محمد بلحر

الشيخ
محمد بلحر (أب
و الحر) بن أحمد بن المنور, مقدم الطريقة العلاوية بغليزان ووهران.

ولد الشيخ محمد بلحر سنة 1905م - 1323هـ بدوار الرواشدية بالحرارثة من أبوين كريمين وقد حفظ القرآن الكريم على عدة مشايخ بعد أن سافر في حفظه للقرآن إلى مدينة مازونة قلعة العلم انذاك والمجاهر بمستغانم, وكانت حرفته المعيشية خياطة البرانيس والجلاليب المغربية.

ثم افتتح مدرسة وزاوية قرآنية حيث درس القرآن الكريم برواية ورش عن نافع لطلبته المسافرين رجالا ونساءا لمدة أكثر من 15 سنة, وقد تخرج على يديه العديد من حفظة القرآن الكريم. 

أخذ الطريقة الهبرية من الشيخ محمد الهبري المتوفي سنة 1936م بأحفير بالمغرب صحبة شيخه العلامة الفقيه الشيخ بالقاسم السنوسي الذي درس على يديه العلم الشريف والعقيدة, ثم سلك بعد ذلك الطريقة العلاوية, حيث اجتمع بالشيخ عدة بن تونس في مستغانم, وفرح به الشيخ عدة أشد الفرح لأنه من حفظة القرآن الكريم, وبعدها أذن له بمهمة مقدم في الطريقة العلاوية وإعطاء الورد العلاوي ونشر الطريقة في بلدته. فرجع الشيخ بلحر بصورة أخرى حيث اعتراه جذب كبير وحال عظيم من ذلك اليوم الذي اجتمع فيه بشيخه, فبدأ بنشر الطريقة العلاوية, وقد دخل على يديه الكثير من المريدين بما فيهم طلبته الحافظين للقرآن الكريم. ولقد اجتمع قبل أعوام بالشيخ أحمد العلاوي بزاويته بمستغانم ورآه بأم عينيه في المولد النبوي الشريف في الثلاثينات ولكن لم يستطع أن يسلم على الشيخ لكثرة الزحام على تقبيل يدي الشيخ العلاوي, لذلك لم يأخذ الطريقة عليه, لأنه بعدها توفي الشيخ العلاوي سنة 1934م.

كان مداوما على ذكر الإسم الأعظم وكان يضرب به المثل في تمسكه بالطريقة العلاوية والتي مات عليها, ومن حينها كان شيخه عدة بن تونس يزوره مرة على مرة. 

انتقل إلى مدينة غليزان وسكن فيها عدة أعوام ودرَّس فيها القرآن الكريم ونشر فيها الطريقة العلاوية, ثم انتقل بعدها إلى مدينة وهران.

أثناء ثورة التحرير الجزائرية, انظم
إلى صفوف المجاهدين ضد المستعمر الفرنسي وكان من صنف المسبلين حيث كان يجمع الأموال بنفسه للمجاهدين ويعطيها لهم. ألقي عليه القبض من طرف الاستعمار الفرنسي وزج به في سجن زمورة القصبة وعذب أشد العذاب ثم أفرج عنه بعد أن اعتقل لعدة أشهر.

كان الشيخ محمد بلحر طويل القامة, جميل الصورة, أبيض اللون مشربا بحمرة في خديه, يتلالأ على وجهه الشريف النور المحمدي من كثرة الذكر, كان طويل اللحية, لحيته بيضاء, ويلبس اللباس العربي الجزائري بالكامل, وعلى رأسه عمامة صفراء, وكان دائما يردف على كتفيه برنوسه الأبيض, ويحمل عصاه في يديه, يطبق السنة المحمدية بكاملها في لباسه, ومشربه, ونومه, وحتى في مشيته حيث كان يمشي في الطريق ذاكرا الله تعالى وفي يده سبحته, وكانت له سبحة الشيخ محمد حمو البوزيدي (لا بد أنه أهداها له الشيخ عدة بن تونس).

وكل من يمر في طريق الشيخ بلحر وينظر إليه, يوحد الله أمامه قائلا "لاإله إلا الله" بسبب النور الذي يتلالأ من وجهه الشريف كأنه سبيكة من ذهب وكان له شبه عجيب بالشيخ أحمد العلاوي في صفاته الخُلقية رضي الله عنهم جميعا.

وكان كثير البكاء, لما يعتريه حال عظيم, يبكي بكاءا شديدا, وكان جم التواضع, عظيم الهيبة يعتريه الجمال المحمدي, لطيف العشرة, قوي البنية, وكان ركنا جسيما أساسيا في الطريقة العلاوية جيث كان يذب ويدافع عنها حتى برسائله التي كان يكتبها 

وهو الذي تولى غسل جثمان الشيخ محمد المهدي بن تونس وتقدم للصلاة عليه إماما في صلاة الجنازة حيث أمَّ الالاف من الفقراء العلاويين وغيرهم من الطرق الصوفية الأخرى وجمع غفير من العلماء والقضاة وأعيان الدولة, رحمه الله تعالى حيث كان يوما مشهودا.

توفي بعد عمر طويل في بيته بوهران "السانيا" وذلك يوم الخميس 17 جويلية 2003م الموافق 16جمادي الاولى 1424هـ, وذلك على الساعة العاشرة ليلا وكان في ذلك اليوم زفاف حفيده وقد كان قد أخبر حفيده بذلك من قبل حيث قال له عند دخول العروس إلى بيته ستخرج روحه الطاهرة إلى بارئها عزوجل, وخرجت تلك الروح الطاهرة الذاكرة الزكية ليلة الجمعة إلى بارئها عزوجل راضية مرضية. وانتشر خبر وفاة الشيخ في تلك الليلة إلى جميع الفقراء, وفي صبيحة يوم الجمعة 18 جويلية 2003م - 17 جمادي الاولى 1424هـ, كانت صلاة الجنازة عليه وقدر عددهم أكثر من ثلاثة الاف مشيع ودفن بمقبرة السانيا عن عمر ناهز 98 عاما, رحمه الله وجعل الجنة مثواه, آمين.

تعليقات