بين عدة توجهات مختلفة تمثلها شخصيات معروفة إما بثقافتها الدينية أو بمكانتها الاجتماعية أو بأنشطتها في حقل الصحافة والتعليم". غير أن هذه الجمعية أخذت تتوجه توجها مغايرا إذ أصبحت آلة بيد الإصلاحيين للقضاء على التيار الصوفي في الجزائر.
كما أوضحت ذلك سوسي انديزيان بمساهمتها في الكتاب المسمى "طرق الله": "لم تحقق المحاولات المتتالية للإصلاحيين من أجل القضاء على الحركة الإخوانية الطرق الصوفية أي نجاح يذكر بحيث لم تقدر على ذلك حتى الإدارة الاستعمارية التي لجأت إلى غلق بعض الزوايا ومنع اتباعها من حضور المواسم ولذا فإن خلاصة مراد في عمله ذو الأهمية البالغة حول الحركة الإصلاحية والتي مفادها أن الطرقية قد استأصلت جدريا من طرف الإصلاح لم تكن صحيحة إلى حد بعيد. ففي أطروحة منوغرافية محلية أوضحت الاختلاف الكبير للأوضاع السائدة التي خلقتها محاولات السعي للتموقع والهيمنة على الجزائر من قبل الإصلاحيين خلال فترة الثلاثينات, ومع ذلك فإن الطرقية وحركة الإصلاح لم يكنا قطبين متناقضين على الدوام إذ أن بعض رؤساء الزوايا وبسرعة فائقة تقبلوا فكرة الإصلاح, بل من المشايخ من مارس الإصلاح حتى على مستوى زواياهم ومناطق نفوذهم قبل ذلك بكثير مما سهل عليهم الانخراط في جمعية العلماء الجزائريين بمجرد ظهورها في نفس الفترة نشاهد ميلاد طريقة جديدة هي الطريقة العلاوية 1920 التي دخلت في صراع ديني مع العلماء. وخطة الإصلاحيين كفاح ثقافي ديني وسياسي ضد الإدارة الاستعمارية وأصحاب النفوذ المحليون من رجال الدين والسياسة تحت شعار براق العروبة والإسلام.
إن سبب تقهقر الطرقية في الجزائر بعد الاستقلال غير مرتبط بنجاح التيار الإصلاحي, بل يعود سببه أكثر إلى انهدام بنية المجتمع الجزائري وإعادة بناء هيكلة الحكم فيه من جديد, فتمخض عن ذلك نظاما تبنى إسلاما دينا للدولة حدد مفهومه من قبل الإصلاحيين, يقصي المظاهر التصوفية من الحقل الديني في الجزائر المستقلة, بيد أن التيار الصوفي وان اهتز مع عصرنة الهياكل الاجتماعية إلا أنه تماشى قليلا مع مستجدات الأحداث المحلية وبرز بروزا نسبيا حسب مكانته في الخريطة الوطنية الجديدة, حيث واصلت بعض الطرق تحافظ على وجودها بأشكال ووظائف أخرى في مجال التعليم الديني كما هو شأن الطريقة الرحمانية و العلاوية اللتين كانتا فضاءات دينية اجتماعية للكثير من الوافدين خصوصا النساء اللواتي كن يتجنبن اعتياد المساجد لاعتبارها أماكن للذكور فقط حسب اعتقادهن".
وإنه لمن المهم العودة في هذا المجال إلى حقيقة هذا الموضوع الذي ظل محتقرا ومهانا, ولا يزال بالفعل هدفا لعديد من التلاعبات فنذكر هنا دراسة للسيد جاك كاري يقول فيها: "منذ القرن الثاني عشر رأينا بروز عدة طرق دينية بشمال إفريقيا والتي من بينها الزوايا الصوفية التي أعطت للتصوف إطارا اجتماعيا لم تعطه المرابطية من قبل, تجاوب مع حاجيات المجتمع وهيكلة وتنظيم الشعوب اللازمين, فكانت الطرق مدعوة لأن تلعب دورا كبيرا لإسلامية المغرب".
