أحمد بن عبد الله الفاسي

هو الشيخ الصالح البركة أبو العباس أحمد بن الشيخ الشهير بأبي عبد الله محمد بن عبد الله معن الأندلسي الفاسي و المولود سنة 1042هـ/1632م, القاطن في حي المخفية من عدوة فاس الأندلس، و بها ولد و نشأ رحمه الله, أخذ عن أبيه المذكور وبعد وفاته عن الشيخ قاسم الخصاصي وهو يعد من أصحاب أبيه, وسلب له الإدارة ولازمه من سنة 1064هـ إلى موته سنة 1083هـ, و خدمه خدمة لم يسمع بمثلها وهو عمدته في الطريقة الصوفية و إليه ينتسب على التحقيق.

وكان شيخه سيدي قاسم يشهد بخصوصيته ويشير إلى أنه الوارث له, وقال له يوما: "أنا عبدك", و كان يوما آخر غائبا في حاله فجعل يقول: "تعالى خذ متاعك عني" يشير إلى وراثته لحاله ، و أنه هو الذي يأخذ ما عنده, و قال يوما: "إن هذا الذي بهذه الزاوية لا يوجد في بلاد", و كان يعنيه و أشار إلى أنه هو المقصود من الناس المجتمعين عليه و قال لولا سيدي أحمد لم يجد أحدا إلي سبيلا. و بعد وفاة شيخه المذكور صحب العارف بالله أحمد بن محمد اليمني و كان بينهما قرب كبير و أكيد و اتصال قوي شديد, و كان صاحب الترجمة يصله بأنواع المواصلات و يواسيه أعظم المواساة.

بعد وفاة الشيخ أبي القاسم أحاط خليفته ووارث سره الشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله معن الأندلسي بإرثه واسترجع بذلك الولاية إلى بيت العبدلاويين ،فقام بإصلاح زاوية أبيه وتصدى للدلالة على الله بها,فانتفع به خلق كثير و تخرج على يده العلماء الأجلاء منهم السادة القادريون الطيب بن عبد السلام و أخوه محمد العربي وكذا السادة أبناء الوزير الغساني الأندلسي أحمد و أخوه عبد الوهاب وكذا السادة الفاسيون الفهريون منهم السيد محمد المهدي.

وفي خلال فترة أبي العباس أحمد أقبل على الزاوية طلبة من سوس و تادلا و الريف و جميع الجهات فكانوا يقيمون بها ،ويتقوتون مما يقدم للطلبة بها ومنهم من كان يجلب أسرته معه من بلاد سوس أو تادلا كالشيخ المعداني ،و كان منهم من تقلد مناصب مهمة في دولة السلاطين العلويين المولى اسماعيل وكذا حفيذه المولى محمد بن عبد الله. لقد استطاع سيدي أحمد بن عبد الله معن أن يجمع الكثير من الأتباع و الأشياع وداع صيته بذلك إلى أن بلغ دار الحكم, مما جعله محط اهتمام أصحاب الزمان,و قد كان يسلم له أهل وقته و يحترمونه كثيرا و كانت لهم به معرفة كبيرة فلا يجرؤ أحد على التكابر أمامه أمثال القائد الروسي المكنى بسفاح العلماء لما ألحق من بطش بالعلامة عبد السلام جسوس في قضية الحراطين, فقد كان الروسي يتفادى التصادم مع الشيخ أبي العباس أحمد و يشخى شوكته فكان دائما يخلوا سبيله ولا يحايله.

لقد كانت للشيخ أبي العباس أحمد بن عبد الله علاقة كبيرة مع السلطان المعظم المولى اسماعيل العلوي الحسني، وابتدأت تلك العلاقة منذ أن بعث السلطان المولى اسماعيل كتابا إلى الشيخ أبي العباس أحمد عن طريق وزيره أبي الربيع سليمان الزرهوني يطلب منه النصح و الإرشاد و الدعاء,فرفض الشيخ أبي العباس الجواب و تكرر ذلك مرات إلى أن يإس صبر السلطان المولى اسماعيل من رد الشيخ ،فرد عليه بكتاب ثان كتب فيه عبارة "يا سبحان الله" مرات عديدة فلم ينل بذلك جوابا، فثار السلطان في و جه الوزير أبي الربيع و هدده بالقتل و التعذيب إن لم يتمكن من إقناع الشيخ أبي العباس بالرد انحناء عند رغبته فهو الذي يقهر معارضيه و لا يجعل لهم الأثر و قد حدث له ذلك مع الكثير من العلماء.و بعد قرار السلطان الإنتقام من الوزير في حالة غياب الرد ،استنجد هذا الأخير بالشيخ ابي العباس أحمد و رجاه بأن يرد على الكتاب حفظا لحياته ،فرد الشيخ بكتاب كان مطلعه :
"بلغني من الجواب خوف الفتنة ،فمن توجه إليه السلاطين توجهت إليه الناس من كل البقاع ،فإن كان طالبا للدنيا فتنوه عن دنياه، وإن كان طالبا للآخرة فتنوه عن آخرته...". 

