رِسالة محمد بن الحبيب بن الصديق الأمغاري إلى الشيخ العلاوي

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله الذي جعل مادة نبيه الخاصة سارية في أفراد من أمته في كل زمان, وخصهم بين سائر مخلوقاته بمعرفة أسرار ذاته وأنوار صفاته ومظاهر أسمائه وعجائب أفعاله, فأخبروا من سواهم عن ذوق ومشاهدة ووجدان فانتفع بعلومهم ومعارفهم وألحاظهم وخواطرهم من سبقت له السعادة في حضرة الرحمان.
 
والصلاة والسلام على سيدنا محمد أول التعينات الذي أظهر الله من نوره سائر الموجودات وعلى آله وأصحابه وخلفائه ما سبح مسبح من أهل الأرض والسماوات.
 
هذا ومن أعظم خلفائه صلى الله عليه وسلم الذي أبرزه الله في وقتنا وأظهره بفضله لإرشاد عبيده في عصرنا وحصل لنا وللمحبين به السرور في سرنا وجهرنا الشيخ الأكبر والقدوة الأشهر شيخ العارفين ومربي المريدين سيدنا ومولانا "أحمد بن سيدي مصطفى بن عليوة" أدام الله وجودك لنفع العباد, وجعلك منهلا عذبا للوُراد حتى ينفع بك الحاضر والباد, وسلام عليك وعلى من تعلق بك بأعلى تحية وأزكى سلام عدد ما تجلى به الحق في سائر الليالي والأيام.
 
وبعد فقد وردت علينا رسالتك المحلاة بأنوارك الساطعة وأنفاسك العاطرة وفتوحاتك الباهرة فتلقيناها بالإجلال والتعظيم ؛ وسردناها بحسن استماع وتدبر وتفهيم, فوجدناها والحمد لله وافية بالمقصود, كشفت لنا عن أسرار دقيقة كنا عنها في غفلة فجزاك الله عنا أحسن جزائه وأتحفك بكمال عنايته ورضوانه.
 
هذا وليكن في علمك سيدي أني والحمد لله اجتمعت بأفراد ومشايخ من هذه الأمة المحمدية وأخذت عنهم ما قسم لي على أيديهم, فلما ظهر سيدي محمد بن علي من مراكش سحت إليه فتلقاني بالترحيب وكشف لي عن حضرة الحبيب ولقنني الاسم الأعظم بكيفية خاصة, وآذنني في إرشاد عبيد الله ودلالتهم على الله فامتثلت أمره فحصل ببركة نفع كثير فلما توفي رضي الله عنه ترفقت في أمري حتى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني بما كنت عليه من إرشاد عبيد الله ودلالتهم على الله, فامتثلت أمره وصرت كلما جاءني أحد يقصد دلالته على الله إلا وتذاكرت معه فيما يقربه من الله.
 
فلما تقررت عندي بالله معرفتكم وانكشفت لله خصوصيتكم مع ما تقرر من أن القناعة من الله حرمان والقناعة بغيره ضلال وخسران انقدح في سري أن تجعل لنا سيدي رسالة مقربة للطريق معربة عن التحقيق, مشتملة على ذكر الخلوة وآدابها وآداب الذكر بالاسم المفرد وفوائد الإقتصار عليه دون سائر الأسماء مع ما ينكشف للسالك في خلوته بداية ووسطا ونهاية, والعلامة التي تدل على نجاح المريد في سلوكه والأسباب التي تفتره عن سلوكه والتي تقويه عليه حتى يكون من طالع هاته الرسالة على بصيرة من أمره وتكتب لي بارك الله فيك إجازة في التسليك على هاته الكيفية.
 
وبعد هذا فنحبك بارك الله فيك أن تشرفنا بالقدوم إلى هاته الحاضرة السعيدة فإن أهلها مشتاقون إليك غاية الاشتياق وبقدومك يتم مرادي ومراد سيدي محمد وسيدي عبد الرحمن وسيدي الحبيب بن منصور وتنتشر المادة وتكثر الإخوان ونسأل الله تعالى أن يجمعنا وإياك عن قريب أنه سميع مجيب.

خديم أهل الله المتملق على أبواب أهل الله محمد بن الحبيب بن الصديق وليه الله.
 
11 ربيع الثاني 1342 هجري / 21 نوفمبر 1923 ميلادي.

تعليقات