سياحة الشيخ أحمد العلاوي بالمغرب الأقصى سنة 1928م, 1346هـ

منذ سنين تاقت نفس الأستاذ العلاوي إلى زيارة (ثانية) للإيالة المراكشية والاجتماع بمن فيها من الفضلاء والعلماء والشرفاء كما كان الكثير ممن كنت أطلع على رسائلهم يودون رؤيته بكل اشتياق ويتعشقون للاجتماع به تعشق الولهان إلى أعز الخلان, وفيهم من أمَّ الزاوية لزيارته والاغتراف من بحره الطامي وسره الهامي. 

وكان قد زار المغرب سنة 1924م, 1342هـ حيث بعث قبل ذلك كاتبه الخاص السيد الحسن بن عبد العزيز البغدادي في مهمة خاصة إلى فاس ليهيئ له سياحته بها وهو بذلك أعد للشيخ العلاوي الزيارة الأولى للمغرب الأقصى حيث التقى ببعض علمائها وفضلائها, منهم محمد الحبيب بن الصديق المغراوي الحسني المدرس بالقرويين الذي زار الشيخ العلاوي مرتان بمستغانم, ومحمد الفاطمي بن محمد الحبيب الحسني الإدريسي المحمودي الدرقاوي طريقة, والشريف البركة أحمد الدباغ والسيد محمد العطار, والمحب الخير عمار اللبَّار من أعيان النجار الأفاضل, وممن زارهم العلامة المحدث الشيخ سيدي محمد بن عبد الحي الكتاني.

وقد أبت الظروف أن تمن عليه بتلك الزيارة إلى هذه الآونة الأخيرة حيث سمحت له الحكومة برخصة السفر إلى تلك الإيالة بعدما اعتذرت له عن مثلها لزيارة دار الله الحرام والشخوص أمام قبر سيد الأنام صلى الله عليه وسلم, وكان بصحبته في هذه السياحة المباركة كاتبه الخاص محمد بن البشير الجريدي الذي نقل لنا أغلب تفاصيل السياحة إذ لا بد له من كاتب يكون مصاحب له في الحضر والسفر, ودامت سياحته بالمغرب شهرا ونصف.

بدأ الشيخ أحمد العلاوي سياحته بالغرب الجزائري قبيل وصوله إلى الإيالة المراكشية, ومن هناك عرج على مدينة وجدة ثم العيون, فاس, مكناس, الرباط, سلا, الدار البيضاء, الجديدة, مراكش, ثم فاس مرة أخرى لإتمام بعض مآربه ثم العودة إلى مستغانم. وقد تضاربت تواريخ وجوده بالمغرب, حيث نشرت جريدة البلاغ تقارير حول سياحته من جريدة "السعادة" المغربية ولاحظنا بعض الاختلاف سواء كان تاريخ كتابة التقرير أو تاريخ النشر والاختلاف بينهم يتراوح بين أسبوع إلى عشرين يوما, ففضلنا عدم ذكر التواريخ حتى نجتنب الخطأ وذلك ابتداءً من وصوله إلى مدينة فاس.

الاثنين 14 مايو 1928م, 24 ذي القعدة 1346هـ 

من وجدة

كان خروجنا من تلمسان يوم الاثنين من التاريخ المقدم الذكر على الساعة 11:30 على سيارة لحضرة التاجر الأرضى السيد محمد بن المرابط, أما سائقها فهو أخوه الأنجب السيد مصطفى, وقد كنا أربعة ركاب, فيها الأستاذ والسيد الصالح بن ديمراد والسيد مصطفى السائق وكاتب النميقة (يعني بها نفسه محمد بن البشير الجريدي), وقد قدم جماعة يريدون تشييع الأستاذ إلى وجدة, وحين لم يجدوا موضعا, ذهب بعضهم على طريق السكة الحديدية وبعضهم في سيارة معدة للركاب يوميا, وهم حضرة المقدم المحترم العربي أشوار وابنه الأخ الأبر سيدي مصطفى والأخ سيدي الحبيب بن حامد والسيد الجيلالي الدرقاوي والسيد الحاج يحيى الفجيجي والسيد علال الريفي والسيد أحمد بن عبد المؤمن الطنجاوي والسيد محمد بن عبد الله الخضري البسكري, وهذا الأخير جاء من بلاد بسكره بقصد زيارة الأستاذ, ولما لم يجده بمستغانم لحقنا إلى تلمسان وذهب معنا إلى السياحة بأرض المغرب الأقصى, وكذا حضرة المقدم الأجل السيد صالح بن عبد العزيز القادري وسيدي عبد القادر بن المكي المستغانمي الذي لحقنا من وهران. وعندما انصرف الجماعة أطلق السائق آلة السيارة وتوجهنا على بركة الله قاصدين وجدة. 

وعند وصولنا إلى بلدة صبرة وهي قرية تبعد عن تلمسان بـ 30 ميلا, نزلنا بقصد أداء فريضة الظهر ببيت الأجلين السيد الحسين بن الحبيب التلمساني وأخيه السيد الجيلاني التاجرين هناك, وقد تشرفا بالطريقة في ذلك الحين, ثم ودعناهما وسافرنا على الساعة 3:30 مساءً فوصلنا إلى مدينة مغنية ولم ننزل بها, ومن هناك اعتدلت الطريق فأطلق السائق عنان السيارة حتى كادت أن تكون طائرا على وجه الأرض تطويها طيا فدخلنا وجدة على الساعة 4:30.

وكان أول ما لقينا حضرة الباشا بتلك المدينة السيد مولاي أحمد بن منصور, إلا أن سلامه كان مقرونا بالوداع حيث كان على سفر. ثم ذهبنا إلى دار السيد أحمد بن إسماعيل التلمساني فنزلنا بها وقد كان أعد مأدبة الغذاء لظنه وصولنا قبل ذلك الوقت. وعند وصولنا أبلغ حضرة العلامة الأنجب السيد القاضي الشيخ بتلك المدينة السيد محمد بن قدور والفقيه السيد مولاي عبد الكريم مقدم الطريقة الدرقاوية بوجدة والتاجر الأحظى حضرة السيد عبد الغني زيري الفاسي التاجر, فتناولوا معنا الغداء, وبعد رفع الموائد مدت مأدبة الشاي ثم دارت بين الأستاذ والقاضي ومن معهم مذاكرات علمية ونكت صوفية ومحادثات ودادية, ثم استأذنوا الأستاذ للذهاب فسمح لهم. وبعد ذلك انتقلنا نحن الفقراء صحبة الأستاذ إلى دار الأخ الأبر السيد محمد بن شعبان التلمساني وهو أخص فقير علاوي بمدينة وجدة وبابه مفتوح لمن يؤمه من إخواننا الفقراء بتلك الناحية, كثر الله من أمثاله بين ذوي الفضل والإيثار, وقد أعد العشاء للأستاذ ومن معه, وكانوا زهاء 16 نفسا. وقد وجدنا عنده أحد الفقراء من بلاد الريف يدعى الفقيه السيد إدريس, وبتنا عنده.

