الطريقة العلاوية الشاذلية وشيوخها في اليمن

تنسب الطريقة العلاوية الشاذلية الى سيد أهل العرفان وترجمان أهل البيان الشيخ العارف بالله أحمد بن مصطفى العلاوي – قدس الله سره-  ولد الشيخ العلاوي رضي الله عنه سنة 1871م في مستغانم وهي مدينة غرب الجزائر تبعد عن مدينة وهران حوالي ثمانين كيلومتر. درس الشيخ العلاوي في مدينة مستغانم وأثناء الطلب التقى بشيخه العارف بالله سيدي الشيخ محمد بن الحبيب البوزيدي وتلقى على يديه العلوم والمعارف وحصل له فتح كبير وصل فيه الى معرفة حقائق ودقائق الطريق في الوصول الى الله تعالى كما سطرها في ديوانه وفي كتبه وما زال نجمه في علو وارتفاع في حياة شيخه حتى توفى شيخه سنة 1908م وخلفه الشيخ العلاوية شيخاً للطريقة من بعده. 

وفي عام 1914م أسس طريقة نسبها إليه وسماها الطريقة العلاوية. التحق بهذه الطريقة ألأف المريدين من الجزائر وغيرها حتى طار أسم الشيخ في الأفاق وأصبح قبلة للمريدين من إفريقيا وأروبا والبلاد الإسلامية وأصبح له في أكثر بلدان العالم مريدون ومحبون وزوايا يذكر فيها أسم الله كثيراً ومن الذين سمعوا به وتعلقوا بطريقته مولاي الشيخ العارف بالله أبو الأحرار عبد الله علي الحكيمي ومولاي الشيخ العارف بالله والدال عليه سيف بن أحمد حاجب الدبعي أصلاً والزيلعي مولداً واليوسفي إقامة والعلاوي طريقة.


الشيخ سيف بن أحمد حاجب العلاوي 1898 م- 1990م
ولد الشيخ سيف العلاوي حوالي سنة 1898م في قرية الزيلعي من أعمال مدينة الراهدة من أبوين أصلهما من قرية دبع الخارج وكان أبوه يعمل في التجارة بين عدن والزيلعي والقاعدة.

كان الشيخ سيف يساعد أباه في تجارته وحج معه في حوالي سنة 1911م وبعد عودته من الحج تعلق قلبه بطلب العلم فلازم الشيخ العبادي في مدينة عدن وقرأ عليه كتبا ً في الفقه والطريق منها كتاب " تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب " ثم لحقته حذبة ربانية فهام في الأرض يبحث عن قطب الزمان. سمع بالشيخ محمد جوهر في الحبشة فشد الرحال أليه وعندما وصل أليه اخبره بأنه سمع بانه هو القطب وأراد ان يلزمه ويلتمس منه الوصول الى الله.وكان الشيخ جوهر من كبار العارفين بالله الذين يؤدون الأمانات الى أهلها ومن أهل الأسرار الذين صدقوا في عهدهم مع الله والناس وعندما سمع من الشيخ سيف ما جاء من اجله أخبره بانه ليس هو القطب ولكنه يعرف القطب. ولم يكن ذلك القطب سوى العارف بالله والدال عليه سيدي الشيخ احمد بن مصطفى العلاوي قدس الله سره العزيز. وقال الشيخ جوهر للشيخ سيف بانه سيلتقي بالقطب العلاوي في عرفات وسيفتح الله له في ذلك المكان.

وبعد ما عاد الشيخ سيف من الحبشة - أخذ الطريقة العلاوية من مقدم الشيخ العلاوي في اليمن سيدي الشيخ سعيد سيف الأشاعري وبعدها توجه معه الى مكة المكرمة عبر البحر سنة 1930م وما إن وصلت السفينة الى ميناء جدة حتى أحترقت فعاد المقدم سعيد سيف الأشاعري الى اليمن وواصل الشيخ سيف رحلته الى الديار المقدسة.

وفي عرفات وجد الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي وحصل له الفتح العظيم يقول السيد عدنان الجنيد في هذا المشهد الأنسي واللقاء القدسي مانصه (وبمجرد اللقاء جاد له بالفتح والعطاء وسقاه من المعرفة خندريسها حتى صار عتريسها حينئذ زوجه بها فكان عريسها) وفي ذلك يقول الشيخ سيف شعراً:

وفي عرفات الغيب كان إجتلاؤها  بكأس أبي العباس عين حياتنا
جزى الله نبراساً إماماً وهاديا        به نلت هذا السر ومنه لي دنا
حبيب حباني الفضل من فيضه     الذي حباه به طه طبيب قلوبنا

وعاد الشيخ سيف الى اليمن وبدأ بنشر الطريق في عدن برفقة الشيخ العارف بالله عبد الله علي الحكيمي- قدس سره- والشيخ العارف بالله أحمد ناشر والشيخ العارف بالله سعيد سيف الأشاعري والشيخ العارف بالله عبده قائد العريقي حتى أنتهت مشيخة الطريق بعد موت الشيخ العارف بالله عبد الله علي الحكيمي أليه سنة 1945م وظل الشيخ سيف بن احمد حاجب مجتهداً في نشر الطريق في عدن والراهدة والدمنة حتى أجتمع عليه مئات المريدين.

