إلى
حضرة الشيخ محمد الهلالي المدرّس بالحرم النبويّ الشريف: أيها المحترم
زادكم الله احتراما، ووقانا وإيّاكم شرّ ما تنشره الأقلام.
قد
كنّا وفقنا أيّها المحترم في العدد (172) من مجلة (الشهاب) على مقال ينسب
لحضرتكم ومن جملة ما ذكرتموه فيه: إنّكم تجلّون رتبة رجال التصوّف
المتقدمين (كالجنيد، الغزالي، السنوسي، الجيلاني، وعبد السلام الأسمر،
الدسوقي، ومعروف الكرخي، وهلم جرا) وقد ذكرتم أنّكم تعترفون لهم بأنّهم
كانوا - رضوان الله عليهم - على جانب عظيم من الزهد والتقوى.
ولكن
لست أدري، وغيري لا يدري أيضا - إلاّ أنتم - بماذا أثبتم لهم بأنّهم كانوا
على جانب عظيم من الزهد والتقوى وغير ذلك من الخصال الشريفة ؟ وبماذا
نفيتم أن يوجد من بين المتأخرين ولو رجل رشيد حسبما صرّحتم بذلك في مقالكم
الأول ؟ أليس ذلك – يرحمكم الله – مجرد تحكّم منكم أولا وآخرا ؟ وما هي
حجّتكم في الحكم على المتأخرين بسلب الرشد من بينهم، فهل كنتم المهيمنين
عليهم، فسبرتم غور الظواهر منهم والبواطن، فلم تجدوا منهم ولو واحدا يصلح
أن يرتبط بمن سلف، ولو بشيء في الجملة ؟ فنحن، وأيم الله في تشوّف عظيم،
لأن تطلعونا على المآخذ.
أمّا
أنا فلا أراكم إلاّ أنّكم قستم من تعرفونهم على من لا تعرفونهم، حكمتم على
الجنس بحكم النوع، وهو لا شكّ حكم تفتخرون به بين المناطقة، وتصولون بمثله
على الأصوليين !، أيّها الشيخ، أليس يكفيك أن تقوم بتدريس ما تعرفه من
ضروريات الدين، وتتجنب ما لا تعرفه، حتى تكون على بينة ويقين ؟ ألم يبلغك:
(إنّ السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولا / الإسراء آية / 36)،
فالأحرى بنا وبكم أيّها الشيخ أن لا نحكم بالسلب أو الإيجاب، إلاّ على ما
نعرفه من نفوسنا، وإن كان ولا بدّ، فعلى ما نعرفه ونتحقّقه في بعض أبناء
جنسنا، أمّا ما غاب عنّا وعنكم من أسرار الخلق، فتكل أمره للملك الحقّ،
وهذا ما عن لنا نصحناك به لوجه الله تعالى، وعلينا وعليكم السلام ورحمة
الله وبركاته.
تعليقات
إرسال تعليق