الثلاثاء 15 مايو 1928م, 25 ذي القعدة 1346هـ

وعند الصباح أمر الأستاذ بعض الفقراء ليجدوا لنا بيتا في بعض الخانات لننتقل إليه تخفيفا على ذلك الأخ. فذهب حضرة المقدم سيدي صالح بن عبد العزيز لأنه كان على خبرة ومعرفة بالبلاد فمكث قليلا ثم رجع لنا قائلا: "هيا لنذهب إلى زاوية الشيخ سيدي مصطفى ماء العينين فان مقدمه الأبر العلامة المدرس والخطيب بالمسجد الأعظم سيدي عبد الرحمن بن الهاشمي عندما سمع بالأستاذ أنه حلَّ بوجدة كاد أن يطير سرورا وأبى أن نكتري بيتا في الخان, وقال لي ها هي الزاوي لكم, وكيف لا نتشرف بحلول قطب زمانه وفردا وهو بمحلنا؟", فذهبنا جميعا فوجدنا الرجل مرتجيا لنا وبصحبته حضرة الفقيه السيد الحاج بن عبد الله البلعوشي وجماعة من الطلبة, فاستقبلونا أحسن استقبال, أما احترامهم للأستاذ فكان على أتم معناه. 

فنزلنا بتلك الزاوية المباركة, ومن حين جلوسنا هرع الناس للسلام على الأستاذ والتبرك بدعواته الصالحة, ومنهم الفضلاء والعلماء والشرفاء وغيرهم. وقد كان الأستاذ يعطي لمن يرى عليه أثر الاحتياج في 10 إلى 15 فرنكا, وأيم الحق حتى قال له بعض الأصدقاء: "إنك لتجد من هذا النوع كثيرا, فاقتصد في العطاء", فتبسم الأستاذ من قوله وأبى أن يرجع عن عطائه. أما من عرفت اسمه وعينه من الأفاضل فحضرة العلامة المدرس الشيخ السيد الحاج أحمد بن الحبيب والفقيه السيد المرتضى البودشيشي القادري وكان رجلا مبسوطا له من المحفوظات والنوادر ما ينبسط له جلسائه وكذا القاضي السيد عبد الحق المنوفي أحد أعضاء الجمعية بوجدة والفقيه الأنجب والأديب الكاتب السيد المنور بن علي العزاوي الذي بعث مقالا يحتوي على خبر مجيء الأستاذ إلى جريدة البلاغ الجزائري وهي كالآتي:

"تشرفت مدينة وجدة بحلول الشيخ الأكبر, الوارث المحمدي الأشهر, الجامع بين الشريعة والحقيقة ومنار اهتداء الطريقة العارف بالله تعالى أحمد بن مصطفى بن عليوة في رفقة من تلاميذه ومقدميه ونزل ضيفا مكرما مبجلا معظما عند بعض أصدقائه, وبعدئذ تسارع الناس أفواجا لزيارته والتبرك به والتماس صالح دعواته, وصار يخاطب جميعهم بما يسرهم ويبش في وجوههم وهو في وسطهم قد علاه نور الجمال وهيبة الجلال, تلحظه الأعين بعين التعظيم والإجلال, فكيف لا وهو الجبل الراسخ والطود الشامخ الدال على الله بسائر أقواله المشير إلى التعلق به في جميع أحواله, ياقوتة العصر ونخبة الدهر:

لَهُوَّ الهمة العلياء بها ملك الورى *** فقامت له الأكوان في السر والجهر
وأخلاقه الحسناء حدث بأنها *** كشهب السماء جلت عن العد والحصر
فسارع وجد السيران رمت وصله *** ولا تلتفت للغير فالغير في خسر
عليك به, فاسلك طريقته التي *** منار علاها قد تتسامى بلا نكر"(اه).

وقد قدم صباحا من مدينة أحفير الفقيه الأجل الشيخ سيدي أبو مدين بن المنور البودشيشي القادري وصحبه العلامة الأحضى السيد محمد بن إبراهيم قاضي مدينة أحفير سابقا. وكذا جاء بعض الفقراء من بلاد الريف الإسباني قاصدين مستغانم لزيارة الأستاذ والبعض من بني زناسن مثلهم, فقصَّر الله تعبهم بملاقاته بمدينة وجدة ورجعوا منها إلى بلادهم.

وما فتئ الزائرون يتواردون إلى بعد صلاة الظهر ثم أحضر صاحب الزاوية الشيخ عبد الرحمن الغداء للفقراء فأكلوا, وبعد ذلك بقليل وفد طلبة المدرسة بتلك المدينة على اختلاف طبقاتهم فتبركوا بملاقاة الأستاذ وطلبوا منه الدعاء الصالح, وبعد ذلك قرأوا شيئا من الذكر الحكيم, وحين عزموا على الانصراف أعطاهم الأستاذ "زيارة ذات بال" (قيمة مالية معتبرة) فقبلوها منه وذهبوا شاكرين له ومسرورين بمذاكراته.

أما حضرة الشيخ القاضي فإنه لم يمكث بمحكمته في ذلك اليوم أكثر من مكوته بجانب الأستاذ, ولما ذلك يا ترى؟ ليس ذلك إلا لِما سمعه من الحِكم التي تطرق مسامعه يومئذ, وقد أعطينا له بعض كتب الطريقة هدية, كما أنه أطلع على الرسالة التي ألفها الأستاذ في ذكر الاسم المفرد, فأعجب بها كل الإعجاب وقرظها, كما أهدى حضرته البعض من مؤلفاته للأستاذ.

وبعد صلاة المغرب جاء حضرة السيد عبد الرحمن علاوة التونسي المهندس المعدني للسلام على الأستاذ, وقد كان تشرف بالطريقة على يد الأستاذ في مدينة تونس لما ذهب إلهيا الأستاذ منذ 10 سنين, أي سنة 1918م, 1336هـ, وهذا السيد يرتدي اللباس الإفرنجي حتى أن الكثير لم يعرف أنه من المسلمين, وعلة على ذلك كثرة مخالطاته للإفرنج وجلوسه معهم, ومع كل هدا فإن عقيدته الدينية لم تتغير ومحبته للأستاذ ما فتئت تتوافر كما كنا نلاحظه من تحرقه على فراقه وشدة شغفه به, ولما سمع بسفر الأستاذ في صباح الغد تأسف غاية الأسف. وبعد أن ذهب حضرته وجبت صلاة العشاء فأتيناها, ثم ذهبنا إلى دار السيد الحاج محمد الأكحل وهو من خاصة إخواننا الفقراء, له من المحبة أوفرها, ومن الكرم ما هو به أولى, وقد أعد مآدبه العشاء لجميع من حضر مع الأستاذ تلك الليلة, أحسن الله له, ومضت ليلة معتبرة بما يقرب إلى الله من الأذكار وتوابعها, وكان قد ذهب الأستاذ في ذلك اليوم مع جماعة من الفقراء يتفسحون في أرجاء المدينة على السيارة التي قدمنا فيها كما ذهب إلى المحكمة لمقابلة الحاكم بها ليمضي له على رخصه السفر. 