ثم زوجه الشيخ أحمد بن ابي بكر مقدم سيدي الشيخ حسان رضي الله عنه بأبنته علوية في قرية المينان من بلاد بني حماد بالحجرية ثم تزوج بأخرى في قرية المناخ من بلاد بني يوسف وما زال متنقلاً بين بني حماد وبني يوسف ودمنة خدير يسوق الناس الى الله تعالى حتى وافاه الحمام وهو في أعلى مقام وكانت وفاته في بني يوسف في جماد آخر 1411.

يقول السيد عدنان الجنيد إن لسيدي الشيخ سيف- قدس الله سره- (أحباب وأتباع في جميع محافظات الجمهورية اليمنية وقصائدة مشهورة يترنم بها الحادون ويتغنى بها المنشدون وتطرب لها اسماع المحبيين، وأما المشايخ الذين تخرجوا على يده فهم كثر من أبرزهم الشيخ صالح النهاري والفقيه صالح الكشيحي والشيخ أحمد داود والشيخ محمد عبدالرب النظاري والذي يُعد شيخ الطريقة العلاوية حالياً).

-الشيخ أحمد ناشر الشوافي العلاوي 1862م - 1992م:
ولد سيدي الشيخ أحمد ناشر الشوافي حوالي 1862م في قرية الشريفة من أعمال الراهدة. وعمر ما يقارب 130 عاماً قضاها في السير الى الله وتوصيل المريدين إليه. وكان أية من أيات الله في الزهد والتواضع والحب لله ولخلقه. ينتسب الشيخ أحمد ناشر الشوافي الى أل البيت المطهرين.

بدا حياته بالتجارة بين الحبشة واليمن ثم توجه الى أوروبا بحثاً عن العمل ككل اليمنيين في بداية القرن العشرين الذين تفرقوا في جميع أنحاء العالم بحثاً عن الرزق وعمل في مدنية مرسيليا في فرنسا وكان حينها في فرنسا جالية يمنية كبيرة ومنهم من كان متصلاً بالشيخ العلاوي في الجزائر.

سمع الشيخ أحمد ناشر الشوافي بالشيخ العلاوي ولكنه لم يستطع لقاءه حتى مات الشيخ العلاوي وفي ليلة موته رأى سيدي الشيخ أحمد ناشر الشوافي رؤيا أفزعته. رأى النجوم تساقطت من السماء الى الأرض فسأل عن ذلك فأخبر في المنام ان ذلك بسبب موت قطب الزمان وهو الشيخ العارف بالله سيدي أحمد بن مصطفى العلاوي فما كان منه إلا ترك العمل في الشركة الفرنسية التي كان يعمل فيها وتوجه الى مستغانم وفي مستغانم وجد الشيخ عدة بن تونس قد خلف الشيخ العلاوي فاخذ منه العهد ودخل الخلوة لذكر الأسم المفرد ولم تمر سوى يومين حتى فتح الله له فتحاً مبينا ورأى ملكوت السموات والأرض وكان من الموقنين.

ومكث العارف بالله الشيخ احمد ناشر الشوافي في مستغانم شهرين ثم أستأذن الشيخ عدة بن تونس وتوجه الى اليمن وهناك التحق بالعارف بالله الشيخ سيف بن أحمد حاجب والعارف بالله الشيخ عبد الله علي الحكيمي في نشر الطريق في عدن والراهدة وغيرها من مناطق الحجرية حتى حدثت فتنة بين أبناء الطريق وبين بعض منتسبي الطرق الأخرى حيث وشى بهم عند الإمام أحمد بن حميد الدين الذي كان ولياً للعهد في ذلك الوقت بان طريقتهم مخالفة لما عليه طرق التصوف وإنهم يقولون بالحلول والإتحاد وشكل الإمام أحمد لجنة للتحقيق في الأمر من كل من القاضي الحلالي والقاضي الجنداري ورفعوا تقريراً للإمام أحمد بان الطريقة العلاوية تشبه في تعاليمها كل الطرق الصوفية المتشرة في بقاع الأرض فأمنهم الإمام احمد وسمح لهم بنشر الطريق.. لكن العارف بالله سيدي أحمد ناشر الشوافي رغب في الهجرة الى المدينة المنورة فأستأذن من الإمام فأذن له وزوده بخمسة عشر ريالً فرنسياً.

