محمد بن عبد القادر الباشا

هو العالم المحقق الذاكر الواصل القدوة الجامع للعلوم الشرعية والعربية واللدنية سيدي محمد بن محمد بن عبد القادر بن بومدين الوكيلي الملقب بالباشا.

ولد من أبوين كريمين وأسرة عريقة في العلم والصلاح والولاية, ولا نعلم سنة ولادته بالضبط, وإنما نعلم سنة وفاته وهي (1262هـ/1843م), ونعلم أنه عاش وكبر حتى شاخ في الإسلام, وعاش ما يقارب الخمس والستين سنة, أي أنه ولد حوالي سنة (1197هـ - 1783م).

تعلم القرآن وحفظه منذ حداثته, وحفظ الحديث, ثم تفقه في علوم المذهب المالكي واللغة والرواية والحديث, وتضلع في هذه العلوم.

وكان منذ حداثته, يتردد مع أبيه على الزاوية والذكر ومجالس العلم. وقد أخذ الوسيلة عن شيخ مشايخ هذه الطريقة سيدي مولاي العربي الدرقاوي, وأخلص الجد والطلب والعهد, كما كان فانيا في الله محبا لشيخه وإخوانه, عالما واعظا فقيها صوفيا ذاكرا, مأذونا في الذكر والإرشاد والتربية, وهذا ما يلمسه القارئ من خلال قراءته لمؤلفه (الإشارة الكافية في معرفة شيخ التربية).

ولما كان إخلاصه وفناؤه صادقين إلى جانب العلوم التي حصل عليها, أدركته همة شيخه, فبرز للوجود بحرا زاخرا في العلوم اللدنية والإرشاد, والوعظ بالدليل والحجة والمنطق والبرهان, يزين ذلك إيمان قوي, وعقل راجح ولسان صدق, وقلم يدافع عن الإسلام وأهل التصوف والنسبة, وكتابه (الإشارة الكافية في معرفة شيخ التربية) كتاب قيم جليل القدر, كتب بأسلوب العلماء العارفين العاملين, والمربين الذين عانوا أصناف التربية, وفهموا التسليك والترقية وأصلوها, ومما يجب على المربي وما يجب على المريد مدعما بآيات من كتاب الله تعالى وأحاديث نبوية شريفة, ثم الحكم البالغة والموعظة الحسنة والمنطق والحجة والدليل, حتى يشعر القارئ أنه لا يستطيع أن يتركه قبل أن ينتهي من قراءته, لأنه يعيش بأفكاره وروحه وقلبه منذ اللحظة الأولى. وهو مخطوط يقع فيما يقرب المائتي صفحة.

لا يعرف بالضبط عدد مؤلفاته, والذي يبدو لقارئ كتابه (الإشارة الكافية) لأنه كتب بأسلوب شيق رصين يغري القارئ, أن لشيخنا مؤلفات أخرى, ففضلا عن الأسلوب الجزل كثافة مادة العلم, وسهولة الكتابة ويسرها, وعمق المعاني ووضوحها. هذه عوامل وأمثالها تدل على أن هناك مؤلفات أخرى مجهولة بالنسبة إلينا ولا نعرف عنها شيئا, وربما كانت في خزائن أحد مريديه, ويضن بها على أربابها, أو أنّها مهملة, أو أنها مجهولة بين المخطوطات, وآخر سهم نطلقه أنها يتيمة والله أعلم.

انتقل عليه الرحمة والرضوان إلى جوار ربه عام (1262هـ/1843م), هذا وقد خلف الشيخ عليه الرحمة والرضوان قبل وفاته تلميذه البار وكل تلاميذه بررة, وهو سيدي محمد بن قدور الوكيلي الكركري الذي كان وفيا لأستاذه وشيخه أصدق الوفاء.

تعليقات