فيما أجابت به المحكمة الشرعية بمستغانم 1 عن سؤالين رفعا إليها وهذا نص الأخير منهما
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله عن النبي الكريم و آله وسلم
تونس في 20 صفر سنة 1342
إلى جناب المعظم العالم النحرير فضيلة القاضي بمدينة مستغانم الشيخ السيد عبد الرحمن أسبيع 2, عليكم وعلى من انحاز لجنابكم من أعضاء المحكمة الشرعية جزيل السلام وعلى من تتبع الحق وتربص في الأحكام.
هذا أيها المحترم وإن الداعي لمكتوبي هذا استفساركم عما صح عندكم من أحوال رجل 3 هو ببلدتكم أعني مستغانم يدعى السيد أحمد بن عليوة, فقد كنا نسمع عنه قبل هذا الحين أنه من المرشدين وبتلك المناسبة انتشرت من بيننا دعوته وتداولت مؤلفاته بكل احترام حتى في هذا الأخير قام من يبلغنا عنه بواسطة بعض الجرائد أن الرجل بعكس ما تقرر لدى الفكر العام إلى ان قيل فيه أنه "رأس المضلين" وأن أتباعه عبارة عن جماعة من المشعوذين وما هو من هذا القبيل فاختلط علينا الحابل بالنابل, ولهذا وجب الرجوع إلى سيادتكم في هذا الشأن لما قيل أن أهل مكة أدرى بشعابها. وعليه فان المأمول من مكارم أخلاقكم هو أخباركم عما صح لدى المحكمة الشرعية من أمر هذا الرجل وأتباعه, ونرى من تمام إحسانكم أن يكون الجواب بصفة رسم موثق بشهادة بعض من رؤساء البلاد زيادة على شهادة أعضاء المحكمة الشرعية ليكون تقريركم هذا كافيا في بابه رافعا للالتباس من أصله, كل هذا يكون منكم إن شاء الله خدمة للصالح العام, وعلينا دفع ما أوجبه القانون من أجرة الرسم بأي صفة كان, فليكن الجواب منكم بحرية ضمير وأبلغ تحرير 4. أيها السيد نرجو منكم المسامحة فيما ألزمناكم, فإن الضرورة حملتنا على الالتجاء لأمثالكم.
الجواب عما تقرر بالمحكمة الشرعية بمدينة مستغانم القسم الثامن من عمالة وهران وإقليم الجزائر أمام الشيخ القاضي بها الفقيه السيد أسبيع عبد الرحمن بن محمد وبمحضر شهود الباش عدلين السيد بن عائشة محمد بن عبد القادر والسيد سليمان الحسين بن الغوثي والعدلين السيد بروكش عبد القادر بن الطاهر والسيد بن يوسف بومدين بن البغدادي. حضر بن قارة مصطفى السيد حمادي بن الحاج محمد نائب رئيس الجمعية الدينية وبن سليمان السيد الحاج بن عودة ولد محمد مقدم الطائفة الشاذلية وبن إسماعيل السيد أحمد ولد الهاشمي أحد اعضاء الحجرة التجارية وبوزيد السيد عبد القادر بن الحبيب من أعيان شرفاء الطائفة البوزيدية وبن سفطة السيد عبد القادر بن علي أحد أعضاء المجلس البلدي 5 الساكنون بمستغانم, وشهدوا شهادة واحدة متحدة اللفظ والمعنى نصها منهم أنهم يعرفون الشيخ سيدي أحمد بن سيدي مصطفى بن سيدي محمد بن عليوة المستغانمي نسبا ومسكنا معرفة الإسم والعين والنسب بها ومعها يشهدون أنه بين قومه وأهل بلده وخصوصا في نظر الهيئة الشرعية 6 ذو مكانة سامية وسيرة مرضية يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فهو من المرشدين الدالين على الله والحريصين في متابعة سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا لدى العموم والخصوص فشهرة ذكره تغني عن التعريف به. أما أتباعه 7 فهم عندهم من أحسن الناس سيرة واقفون على حد السنة فلا يسمعون عنهم إلا الخير كل ذلك في علمهم ومقرر في ذهنهم لا يشكون فيه ولا يرتابون.
