الضياء اللامع في تعريف منبع النور الساطع - الشيخ دحاح البوزيدي

https://drive.google.com/file/d/1qXSHDk4YyLCQ_tMWin0fPPr6avj7nx_0/view?usp=sharing
كتاب الضياء اللامع في تعريف منبع النور الساطع سيدي الشيخ العلاوي المستغانمي الذي هو لعلمي الشريعة و الحقيقة جامع 1874- 1934 لعبد القادر بن طه الملقب بدحاح البوزيدي رحمه الله برحمته الواسعة. ملاحظة : اكتشفنا بعض الأخطاء المطبعية والنقلية وتكرار بعض الأسماء في قوائم الشيوخ.






•    مقدمة
•    تعريف موجز بالشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه
•    جانب مقاومة الشيخ
أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه
•    للمكائد والمراوغات الفرنساوية وتلاعبها بالدين الإسلامي وصده للحملات المسيحية
•    فرق النصارى والعقيدة الفاسدة اليهودية
•    الجانب الروحى للشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه
•    الجانب الثقافي للشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه
•    خاتمة



مقدمة 
يتجلى أن الحديث عن الشيخ سيدي أحمد العلاوي وأمثاله من العارفين بالله رضوان الله عليهم أجمعين لهو من مهام الخصوص، وخاصة الخاصة من أهل الله العارفين بالله، وبأحبابه المحبين لهم، المنعم عليهم بفهم دقائق أسرارهم ولطائف إشاراتهم وإمداداتهم لا سيما أن الشيخ سيدي أحمد العلاوي قدس الله سره من أولئك الأغواث الذين عمت بركاتهم جميع الأقطار وفاضت أسرارهم على جميع الصوادي والعطاش فهو رضي الله عنه كما يقول عنه أحد الممنون عليهم من المولى عز وجل بفهم الحقائق الصوفية والألفاظ التي تشير إلى الحضرة القدسية على يده (عجزت في عدِّ كماله وتهت عن أيني وشكلي وروحي بحاله).
‏والحق أقول أن أخي الحاج عبد القادر دحاح البوزيدي قد وفقه المولى عز وجل إلى النفع والانتفاع بهذه الجوهرة الغالية مصداقا لقول القائل:  كل مأذون مأمون.
‏ولا غزو, فهو حفيد سيدي الشيخ البوزيدي المعروف بسيدي حمو الشيخ أستاذ سيدي الشيخ العلاوي أفاض الله عليهما على كافة الأولياء والصالحين من كرمه وجوده ما ‏يرضيهم وفوق الرضى.

‏ولا يسعنا ونحن نتنسم هذه الباقة العطرة بأريج الصراح والفيوضات وشذى البركات والكرامات إلا أن نتوجه إلى المولى عز وجل متضرعين أن ينفعنا وجميع القراء بها, وأن يعيد علينا بركات الشيخ العلوي قد س الله سره  ويؤيدنا الحق بنا والحمد لله والشكر لله.
االفقير إلى الله تعالى الراجي عفوه وكرمه ‏بالقاسم آيت حمو, ‏الجزائر المحروسة في يوم الثلاثاء 8 ‏رجب المرجب 1422 هـ الموافق لـ 9 أكتوبر 2001.
بسم الله الرحمان الرحيم, الحمد وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين أصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مانح النصر والتوفيق للذين أهلهم وجعلهم نواب رسوله الكريم خاتم النبيين والمرسلين في تبليغ رسالته ونشر أخلاقة الزكية الفاضلة, إذ قال مولانا العزيز الحكيم في هذه الأخلاق مخاطبا نبيه الكريم ورسوله ‏المصطفى وحبيبه المرتضى صلوات الله عليه والسلام: ‏"وإنك لعلا خلق عظيم 4", سورة نون.
وأشهد أنت سيدنا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شملت رسالته الخلق قاطبة, فبالنسبة للملائكة تشريف, وللإنس والجان تكليف, وهو رسول الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام الذين جمع الله أرواحهم في عالم الأرواح, وأخذ عليهم الميثاق إن طالت سهم الحياة إلى إدراك سيدنا محمد بن عبد الله أن يكونوا من أتباعه وأنصاره وأعوانه ومؤازريه حيث قال مولانا عز وجل: "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ 81", سورة آل عمران.
