محمد بن السائح (بسايح)

ولد الشريف الصالح, والولي الرباني الشيخ محمد بن السائح (بسايح) عام 1910م بمديونة على بعد 10 كم من مازونة ولاية غليزان. عاش في بلدة صغيرة بجوار منطقته الأصلية تسمى سيدي محمد بن علي.
تعلق قلبه بشيخه الأول الشيخ أحمد الهاشمي الذي كان مقدم الشيخ العلاوي رحمهما الله -وهو في نفس الوقت قريب له- ثم لقاءه فيما بعد بالشيخ أحمد العلاوي رضي الله عنه.

دام الشيخ محمد بن السائح بالخلوة لمدة ثلاثة أيام في زاوية الشيخ العلاوي. كان مقدم الشيخ العلاوي يعتني بعد كل صلاة بالمشتغلين بالخلوة ومحاورتهم. كان الغرض من هذه المحاورة معرفة الحال الذي وصل إليه المختلي لإرشاده وتجنيبه الخواطر النفسية. وبعد ثلاثة أيام, أخبره المقدم أنه يمكن له أن يترك الخلوة والذهاب لرؤية الشيخ.
وجد الشيخ العلاوي منفردا لوحده في كوخ صغير مركب من القصب, وأمام قدميه سيل من الماء يتدفق من أعلى الحائط. كان جالسا أمام البحر على فرش مصنوع من الحلفاء.
يقول الشيخ محمد بن السائح عن هاته اللحظة : "وجدت البحر مقابل البحر !". ويضيف قائلا : "وصلت أمامه بمعية اثنين من الفقراء, سلمنا عليه ثم جلسنا أمامه. لم أتمكن من النظر إليه لتغلب هيبته على قلبي, وفي كل مرة أحاول النظر إليه وعندما تتلاقى نظراتنا أشعر بتيار كهربائي يمر عبر جسمي من الرأس إلى القدمين, ويهتز جسدي دون أن أتمكن من السيطرة عليه, فقد كانت أحوال لا يمكن وصفها. ثم قدم لنا الشيخ الشاي وقال لنا : "يمكنكم الذهاب وائذن لكم بممارسة الإسم الأعظم". ولم يأذن لي بممارسته فقط بل وتلقينه كذلك, جزى الله الشيخ العلاوي خير الجزاء".
ورث الشيخ محمد بن السائح علم الأحدية من شيخيه : الشيخ أحمد بن الشيخ الصادق الهاشمي ومن الشيخ أحمد العلاوي, كانت لديه قدرة كبيرة على فهم الإشارات ولم يكن في المقابل يفشي المعاني المخفية لكلماته أمام جلسائه.
كان الشيخ محمد بن السائح بحر من المعرفة الربانية, لكن أفراد بلدته تجاهلوه طوال الوقت الذي كان يتمتع بشبابه وصحته وكان يتحدث إليهم ليلا ونهارا, ولكن كان يقال عنه "درويش يتكلم دون أن يعرف ما يقول". ولكن وللأسف, في حين أصيب بالمرض ومعاناته بآثار تقدم السن, كان نفس هؤلاء الناس يأتون إليه لينهلوا من علمه, والله يفعل في ملكه ما يشاء.
توفي رحمه الله يوم الجمعة 27 ربيع الأول 1429 هـ الموافق لـ 4 أبريل 2008. تم دفنه في اليوم التالي بعد صلاة الظهر حيث حضر جنازته جمع غفير من الفقراء من جميع أنحاء الجزائر, وقام بأداء صلاة الجنازة الشيخ مولود بوداعي رحمه الله (بناء على طلب الشيخ محمد بن السائح), رحمه الله وجعل الجنة مثواه, آمين.

تعليقات