ويقول جاك كاري بخصوص المرابطية: "في الأصل إنها مؤسسة لنشر الإسلام والدفاع عنه ضد أعدائه, و حث المؤمنين على الوفاء لدينهم, فهي وثيقة الصلة بالجهاد, والمرابطية نفسها كلمة مشتقة من سلالة بربرية حكمت جزءا كبيرا من المغرب الأقصى والجزائر ما بين 1055 - 1146 ميلادية. مذهب المرابطين مالكي متشدد وهم رجال دين وجهاد اتخذوا من الرباط مساكن لهم على شكل أديرة محصنة, و إذا رجعنا إلى أصل الكلمة نجد أنها اشتقت من الفعل العربي ربط والذي يعني عقد و أوثق و منه الرباط الذي كانت تجمع فيه الخيول معقولة ورابط بمد الراء بمعنى حرس الحدود, إذن فالرباطات كانت مراكز يقظة مهمتها التنبيه على أي خطر في دار الإسلام وهي المناطق التي كانت تخضع للتشريع الإسلامي. تعد هذه الرباطات بعشرات الآلاف وتنقسم حياة المرابطين داخل هذه الحصون إلى تدريبات عسكرية وحراسة تناوبية وأداء الشعائر والعبادات. خارج هذا الدور الذي لعبه هؤلاء الجنود النساك نجد نظاما شبيها إلى حد ما بنظام الفرسان الرهبان في الديانة المسيحية فالمرابطون عبارة عن رجال محترمين وسطاء بين الله والمريدين, و هو نفس الدور الذي يقومون به إلى الآن, والمرابط رجل رباني مبارك متعلق بالله, ولهذا نجد مريديه يوقرونه ويقبلون ولو طرفا من برنوسه و أحيانا يقبلون حتى آثار خطواته, و هو بالنسبة لهم صانع كرامات وصاحب عبادة و ورع, فتراهم يوقرونه في حياته وبعد مماته و ضريح المتوفى فيهم تعلوه قبة و هو عبارة عن مزار مقدس".
واستكمالا للمقالة التحليلية التي قدمها جاك كاري فهناك شهادة العقيد دوماس الذي كان ضابطا بالجيش أثناء الغزو الفرنسي للجزائر إذ يصف المرابطين و تأثيرهم على المجتمع التقليدي فيقول "لاحظنا أن الأمين و هو اسم قائد القرية, ليس له إلا دور رجل الأمن المحدود الصلاحية, ضعيف التأثير إذ لم يكن ليفرض النظام و السلم العموميين داخل البلد؛ و على أعوان الأمن أن لا يتجاوزوا حدود صلاحياتهم المتمثلة في صغريات المهام, لتبقى القضايا الكبرى بيد سلطة أوسع و أقوى و أعلى من سلطتهم إنها سلطة الشيوخ المرابطين المتعلقين بالله , فإذا ما وقع نزاع بين قبيلتين فالشيوخ وحدهم لهم الحق في التدخل سواء لفك النزاع أو لعقد صلح أو هدنة بين الجانبين على الأقل لفترة ما وفي حالة اختيار رؤساء القرية فالمرابطون هم من يقدمون لأهل القرية الأصلح و الأجدر وبعد ذلك يقرؤون الفاتحة تبركا. و في حالة استمرار قبيلة ضعيفة معرضة للإبادة في مواجهة قبيلة قوية غالبة, فإن المرابطين يفرضون على المنتصرة إعلان الاستسلام. إن موقفا كهذا يجلي بوضوح عظمة هذه القلوب والعقول التي استطاعت أن تحفظ لكل طرف من المتخاصمين حقه من الكرامة بوسيلة تحفظ كرامة العزيز إذا ما ضعف وبقاءه إذ ما هدد بالانعدام, تلك هي جبلة هذا الشعب.
والسلطة كذلك للمرابطين في الأسواق, بحيث لا سلطة للأمناء أمام سلطتهم, فأسواقهم أسواق حرة معفية من الضرائب ومن جباية الأسعار والرسوم, و ليس لأحد أي كان أن يخرق سياج هذا النظام الحر, بعكس أسواق العرب التي كان فيها صاحب الجنحة أو المقترف جريمة يلقى عليه القبض فورا, الشيء الذي لا يسمح به في أسواق المرابطين مهما كان الأمر".
