رسالة الشيخ العلاوي لبعض أتباعه بالقبائل

إلى حضرات أصدقائنا ببلاد القبائل، ومن حولهم أخصّ بالذكر رؤساءهم وفقهاءهم ومشايخهم، وجماعة المتقدمين، ومن له أدنى ارتباط بنسبتنا واعتماد كلامنا، عليكم جزيل السلام ما دمتم لله ذاكرين، ولشرعه ناصرين.

هذا أيّها السادة، ألهمني الله وإيّاكم لما فيه نفع الدارين، وفي يقيني أنّه لا نفع أنفع من اتباع سنّة سيد المرسلين وإحيائها، والعمل على مقتضياتها، وبالخصوص في هذا الزمان الصعب، الذي صار فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر، كلّ ذلك لضعف اليقين، وقلّة المعين، وقد كنّا نعهد من أفرادهم الصدق، والتبّصر على نصرة الحقّ، ورجوت الله بوجودكم تحيى البلاد والعباد، وقد كان من ذلك ما يستحق الذكر والحمد لله، حتى اعترف به العدو والصديق، فشكرنا سعيكم وحمدنا الله لنا ولكم، غير أنّه في هذا الأخير بلغني ما كدّرني، وللكتابة ألجأني، وهو أنّ بعض المساجد في أرضكم تخريب، وهكذا بعض الكتاتيب تعطلت، ولست أدري هل ذلك ثابت أم لا، وإن كان ذلك يقع مع وجودكم،  فوجودكم إذن والعدم على السواء، وأنتم على علم من إنّنا ما صحبناكم، وعاهدناكم إلاّ على قيام شرائع الدين، واتباع سنّة سيد المرسلين صلّى الله عليه وسلّم، وهذا هو العهد الذي قطعناه وقطعتموه مع الله في السرّ والجهر، ومن أوفى منكم بعهده فهنيئا له، ولعشيرته ودائرته، ومن نكص على عاقبيه، أو خان ما عاهد الله عليه، فإنّ الله لا يحبّ الخائنين، وإنّه لا ذمّة بيني وبينه، بل بينه وبين أهل السلسلة من يومنا هذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إلاّ من تاب (إنّ الله يحبّ التوابين والمتطهرين / البقرة آية / 222)، وهذا ما لم يكن مغلوبا على عقله، وإلاّ فلا يلتفت إليه، وقد أخبرني في هذا الأخير أحد الأصدقاء، أنّه رأى في منامه أنّ قائلا يقول له: (ها هو ذا كلب أسود يأكل في الدين، قال فخرجت، وإذا بالدين تمثّل لي كأنّه جوف شاة معلّق على حبل، وكلب أسود ينهش فيه نهشا، قال: فقمت مرعوبا) فهذا هو الزمان الأسود، ترى ينهش في الدين نهشا، فهل يحسن من أبناء الدين أن ينهشوا معه، أم يحرزوه ؟ وبعد هذا فإنّي أحذركم الله، وأحذر نفسي معاشر المسلمين، أن تهملوا كتاب الله، وتعطّلوا مساجد الله، فيسرع إليها الخراب مع وجودكم، فإنّ الله تعالى يقول في الشق الأول إخبارا عن نبيّه حيث يقول يوم القيامة: (وقال الرسول يا ربّ إنّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا / الفرقان آية / 114).

وما كتبت هذا إلاّ تحذيرا وظنّي فيكم جميل، وإن تخلّفتم فإنّي قد أنذرتكم، والله يتولّى إصلاحكم، وهو خير المصلحين.

تعليقات