والذي كان له من أنصاره في غزوة بدر الملائكة الكرام كما قال الله تعالى في محكم التنزيل: "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 123 إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ 124 بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ 125 وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ 126 لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ 127 لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ 128", سورة آل عمران.
وقال أيضا: " إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ 9 وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 10", سورة الأنفال.
المعزز والمكرم بقول الله تعالى: "وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ 171 إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ 172 وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ 173", سورة الصافات.
اللهم صل وسلم وبارك وعظم قدر جاه نبيك الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى سائر أصحابه الكرام, وبعد...
إن هذه الرسالة التي ستكون بين يديك أيها القارئ الكريم نتناول مواقف مشرفة للشيخ والقطب والغوث العارف بالله والدال على الله سيدي وملاذي أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه وكيف لا نتشرف بهاته المواقف وهي مفخرة لكافة المنتسبين إلى هذا الشيخ الكريم على وجه الخصوص ولجميع المسلمين عامة.
فهذا للرجل العظم والشيخ الكريم قد تجند منذ سنه المبكر في مرحلة المراهقة لخدمة الإسلام والمسلمين, وبذل جميع ما يملكه من مجهود في الذب عن الإسلام ودفع مكائد فرنسا الاستعمارية والحملات التبشيرية بوسائل بسيطة, فقد أثبت وجوده على الساحة في الدعوة إلى الله حتى غدا صوته له صدى في جميع أرجاء المعمورة.
والمواقف الحادة ما بينه وبين فرنسا الاستعمارية معروفة لدى جميع الفقراء العلاويين المنتسبين إليه, ولكن لم تسمح الفرصة بإظهار ذلك للقراء, وبحمد الله آن الأوان لإبرازها وإخراجها من طي سرها, وإتحاف القراء وجميع المسلمين بنشر هاته الأخلاق النبيلة السامية, والمواقف المشرفة لتكون لنا في هذه الشخصية العظيمة ألا وهي شخصية أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه قدوة حسنة وللأجيال الآتية, نتعلم منه كيف نصمد أمام الاستفزازات والضغوط وكيف نتجنب بالحكمة مكائد الذين يترصدون بالإسلام والمسلمين حتى يأتي أمر الله أو يقضي الله أمرا كان مفعولا.
ولا نتريب أبدا فى نصر الله للرسالة الإسلامية على جميع المحاولات الفاشلة لأعداء اهلص وأعداء الأمة المحمدية حيث يقول مولانا العزيز العلام: "فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ 193", سورة البقرة.
ولجأت إلى الله معتمدا على فضله ليحل عقدة لساني ويشرح صدري ويطلق عنان قلمي. وإن لم أكن أهلا لأن أبين هذه الفضائل والمفاخر لشيخنا رضي الله تعالى عنه, ولكن قلت لا بأس بأن أشير إليها إشارة على حسب ما رويته عن المقدمين والمشايخ الذين تركهم الشيخ رضي الله تعالى عنه, ومن بعض المصادر الموثوق بها.
فعلى الله توكلت, وعليه فليتوكل المتوكلون, وقلت حسبي الله ونعم الوكيل
إمضاء القائم بمشيخة زاوية سيدي محمد بن الحبيب البوزيدي, المفتقر إلى الله عبد القادر بن طه الملقب بدحاح البوزيدي.

تعريف موجز بالشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله الذي ذكر ذاكريه بالذكر الجميل وأجزأ لهم العطاء الجزيل فشكروه على كل حال فقيَّدوا نعمه بالثناء الجميل, حيث قال سبحانه عز وجل: "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ 152", سورة البقرة. وقال أيضا: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ 7", سورة إبراهيم.
اللهم صل وسلم وبارك على أفضل الشاكرين سيدنا ومولى نعمتنا محمد القائل: "قيِّدوا نعمكم بالشكر", وعلى آله الطيبين الطاهرين مصدر التحقيق, وذوي السير لهم بإحسان إلى يوم الذين.