من الإنصاف الاعتراف من أن فكرة المرابطين قد أبعدت وغاب معناها الحقيقي من حياة الناس؛ و هذا راجع لا محالة إلى انحطاط المجتمع الجزائري في مجمله, إذ لا تزال آثار هذا الانحطاط قائمة إلى اليوم الاجتثاث من الأصول, الجهل, الفقر, غياب القيم الأخلاقية كلها مظاهر أبعدت الإنسان الجزائري عن أصالته.
إن ثقافة السلف الصالح كانت هي القاعدة التي قامت عليها البنية الاجتماعية وحافظت على هوية هذا الشعب وبقائه أمة متماسكة, ثقافة قلصت من مظاهر العداوة والتصادم وجمعت الشعب و نخبه في إطار منسجم ومتناسق, غير أن هذه القيم همشت وغيبت تدريجيا. هذه القوة الأخلاقية المتمثلة في هؤلاء الرجال الأتقياء وفي التعاليم التي لقنوها بسخاء داخل زواياهم أخذت تستأصل شيئا فشيئا, تارة بواسطة الاستعمار وتارة أخرى بتأثير الإصلاحيين؛ و فيما بعد بسبب التوجهات السياسية والثقافية التي تبناها النظام الجزائري, هذا النظام الذي اختار من أول وهلة للاستقلال الإسلام المجرد نهائيا من بعده الروحي, الذي لا يتجاوز طقوس العبادات البسيطة.
لقد عارض الشيخ سيدي عدة بن تونس بشدة هذا الفصل بين الإسلام وتعاليمه الروحية إذ عمل بكل ما في وسعه ليحافظ على ميراث المشرق والمغرب الروحي والثقافي. في دراسة السيد جاك كاري التي تقدمت يصف فيها الروح التي تنشطت فيه الطريقة العلاوية فيقول: "إن الطريقة العلاوية التي تأسست سنة 1920 على يد الشيخ بن عليوة حازت قصب السبق في الحفاظ على أصالة المبادئ القديمة للتصوف, و الانفتاح على مسايرة العصرنة و التحرر, و اللذين كنا نعتقد أنهما حجر على الإصلاحيين فقط".
إن صدى رسالة الشيخ سيدي عدة تجاوز حدود المجتمع الإسلامي بحيث كان يخاطب الإنسانية جمعاء رغم الانقسامات والصراعات التي كانت تعرفها, "و استطاع أن يجسد بعفوية و تلقائية التفاهم السلمي الحي في مجتمع دولي كان غارقا طيلة ربع قرن وسط انفجارين هددا بحق الكائن البشري, ذلك الخطر الذي كان على وعي باحتمال وقوعه, فعمل - رغم المرض الذي كان يهدد صحته - على تقريب الناس بعضهم ببعض. هذا المختار الذي كان عبدا لله جعل من نفسه خادما للإنسانية, بحيث كان يحمل في باطنه مرآة صقيلة وجهها نحو الخلود, أظهر بسخاء لمريديه و زواره ولكل طالب كيف يجلوا عن أنفسهم غبار الأوهام, وكيف يوجهوا مرايا بواطنهم العاكسة من الزاوية المقابلة لمصدر النور. "هذا الشيخ ذو الصفاء البلوري المتعدد الأوجه كشف لنا من إحداها حبه الخالص للكثير من المحرومين".
نعم أصدقائي أحب السود رغم أنني أبيض, قد كنت عزمت بعد وفاة شيخي الروحي الولي الأكبر الشيخ العلاوي ترك عائلتي وبلدي للذهاب إلى إفريقيا حتى أعيش إلى جانب السود, وكان قلبي يحدثني حينها أن هناك قلوبا مخلصة صافية, أجل من أعماق قلبي أحب السود, لا لكونهم سودا ولكن لأنهم عانوا كثيرا من رق العبودية, ولأنني عبد الله أحب العبيد, ولو أن الناس كانوا عقلاء لرضوا بطيب قلب أن يكونوا عبيدا, و أقول لن ندرك مقام السيادة في هذه الحياة الدنيا ما لم نمر بمقام العبودية".