الجمعة 18 مايو 1928م, 28 ذي القعدة 1346هـ

من العيون

وبعد أربعة أيام وفي يوم الجمعة من التاريخ المذكور خرجنا من مدينه وجدة على الساعة 9:00 صباحا وكان يوما شديد المطر كما مرت ليلته بطولها, وتوجهنا لمدينة العيون وكانت بينها وبين وجدة حوالي 59 ميلا, فوصلنا على الساعة 12:00, وقد وجدنا في انتظارنا حضرة السيد مصطفى بن رابح المحياوي الزناسني ومعه جماعة من الفقراء, فذهبوا بنا لدار أعدوها لنزول الأستاذ, فتناولنا الغداء بها وأدينا فريضة الظهر.

وقد توارد عباد الله من كل ناحية لزيارة الأستاذ والتبرك والنيل من صالح دعواته, ومن جملة من جاء في ذلك اليوم حضرة الجناب الرفيع والكهف المنيع السيد الخضر بن الشيخ الطيب بن أبي عمامة باشا العيون وصحبه عمه المفضال السيد سليمان بن أبي عمامة والعلامة الأرفع حضرة الشيخ الحسين بن محمد الجبلي الإمام والخطيب بمسجد العيون وغيريهم ممن لم أعرف أسمائهم, وجلسوا مع الأستاذ ما شاء الله ثم انصرفوا.

وبعد صلاة العصر جعل لنا الأستاذ درسا في ورقة الحطاب في فن الأصول, ولما فرغنا شرع الفقراء في الذكر والسماع. وبعد صلاة المغرب جاء إلينا ذلك الإمام المبرور قائلا لنا: "لتذهبوا معنا, فإننا قد أعددنا لكم منزلا فسيحا لائقا لنزول الشيخ ومن معه". فذهب بعض الفقراء ليتعرف على المنزل ثم رجعوا وكان وقت صلاة العشاء فأديناها وتناولنا العشاء ثم ذهبنا إلى ذلك المنزل, فوجدناه على جانب عظيم من النظافة وقد فرشت بيوته بزرابي الصوف ووسائد, فجزى الله المحسنين خيرا, والأحسن من ذلك أنه كان بجانبه مسجداً. فبتنا به على أحسن حال.

السبت 19 مايو 1928م, 29 ذي القعدة 1346هـ

وعند الصباح توارد الفقراء من بني زناسن وغيرهم مع المقدمين, منهم حضرة الجناب الرفيع الشيخ سيد العربي بن اعمر والفقيه السيد موسى النزاعي والفقيه السيد المختار بن الشيخ سيدي عبد الله الحافي, وغيرهم... وقد دخلوا البلد رافعين أصواتهم بالكلمة الشريفة "لا اله إلا الله" حتى قال بعض التجار الفاسيين بالعيون: "لم أسمع هذه الكلمة المشرفة ينادى بها جهرة في المدينة حتى اليوم, ولهذا وجب علي أن أتمسك بطريقة هذا السيد الذي كان سببا في إسماعنا إياها", وقد انخرط في سلك الطريق فعلا, فمثل هذا حقيق بأن يعد من الذين قيل فيهم: "إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا" (الأنفال:2).

وفي هذا اليوم توارد عباد الله زرافات ووحدانا للتبرك بالأستاذ, ودخل في الطريق نحو 80 نفراً ومنهم المدرس (الشيخ الحسين بن محمد الجبلي الإمام والخطيب بمسجد العيون) والباشا (السيد الخضر بن الشيخ الطيب بن أبي عمامة باشا العيون) وبعض الموظفين ونحو 10 من خاصة التجار الفاسيين.

السبت 26 ماي 1928م, 6 ذي الحجة 1346هـ

من فاس

وبعد مضي 8 أيام من مكوث الشيخ العلاوي بالعيون وسياحته بنواحيها انتقل إلى مدينة فاس, والغريب في الأمر أن السيد محمد بن البشير الجريدي توقف عن إرسال تفاصيل السياحة إلى جريدة البلاغ الجزائري لأسباب نجهلها, ولكن الحمد لله ولحسن الحظ أن جريدة البلاغ الجزائري وصلتها بعض رسائل السادة المغاربة الذين حضروا زيارة الشيخ إلى فاس وكذلك بعض الجرائد بالقطر المغربي التي نشرت بعض المقالات حول سياحة الشيخ العلاوي خاصة بفاس.

جاء في جريدة "السعادة" تحت عنوان "ضيف جليل" نشرته جريدة البلاغ الجزائري ما نصه:

"تشرفت العاصمة الإدريسية بزيارة رجل من أعاظم فضلاء القطر الجزائري وهو جناب العالم العامل الشيخ الكامل المربي سيدي أحمد بن مصطفى العلاوي شيخ الطريقة العلاوية بمستغانم.

لهذا الشيخ مكانة مكينة في قلوب أهالي ذلك القطر الذي قلما توجد فيه بقعة خالية من محب له أو مريد, وله في الأقطار الإفريقية صيت منتشر وأتباع يودونه ويبجلونه ويقدرونه بالمهج والأرواح. ورجل بهذه المكانة في الأنفس جدير بأن تنشر أخباره وتداع أنباؤه وتشرح فضائله ومزاياه, ويبين ما له من الخصائص التي امتاز بها.

سبق لي (لم تذكر جريدة البلاغ اسم صاحب المقال) منذ عامين ونصف أن صادفت الشيخ بمدينه تلمسان عند عودتي من القطر التونسي, فتاقت نفسي لزيارته والتعرف عليه وتطبيق ما أشاهد من أحواله على ما كان ينقل الرواة عنه.

وقد توجهت بالفعل لزاويته هناك وأسعدني الحظ بالاجتماع به زمنا قليلا, ثم فارقته ولم أشف غليلا من تلك الزيارة التي كان القصد منها زيادة على التعارف بسر أحواله ووزن ما يقال عنه أو له أو عليه. لذلك كنت من أول المسارعين لزيارته عندما أشرف مدينتنا (فاس), فجالسته طويلا وأنصتت لمذكراته العلمية التي هي أهم ما يروج بمجلسه, فإذا الرجل من مفردات الزمان علما ومحافظة على الرسوم الدينية وتشبعا بالروح الإسلامية.

وهو مع شدة صلابته في دينه وغيرته عليه لا ينحو منحى الذين يغمضون أعينهم عن حيثيات المستحدثات العصرية التي لا تمس بجوهر الدين, وله خبرة تامة بشؤون العالم واطلاع نادر على ما يروج بكل الأقطار, كما أن له عناية خاصة بنشر محاسن الدين الإسلامي باذلا في ذلك النفس والنفيس.

وبالجملة فالرجل داع بحاله ومقاله لبث الفضائل في الأنفس وحمل الناس بالحكمة والموعظة الحسنة على التشبث بقواعد الدين والتزي بزي الإسلام والسير على سننه الأقوم.