وبعد وقوع هذا الجواب اطمأن السلطان من جانب الشيخ و بلغ في نفسه المرتبة العليا,خصوصا وانه تأكد من خصوصية هذا الشيخ و من صدق نيته ومن اخلاص دعوته إلى الله ،بعيدا عن كل الأطماع من بينها الإنتهازية لنيل المناصب العليا في دار الحكم أو السعي إلى ادراك الإمتيازات الكبرى لتحقيق المصلحة الشخصية,فكان ذلك بعيدا عن نفس أبي العباس و عن جميع العبدلاويين من بعده ،حيث ظلوا بعيدين عن كل ما قد يشوب صفاء دعوتهم و يخرجهم مما حصلوه عن أجدادهم من دين و خير.

فقد أبى الشيخ أبي العباس دعوة السلطان المولى اسماعيل ،ليس على شيء غير انه لا يريد أن تبعده الدنيا و السلطة عن الدلالة على الله ليس كما قال آخرون أنه كان من المعارضين لنظامه, فنجد أنه ممن يعترف و يقر و يثبت شرف السادة العلويين كما جاء في كتاب الإستقصا للناصري بالحرف "وعن الشيخ أبي العباس أحمد بن عبد الله بن معن الأندلسي أنه كان يقول ما ولي المغرب بعد الأدارسة أصح نسبا من شرفاء تافيلالت وبالجملة فإن شرف هؤلاء السادة السجلماسيين مما لا نزاع في صراحته ولا خلاف في صحته عند أهل المغرب قاطبة بحيث جاوز حد التواتر بمرات رضي الله عنهم ونفعنا بهم وبأسلافهم امين."إهـ

وكان علماء الوقت يقصدون زيارته و يسلمون له ظاهرا و باطنا و يصيرون بين يديه كالمتعلمين, و كان صاحب الترجمة يوما جالسا فوقف عليه رجل سوسي فتكلم بلغة البربر و قال ما معناه: " أما بقيت في الدنيا مصابيح يقتبس الضوء منها ", فترجم بعض الحاضرين ذلك للشيخ فقال له قد بقيت و لكن من جاء يقتبس أتى بفتيلة مبلولة, فقال له السوسي ما معنى بللها؟ فقال له الشيخ لا أقل من أن يطلب أو يترجى الولاية, فوضع السوسي يده على جبهته ساعة ثم انصرف.

من خلال هذا نال الشيخ أبي العباس مكانة رفيعة في قلب السلطان و باء بذلك المكانة الرفيعة عند أهل وقته. لقد كانت حيات الشيخ أبي العباس مليئة بالجد و الإجتهاد و السعي في نشر العلم و قد تبحر في ذلك ،ومنه التقاؤه بالشيخ الكبير أحمد اليمني وقد كان هذا الأخير من أهل الطريقة القادرية ،فأحسن إليه و بوأه مكانة رفيعة في زاويته ،و جعل له مقاما في حي رأس الزاوية حبسا عليه و على عائلته يقيم فيها و تكون لأبنائه و ذريته من بعده, و قد كان ذلك بظهور الشيخ اليمني أصبحت الزاوية العبدلاوية محط أنظار طلبة الطريقة القادرية خصوصا و أنه كان ممن أذن له بالتصدي لتلقينها ، فعرفت الزاوية بذلك شهرة كبيرة و قصدها الطلبة من كل الأرجاء و تخرج منها العلماء و الشيوخ.