إن هذا الاستعداد الروحي والانفتاح الإنساني الذين برهن عليهما الشيخ سيدي عدة كانا محل إعجاب وتعاطف واستقطاب لكثير من الأوروبيين نحوه, و زاد ارتباطهم به أكثر بعد تأسيسه جمعية أحباب الإسلام سنة 1948؛ إذ كانت هذه الجمعية في تلك الفترة الوحيدة العاملة على جمع الكلمة في إطار الحوار واللقاءات بين الأديان ومختلف التيارات الفكرية. كما أن المحاضرات التي كانت تنظم في هذا الإطار بنادي السياحة بوهران و في قاعة النزل الكبير بمستغانم جلبت إليها جمهورا عريضا كان يتوافد باستمرار للاستماع إلى تعاليم الشيخ. ولتسليط الضوء على أهمية تلك المحاضرات نذكر هنا شهادة المقدم سيدي عبد القادر بالباي رحمه الله ـفيقول: "أرسلني الشيخ مرة إلى النزل الكبير لحجز القاعة الخاصة بالمحاضرات, ولدى وصولي طلبت مقابلة صاحب النزل -وكان يهوديا - فلما التقيت به وعلم بغايتي وأنني أريد القاعة للكراء تحاشى أن يرفض طلبي مباشرة فضاعف الثمن حتى يصدني ويثبط عزمي, فعدت إلى الشيخ قلقا أخبره بما كان, فأمرني بالعودة إليه فورا لحجز القاعة بالقيمة التي حددها صاحب النزل,ولما عدت إليه راضيا بالثمن تفاجأ لذلك. لم يكن ذلك اليهودي على خبرة بمكانة الشيخ و اكتشف ذلك لدى حضوره المحاضرة, وفي نهاية اللقاء تقدم نحو الشيخ باكيا وهو يقول: "أرجو أن تقبل اعتذاري وتسامحني على ما بدر مني وهذه نقودك أعيدها إليك لأنك جعلتني اليوم اكتشف سيدنا موسى من جديد".
سردنا هذه الحادثة كمثال على لطافة وعظمة تعاليم الشيخ سيدي عدة الذي كان همه تأليف القلوب وإدخال السرور والبهجة إليها, حتى صار كثير من الأوروبيين المثقفين - من كتاب و أطباء و صحفيين- من جملة أتباعه وآخرون كثيرون تعلقوا به وربطوا معه صداقات رغم بقائهم على قناعتهم ومعتقداتهم.
لقد شاهدنا خلال المسيرة التي قطعتها جمعية أحباب الإسلام ظهور صحوة روحية حقيقية بفعل تلك المحبة الشاملة التي كان الشيخ يزرعها بلا انقطاع في قلوب من يقصدونه ذكورا وإناثا. و على النقيض من ذلك فإن فئة أخرى رأت في هذا الانفتاح تيارا جارفا مدمرا نعتته بالماسونية الإسلامية المتطرفة التي استطاعت وبجراءة الجمع بين المؤمنين والملحدين, فكانت ترى في ذلك انزلاقا خطيرا حسب اعتقادها.
بالفعل ففي الأسبوعية الإسبانية SIETE FECHAS
كتبت في عددها الصادر في 11 أبريل 1950 تقول: "آلاف المتطرفين المسلمين من عملاء السياسة الفرنسية الاستعمارية يتعاطون في زواياهم رقصة غريبة يصلون معها إلى درجة الصرع الهمجي, يتميزون بإطلاق لحاهم و وضع الطرابيش الحمراء الملفوفة بالعمائم البيضاء على رؤوسهم كرمز على تأكيد انتمائهم للطريقة العلاوية؛ يقودهم رجل اسمه رشيد محمد الهادي المدعو كذلك عدة بن تونس ضابط سابق في السبايس وهو رئيس هذه الطائفة وكذا رئيس جمعية أحباب الإسلام". وتضيف الجريدة "انزلاق خطير يتمثل في تسلل عقيدة قرآنية إلى جمعية أحباب الإسلام تسمح بالتعايش بين المسلم و غير المسلم إن نشاط هذه الطائفة بفروعها الأوروبية تتشابه إلى حد كبير بالماسونية".