هذا بعض ما استفدناه من حال الرجل في جلستين جلسناهما معه في جماعة من أعيان المدينة وعلمائها وشرفائها وذوي الفضل فيها, وناهيكم بحسن الاستقبال الذي قبله به جنابه في هذه العاصمة أن فضيلة رئيس المجلس العلمي كان من جملة زواره الذين سُرُّوا بحالته وأعجبوا بمذاكرته وانبسطوا في حضرته, ولا يعرفُ الفضلَ لأهلِ الفضلِ إلا ذَوُو الفضلِ.

وطئت أقدام هذا الشيخ تراب المغرب لثاني مرة فتسارع الناس على اختلاف طبقاتهم لزيارته والتملي من رؤيته, فكانوا يلقون لسانا مرحبا وثغرا مبتسما وأخلاقا طيبة وعلوما منفجرة, فينقلبون وصدورهم مملوءة حبا وإجلالا للزائر العظيم.

هذا وإن الشيخ الذي قلنا إنه على صلابته في دينه لم يكن من الذين ينفرون من كل حادث ولو لم يناقض المبادئ الدينية, لم يكتم عن زائريه مبلغ سروره من التسهيلات العظيمة والمنافع الجسيمة التي انجرت للشمال الأفريقي من طرف الدولة الفرنسية دولة الحضارة والمدنية والعرفان, مثنيا على أعمالها في هذه الأقطار المتعلقة بها وخصوصا من حيث المحافظة على دين الأهالي وعوائدهم المرعية. واعتراف كهذا من مثل هذا الرجل العظيم الذي اشتهر بغيرة تامة على دينه لا يدع مجالا للشك في هذه المأثرة التي يرعاها المسلمون للدولة الفرنسية حق رعايتها.

هذا ما توفر لقلمنا أن يخطه في شأن زيارة هذا الرجل الفاضل لمدينتنا التي ستحفظ له أجمل ذكر على طول الأيام وتعاقب السنين والأعوام.

فبلسان جريدة السعادة التي هي لسان هذا القطر وترجمان المغرب, نرحب بفضيلة الشيخ العلاوي ترحيبا جما راجين له مقاما طيبا بين أظهرنا ومتمنين له دوام العز والهناء وحسن السلامة في الضغن والإقامة" (اه).

وجاء في نفس العدد تحت عنوان "سيدي أحمد بن عليوة" في رسالة من المغرب بعد التحية وتعابير ودية ما يلي:

"إن الفرح والسرور بابتهاج المغرب بالعنقاء المغرب حضرة شمس العرفان, ذاكر الله في كل مكان, الراقي مدارج السالكين, المنتهج نهج أولياء الله العارفين, إنسان عين الهدى ونجم الاهتداء, العلامة الذي لا يحتاج إلى التعريف به إلى علامة إذ كما قال سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ تعالى: "ألا إنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يَحْزَنُونَ" (يونس:62), قالَ: هُمُ الَّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ", الأستاذ المربي سيدي أحمد بن مصطفى العلاوي, مصحوبا برفقة من المريدين لا يبلغ عددهم حركة العوامل ولا عدد الأنامل, أناس ارتضعوا أفاويق الوفاق حتى ظهروا كأسنان المشط في الاستواء.

كنا نسمع بالشيخ سماعا فاشيا على ألسنة العدول المرضيين لا القردة الخاسئين الذين شانهم التغيير في الوجوه الحسان إلى أن شنف سمعنا في برهة من الزمان بخبر ويا له من خبر... خبر قدوم الشيخ لزيارة الحضرة الإدريسية فاشتاق الناس إلى محياه وخصوصا من كان قد حياه, فانقلبت السويعات أياما والشهور أعواما من شدة ما أصاب القوم من ألم الانتظار الذي هو أقصى على القلب من النار, والناس تزداد ظمأ في هواجر الطلب وأواما, فمدوا الأعناق والآذان لاستطلاع شروق شمسه ونزولها ومقامها وارتحالها حتى آن الحال وحان وطلع فوق الأفق ذنب السرحان.

فأشرقت بذور الحضرة السامية, أحسن الله أثرها وأعلى خطرها واظهر على يديه آيات المكارم وسورها, وأسجد لها الكواكب السيارة وشمسها وقمرها بهذه الحضرة الفاسية, حضرة العلم والمدنية الإسلامية عشية يوم السبت 6 ذي الحجة 1346هـ, فاقتبله الناس بكل فرح وسرور واظهروا له من الود ما تكنه الصدور مع الثناء عليه من صميم الفؤاد المنبئ عن خالص الوداد. وصارت الناس تتوارد عليه أفواجا, أفواجا, ويردون من عرفانه فرادى وأزواجا طالبين منه صالح الدعاء خاضعين لديه, والناس أمامه كأن على رؤوسهم الطير وهو يعاملهم بلطف وإحسان مع بشاشة خاصة وأخلاق محمدية وأحوال مرضية, وتواضع من الزائرين حضرته وهو يقرع الأسماع بجواهر لفظه وزواجر وعظه, وما زاده ذلك إلا رفعة في أعين الناس وابتهاجا, وكيف لا والشيم الكريمة للإنسان بمنزلة المسك في سرر الغزلان غير أن الطيب الثاني يعبق بالأنوف والأول بالآذان وبالتأمل يظهران بينهما فرقا, فالثاني يذهب والأول يبقى, فقلنا سبحان الله فإن التعريف لا يؤثر فيه إذ لا يتزاحم معرفان على معرف واحد بجوهره, كيف والصباح لا يتمارى في أسفاره, ولا يفتقر إلى دليل على إشراق أنواره, ويظهر بحسب العلامات علو المقامات, فهو رجل قد اتخذ كتاب الله إماما متبعا وطريقا متوقعا وملما بالتأمل فيه أرجاء صدره, ويقتدى في طريقته المسلوكة بنهيه وأمره, ويستبين ببيانه, إذ ألقيت بين يديه المعضلات ويستضيئ بمصابيحه إذا عظمت المشكلات, والناس على اختلاف طبقاتهم من علماء وأشراف وفضلاء محدقون به إحداق الهالة بالقمر والأكمام بالثمر, إذ كيف ينهر عن الأنهار السائلون؟ ولمثل هذا فليعمل العاملون وفيه فليتنافس المتنافسون.

وهو رضي الله عنه وأرضاه يسبل على الناس دعاويه الربانية وتستمطر من فيه عبارات يتلقاها أولو الألباب الواعية, يخلل مذاكراته بنصائح إسلامية ونفحات ربانية, وهو يذكر الله حالا ومقالا في سويعات جاد الزمان بها رغما عن بخله بالمثل, أو بما هو على أخص الأوصاف فوائد قد ملئت منها الأوطاب ونورت بها الرحاب وتناقلها الناس وطارت بها الركبان, خصوصا أهل العرفان بما سيأتي إن شاء الله مجملا وتفصيلا. وقد يحوي التفاصيل من يستحضر الجمل, فطوبى لكم بمخالطة عين الإنسان الروحي الحقة.

ولم تكن مرامي سؤاله رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة نزله ومثواه إلا على أهل نسبه الله ما أسسوا بنيان الشريعة وأقاموا وقالوا ربنا الله ثم استقاموا.

