المقدمة - الشهائد والفتاوي

بسم الله الرحمن الرحيم, سبحان الذي إقتضت سعة فضله أن يكون للباطل1 جولة في ملكه وللحق صولة في نفسه ليقذف به عليه ويحق الحق بكلماته فيدمغه فإذا هو زاهق من حينه, هكذا ثبتت حكمته ونفذت مشيئته على الخاصة العليا من خلقه (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ), الحج 52. هذا فيما أنزله الله تعالى تسلية لرسوله عندما كذبه قومه وأبهتوه وشددوا النكير عليه كما حاربوه وعاملوه بكل ما يستطيعون أن يعاملون به فكان ذلك ميراثا لكل مرشد بقدر حظه من رسوله (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا), آل عمران 186, ليتحقق الفرع بأصله. فتجد الواحد من الداعين إلى الله يلاقي شبه ما يلاقي النبي من قومه أسوة حسنة ليبقي الحد لمحدوده ويعلم المرشد حكم الله في الارشاد قبل الإقدام عليه فلا يتحمل أعباء التبليغ إلا من استطاع إليه, ولن يستطيع إلا من أيده اهلم بنصره (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ), الصَّف 9. فجاء ذلك طبق ما أخبر به التنزيل على لسان نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وحزبه وسلم وعلى كل من بث شرعه وعزره ونصره من بعده.

هذا وإن الفقير إلى مولاه عبد ربه محمد بن عبد الباري الشريف التونسي يقول :

إنه لمن المقررات الشرعية والمستحسنات الطبيعية أن لا يخذل المؤمن أخاه وهو قادر على نصره لما في الحديث (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) وفيه أيضا (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ), وعليه, فكيف يتسنى لمن طلب بهذا أن يقصد إذاية المؤمن أو تشويه عرضه, أو يبالغ في تنقيصه أو يحط بشيء من قدره وكرامته, وهذا في المؤمن الواحد فكيف بمن يرتكب ذلك في نحو أمة2 برمتها يتركب عددها من مئات الألوف بدون ما يراعي ما عسى أن يكون فيها من نحو الشريف أو العنيف أو المنتسب لله أو الحامل لكتاب الله أو العالم بأحكام الله أو أو... وعلى الأقل حقه أن يراعي رابطة الإسلام لما في الحديث (كُلُّ المُسِلمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَام دَمُهُ وَمَالُه وَعِرضُه) وغير هذا مما لم يكن بمانع لمن اعتادت نفسه التغذي بلحوم المؤمنين, وهذا ونحوه هو الذي ألزمني بإظهار ما كان من قبيل الإضمار من معتقدات بعض السادات الأخيار العلماء الابرار, في أهل الطائفة العلاوية ومؤسسها زادهم الله رفعة وانتصارا. 

كان عزمي على هذا بعدما انطلقت في أعراضهم الألسن وتشعبت في مسلكهم الظنون بين مادح وقادح, كان ذلك بواسطة ما نشره بعض الكتاب في بعض الصحف السيَّارة3 التي تعتد بعض الأخبار الزائفة فننشرها قبل التثبت بدون ما تراعي ما يتضمنه صريح التنزيل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ), الحجرات 6,  إلى أن شاع شبه ذلك وذاع, فقلَّ أن يبقى من لم يبلغه عن النسبة العلاوية ومؤسسها ما يشين ويهين إن لم نقل ما يشعر بحطهم عن دائرة الإسلام والمسلمين, ظنا منهم أن يطفئوا نور اهلس بأفواههم ويأبى اهلط إلا أن يتم نوره ولو كره المغرضون.

وقبل الشروع  في المقصود نقدم ما المستعان به من بعض التمهيدات....

 تعاليق محمد بن البشير الجريدي:

1): يعني بقوله الباطل ولعله ما روجته ألسنة المبطلين في أعراض أهل الطائفة العلاوية ومؤسسها ويعني بصولة الحق ما أثبته الواقع حسبما يأتي على ألسنة العلماء الأعلام.
2): يعني بها الطائفة العلاوية فقد بلغ عددهم نحو ما ذكر.
3) أما من الصحف التي تتحرى صحة الأخبار فلم تحض في هاته المعمعة, ومن الصحف ما اهتزت أولا لنشر الأخبار بدون ترو ثم لما تم صاحبها التحقيق في الأمر بنفسه وما عليه الأستاذ الإمام وأتباعه اعترف بالحق ورجع لنشر الفضائل ونعني صاحب جريدة النجاح.


إنتقل إلى الفهرس 

تعليقات