وحتى ندرك الغاية التي كان يرمي إليها الشيخ سيدي عدة نفتح هنا قوسا لنتكلم قليلا عن رجل ذي شهرة واسعة هو السيد فريجوف شيون المعروف بـعيسى نور الدين. عاد هذا الرجل للمرة الثانية إلى مستغانم في مارس 1935 ليدخل الخلوة على يد الشيخ, ولدى فراغه منها أجازه وعينه مقدما للطريقة العلاوية بأوروبا, وهذا نص الإجازة:
"لقد آذنا لأخينا في الله نشر التعاليم الإسلامية بين قومه من الأوروبيين وليبلغ لهم كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله التي نص عليها الأمر الديني, لقوله تعالى"ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين". وإني لأنصحه إلا بما أنصح به نفسي بأن يتقي الله في السر والعلانية و أن يتجنب شهوات النفس وإتباع الهوى, و أوصيه بالتوكل على الله تعالى في جميع الأحوال, ومن يتوكل على الله فهو حسبه, إن الله بالغ أمره, قد جعل الله لكل شيء قدرا" حرر و وقع بيد عبد ربه, الطائع أمره, والراجي عفوه بفضل كرمه وجوده".
إن الغاية من فتحنا هذا القوس التذكير بالأحداث فقط لا فتح الجدل القائم حول خلفيات انفصال شيون عن الطريقة العلاوية وتأسيسه طريقة خاصة به.
إن العظمة التي تميزت بها فكرة الشيخ سيدي عدة في مراعاة كرامة الإنسان والتسامح الفكري كانت فكرة جليلة أشار لها جون جبرائيل بروسي قائلا: "اسألوا الشيخ, يجيبكم أنه لا يريد منكم أن تقدسوه , إنما يريد فقط ليدلكم على طريقه, كان يقول "هذه طريقي و أتقبل أن يختار الآخرون طريقهم". أما جون بياس فقد نقل إلينا هو الآخر كلمة الشيخ: "قد بينت لكم طريقي وأبديت لكم سري, فإذا وجدتم من هو أحق مني فأرجو أن لا تذهبوا إليه وحدكم, بل نبهوني لأذهب سويا معكم يدا بيد".
هذا هو عدة بن تونس الرجل الجليل و المتواضع في نفس الوقت, الذي جعل طريقه طريق المحبة, كان يتمنى حتى للذين أهانوه أو افتروا عليه أن يزيد الله في أعمارهم. سأله أحد أتباعه متعجبا كيف تدعوا لهم بطول العمر وهم يبغضونك فأجاب: "حتى تعطى لهم فرصة بزيادة أعمارهم ليتوبوا".
في ماي 1952 بلغ به المرض مبلغه و رغم ذلك قام بسياحة إلى شرق الجزائر ووسطها ولدى عودته بدا عليه آثار التعب واضحا, و لما اشتد به المرض طلب منه مريدوه أن يستريح قليلا و يعتني بنفسه, فأجابهم: "دعوا المرض يعمل عمله ودعوني أقوم بعملي". وفي يوم الجمعة الرابع من شهر جويلية سنة 1952 وقد بلغ من العمر أربعا وخمسين سنة فاضت تلك الروح الطاهرة راجعة إلى مولاها ومحبوبها راضية مرضية, إنها روح عاشت بين الناس في هذه الحياة الدنيا شهيدة بوفاء على قرب الله ورحمته.
كنت حينها أبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف, إلا أنني مازلت أحتفظ في ذاكرتي بذكرى حية عن ملامحه التي ما فتئت تعاودني دون انقطاع, وكأني أراه بارزا من وراء سحاب بمحياه الوردي الواسع الابتسامة, و بلحية خاطها الشيب كنت أجذب إحدى شعراتها كلما حملني ليقبلني.
في يوم وفاته انتاب الزاوية جو من القلق والصخب, حيث عدد لا يحصى من النساء والرجال امتزج بكاؤهم بالسماع وتلاوة القرآن, فكان صداهم يملأ جنبات المحيط, كنت يومها مرعوبا لا أعي ما يحدث أهرول بين غرفة وأخرى أبحث عمن يهدئ من روعي و يؤانسني, وإذا بمربيتي تقطع علي ذلك الذهول بإفهامي أن ما يحدث صعب علي إدراكه و علمت بعدها أن نهاية هذا الرجل العظيم لم تكن نهاية لغايته ولا نهاية لرسالته.
