تأملات روحية في تفسير سورة النجم للشيخ العلاوي - أمين عطاب

سيدي أحمد بن مصطفى العلاوي, ذلك النور المنسكب من أشواق العارفين, يتأمل في سورة النجم فيسمع في قسمها الخفي نداء الأرواح المشتاقة: "والنجم إذا هوى". يا ترى, أي نجم هذا الذي يهوي في أعماق الوجدان فيستحث السالكين على ارتقاء معارج الإيمان؟

يجعل الشيخ للسورة مقامًا مقيمًا في قلب العاشق, فيراها رحلة تبدأ من ظلمة الغفلة نحو إشراق اليقين, وأن الإنسان فيها أصلُه تراب ورجاؤه نجوم, لا يهدأ له خاطر حتى يبلغ مقامًا "ما زاغ البصر وما طغى", مقام السكينة والإنابة.

في تفسيره, يكسو كلمات الله رداء الذوق الروحي, فتصير كل آية أفقًا من أنوار, وكل لفظة قطرة من عطر الملكوت. يخاطب أرواحنا المرهقة, ويهمس بلحن الصدق: "أنتَ لستَ وحيدًا في ظلمات السير, فهناك نجم يهديك, وأنس يسري إليك من لدن العلي الرحيم".

ما أجمل أن تتفتح روضات الأسرار في القلب عند مطالعته, حيث يدعونا نحو الصفاء, ويزرع فينا بذور الشوق: "إمضِ, ففي كل نجم آية, وفي كل سجدة قرب, ومن وراء ظلمات الكون تتلألأ أنوار الحضور".

تجلى الشيخ العلاوي مُفسرًا سورة النجم, فإذا هي بلسم العابرين, وسراج المحبين, وسلام لمن عشقوا الطريق إلى الله وبذلوا له القلب والروح, فما أرفقها من كلمات, وما أضوعها من أنسام, وما أرقاها من دعوة تقود النفس إلى فناء القلق وبزوغ الأمل, وترفع القلب ليصبح نجمًا يهتدي به الحائرون.


كتبه المحب الراجل عفو ربه : أمين عطاب.


تعليقات