الشيخ العلاوي - تعليق على مقال شكيب أرسلان "ليس التبشير دعاية دنيوية استعمارية"

نحن لا نرتاب فيما أثبته حضرة الكاتب المفضال من كون الباعث المقوي لأعمال المبشرين ليس هو وازع الاستعمار بانفراده, وعلى فرض أن يكون لذلك الوازع وجود فليس هو الباعث الجوهري بناء على أن الفكرة التبشيرية تكونت قبل أن يتكون الاستعمار الأوربي في الخارج.

وعلى هذا فلا يبعد أن يكون الباعث لأولئك على العمل هو دافع أخروي كما ذكره الكاتب, ولكن الذي يريبنا من أعمالهم بوجه خاص هو توجيه عنايتهم للعالم الاسلامي بصفة تجعل الانسان يتساءل عن أسباب الرحمة التي دفعتهم إلى بذل تلك الجهود في سبيل هداية المسلمين بدون ما يكون لهم أدرى اهتمام بالملحدين من أبناء جلدتهم الذين غصت بهم أوربا والذين هم أحق بالشفقة عليهم من المسلمين, لأن هؤلاء المسلمين عرفوا من الاله ومن نبي الله عيسى ما لم يعرفه الملحدون والمشركون بل وحتى المبشرون أيضا.

وإذا فما هو الباعث الذي صير المبشرين يحاولون أن يزحزحوا أبناء العالم الاسلامي عن مركزهم الإعتقادي بكل ما في وسعهم من أنواع الاحسان والإساءة (ضروب وأنواع مختلفة لا نطيل بذكرها), هذا ما يتركنا ويترك غيرنا يتساءل عن ذلك الباعث.
و كيفما كان الحال وكان الجواب, فخلاصة ما ينتج من أعمالهم وجدهم ونشاطهم هو بعد التوازن بينهم وبين دعاة المسلمين حسبما أثبته حضرة الكاتب واستلفت العالم الإسلامي إليه (ذلك ذكرى للذاكرين), هود 141. 

المصدر: جريدة البلاغ الجزائري -تعليق الأستاذ على مقال شكيب أرسلان "ليس التبشير دعاية دنيوية استعمارية", العدد 195 بتاريخ 09-01-1931

تعليقات