بعد وفاته حمل المشعل إبنه الأكبر الشيخ محمد المهدي بعزم وحزم وشجاعة, و اقترنت خلافته بدخول الجزائر معركة طويلة هي حرب التحرير الوطني, تلك الحرب التي أسفرت عن استقلال الجزائر أي عشر سنوات يوما بيوم بعد انتقال الشيخ سيدي عدة إلى الرفيق الأعلى. واصل الشيخ المهدي في تلك الظروف الصعبة تجسيد المثل العليا السامية التي حملها من قبله رجال أفذاذ همتهم الوحيدة المحافظة على ذلك النور ليبقى بين الناس.
واليوم وبعد خمسين عام من وفاة الشيخ سيدي عدة نحي ذكراه بهذه المقتطفات من مراسلاته ومقالاته المدونة في مجلة المرشد و أحباب الإسلام, لتوضيح بجلاء فكره الذي يدعونا اليوم إلى التأمل, و هو نفس الغرض الذي دعانا لإقامة هذا الملتقى الدولي تخليدا لمآثره وأعماله و توضيحا لعالمية منهاجـه و فكره. ذلك الفكر الذي لم يفقد إلى اليوم قدرته على مسايرة الأحداث المعاصرة, وحل المشاكل وتبديد الخلافات القائمة بين مختلف العقائد والثقافات؛ انه يسهم إلى غاية اليوم في إظهار ثقافة الأخوة الإنسانية, تلك الأخوة التي كانت أغلى شيء لديه والتي دعا دوما إلى وجوب المحافظة عليها ووجودها بين الناس ولذا قال:
وحتى ندرك الغاية التي كان يرمي إليها الشيخ سيدي عدة نفتح هنا قوسا لنتكلم قليلا عن رجل ذي شهرة واسعة هو السيد فريجوف شيون المعروف بـعيسى نور الدين. عاد هذا الرجل للمرة الثانية إلى مستغانم في مارس 1935 ليدخل الخلوة على يد الشيخ, ولدى فراغه منها أجازه وعينه مقدما للطريقة العلاوية بأوروبا, وهذا نص الإجازة:
"لقد آذنا لأخينا في الله نشر التعاليم الإسلامية بين قومه من الأوروبيين وليبلغ لهم كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله التي نص عليها الأمر الديني, لقوله تعالى"ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين". وإني لأنصحه إلا بما أنصح به نفسي بأن يتقي الله في السر والعلانية و أن يتجنب شهوات النفس وإتباع الهوى, و أوصيه بالتوكل على الله تعالى في جميع الأحوال, ومن يتوكل على الله فهو حسبه, إن الله بالغ أمره, قد جعل الله لكل شيء قدرا" حرر و وقع بيد عبد ربه, الطائع أمره, والراجي عفوه بفضل كرمه وجوده".
إن الغاية من فتحنا هذا القوس التذكير بالأحداث فقط لا فتح الجدل القائم حول خلفيات انفصال شيون عن الطريقة العلاوية وتأسيسه طريقة خاصة به.
إن العظمة التي تميزت بها فكرة الشيخ سيدي عدة في مراعاة كرامة الإنسان والتسامح الفكري كانت فكرة جليلة أشار لها جون جبرائيل بروسي قائلا: "اسألوا الشيخ, يجيبكم أنه لا يريد منكم أن تقدسوه , إنما يريد فقط ليدلكم على طريقه, كان يقول "هذه طريقي و أتقبل أن يختار الآخرون طريقهم". أما جون بياس فقد نقل إلينا هو الآخر كلمة الشيخ: "قد بينت لكم طريقي وأبديت لكم سري, فإذا وجدتم من هو أحق مني فأرجو أن لا تذهبوا إليه وحدكم, بل نبهوني لأذهب سويا معكم يدا بيد".
هذا هو عدة بن تونس الرجل الجليل و المتواضع في نفس الوقت, الذي جعل طريقه طريق المحبة, كان يتمنى حتى للذين أهانوه أو افتروا عليه أن يزيد الله في أعمارهم. سأله أحد أتباعه متعجبا كيف تدعوا لهم بطول العمر وهم يبغضونك فأجاب: "حتى تعطى لهم فرصة بزيادة أعمارهم ليتوبوا".