وبمقتضى شهاداتهم فإن أعضاء المحكمة المذكورين أعلاه 8 يشهدون للشيخ المذكور بما شهدت به البينة لإطلاعهم على أحواله الظاهرة. شهد به من علمه وتحققه بتاريخ 17 جانفي سنة 1924 أجرته بترجمته 11 فرنكا و25 سنتيما. وواجب السطور 3 فرنك و12 سنتيما. قبض الكل تحت عدد 363 سجل بإدارة الدومين بمستغانم يوم 18 جانفي سنة 1924 تحت صحيفة 176 وبيت 995 أجرة التسجيل 6 فرنك, القابض السيد دولا قرانج, عبد ربه بروكش عبد القادر بن الطاهر بن عائشة, محمد بن يوسف بومدين ابن البغدادي, أسبيع عبد الرحمن بن محمد.
_______________
- استفتح في هذا المشروع بما أجابت به المحكمة الشرعية بمستغانم وثنى بما أجاب به فضيلة مفتيها المعظم لما رأى من أنهما عمدة هذا الباب بمناسبة كون المسؤول عن أحواله من مدخل معلوماتهما لما قيل أن أهل مكة أدرى بشعابها, ولعله قدم ما اجابت به المحكمة الشرعية لأنه كان في نظره في قوة الحكم في النازلة.
- قال ابن عبد الباري: لم نجتمع بفضيلة المشار إليه غير أنه بلغني عن فضيلته ما يستحق الذكر من جهة عدم ميله إلى الأهواء في الأحكام وهكذا قيل أنه يجتنب كل ما فيه اشتباه يوجد كنحو الارتشاء ولو كانت شربة ماء, ولا ينكر أن هذا الوصف أعظم خصلة تعتبر في مركز القضاء, حققها الله له ولكل منتصب على منصة القضاء بين الناس.
- يفهم من هذا أن السائل كان يتظاهر للمسؤول كأنه أجنبي عن النسبة العلاوية ليتسنى له الإجابة كيفما ظهر له فتراه يعبر بقوله هذا الرجل, وهذا الشيخ, وهو منه غاية في الحرص على استخراج الواقع.
- أنظر لهذا السائل أيها القارئ وما يتركه للمسؤول من المجال ليتسنى له أن يجيب بحرية ضمير كل ذلك حرصا منه على إثبات الحقيقة واستخراج الواقع وهكذا تراه يفعل فى غالب الأسئلة.
- ومن هنا حذفت جماعة ممن حضر بقصد الاختصار. ومما أخبرنا به أن الجماعة المذكورة بالرسم كانت حضرت بالمحكمة الشرعية على سبيل الاتفاق. أما سبب حضورها فقد كان لعقد نكاح. وعندما سئلت عما تتحققه من الشيخ ذكرت بلسان واحد ما سطر بالرسم. أما لو دعيت البلاد بتمامها لأجابت بما أجابت به هاته الجماعة وكيف لا وقد أجاب فضيلة مفتي البلاد بمثل هذا حسبما يأتي وهكذا أجابت رؤساء البلاد عموما في شهادة ستأتي إن شاء الله, وهذا مما يدل القارئ على أن الأستاذ ذو مكانة بين قومه حسبما ذكر في الرسم نفسه حيث قال أنه بين قومه وأهل بلده وخصوصا في نظر الهيأة الشرعية ذو مكانة سامية إلى أن قال فشهرة ذكره تغني عن التعريف به الخ...
- ولولا مكانته في نظر الهيأة الشرعية لما شهد له من سيتلى من شهائدهم من مدرسين وقضاة ومفاتي إلى غير ذلك.
- فلتأمل القارئ قوله هم عندهم من أحسن الناس سيرة. هل يتأنى من أعضاء المحكمة أن يقرروا على شهادة تشبه هذه بغير بينة لديهم من أن أتباع هذه الطائفة هم من أحسن الناس سيرة لو لم تكن سيرتهم عندهم ببلادهم أظهر من أن يستدل عليها.
- وهذه شهادة من أعضاء المحكمة بما صح لديهم بالخصوص.
تعليقات
إرسال تعليق