وكان رحمه الله صارما في الحق نصوحا لعباد الله لا يداهن السلطان فمن دونه سيان عنده في القريب و البعيد و حصل له من الحضرة عند الدولة و سماع الكلمة ما لم يكن لغيره, و هو من أعيان الطريقة و أكابر أهل الحقيقة على قدم السلف الصالح و المنهج القويم الواضح آية في السخاء و الجود و الكرم.

توفي الشيخ سيدي أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله معن الأندلسي يوم الإثنين ثالث جمادى الأولى عام 1120هـ/1708م, و ارتجت هذه المدينة لموته ارتجاجا و دفن بقبة والده, رأسه عند رجليه خارج باب فتوح و خلف وراءه ذرية صالحة ممن اتبعوا نهجه و ساروا على طريقه و تخلقوا بخلقه ,و قبره مشهور الآن يزار و يتبرك به نفعنا الله به.

---
ملحق:
سيدي أحمد بن مَحمد بن عبد الله معن الفاسي رضي الله عنه
( 1042 هـ - 1120 هـ )
 
هو الإمام، الحبر الهمام، العالم بالله، والناصر لسنة رسول الهل، ذو السيرة النبوية، والأخلاق المصطفوية، بحر التحقيق والعرفان، المربي النفاع، الكريم الأخلاق والطباع، الفتى الذي ما مثله فتى، والرجل الذي ما مثله في وقته أتى، مصباح الزمان، وفريد العصر والأوان، صدر الصدور، الشهير البركة والحكمة والنور، شيخ الطريقة، وفارس الحقيقة، العلم الأوحد، الحجة القدوة العمد، العارف بالله تعالى، أبو العباس سيدي أحمد بن سيدي محمد بن محمد بن عبد الله معن، الأندلسي المحتد، الفاسي الآباء والمولد، القاطن بالمخفية من عدوة فاس الأندلس، وبها ولد ونشأ.
 
كان رحمه الله من أعيان الطريقة، وأكابر أهل الحقيقة، على قدم السلف الصالح، والمنهج القويم الواضح، آية في السخاء والجود، وكرم الأخلاق، والزهد والعبادة، والتعطف على الضعفاء والمساكين، ومحبة آل البيت والعلماء والصلحاء، وكان على قدم التجريد، صارما في الحق، نصوحا لعباد الله، لا يداهن أحدا، وحصل له من الحظوة عند أرباب الدولة وسماع الكلمة ما لم يكن لغيره.
 
وكان علماء الوقت يقصدون زيارته، ويسلمون له ظاهرا وباطنا، ويجلسون بين يديه كجلوس المتعلم بين يدي معلمه، وانتفع على يديه خلق كثير، وظهر له تصرف عظيم، ومهابة كبرى، فلا تراه إلا رأيت أسدا من أسد الله، قد عوفي من خوف الخلق، وكُفِي أَمْرَهَمِّ الرِزْق، وأوتي من علم القلوب ما يشهد له الذوق الواضح والحال الراجح، فلا تخوض معه في فن من فنونه إلا أمتعك فيه، وله من قوة اليقين والدين ما لاحت ثمراته على كل من عاشره أو أوى إلى زاويته.
والزاوية التي كان اجتماعه بها مع أصحابه: هي زاوية أبيه التي على ضفة وادي الزيتون، بأقصى حومة المخفية، عدوة فاس الأندلس. ثم جدد بناءها هو رضي الله عنه فصارت لذلك تنسب إليه، وكان قد سخر الله له أسباب المال، واستفاد منه كثيرا من عمله بالزرع والغرس والنحل بالحاء المهملة فما برح عن طريقة السلف بسببه قدما واحدا، بل تسلط عليه بالإنفاق في جانب الله، فلم يبق منه إلا ما به تقوم الأسباب بمقتضى الشرع. ولم يكن فيه موضع ترغيب إلا سلكه.
ومما انفرد به في زمانه: أنه كان لا يدخل بذمته شيء من متاع الغير قل أو جل على أي وجه كان، وإن قصده أحد بهدية وغلبه الحياء عن ردها له كافاه عليها بأضعاف مضاعفة وصرفها لغيره في الحين.
وكان شديد الاتباع للسنة في نفسه وأهله، ولا يرتكب في داره أمرا لم ترد به، بل قطع عنهم جميع العوائد، والتكلفات والزوائد، في أعراسهم ولباسهم وسائر أيامهم، كما كان عليه والده رحمه الله، وأمره بذلك واضح وتفصيله يطول.
 