في ماي 1952 بلغ به المرض مبلغه و رغم ذلك قام بسياحة إلى شرق الجزائر ووسطها ولدى عودته بدا عليه آثار التعب واضحا, و لما اشتد به المرض طلب منه مريدوه أن يستريح قليلا و يعتني بنفسه, فأجابهم: "دعوا المرض يعمل عمله ودعوني أقوم بعملي". وفي يوم الجمعة الرابع من شهر جويلية سنة 1952 وقد بلغ من العمر أربعا وخمسين سنة فاضت تلك الروح الطاهرة راجعة إلى مولاها ومحبوبها راضية مرضية, إنها روح عاشت بين الناس في هذه الحياة الدنيا شهيدة بوفاء على قرب الله ورحمته.
كنت حينها أبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف, إلا أنني مازلت أحتفظ في ذاكرتي بذكرى حية عن ملامحه التي ما فتئت تعاودني دون انقطاع, وكأني أراه بارزا من وراء سحاب بمحياه الوردي الواسع الابتسامة, و بلحية خاطها الشيب كنت أجذب إحدى شعراتها كلما حملني ليقبلني.
في يوم وفاته انتاب الزاوية جو من القلق والصخب, حيث عدد لا يحصى من النساء والرجال امتزج بكاؤهم بالسماع وتلاوة القرآن, فكان صداهم يملأ جنبات المحيط, كنت يومها مرعوبا لا أعي ما يحدث أهرول بين غرفة وأخرى أبحث عمن يهدئ من روعي و يؤانسني, وإذا بمربيتي تقطع علي ذلك الذهول بإفهامي أن ما يحدث صعب علي إدراكه و علمت بعدها أن نهاية هذا الرجل العظيم لم تكن نهاية لغايته ولا نهاية لرسالته.
بعد وفاته حمل المشعل إبنه الأكبر الشيخ محمد المهدي بعزم وحزم وشجاعة, و اقترنت خلافته بدخول الجزائر معركة طويلة هي حرب التحرير الوطني, تلك الحرب التي أسفرت عن استقلال الجزائر أي عشر سنوات يوما بيوم بعد انتقال الشيخ سيدي عدة إلى الرفيق الأعلى. واصل الشيخ المهدي في تلك الظروف الصعبة تجسيد المثل العليا السامية التي حملها من قبله رجال أفذاذ همتهم الوحيدة المحافظة على ذلك النور ليبقى بين الناس.
واليوم وبعد خمسين عام من وفاة الشيخ سيدي عدة نحي ذكراه بهذه المقتطفات من مراسلاته ومقالاته المدونة في مجلة المرشد و أحباب الإسلام, لتوضيح بجلاء فكره الذي يدعونا اليوم إلى التأمل, و هو نفس الغرض الذي دعانا لإقامة هذا الملتقى الدولي تخليدا لمآثره وأعماله و توضيحا لعالمية منهاجـه و فكره. ذلك الفكر الذي لم يفقد إلى اليوم قدرته على مسايرة الأحداث المعاصرة, وحل المشاكل وتبديد الخلافات القائمة بين مختلف العقائد والثقافات؛ انه يسهم إلى غاية اليوم في إظهار ثقافة الأخوة الإنسانية, تلك الأخوة التي كانت أغلى شيء لديه والتي دعا دوما إلى وجوب المحافظة عليها ووجودها بين الناس ولذا قال:
ليـس الشـأن أن تـرانـي * إنمـا الشـأن أن تعـرفنـي
عدة بن تونس وبعض معاصريه من الأتباع و المحبين. رسالة الشيخ خالد عدلان بن تونس إلى ملتقى الذكرى الخمسين لوفاة الشيخ عدة بن تونس المنعقد في تاريخ 23-24 شعبان 1423 الموافق لـ 30-31 أكتوبر 2002 بدار الثقافة لمدينة مستغانم.
عدة بن تونس وبعض معاصريه من الأتباع و المحبين. رسالة الشيخ خالد عدلان بن تونس إلى ملتقى الذكرى الخمسين لوفاة الشيخ عدة بن تونس المنعقد في تاريخ 23-24 شعبان 1423 الموافق لـ 30-31 أكتوبر 2002 بدار الثقافة لمدينة مستغانم.
تعليقات
إرسال تعليق