الشيخ العلاوي - تفسيره للحديث (أباؤكم خير من أبنائكم إلى يوم القيامة)

سئل رضي الله عنه عن قوله صلّى الله عليه وسلّم (أباؤكم خير من أبنائكم إلى يوم القيامة)، فما معنى هذا الحديث؟ فعلى ما يظهر من ظاهر الحديث تشريف الآباء على الأبناء إلى يوم الدين، والحالة أنّ الواقع يقتضي خلاف ذلك، فإنّ كثيرا من الأبناء حصل شرفا لم تحصّله الأجداد.

فأجاب قائلا إنّ هذا الحديث ممّا تداولته ألسنة العموم والخصوص، ولا أرى فيما أعلم من أفصح عن معناه، أو تدبر في مبناه، والحالة أنّه أسهل من أن يستشكله لبيب لأنّه لم يقل صلّى الله عليه وسلّم الآباء خير من الأبناء، حتى يلتبس الأمر، إنّما قال للمخاطبين، آباؤكم خير من أبنائكم، أي آباؤكم لكم، والمعنى إنّ كلّ إنسان في نفسه أبوه خير له من ابنه، وذلك لما كان يعلمه صلّى الله عليه وسلّم من أنّ النفس تميل بالطبع للبنين دون الآباء، والحالة أنّ الإنسان أبوه خير له من ابنه دنيا وأخرى، ووجه الخيريّة من جهة الدنيا، إنّ الأب لا يحمل الابن على اقتحام المخاطر، بخلاف ابنه فإنّه يحمله بالطبع "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ" [التغابن: 15] ومن جهة أخرى إنّ مادة الأجر الواصلة إليه من إحسانه لوالده، أكثر من الواصلة إليه من إحسانه لولده، وهكذا إلى يوم الدين.

تعليقات