يقول عبد ريك والمفتقر إليه في جميع أحواله عبد القادر بن طه الملقب بدحاح البوزيدي مستمدا من العلي القدير الفيوضات النورانية معتمدا على فضله وجوده وكرمه في تبيين حقيقة شيخ من أبرز الشيوخ الفحول في تربية المريدين والموصل إلى حضرة رب العالمين المتخلق بالأخلاق الزكية النبوية آية من آيات الله الدالة على الله ومعلم من معالم الطريق, كرَّس حياته في الجهاد والمجاهدة في إرشاد العباد وإصلاح البلاد ومقاومة الزحف النصراني والتبشير المسيحيي وجمع شمل الأمة المحمدية على الروابط الأخوية الربانية وتوحيد كلمتهم وصفوفهم, إذ كان يحارب كل بدعة شعوذة وانسلاخ وانفساخ من الأخلاق الإسلامية بإسم الحضارة والتمدن والتقدم لدى أولئك الذين جعلوا الغرب قبلتهم في الانحلال الخلقي زاعمين أن سعادة المجتمعات في الإقتداء بالغرب. فمما جاء عن أحدهم في عنوان مقالة "الإستقرار مع الإستعمار". ومما دعاني إلى تحرير هذه الرسالة هو إبطال دعوة المزورين ودحض حجة الجاهلين إذ رأيت واجبا علي تسليط الضوء على هذه الشخصية النورانية وتصحيح المفاهيم من غواية المغرضين, وسميتا على بركة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم "الضياء اللامع في تعريف منبع النور الساطع الشيخ العلاوي المستغانمي الذي هو لعلمي الشريعة والحقيقة جامع".
وأعني بذلك الشيخ أبا العباس أحمد بن مصطفى العلاوي منشأ, والبوزيدي الدرقاوي طريقة رضي الله تعالى عنه, وهذا من الفرض الأكيد والواجب الذي لا ينتفي بأي حال, وهو الإقرار بالاعتراف الجميل لسادتنا وموالي نعمنا, شكر الله سعيهم, ومن لم يشكر الخلق لم يشكر الحق, قال صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ".
ولما جرت الأقدار وانتقل إلى ربهم الأخيار وتصدر كل غريب في تعريف ما لا يعرف, وأعني بالغريب غريبا عن الوطن وعن الطريقة العلاوية, لا نعرف أصله ولا حقيقة دينه, كما قال الشيخ العلامة الدرديري في حاشيته على شرح مصنف الشيخ خليل في بيان شروط الإمامة فقال: "وكُرِّهَتْ بمجهولِ الحالِ", أي كُرِّهَتِ الصلاة بإمامة مجهول الحال أي حال أصله ودينه.
وبعبارة أخرى ما هو إلا مرتزق يبحث عن الرزق السهل بمدح من لا يستحق المدح وذَّم من لا يستحق الذَّم, معتمدا في روايته على أشخاص استأجروه لتحريف وتزييف وتشويه شخصية مشايخنا وتقزيمها حتى تنحصر دعوتها ومآثرها في أسرة معلومة ولا يشاركهم أحد في التركة الربانية النورانية, وأعني بهذه التركة المعنوية ما تركه الشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه من سيرة مثالية محمدية, ومعرفة حقيقة ربانية تشخصت في العدد الهائل بقدر استعدادهم وكفاءتهم لينوبوا عن حضرة الشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه في تبليغ منابع التشريع والتحقيق لكل من اقتدى واهتدى بهم.
إذا فشخصية أحمد بن المصطفى العلاوي شخصية دينية عالمية وذلك ما جاء في مجلة لينيسكو التي صدرت في بداية القرن الخامس عشر الهجري فذكرت رجلين إثنين من أبرز شيوخ التصوف في القرن العشرين الميلادي في العالم الإسلامي: أحمد بن المصطفى العلاوي الجزائري المستغانمي والشيخ  محمد إقبال الباكستاني, غير أن المرحوم محمد إقبال كان يميل إلى الإصلاح الوهابي.