فأول ما اكتحل بصري بنور أثمد طلعته البهية يوم الأربعاء عشية عيد الأضحى, فجمع الله لنا بين عيدين بل بين أعياد لا تدرك إلا بمشاعر الفؤاد, وذاك بعد إسفار الشمس على الحيطان في محل محب أهل نسبة الله وخديمهم التاجر الأجل السيد عمر الأبَّار, أوقفه الله مواقف الأبرار.

دخلت عليهم بعد الاستئذان فوجدتم يصلون المغرب جماعة يؤمهم الفقيه العلامة والذاكر المتصوف سيدي محمد بن الحبيب الفاسي, فجعلت أقلب أجفاني فيهم وأتوسم الشيخ من بينهم, فلما سلم الجميع تقدمت إلى الشيخ وحييته بتحية الإسلام وصافحته مصافحة الحبيب محبوبه, وعرفته تطبيق اسمي على شخصي حيث كانت المعرفة سابقة بيننا, فازداد في ذلك نشاطا وفرحا, وصرنا نتجاذب أطراف الحديث نحو الأربع ساعات كانت أسئلة وأجوبة على موضوعات مختلفة.

ومن جملة ما دار في الحديث:

"إن المدارج إلى معرفه الله تبارك وتعالى ثلاثة, فالأولى الشرائع, والشرائع جمع الشريعة وهي ما شرع الله لعباده يمتثلون أوامره ويجتنبون نواهيه: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا" (الحشر:7) وأول مراتبه الإيمان بالغيب والقيام بالأركان الشرعية من صلاة وصوم وحج وزكاة, لأن العبادة إما بدنيه أو مالية, وأجَّل العبادة البدنية الصلاة, وأجَّل العبادة المالية الزكاة, ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "الصلاة عماد الدين والزكاة قنطرة الإسلام", وأما الترك فهو داخل في الصلاة لقوله تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ" (العنكبوت:45).

وأما الطرائق فالجمع طريقة وهي طور التخلية عن الرذائل والتحلية بالفضائل, وبعبارة أخرى هي تطبيق الأوامر والنواهي على أحوال المكلفين, ومعرفه النفس بخسائسها المندمجة فيها من حقد وحسد وغضب واستعلاء.

قال بعض العارفين: إن الإنسان اصطحب في خلقته وتركيبته أربع شوائب, فلذلك اجتمع عليه أربع أنواع من الأوصاف: الصفة السبعية, والبهيمية, والشيطانية, والربانية...

فهو من حيث السبعية يتعاطى أفعال السباع من العداوة والبغضاء والتهجم على الناس بالضرب.

ومن حيث البهيمية يتعاطى أفعال البهائم من الحرص والشره. ومن حيث أنه في نفسه أمر رباني, فإنه ربما يدَّعي لنفسه الربوبية كما فعل فرعون, ويحب الاستعلاء والاستبداد بالأمور كلها, ويشتهي الاطلاع على العلوم كلها, بحيث يفرح إذا نُسِبَ للعلم ويحزن إذا نُسِبَ إلى ضده الذي هو الأصل فيه.

أما من حيث الشيطانية فإنه يأتي أفعال الشياطين من استنباط وجوه الشر والتوصل إلى الأغراض بالحيلة والمكر والخداع, ويظهر الشر في معرض الخير, ويهيج أفعال الثلاث السالفة الذكر.

ولكن الله رزق عبده العقل ليدفع كيد الشيطان بأن يكشف عن تلبيسه ببصيرته النافذة ونوره المشرق الواضح, ويكسر الشهوة البهيمية والسبعية والروحية, فإن عجز عن قهر هاته الأربع قهروه واستخدموه.

فالقلب كالمرآة تكتفئ هذه المؤثرات, وإن كان القلب مشتغلا بذكر الله ازداد صفاء ولمعانا وضياءً حتى يظهر فيه جلية الحق وينكشف فيه حقيقة الأمر المطلوب, وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: "من أراد الله به خيرا جعل له واعظا من نفسه", وهذا القلب لا يستضيء تماما إلا بذكر الله والتفكر في مصنوعاته, قال الله تعالى: "أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (الرعد:28),  ثم الصلاة والصيام والزكاة والتحابب والتوادد وصلة الرحم والحكم بالعدل.

وأما إن امتثل أوامر السبعية والبهيمية والشيطانية, فذلك مثل دخان متراكم يتصاعد إلى مرآه القلب, ولا يزال يتراكم عليه مرة بعد أخرى إلى أن يسود ويظلم ويصير بالكلية محجوبا عن الله تبارك وتعالى, وهو المعبر عنه بالطبع والرين.

قلت: ومن هنا تنشأ ملاحظة الإسلام وأهله بعين الازدراء فيتتبعون عوراتهم وينمقون كذبتاهم وتشوه أقلامهم أحوالهم, فيسبون الأولياء ومنه يرتقون إلى النبويات, وهكذا إلى الإلهيات, والله متم نوره.

وأما الحقائق فهو الأمر الوهمي الذي معناه مشاهدة الحق في سائر الأحوال وهو نتيجة الأمرين قبله وهو المعبر عنه بالفتح الرباني والواردات الربانية النورانية وهو مقام العارفين بالله. والأمر أن قبله كسبيات يلتقيها الإنسان من نتيجة الإيمان والإحسان, والله يجزي كل نفس بما تسعى وإليه الميعاد والرجعى".

هكذا كان الشيخ في كل أوقاته يبدي ما في وطائه ويعجب الحاضرين بفصل خطابه والناس تستزيده وتستحلاه.

وكان في مدته إقامته مثلا للآية الكريمة: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" (الأعراف:199), لا يواجه أحدا بمكروه, فكان أحسن الناس سمتا, واليواقيت والدرر تتناثر من فيه بما فيه ما لا أقدر أن أستوفيه, وهو مع ذلك يتحلى برواء ورواية وتأمل ثاقب ودراية, وبلاغة في بابها رائعة, وآداب بارعة لأعلام العلوم النافعة, فكان ذلك له زينة عند الأنام ومزنة عند الأوام.

وكنت مع ذلك أورد عليه أسئلة عويصة وهو يجيب عنها باطمئنان تام, بأجوبة ينتفع بها الخاص والعام, وطالت بيننا المذاكرة خصوصا في قول ابن الفارض:

وإذا سألتك أن أراك حقيقة *** فاسمح ولا تجعل جوابي لن ترى

وكان قد أجاب قبل ذلك عن معنى البيت قائلا:

"حاشا لله أن يتوّهم ابن الفارض ذلك, وبيان المسألة أنّ سيدنا موسى عليه السلام, بعدما سدّ الله تعالى في وجهه باب الرؤية بقوله "لَن تَرَانِي" أعقبه جبرا لخاطره, وهو قوله "وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ" (الأعراف:143) ولا شكّ أنّ في هذا الخطاب الأخير ما يستروح إليه طالب الرؤية, بخلاف ما لو قطع الحديث عند قوله لن تراني, وهو ما اختاره ابن الفارض أن يكون جوابا له, فكأنّه يقول إن وقع وسألتك أن أراك حقيقة, فلا تجعل جوابي مقصورا على قولك  "لَن تَرَانِي", بل أعقبه بشبه استدراك مثل ما فعلت مع موسى, حيث أحلته على النظر إلى الجبل, لأنّ في استلفاتك له أن ينظر إلى الجبل ما يسليه عن منع الرؤية المجرّدة, وهذا ما كانت تنحصر فيه مسألة ابن الفارض, والله أعلم".