وأخذ عن والده تبركا وتأدبا واستفادة، ثم بعد وفاته عن الشيخ سيدي قاسم الخصاصي وسلب له الإدارة، ولازمه من سنة أربع وستين وألف إلى موته سنة ثلاث وثمانين، وخدمه خدمة لم يسمع لمثلها، وهو عمدته في الطريق، وإليه ينسب على التحقيق، وكان شيخه سيدي قاسم يشهد بخصوصيته، ويشير إلى أنه الوارث له. وقال له يوما: " أنا عبدك" وكان يوما آخر غائبا في حاله، فجعل يقول له: "تعال خذ متاعك عني" يشير إلى وراثته لحاله، وأنه هو الذي يأخذ ما عنده وقال يوما: "إن هذا الذي بهذه الزاوية لا يوجد في بلاد" كأنه يعنيه، وأشار إلى أنه المقصود من الناس المجتمعين عليه. وقال: "لولا سيدي أحمد لم يجد أحد إلي سبيلا".
 
وبعد وفاة شيخه المذكور، صحب العارف بالله سيدي أحمد بن محمد اليمني، وكان بينهما قرب أكيد، واتصال قوي شديد. وكان صاحب الترجمة يصله بأنواع المواصلات، ويواسيه أعظم المواساة. وذكر أبو العباس بن عجيبة في (فهرسته) أن صاحب الترجمة أخذ عنه، لكون شيخه سيدي قاسم تركه لم يرشد، وقال له: "يأتيك من يكملك". فكمل به صاحب الترجمة، وأنفق عليه نفقة كبيرة في حكاية طويلة.
 
وقال في (التقاط الدرر): "لم يدر المحققون الخادم منهما من المخدوم، ولا الشيخ من التلميذ، وكل من أقدم على ذلك فبمجرد التخمين والظن" هـ.
 
وكانت له رضي الله عنه فراسة تامة وكشف عظيم، وظهرت على يديه كرامات، وأخبر بمغيبات يطول شرحها، ويؤدي إلى الملل تتبعها، وأوتي مقام الخلافة الباطنية وخطة التصريف، فكان يجلب ويدفع، ويضر وينفع، وينقص ويوفي، ويعزل ويولي على حسب ما صرفه فيه مولاه ومكنه منه وأولاه.
 
وكان سيدي أحمد المذكور إذا ذكر صاحب الترجمة، أو ذكر بحضرته، أثنى عليه أحسن الثناء، وشهد له بالخصوصية التامة، وأعظم شأنه، وعرف بحقه. وكان كثيرا ما يصفه بالمجذوب، ويقول فيه: "إنه أبو يزيد البسطامي" وقال فيه يوما: "قدمه على رقبتي" ويقول بعضهم عنه قال: "كنت يوما جالسا مع شيخي سيدي عبد الله البرناوي ببلاد برنو، فسمعت صوت دندنة، فقلت له: ما هذا يا سيدي؟! فقال لي: إنسان بالمغرب يقال له: أحمد بن عبد الله، ما تحت أديم السماء أفضل منه!"
 
وذكر في (نسمة الآس) أن صاحب الترجمة: لما قفل من الحج والزيارة، ومر بطرابلس، لقي بحوزها رجلا من الصالحين شهد له صاحب الترجمة بأنه من الأكابر ومن الأقوياء الفحول، وجعل يتعجب من قوته، قال: "ولما وقع بصر هذا الرجل على سيدنا أحمد. يعني: صاحب الترجمة استعظمه جدا. وقال: لا إله إلا الله. ما أعظم صلحاء هذه الأمة! وقال بعد ذلك: لما أبصرته أولا، رأيته كأنه الشمس طالعة... قال صاحب (نسمة الآس): وشهد هذا الشيخ أيضاً لسيدنا أحمد، بعد ما انفصل عنه بأنه: من أهل الخصوصية الكبرى، وأنه من الأقوياء الفحول، ومن الأكابر، وأخبر بمقامه الخاص به بما لم نعرف نحن التعبير عنه. وقال: إن أصحاب سيدنا ينتفعون به أكثر مما ينتفع أصحاب غيره بغيره، وجعل يقول لبعض الفقهاء من أصحاب سيدنا بعد ما شهد له لما تقدم، وكان أمامه: عليك به، عليك به! وقال فيه آخر مرة: أرجو الله أن يكون قطب زماننا. وأثنى على سيدي أحمد اليمني أيضا، وشهد له بالخصوصية الكبرى، وذكر مقامه الخاص به. وقال: إن مقامه عيسوي، حكيم يضع الأشياء مواضعها. ثم قال فيهما أي: فيه وفي سيدنا أحمد إنه ليس في المغرب مثلهما!" هـ.
 