وأما نسبه من حيث البدن كما قال رضي الله عنه:
نسبي من حيث بدني         للقبيلة العلاوية
وهو الشيخ أبو العباس أحمد بن المصطفى بن محمد ابن أحمد المعروف بأبي شنتوف إبن الولي الصالح الملقب بمدبوغ الجبهة ابن علي المعروف عند العامة بإبن عليوة.
ولد الشيخ أحمد العلاوي رضي الله تعالى عنه بمستغانم عام 1874م الموافق لـِ 1291 من الهجرة, وتوفي في 14 جويلية 1934م الموافق للأوَّلِ من ربيع الثاني 1335 من هجرة نبينا عليه الصلاةُ و السلام‏.
وسنده في الطريق فإنه كما عبَّر عنه بنفسه رضي الله تعالى عنه:
والاتصال الروحاني        بالحضرة البوزيدية
فمنه تسلسلت الأشياخ قطبا عن قطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حسب ما جاء في منظومته في هذا الشأن:
أيا ربي سألناك النجاة  بأهل السلسلة يا ذا المنة
أيا ربي سألناك بأهل الطريق  الأمناء على غوامض التحقيق
أمنتهم على أسرار الحقيقة  فصانوها ووضحوا الطريقة
إلى أن وصلت لنا صفية  طيبة نقية زكية
كما فاضت من عنصر الشراب عين الوجود المصطفى العربي
أحفظنا يا ربي في سرها كما  أخذناها من ساداتنا الكراما
أولهم متصل الشراب  من به صح وصلي واقترابي
عليه الرضى يا ربي كذا المزيد البوزيدي محمد أهل للتمجيد
صفي القلب قوي الوداد  حسن البشرى نقي الفؤاد
سألناك يا ربي به تحفظنا  عن بابك يا مولانا لا تطردنا
وبشيخه منهل التبجيل  المكنى باليتيم الوكيل
محمد القدوري مفيض الشراب  أسلك بنا يا رب سبيل الصواب
وبشيخه نرتجي الفرج  ولينا أبي يعزى المهاجي
بحق مولاي العربي الدرقاوي  احفظنا يا إلهي من الدعاوي
فقد مهد الطريقة لأهلها  فوفقنا يا مولانا لحفظها
وبشيخه أحفظنا من الخلل المسمى علي معروفا بالجمل
سألناك يا ربي بإسناده  العربي بن عبد الله وبأبيه
أحمد الثابت الجبل الراسي  وبشيخه قاسم الخصاصي
وبشيخه محمد بن عبد الله  ولي الله معروفا له صولة
سألناك الفنا عن الإحساس  بشيخهم عبد الرحمان الفاسي
وبالفاسي يوسف صفي المشروب  وبشيخه عبد الرحمان المجذوب
وبقدوتهم علي الصنهاجي  يا إلهي نجنا من الحرج
وبإبراهيم المكنى بالفحام  أنقذنا يا رب من قيود الأوهام
وبشيخه أحمد الزروقي  أفن ربي حظوظي في حقوقي
بحق الحضرمي أحمد بن عقبة  والقادري يحيا تمنحنا توبة
بحق أستاذهم علي بن وفا  وبشيخه محمد بحر الصفا
اقبل رب بحقهم سؤالي وبشيخهم داوود بن باخلي
فالرجاء كل الرجاء منك يا اله بحق شيخهم بن عطاء الله
فهو بهذا الشراب موصي من شيخه أبي العباس المرسي
من مهد وسهل الطريقة  حتى وصلت إلينا الحقيقة
وبشيخه الشاذلي أبي الحسن أحفظنا يا رب من توالي المحن
فجاهه عندك يحكى معتبر  هو الوارث للباطن والظاهر
وبالمشيش شيخه عبد السلام  من زاد للطريقة عزا واحترام
بشيخهم المدني عبد الرحمن  اسلك بنا يا رب سبيل الإحسان
وباالفقير الصوفي تقي الدين  وشيخه المسمى فخر الدين
وبحق نور الدين محمد  وشيخه تاج الدين نور الهدى
بشمس الدين وارث الطريقة  عن القزويني عنصر الحقيقة
فلنا من فيضهم سر يسري  كما سرى من إبراهيم البصري
فهو الساقي لشراب المعاني  أخذه من شيخه المرواني
أخذنا عنهم كل ما أتانا  فاحفظنا بحقهم يا مولانا
وبسعيد السعادة سألنا  وبأستاذه يسعد دعونا