وانا في ذلك الحال مع جماعة من طلبة العلم نستصبح بمصابيح أنواره, ونقتطف من فواكه أشجاره, وكان جل مرمى أسئلته عن الروابط الدينية والاتحاد الديني ويوصي بإقام الصلوات الخمس لأوقاتها كما أوصى به سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم, وكان كثيرا ما كان يكرر على لسانه:

"ما وجدتم من أقوالي وأفعالي مخالفا للكتاب والسنة فاطرحوه إلى وراء ظهوركم وانبذوه بالعراء, فربما يكون ذلك افتعالا أو حالا من أحوال الشطحات التي ليست داخلة تحت دائرة التكليف".

وعلى ذلك أحببناه وأحبنا كما قيل في الحديث الشريف: "الحب في الله والبغض في الله", بمعنى أن الممتثل للأوامر والمجتنب للنواهي الشرعية محبوب ولو لم يكن لنا به معرفة سابقة, والآتي من المحرمات فهو مكروه ولو كان أخا شقيقا أو جارا قريبا. هذه هي شعب الإيمان الصادق, أما غيره فإنما هو زخرف من القول, لون حائل وظل زائل.

وكان في مدة إقامته بين أظهرنا يتوارد عليه العلماء والأشراف ليلتقطوا فرائد درره النفيسة, وكلما انقطعت المناظرات ينشد فقراءه الجزائريون أناشيد لدرجة تتمكن من القلب مع تخليل ذلك بكلمة الشهادة, والمجلس كله وقار والناس نواكيس الأذقان. وكان بعض الناس إذا صمت الفقراء يتلون كتاب الله العزيز, فإذا قضى وطره دعا سيدنا الشيخ العلاوي الناس حتى يلتف الجميع حوله كما كان يفعله الوعاظ سالفا, وقال لهم: "إن فلانا شنَّف سمعنا بكتاب الله فتلا قول الله عزَّ وجَّل: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ..." إلى آخر الآية (النور:35)", وفسر ذلك بتفسير أحلى من الشهد تتلقاه النفوس بالقبول وتستحسنه الطباع السليمة وتنشط له. ومع ذلك يقول أنه ليس سوى أحد من المسلمين وأن الكل عباد الله وأن الكل مكلف بإقامة دين الله والدعوة إليه, وأن الكل فيه الكفاءة, وذلك كل من تواضعه ولين جانبه بلسان رطب من ذكر الله بحيث يجزم أن ذلك الكلام لا يصدر إلا من رجل عارف بربه صادق في أحواله شاهد الله بقلبه, لا غرض له في الدنيا ولا في جميع حطامها.

هكذا كانت جلَّ أوقاته حين إقامته بمدينة فاس, ولقد استفدنا منه والحمد لله علوما نافعة, فالله يجازيه عنا أكمل الجزاء ويمده من بحر فيوضاته الربانية.

وكانت استدعاءات أعلى طبقات أهالي فاس تتهاطل عليه تهاطل الأمطار وهو لا يمتنع مستمطرا لفضل الله.

وزاره العلامة العارف بالله المشارك من غير مشارك الذي جمع الله له بين المعقول والمنقول والظاهر والباطن رئيس العلماء وأعلمهم شيخنا أحمد بن الجيلالي ليلة العيد, واستدعى الشيخ صبيحة العيد وراجت بينهما مذاكرات في التصوف, فأثنى عليه الشيخ ثناءً حميداً. وزاره أيضا العلامة الجليل الرحالة الأصيل الشريف مولاي أحمد البلغيثي, وراجت بينهما مذاكرات عديدة استنتج الناس منها فوائد جديدة. وزاره أيضا أكابر بيوت فاس وجلَّ علمائها.

وزرنا جميعا دار الشريف الأصيل الخَيِّر البركة سيدي محمد بن عبد السلام الطاهر بدرب الدرج من حومة فاس, وأكرمنا بزيارة النعال النبوية الشريفة الحقيقية, وعلى ظهرها شهادة أكابر المحدثين بأن هذه النعال هي النعال النبوية, كالإمام المسناوي والحافظ العراقي وغيرهم ممن يطول جلبهم في سويعة. كانت الدموع ساكبة فيها على خدود من حضر, واهتز الشيخ لذلك فرحا وسرورا وقبَّل النعال وتمسح بها, وتبرك بها جميع الحاضرين, ترى الناس في تلك الساعة من شدة الفرح بمشاهدة الآثار النبوية سكارى ومن شدة ما أطربني أبكاني, فالحمد لله على ملة الإسلام.

وما أبالي إذ ما كنت مسلما *** على أي جنب كان الله مصرعي

هذا ما شاهدناه من الشيخ مده إقامته بطرفنا, فلم نشاهد منه أدنى شيء يستوجب الإنكار بل رأيناه في سائر أفعاله واقفا مع الكتاب والسنة, ونحن لا نحبذ إلا ذلك, فالحق أحق أن يتبع والصدق حقيق أن يستمع, والله يرزقنا وإياكم تقوى الله.

من مكناس

غادر الشيخ مدينة فاس يوم الاثنين صباحا وتوجه لمكناسة الزيتون حيث أرسل له مولانا الشريف الأصيل العلامة الجليل كبير مكناس ونقيبها سيدي عبد الكبير بن زيدان العلوي رسوله محمد السلاوي الذي كان يكتب سابقا في الشهاب يستدعيه لمقره, فأجابه الشيخ بالفرح والسرور, وجلس الرسول جنب الشيخ سويعة وقال له الشيخ: "سآتي غدا صباحا مكناسة", فرجع الرسول لأهله فرحا مسرورا. وعند وصول الشيخ العلاوي إلى مكناسة استقبله الشريف المذكور وأنزله عنده وجمع عليه أعيان مكناسة الزيتون وعلمائها وأفاضلها, فأقام عنده يومين. 

من الرباط

واستدعاه جلالة وزير الأملاك سالفا المحب الأصيل السيد الحاج عمر التازي بعاصمة المغرب "الرباط", فشد سيدنا الأستاذ الرحيل لإتمام سياحته فنزل ساحة الوزير المذكور وفرح به وهشَّ وبشَّ وما قصَّر. كما استدعاه أيضا العلامة الشريف سيدي محمد المهدي الكتاني بالرباط.

من سلا

ثم عرَّج على ثغر "سلا" عند الفقيه العلامة الفاضل الأجل الوجيه النزيه الأمثل باشا "سلا" وقائدها سيدي محمد الصبيحي, فأكرم مثواه وفرح بلقاه, فجزاه الله أحسن الجزاء.