وفي فهرسة سيدي إدريس المنجرة في ترجمة الشيخ الصوفي، الفقيه الرباني المكاشف. أبي عبد الله سيدي محمد بن سعيد الطرابلسي. أنه قال لبعض أصحاب صاحب الترجمة. وهو: الفقيه الصوفي سيدي محمد بن عبد الرحمن الصومعي الهروي. حين لقيه ببلده بقصد زيارته: "أحمد بن عبد الله في مقام موسى. وأحمد اليمني في مقام عيسى. وأحمد بن ناصر كان من الأبدال".
 
ولصاحب (نسمة الآس) المتقدم قصيدة تعرض فيها لمدح صاحب الترجمة، ووصفه فيها بغوث الزمان، وكهف الأنام وكعبة القصاد، وعرفات جميع الفضائل كلها، وشمس المعارف والمعاني بأسرها.
 
وذكر فيها أنه: مجدد الدين بعد ذهابه على رأس القرن الحادي عشر، وبأنه حاز سير الأكابر والأفاضل، وشمائل الأبدال والأوتاد وعلومهم، فانظرها فيه إن شئت. ووصفه أيضا بعضهم بالقطب الواضح، والإمام الناصح.
وأخباره وأحواله ومعارفه وكراماته وتصرفاته كثيرة جدا. استوفى بعضها تلامذته وغيرهم في تصانيفهم، وألف فيه بالخصوص جماعة، كالشيخ أبي محمد سيدي عبد السلام بن الطيب القادري فإنه ألف في مناقبه مؤلفا في مجلد سماه: (المقصد الأحمد في التعريف بسيدنا ابن عبد الله أحمد). وقد أتى فيه مما يتعلق بصاحب الترجمة بما لا مزيد عليه، مع فصاحة اللفظ، ونهاية التحقيق في العبارة، وفرغ منه قبل موت المؤلف فيه بأزيد من عشرين عاما. وكالفقيه الصوفي أبي العباس أحمد بن عبد الوهاب الوزير الغساني، فإنه ألف فيه مؤلفا سماه: (المقباس في فضائل أبي العباس) وله أيضا مقصورة في مدحه وشرحها في سفرين. وكالشيخ الإمام العلامة الصوفي أبي عبد الله سيدي محمد المهدي الفاسي، فإنه ألف فيه تأليفا سماه: (الإلماع بمن لم يذكر في ممتع الأسماع). وقيل في مدحه أشعار كثيرة، ولسيدي عبد السلام القادري ديوان مستقل في مدحه.
ولد رحمه الله أواخر سنة اثنين أو أوائل سنة ثلاث وأربعين وألف، وتوفي ضحوة يوم الإثنين ثالث جمادى الثانية سنة عشرين ومائة وألف، وارتجت المدينة لموته ارتجاجا. ودفن بقبة والده، رأسه عند رجليه. وجعل عليه دربوز كدربوزه، وهو مشهور إلى الآن يزار ويتبرك به، نفعنا الله به.
وإليه وإلى والده قبله وشيخه الخصاصي أشار الشيخ المدرع في منظومته بقوله:

والعارف الشيخ الجليل الواصل  محيي الطريقة الإمام الكامـل
محمد هو ابن عبـــد الله  شيخ المشايخ عظيم الجــاه
ولده الشيخ أابو العباس  الطيب الأخلاق والأنفــاس
أحمد البحر الهمام الحجـــة  مجدد السنة والمحجـة
العارف المحقق المجـــــذوب  الواصل المقرب المحبوب
بيت الولاية وبيت السر  منشأ كل مدد وخيـــر
وشيخه أعني الامام قاســم  يكنى الخصاصي المحب الهائم

تعليقات