بفتح السعود سألنا يا رب  أستاذهم فلا تبق من حجب
بالغزواني شيخ الجميع المعظم  بجابر اجبر كسري قبل أن نعدم
وبلحسن ينبوع الحقائق  فرع النبوة وكهف الوثائق
بأبيه وشيخه صنو الرسول  هو باب الولاية أصل الأصول
أخذها من عينها الجارية  من فيض المصطفى له مزية
فخصه بأسرار غريبة  عن جبرائيل أتى بها قريبة
من رب العزة عزه بسره  خصه وعرفه بنفسه
فرفع عن بصره الحجب  فامتلأت من فيضه القلوب
أيا رب برسولك المعظم ونورك وسرك المكتتم
أجذبنا إلهي إليك جذبة  واسقنا من فياضك غرفة
تغيبنا عن وجودنا فيك  حتى نكون بك منك إليك
بحق سلسلة ذي الطريقة  أهل الله ينابيع الحقيقة
من سندي والغاية إليك  لهي مستندنا عليك
بنورك القلبي أصل المعاني  مظهر الأسرار ونور الجمال
صل يا رب صلاة بقية  تعم الآل وجميع الأولياء
وارحم يا رب عبيدك في ضعفه  العلاوي مقصرا في فعله
وارحم حزبنا وجميع المؤمنين  ثم الحمد لله رب العالمين

وبعد هذا لا أريد أن أعرِّف بما هو معروف عند الخاصة والعامة من نشأة الشيخ أحمد المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه دراسته الابتدائية واتصاله بالشيخ محمد بن الحبيب البوزيدي رضي الله تعالى عنه وما كان يتعاطى من التجارة ومهنته إلى آخره. غير أنني رأيت أنه من الواجب أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى ما كُتِبَ عن الشيخ أحمد العلاوي رضي الله تعالى عنه من أن حفظه للقرآن لم يتجاوز سورة الرحمان, وبذلك فتحوا أبواق المنتقدين حيث استرسلوا في دعايتهم بألسنة مندلعة على صدورهم وأقلام جائزة ظالمة إذ جعلوا لأقاويلهم وتأويلاتهم الفاسدة هذه المقولة الشنيعة, واعتمدوا عليها كعكاز يتعكزون عليه, حتى ذهبت سهم الحماقة إلى أن قالوا بأنه أميٌّ لا يقرأ ولا يكتب, وأنَّ الكتب التي ألَّفها ليست له بل هي لعلماء ألفوها بعوض عنه ونسبوها إليه.
وأنا أتساءل كيف يمكن بهذا المستوى الذي رُمِيَ به شيخنا رحمه الله ورضي الله تعالى عنه أن يؤسس تلك المنهجية في التربية الروحية التي انتشرت في أصقاع المعمورة, ومسَّت القارات الخمس واعتنقها علماء أجلاء من العالم الإسلامي والعالم الغربي بعد أن أسلموا على يدي الشيخ رضي الله تعالى عنه.
واعلم رحمك الله أيها القارئ الكريم أن الشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي اهله تعالى عنه كان يحاور كبار الرهبان والأحبار والفلاسفة والملحدين, ويفحم حجتهم, مع اطلاعه الواسع على مختلف التخصصات العلمية, وعلاوة على ذلك كان يحين اللغة العبرانية والسريانية واليونانية والفرنسية, وحفظ الكتب المقدسة عن ظهر قلب, لأنه كان يستحضر بالشاهد منها تلقائيا ليفحم حجة الرهبان والمبشرين بإطلاعه على الزبور والتوراة والأناجيل المختلفة.
وكما سترى إن شاء الله في هذا الكتاب, كم من مبشر أسلم على يده, مع العلم أن المبشر لا يرتقي إلى مقام التبشير حتى يحيط بجميع ما يسمى بالعلم النقلي الكتب السماوية, والعقلي اختلاف الفلسفات الموجودة في الكرة الأرضية, والعلوم الدقيقة والعلوم الطبيعية, والعلوم الاجتماعية, مع دراسته علم الاجتماع لغة القوم لهجاتهم,عاداتهم, ثقافتهم, وأعيادهم أي النمط المعيشي بصفة عامة للقوم الذين بعث فيهم كمبشر لتنصيرهم.
