عبد العزيز بن محمد بوزيد - الشهائد والفتاوي (2-8-7-11)

الشاهد الحادي عشر من القسم الثاني من أعيان الساحل ورؤسائه بتونس, مكنين, بلد بوحجر, في الشهائد والفتاوي. (2-8-7-11).

هو العالم الربّاني, الشيخ سيدي عبد العزيز بن محمد بن خليفة بوزيد, الحَجْري مَنشَئًا ومَسكنًا, المَداني طريقةً ونسبةً. ولد في 10 مارس 1895م, 1305هـ, ببلدة بوحجر, من ولاية المنستير, في عائلة علم وأدَبٍ وصَلاحٍ. أدخله والدُه كُتَّابَ البلدة, فَحفظَ القرآنَ الكَريمَ وأتقنَه روايةً. وفي عام 1325هـ (1907), التحق بالجامع الأعظم وتعلّم العلوم اللّغوية والشرعيّة, وانتقل من سنة إلى أخرى حتّى تحصَّل على شهادة التطويع. عمل عدلاً مُبَرَّزًا, من الطبقة الأولى, بالمكنين من دائرة قضاء المنستير من عام 1338هـ  (1919) إلى غاية 1356 هـ (1937). ثمّ سمّي عدلا من الطبقة الأولى, ببلدة بوحجر, كما سمِّيَ إمامًا خطيبًا, بالجامع فَخَطبَ وأجاد و قام بدروس الفقه وانتفع على يديه كَثيرٌ من العباد. تعرّف على الأستاذ العارف بالله والدّال عَلَيه, شيخنا المنعم سيدي محمد المدني, رحمه الله, وانتَظَمَ في سلكه وغَرَفَ من فيض وده و ذلك خلال عام 1341 هـ (1922). لازَمَ الأستاذَ وأحْسَنَ صحْبَته إلى أن أفاض الله على لسانه "مواهب الرحمان على شجرة الأكوان" وذلك سنة 1354 هـ (1935), فكانت تحفَةَ القاصدين ومنهَلَ الشَّاربين. 

مِن شِيَمه الزكية, رضي الله عنه الثبات, والصِّدقَ مَع شَيخه وإخوانه, سواءً في حياة الأستاذ أو بعد وفاته, وجلُّ مُذاكراته حول الثبات على العهد ومُلازمة إيصال الزاوية فكان يقول ويَعمَل ويَصل ولا يَقطَع. كان شغوفًا بالمطالعة. يصرفُ أوقاتِه الثمينة في مُطالعة جلّ العلوم.

في مساء يوم 12 أكتوبر 1966م توضَّأ لأداء صلاة المغرب, بزاوية بوحجر, وبَقيَ ينتظر دخول الوقت وأخذ كتاب "الجامع الصغير", (للإمام جلال الدين السيّوطي), يُطالعه وأثناء المطالعة, وافَاهُ الأجل المحتوم فانتقل إلى الرفيق الأعلى, تَغَمَّده الله برحمته الواسعة ومَتَّعه بالنظر إلى وجهه الكريم إنه سميع مجيب.  


شهادة الشيخ عبد العزيز بوزيد في شَيخه محمد بن خليفة المَدني والشيخ أحمد العلاوي:

وفي أثناء مُزاوَلته للعلومِ بالرُّكن المَعلوم (الشيخ محمد المَدني), أسعدَه الحظّ والقَدَر بالجَمع على الحجَّةِ البالغة, مُؤَيِّد الملّة بالأدلّة الدّامغة, مُنير المَسالك في دَياجير اللّيل الحَالك, رَافِع لواء الحمدِ لتَوحيده, المتفاني في إرشاد عَبيده, قامع جيوش البِدَع والضَّلالَة, ومُميت البَغْي والجَهَالَة, سَيفُه المسلول على رؤوس الكتائب, فَلَبَّى دعوته أقصى المَشارق والمَغارب, الواسطة العظمى والغَيث المِدرار على سائر الأقطار والأمْصار, مُفرَد أهل زمانه, ووحيد دهره وأوانِه, الأستاذ الأكبر, المُرَبّي الأشهر, شمسه على طول الدهور لا تكسف, وبَدره على ممرّ الليالي لا يُخسَف, المنعم باللّقاء في دار البقاء, مَولانا الشيخ أبي العبّاس سيّدي أحمد بن عليوة المستغانمي, قُدِّسَ سرّه, وأفاض علينا والمسلمين من خزائن بِرِّه وذلك عام (1328 هـجريّة)1، بحاضرة تونس المَحميَّة, تغمّده الله برحمته الظّاهرة والخفيّة حيثما حلّ بنا غيثه الهاطل, لِطبع كتابه الحافل المسمّى "بالمنح القدسيّة في شرح المرشد المعيّن بطريق الصّوفيّة", مَن طابَقَ اسمه مسمّاه, واستنارَت بطلعته بواطن مَن أبصره بعين رضاه, يا لَها من منَّةٍ ومَزيَّة, جاد بها الزّمان لذوي الهمم العليّة. فَكانَ أوّلَ مُسارعٍ إلى الورود من حياضه الصّافية النّقيّة, واغتنام أسراره المنزّهة عن الأشباه والمَثَليّة. وقَد سَافَرَ إليه وصَحبَه حينًا من الزمن بِبَلَد مستغانم, فظفر ببلوغ الآمال وعزِّ المَغَانِم, إذ قرَّبَه منه إليه وأدناه وأمدّه بكلّ عظيم يتمنّاه, جلس معه على بساط الصدق والتصديق, فتدفّقت على رياض جنانه مناهل التّحقيق. خاضَ في بحر الأنوار لُججًا, ونَظَّمَ عقودًا تزيّن الحُججَا, حتّى صار لديه من أعزّ الخواصّ, لما جُبِلَ عليه من أسرار المحبّة والإخلاص. ولما أنِسَ رشدَه, أطلعه على ما عنده, لم يلبث إلّا بضعًا من السّنين حتّى صدره بالإذن لإرشاد العالمين, أداءً لحقِّ الأمانة, فتحمّلها بكلّ قوّة وفطانة, رفَعَ لواءَها بين عموم الأنام, وصَدَعَ بالأمر في كافّة الأقوام.





 

 

 

تعليقات