من الدار البيضاء, الجديدة.

وزار مدينة الدار البيضاء ثم توجه نحو مدينة الجديدة (غياب تام لتفاصيل السياحة بهاتين البلدتين).

من مراكش 

وتوجه الشيخ إلى مراكش حيث أن استدعاءات القائد السيد الحاج التهامي القلاوي وردت عليه كثيرا. وجاء في جريدة السعادة ما نصه:

"تحت عنوان "مرحبا بأهل الفضل والعلم", تشرفت العاصمة المراكشية في هاذين اليومين من شهر محرم (الأربعاء 20 جوان 1928م, 1 محرم 1347هـ) بسيادة العالم الفاضل الشيخ المربي سيدي أحمد بن مصطفى العلاوي شيخ الطريقة العلاوية بمستغانم. وقد نزل ضيفا محترما عند جناب الأكرم مراقب أحباس هذه الحضيرة السيد أبي مدين, فكان لقدومه رنة فرح عند محبيه وأتباعه. ومن اليوم الذي حلَّ فيه هذا السيد الفاضل هذه المدينة السعيدة, وجنابه بين مظاهر الحفاوة والإكرام من لدن أحبائه الكثيرين نظرا لما له من الصيت المنتشر في الأقطار الإفريقية, وما له من كثرة الأتباع. وقد زاره العدد العديد من العلماء والشرفاء بمحل إقامته, فكان يقابل الكل بغاية اللطف والمجاملة, ويسأل كل واحد عن حاله وأحواله, ويتذاكر مع السادة العلماء الذين ارتاحوا لمذاكراته.

وقد أسعدني الحظ بالاجتماع مع سيادته في حفلة لطيفة أقامها لجنابه مراقب الأحباس السيد أبو مدين المذكور, فوجدنا لسيادته من اللطف والأخلاق الجميلة ما يعجز البنان عن وصفه. وما نشرته جريدة السعادة في أحد أعدادها في باب المراسلات لأحد الكتاب الأفاضل من التنويه بهذا السيد الفاضل يكفي عن التعريف به, فنرحب بهذا الضيف العظيم ونتمنى لجنابه بين أظهرنا مقام سعيدا وعودا حميدا".

ثم من مراكش ولى الشيخ راجعا إلى فاس لقضاء بعض مآربه.

من فاس

وبعد عدة أيام من مكوثه بفاس, يقول المراسل (لعله محمد بن البشير الجريدي): تعد ليلة وداع الأستاذ العلاوي من مدينة فاس من أشرف الليالي المباركة لما انتشر فيها من جواهر اللآلئ العلمية والنكت الحكمية, وقد حضرها جم غفير من أجَّل العلماء الأعلام والأشراف الكرام, وعلى رأس الجميع حضرة شيخ الإسلام ورئيس العلماء الأستاذ الجليل سيدي أحمد بن الجيلاني, وألقى الأستاذ العلاوي درسا في تفسير سورة "الإخلاص" فبهر العقول وشنف الأسماع بما القاه عليها من الحكم الجليلة والمواعظ السنية, وقد أعطى المقام حقه بما يقتضيه ظاهر الآية, ثم تكلم بطريق الإشارة بما ينعش القلوب ويعطر الأنفاس حتى كنت ترى القوم كأنهم نشاوى بخمر الدنان بما ألقى عليهم من النفائس المستخرجة من كنوز القرآن, وقد دام اجتماعهم حتى بعد منتصف الليل بساعة.

وفي الأخير قام حضرة العلامة الأجَّل والنابغة الأحفل الشيخ سيدي محمد بن الحسين العراقي وألقى هذه الجمل العسجدية بالنيابة عن السادة الحاضرين قال فيها:

"حمدا لمن أنار الوجود بنور سنائه واطلع على ذلك النور من اصطفاه من أنبيائه وخاصة أوليائه, فشاهدوا بأسرار التوحيد آيات الله البينات وتحققوا عن عيان ما تقتضيه تصرفات الأسماء الإلهية في مظاهر المكونات, فأقروا لله بالوحدانية الحقة واعطوا المقام ما يستحقه, فسبحانك يا من تقدستَ في علاك وتفردت في ديموميتك وسناك, نشكرك اللهم على ما أنعمت علينا به من طرائف النعم, وعلمتنا من لدنك ما لم نكن نعلم, من غير رحلة منا لئلا نلقى في سفرنا نصبا, أو يضيع زادنا فنزداد تعبا, أو نقف مع زاد العلم فلا نستطيع صبرا, ولا نظفر بمرغوبنا, فنرجع صفر الأيدي. نقدسك يا منعم يا كريم, يا من أخرجتنا من الظلمات الوهمية إلى الأنوار الحقيقية حتى أبصرنا ما لم نكن نبصره, وسمعنا ما لم نكن نسمعه, اللهم لك الحمد على هذه النعمة وطي تلك النقمة, فنسالك يا الله الصلاة بالتجلي على نور الأنوار ومعدن الكرم وسر الأسرار سيدنا ومولانا محمد صاحب المعجزات وسلم سلاما تاما عليه وآله الطيبين الهداة ونقول: "اللهم يا من جعلت الصلاة على النبي من القربات أتقرب لك بكل صلاة صليت عليه من أول النشأة إلى ما لا نهاية للكمالات". 

هذا وقد طلعت بمغربنا شمس العرفان وعين الإنسان, فضيلة العالم الأوحد, والفرد الأكمل, سيدنا صوفي وقته, الدال على الله بإذنه, الهادي إليه بعلمه وعمله, محط رحال المنى ومأوى المدح والثناء, سيدنا الشيخ الروحي, سيدي أحمد العلاوي, سقاه الله من بحر الكمال النبوي, فإنه ليس بعهد لعظيم أخلاقه القليل والكثير من الثناء, ولو حاز سحر البيان أو استعار فصاحة اللسان فإنه في جانب أوصافه قليل.

سيدي حللتم بفاس محفوظين من كل بأس, فأطربت لحلول محياكم ورقصت لعظيم وعظكم, وحللتم في القلوب فملكتموها, وسُخِّرَتْ لكم الأطراف, فنشطت بخدمتكم الأشراف, وطأطأ لكم الرئيس والمرؤوس, ووضعت تآليفكم فوق الرؤوس, فأخذتم بمجامع قلوب الناس, وطهرتموها من الأدناس, ورفعتموها مكانا عليا عن الناس, ودب ناموس هذا الإصلاح في أفراد, وخالج قلوب آخرين بدون استعباد, بل على حسب ما يقتضيه الاستعداد, فكل ميسر لما خُلِقَ له.

سيدي الشيخ, قدس الله أسرارك وأظهر أنوارك, فقد عرفنا جميلك وأبصرنا فضلك, إذ لولاك لبقيت حقيقة الجهل ناشبة أظفارها بنا, ولأفل نجم حياتنا فيذهب عمرنا أدراج الرياح, فنرجع خاوي النفاض, ليس في زادنا نقير من فلاح.