وهذا رحمك الله أيها القارئ الكريم يجعل من الصعب أن تمحو ما كان يعتقده ويتطاول به من دين وعقيدة, إلا إذا كان خصمه أوضح منه حجة وأغزر منه علما في جميع ما يستشكله الرجل, ويأتي من حين إلى حين بسؤال على سبيل الإعجاز ظنا منه أن ثقافة الشيخ محدودة جدا لا تقتصر إلا على حفظ القرآن العظيم وشيء من الفقه الإسلامي وبعض قواعد اللغة العربية, فإذا به يرى نفسه أما بحر زاخر بالعلوم النورانية لا ساحل له. تلك هي حقيقة الشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه, أصبح متفردا لا ينافسه أحد من علماء ومشايخ زمانه وعصره, وأكبر شاهد على ذلك جريدة "لينيسكو" المشار إليها, وأعظم شهادة ما يشهد ه العدو عدو العقيدة لأن هذه المؤسسات العالمية وغيرها تحت هيمنة اليهودية والمسيحية.
وإذن فإن الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي ليس إلا خليفة من الخلفاء الذين أشار إلهيم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي, فعضوا عليها بالنواجذ", أو المجدد أمر دين هذه الأمة كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم : "يبعث الله على رأس كل مائة سنة من يجدد أمر هذه الأمة".
وإذا أمنعت النظر بعمق, وجلت بفكرك, وتفحصت جميع الجوانب ظاهرا وباطنا في كلمة التجديد والمجدد, فإنني أقول لك. "إن التجديد ليس بتجديد الدين ولا بتشريع جديد, والمجدد ليس بنبي ولا رسول أتانا بوحي جديد وتشريع جديد, وإنما المجدد هو الخليفة أي النائب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبليغ الرسالة المحمدية بأسلوب خاص على حسب الزمان وتطور فكر الإنسان مع المحافظة عى السنة والسيرة المحمدية والثقافة العربية الإسلامية, أو بعبارة أخرى النمط المعيشي في السلوك والملمس والهيئة بحيث نحافظ على الميزة التي تميز المجتمع العربي الإسلامي عن المجتمع الغربي لكيلا تذوب ثقافتنا العربية الإسلامية في الثقافة الغربية المسيحية اليهودية أو بعبارة أخرى ترقية الإنسان في الميادين العلمية المختلفة, فان العلم يتجدد ويتطور من عصر إلى عصر على حسب إدراك واستيعاب الإنسان للتطور التكنولوجي والتقني الحضاري والمدني. فكذلك أسلوب الدعوة إلى الله يتجدد بحسب طليعة العصر وأهله, لهذا قال صلى الله عليه وسلمك "من يجدد أمر دين هذه الأمة", وليس المقصود بالتجديد تجديد الدين وإنما المقصود تجديد الأمر, أساليب التعامل في الدعوة إلى الله.
ومن هؤلاء الدعاة إلى الله تعالى الشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه, وغيره من العلماء العارفين بالله الدالين عليه رضي الله عنهم أجمعين.
فشخصيتهم حوت عدة جوانب على حسب المهام المنوطة بهم, وهذا منا يدفع بي إلى دراسة عميقة لحياة الشيخ أحمد بن المصطفى العلاوي رضي الله تعالى عنه, هذه الشخصية الطيبة التي هي قدوة للأجيال الآتية.
فإن شخصيته تنطوي على جوانب عدة, واكتفي بذكر ثلاثة منها وهي:
- جانب المقاومة للمكائد والمراوغات الفرنساوية وتلاعبها بالدين الإسلامي وصَّد الحملات المسيحية.
- الجانب الروجي.
- الجانب الثقافي.


جانب المقاومة للمكائد والمراوغات الفرنساوية وتلاعبها بالدين الإسلامي وصَّد الحملات المسيحية
 
 
(بلقاسم) 

تعليقات