سئل
رضي الله عنه عن قوله صلّى الله عليه وسلّم (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وهي
ما أنا عليه وأصحابي)، رواه السيوطي في الجامع الصغير.
فأجاب
قائلا إنّ هذا الحديث ممّا يقضي على الأمّة المحمديّة بالهلاك، مهما
فهمناه حسبما فهمه أغلب المفسرين، لأنّه صريح في نجاة جزء من ثلاث وسبعين
جزءا من الأمّة المحمديّة، وعليه فالمرجو من الله والموافق لرأفة رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم بالمؤمنين، أن نحمل ذكر الأمّة في الحديث على أمّة
الدعوة، لا على أمّة الإجابة، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (أنا رسول من
أدركته حيّا، ومن لم يولد بعدي)، ويتضح لك المعنى من أنّ الأمّة هنا المراد
بها أمّة الدعوة، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (من كان آخر كلامه في الدنيا
لا إله إلاّ الله دخل الجنّة)، وقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ" [النساء:48] وغير هذا.
ومن
المعلوم أنّ أمّة الإجابة لم تعدم حظها من توحيد الله، والإقرار برسالة
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإن تفرّقت من حيث الفروع فأصلها ثابت،
وشفاعته صلّى الله عليه وسلّم محيطة بمن انتسب إليه، كيفما كان، والظنّ في
الله حسن.
ومن
المحتمل أنّ الملل كانت قبل بعثة موسى عليه السلام، بالغة إلى حد السبعين
فرقة والملّة التي جاء بها موسى عليه السلام هي تمام الإحدى والسبعين فرقة،
والجميع في النار إلاّ ما كان عليه موسى عليه السلام وأتباعه، ولمّا بعث
الله عيسى عليه السلام، كانت ملته هي تمام الاثنين والسبعين فرقة، والجميع
في النار إلاّ ما كان عليه عيسى وأتباعه، ولمّا بعث الله سبحانه وتعالى
سيدنا محمدا صلّى الله عليه وسلّم بشريعة سمحة عادت الفرق مع ما سبق ثلاثا
وسبعين فرقة، والجميع في النار إلاّ ما كان عليه محمد صلّى الله عليه وسلّم
وأتباعه، والجميع أمتّه من جهة الدعوة حسبما سبق، والظنّ في الله جميل،
وهو حسبنا ونعم الوكيل.
تعليقات
إرسال تعليق