بعدها هاجر العارف بالله سيدي الشيخ أحمد ناشر الشوافي وجاور في المدينة المنورة من عام 1939 الى عام وفاته 1992 م وقد حج أكثر من سبع وعشرين حجة وكان كثير الإعتكاف في الحرم النبوي لايفارق مجلسه عند باب سعود إلا لقضاء حاجة وفي ذلك المكان من عام 1972 التقى به شيخ الطريقة الحالي العارف بالله الشيخ محمد عبد الرب النظاري وبدأ معه رحلة البحث عن الحقيقة.

-الشيخ محمد عبد الرب النظاري العلاوي:
ولد الشيخ محمد عبد الرب النظاري- حفظه الله- في قرية بني غازي من إعمال مدينة التربة الحجرية من أبوين شريفين سنة 1950م مات والده وهو حمل وماتت أمه وهو إبن أربع سنين وكفله جده الذي كان يسكن في مدينة عدن.

تلقى تعليمه في كتاب القرية ونزل الى عدن من قريته بني غازي وبدا يطلب العلم في مساجد عدن ثم نصحه الشيخ عثمان العبد الأزهري بالسفر الى زبيد لطلب العلم لما تفرس فيه ملامح النجابة والذكاء على صغر سنه وكان الشيخ الأزهري من المنسوبين الى الطريقة العلاوية فعمل الشيخ محمد عبد الرب النظاري بنصيحته وتوجه الى زبيد وهناك صحب كثيراً من المشايج ونهل من علومهم فمن مشايخه سيدي الشيخ حمزه أسد عبد القادر والشيخ احمد داوود البطاح والشيخ علي البيلوي والشيخ محمد الخطيب وأخرون ومكث الشيخ محمد عبد الرب النظاري في زبيد مدة ثماني حجج وغادر بعد ذلك الى مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وفي المدينة المنورة التقى بسيدي العارف بالله الشيخ أحمد ناشر الشوافي عام 1972 والذي كان أحد كبار العارفين في الطريقة العلاوية على حب الخمول وكراهة للشهرة والجاه لزمه الشيخ محمد عبد الرب النظاري وأحبه حباً ملك عليه وجوده فأصبح له خادماً ألزم له من ظله.

وعندما رأى فيه سيدي العارف بالله احمد ناشر الشوافي الأستعداد لتلقي أنوار الطريق أرسله الى شيخ الطريقة مربي العارفين وموصل المريدين سيدي العارف بالله سيف بن أحمد حاجب رضي الله عنه وفي قرية المناخ بني يوسف أوصله الشيخ سيف الى الله تعالى وألزمه كلمة التقوى وكان أحق بها وأهل لها.

وعاد سيدي العارف بالله الشيخ محمد عبد الرب النظاري الى المدينة المنورة ودرس في الجامعة الإسلامية وتخرج منها عام 1986 م ثم انتقل مجاوراً الى مكة المكرمة وفي جامعة أم القرى حصل على درجة الماجستير في فقه النكاح عام 1988 م وفي عام 1995م حصل على الدكتوراة عن رسالته عن الشيخ المقبلي من جامعة أم درمان في السودان.

وفي عام 1990م عندما اندلعت حرب الخليج وبعد إنتقال العارف بالله سيدي الشيخ سيف احمد حاجب الى الله تعالى رأى العارف بالله سيدي إبراهيم بن عقيل رضي الله عنه عن إشارة مسبقة من العارف بالله سيدي الشيخ سيف ان العارف بالله سيدي الشيخ محمد عبد الرب النظاري هو أحق المريدين بتولي المشيخة العلاوية في اليمن فقلده إياها العارف بالله سيدي إبراهيم بن عقيل في تعز عام 1991 م وبدا بعدها العارف بالله سيدي الشيخ محمد عبدالرب النظاري بنشر الطريقة وبيان الحقيقة فالتف حوله المتعطشون لتلك الرياض ونهلوا من علومه ومعارفه حتى اراد الله تعالى ان يهاجر الى مدينة دبي في الامارات العربية المتحدة في اكتوبر 1994م وما زال فيها كبيراً للوعاظ في دائرة الأوقاف والشئون الإسلامية نسأل الله ان ينفع به البلاد والعباد امين.

يقام الاحتفال بشيخ الطريقة سيدي سيف العلاوي في مسجد قرية المناخ بني يوسف في أول خميس من جماد الثاني كل عام.

الطريقة العلاوية الشاذلية وشيوخها في اليمن - ملتقى التصوف الإسلامي

تعليقات