التمهيد الأول - الشهائد والفتاوي

التمهيد الأول
فيما يتعلق بابتداء ظهور الطائفة العلاوية
 
أقول أن ابتداء ظهورها كان بتاريخ عام 1327هـ الموافق لـ 1909م على يد مؤسسها المنتسب لله الشيخ السيد أحمد بن عليوة المستغانمي.
 
بعد ما انتقل أستاذه المعظم 1 إلى عفو الله عز وجل بعد أن قضى في خدمته 2 ما يقارب من خمسة عشر سنة, وغير خفي عن أهل الخبرة ما قامت به هاته الطائفة العلاوية من ذلك الحين من بث التعاليم الشرعية والإرشادات الدينية في عدة بقاع كانت ترى أبعد من أن يتناولها الإصلاح من جهة ما حلَّ بأهلها من الإهمال وسنأتي إن شاء بما يزيدنا إيضاحا فيما قامت به هذه النسبة من الإرشادات حتى لا يغتر القارئ بما شنعه المبطلون وما قصدنا بذلك إلا إثبات الحقيقة وتمحيص الواقع.
 
وهكذا كانت الطائفة تواصل سيرها في بث الإصلاح, كل ذلك بما أودعه الله تعالى في عموم أفرادها من حب الخير لأبناء جلدتهم, فلا تجد الواحد منهم إلا ناصحا مرشدا كيفما كان وحيث ما كان لا يهدئ من عمله إلا أن يظهر تأثيره فيمن حوله تأثيرا حسنا يعترف به المنصفون. وهكذا كان يقع ذلك بالفعل والمشاهدة أقوى دليل, وبما قد تقرر في أكثر النفوس السليمة, كان بعض من رجال القبائل يحاول رؤسائهم بكل إلحاح في طلب من يصل إلى ناحيتهم من رجال هذه الطائفة لإصلاح مواطنيهم اعتمادا على ما اتضح لديهم من استفادة مجاوريهم. وكان السُوَّاح من رجال هاته النسبة يقصدون المواطن المنهمكة حرصا منهم على بث الشرائع الدينية والسنن المحمدية. وكنت أسمع عنهم أن ما من موضع حلوا بساحته إلا وكانوا شبه الغيث النافع لأهله, والآثار شاهدة إلى أن امتدت فروعها في الحاضر والبادي وتأسست جموعها في أغلب النوادي. وإني والله ما علمت لهم من غاية يحاولونها سوى بث شرائع الدين والمبالغة في نصح المسلمين, وعلى شبه هذا انعقد عزمهم وكانوا عاملين وبالضرورة أن عملهم هذا ليس مما يرضي الشيطان وإلا لما تكلف لأن يوحي لنظرائه ما يجعل به الذاكرين في شغل شاغل عن ذكرهم, ولا مستبعد فإن ذلك من وظيفته, سنه الله في خلقه. قال الله تعالى في كتابه الحكيم: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ, وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (الحج:52).
 
_________________
  1. هو الشريف الأصيل المربي الجليل العارف بالله والدال عليه البركة الشيخ سيدي محمد بن الحبيب البوزيدي المستغانمي رضي الله عنه, عاش هذا الشيخ على حالة ربانية وسيرة نبوية اهتدى على يديه الجم الغفير وانتفع به الخلق الكثير حسبما يشهد له بذلك أهل بلدته حتى ختمت أنفاسه على هاته الحالة الراضية بتاريخ الاثنين العاشر من شوال 1327هـ الموافق لـ 1909م ومزاره معروف ببلدة مستغانم يقصده الزوار لأجل التبرك به.
  2. ومدة ملازمته له كانت بكل احترام لم يأل جهدا للسعي في مرضاته إلى أن سار إلى رحمة الله وهو عليه راض, وبذلك يعترف له عموم إخوانه, وإلى ذلك أشار فضيلة مفتي مدينه تلمسان في شهادته الآتية حيث قال: "وكنت أشاهده ملازما لشيخه المرحوم سيدي محمد البوزيدي بأدب كثير وهو راض عنه حتى توفي فناب عنه وخلفه, فالله أسأل النفع به للمسلمين..."


تعليقات