بوزيد بن مولاي

المشار إليه كان مقدم الشيخ البوزيدي لقرية عتبة*, ينتمي في بادئ الأمر إلى الطريقة الدرقاوية الشاذلية التابعة للشيخ البوزيدي ثم بايع بعد وفاته الشيخ العلاوي بدليل الرؤيا المنسوبة له التي سجلت, رحمه الله وجعل الجنة مثواه, آمين.

 رؤية المقدّم سيدي بوزيد بن مولاي:
بعد وفاة سيدي الشيخ محمد بن الحبيب البوزيدي رضي الله عنه، رأيت في المنام جمّا غفيرا من الناس سائرين في الطريق، والشيخ سيدي أحمد بن مصطفى بن عليوة رضي الله عنه في وسطهم وأنا خلفهم نصيح بأرفع صوت قائلا: "الرياح موجودة من وراء سيدي الشيخ أحمد بن مصطفى بن عليوة رضي الله عنه بمهر طفيف لا تكلّف فيه".

ذات يوم وهو في سياحة مع الشيخ البوزيدي, وصلا إلى قرية من القرى لم يرحب بهما أهلها ورموهم بالحجارة وأطلقوا عليهما كلابهم ليصدوهما عن دخول القرية فابتعدا شيئا عنها وجلسا تحت شجرة ولما غربت الشمس رجع المقدم سيدي بن مولاي إلى القرية و معه علبة كبيرة من حديد يستخدمها (كطبل) ودخل يغني بأعلى صوته قصيدة غزلية تطرب أسماع هؤلاء الغافلين عن الله فقدموا عليه وتسابقوا ظنا منه أنه شيخ السماع فجعل العلبة جنب أذنه اليمنى ونظر إلى السماء وجاب بالطول والعرض حلقة المتفرجين وهو يغني بأعلى صوته بالألحان المحبوبة لديهم, فالتفوا حوله ثم تكلم كبير القوم و قال: "أرجوك أن تسامحنا على سوء مقابلتك أول ما نزلت بنا اتهمناكم وظننا أنكم من هؤلاء الذين يأكلون أموال الناس بالباطل وباسم الدين ولم نعرف بأنك شيخ مغني الرجاء منكما أن تقضيا بعض الأيام عندنا فلنا عدة حفلات من زفاف وختان لصبياننا", فأكرموه غاية الإكرام ثم استأذنهم ليأخذ شيئا من الطعام لصاحبه وبعدما أكل الشيخ وشرب, قص عليه القصة و استأذنه للرجوع إلى القرية فقال له: "ارجع لأنهم اقبلوا عليك", فأجاب سيدي بن مولاي: "حاشا يا سيدي الشيخ بل أقبلوا على علبة من حديد فارغة".

ورجع سيدي بن مولاي إلى القرية وهو يداعب عواطفهم بالأغاني الغرامية البدوية ولما رأى أنه ملك قلوبهم توقف عن الغناء قائلا لهم: "أليس من سوء حظكم وأسوء حالكم أنكم طردتم شيخا عارفا بالله من كبار المحققين صاحب الشريعة والحقيقة وكل من تعلق به وتوسل به إلى الله عز وجل خيمت عليه سعادة الدارين، وقبلتم على علبة فارغة ومغنيها فارغ فاستبدلتم العامر بالفارغ و الخير بالشر و النور بالظلمات و السعادة بالشقاء والحقيقة بالأوهام؟"، فعندئذ شعر أهل القرية بأنهم قد ارتكبوا ذنبا عظيما لا تكفره إلا التوبة إلى الله سبحانه عز و جل فطلبوا من المقدم بأن يأتيهم بالشيخ فقال لهم: "والله لا أفعل بل اذهبوا أنتم إليه و استسمحوه" ففعلوا ورجعوا به إلى قريتهم و جعلوه وسيلة إلى الله وأصبحوا من الذين أنعم الله عليهم بالخير العميم.

*لست متأكدا إن كانت عتبة بلدية العطاف ولاية عين الدفلى.

 المصادر:
- الروضة السنية في المآثر العلاوية للشيخ عدة بن تونس.
- الأنوار القدسية الساطعة على الحضرة البوزيدية, لعبد القادر بن طه الملقب بدحاح البوزيدي شيخ الطريقة البوزيدية العلاوية.

تعليقات