لكن كيف أستطيع شكركم يا سيدي على هذه النعم الذي أوليتمونها حتى أثقلتم بها كواهلنا فلا نستطيع القيام بما تستحقونه من جزيل الشكر, فأي لسان يستطيع شكركم, وأي بنان يخطط بيان حمدكم, لكن نشكركم شكر الأسيل من أطلقه, والعبد لمن أعتقه, إن رضيتم, وإلا فمقامكم أعلى ومن الشهد أحلى.

وكيف لا, وقد أخرجتمونا من الصورة الحيوانية إلى الصورة الحقيقية, أم أشكركم على حسن أخلاقكم الجميلة وأجوبتكم الجليلة لأنها نبوية محضة.

لكن سيدي إنكم ستفارقون متوجهين لمسقط رأسكم, وتصحبون معكم الأصغرين: اللسان والقلب, وما الإنسان إلا بهذين, وتتركونا يتامى مهملين هائمين من فراق أكبادنا وتمزيق قلوبنا, فمزق الله كبد الفراق كما مزق أكبادنا, وأي ضرر على الإنسان أعظم من التفرق, وكيف لا وقد امتزجت محبتكم بلحومنا ودمائنا حتى صارت جوهرا أو عرضا ذاتيا لا تفنى إلا بفناء الذات, فإن كانت نسبتي عراقية حسينية, فروحي والله علاوية حقيقية.

سيدي, فقد رفعت عنا الحجاب, وملأت لنا الوطاب, وأحييت قلوبا ميتة بذكر الملك الوهاب, وأرسلت أنظارها من الجهات الست فلا تجد فيها نهاية, فقد انجلى الغبار وتقدم الإنسان في هذا المضمار, وهذا أمر قد استولى سلطانه على قلوبنا وتمكن من أنفسنا بحيث لا نستطيع دفعه, وليس لنا إلا أن نقر بالحقيقة.

نعم لا فراق ما دامت أرواحنا متآلفة, وقلوبنا واحدة, وعلى طاعة الله متحدة, وما عداه قد صار عندنا نسيا منسيا, أي لا نتوجه إليه ولا نعبأ به, وإن قلوبنا طويناها على خالص الود, وأنا أقول كما قال مجنون ليلى بليلاه, (قيس بن الملوح):

ولوْ تَلْتَقِي أصْدَاؤُنَا بعْدَ موْتِنَا *** ومِنْ دُونِ رَمْسَينَا مِنَ الأرْضِ سَنسَبُ
لظلَّ صدَى صوْتِي وإنْ كنتُ رِمَّةً *** لِصَوْتِ صَدَى ليلَى يَهَشُّ ويطْرَبُ 

وهنا ألتفت لإخواني العلاويين وأوصيهم وإياي بتقوى الله الواحد القهار, والتآزر والتحابب والتوادد والمآخاة والتواضع, ورمي آلات الكبر والأغراض الشخصية في مكان بعيد, ولا يخالف هذا إلا رجل عنيد, وأوصيكم أيها الإخوان بالاتحاد فهي الكلمة الثمينة التي تمثل السعادة في جميع معانيها, ويرشد المرؤ بها لربع الفلاح وأسنى منازل النجاح, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخميس 19 جويلية 1928, 30 محرم 1347هـ

من مستغانم

يوم الخميس على الساعة 7:00 مساء وطئت قدم الأستاذ العلاوي تراب مدينة مستغانم مسقط رأسه, وقد كان قبلا سبق الإعلام عن قدومه في عشية اليوم المذكور ببرقية من مدينة تلمسان وما شاع هذا النبأ بين أهل المدينة حتى عم السرور جميعهم, وما ذلك إلا لما له من الأيادي البيضاء عليهم.

وما أزفت الساعة 06:30 مساء أبان قدوم الرتل حتى اكتظت محطة السكة الحديدية مع وسعها بخلق الله على اختلاف طبقاتهم, وسدت الطريق بهم على عامة المارين, فكان خارج المحطة مسدودا على المارة بالسيارات التي جاء فيها أتباع الأستاذ لملاقاته وداخلها بالخلائق المحتشدة لاستقباله زيادة على أتباعه وقرابته الكثيرين.

ومن بين الجمع حضرة النائب المحترم الحكيم بالقاسم بن التهامي وفضيلة الشيخ بن كريتلي والتاجر الوجيه السيد أحمد بن إسماعيل والمقدم الأجل السيد الحاج بن عودة بن سليمان والعارف بالله السيد عبد القادر الثمناوي والكثير من خاصة أهل البلدة ممن لم استحضر أسمائهم.

وما وطئت قدماه الكريمتان أرض المحطة حتى هرع الكل للسلام عليه, وكنت أرى البِشْرَ يعلو وجوه الجميع وهم محدقون به ومزدحمون عليه, أيهم يصل إليه ويقبل يديه ويتبرك به, وهو رضي الله عنه وأرضاه مع ضعف البنية وتعب السفر الطويل يبتسم ويبش في وجوه الجميع ويصافح كل واحد على حدته, وبعد الفراغ من السلام جيء بعربة سيارة لحضرة السيد أحمد بن إسماعيل, فركب فيها الأستاذ وصحبه السيد المذكور والحكيم ابن التهامي, وتوجهوا إلى الزاوية العلاوية المعمورة بتجديت, وقفت أثرهم بقية السيارات الحاملة لأتباعه, فكان ذلك اليوم يوما مشهودا بأبهته العيدية.

وبعد راحة قليلة للسلام على من بالزاوية من الأهل والإحباب كروا راجعين إلى دار العلامة السيد بالقاسم بن الحلوش الذي أعد لهم مأدبة العشاء, وبعد الفراغ منها ومن المحادثة رجع الأستاذ إلى محله وقد بات أهل الزاوية ومن بها تلك الليلة على أتم نشاط من ذكر ومذاكرة وسماع, أما ما يرجع للإكرام الذي لقيه من أهل المغرب, فالتعبير عنه باللسان أو إحصاء كليته بالبنان لا يدخل في حيز الإمكان لأي كان.

ونحن نرفع أخلص تهانينا القلبية لأصدقاء الأستاذ ومحبيه بهذه الأوبة الكريمة الميمونة, ونسأل الله من فضله أن يطيل لنا عمر الأستاذ ويبارك لنا فيه لنفع البلاد والعباد, وأن يوفق كبراء قطرنا الجزائري للسير إلى ما ينفع أمتهم المسكينة الضعيفة من جهة الدين والدنيا, وأن يرفع الغشاوة عن أبصارها لنعرف من يريد لها خيرا من غيره, ولله يرجع الأمر كله وهو ولي التوفيق وحسبنا السلام لرسول السلام.

 

 

جمع وإحصاء وكتابة ومراجعة وترتيب:

درويش العلاوي, غفر الله له.

الإثنين 21 نوفمير 2022م, 26 ربيع الثاني 1444هـ

المراجع:
- جريدة البلاغ الجزائري من العدد 72 إلى العدد 84
لسنة 1928, 1346هـ / 1347هـ
- بعض الإضافات الموثقة من مصدر موقعنا (أحباب الشيخ أحمد العلاوي).

تعليقات