مرة رأى الشيخ العلاوي فقيرا كان إلى جنبه فنظر في ساعته فقال له الشيخ:" هذه الساعة صنعة ولا بد لها من صانع, وهذا البيت الذي نحن فيه مصنوع ولا بد له من صانع, وهكذا هذا الكون الواسع هو مصنوع ولا بد له من صانع, وليس هناك أحد إلا الله فهو خالق كل شيء ".
هذه الملاحظة من الشيخ وتعليقه العرفاني تحمل دلالة عميقة في التوحيد وإثبات وجود الخالق، وهي مثال على الأسلوب البسيط والعميق في نفس الوقت الذي يستخدمه المشايخ في توصيل المعاني العقدية الكبرى، فقال: الساعة صنعة، ولا بد لها من صانع. البيت مصنوع، ولا بد له من صانع.
إذن، الكون بكل ما فيه أعظم من الساعة والبيت، فبالتأكيد له صانع. وهذا الصانع لا يمكن أن يكون مخلوقًا، بل هو الله، خالق كل شيء.
هذا النوع من الدليل يعرف في علم الكلام والدعوة بـ"دليل العناية والاختراع"، وفي لغة القوم "بالدليل والبرهان"وهو من أشهر الأدلة على وجود الله تعالى، ويستخدم منذ القدم لإقناع العامة والخاصة، لأنه يعتمد على الفطرة والعقل معًا.
الشيخ العلاوي استعمل "القياس العقلي" أو ما يعرف في الفلسفة بدليل "النظام" أو "الاختراع" لإثبات وجود الله.
فقال: كما أن الساعة تدل على صانع بسبب دقة صنعها ونظامها، والبيت يدل على مهندس ومعمار بسبب ترتيبه ووظيفته، فإن الكون، بما فيه من انسجام مذهل (كالقوانين الفيزيائية، والدقة في خلق الإنسان، وحركة الكواكب) يدل حتماً على وجود خالق عليم وقدير.
ثم ختم بحقيقة التوحيد: أن هذا الخالق لا شريك له، فهو الله، "خالق كل شيء"، ولا يوجد شيء في الكون إلا وهو من خلقه.

تعليقات
إرسال تعليق