الشيخ العلاوي ومراتب الإدراك في السير إلى الله

كان الشيخ العلاوي مرة جالسا مع الإخوان وفي يده كأس فقال: "إن الفقير لا يدع الاسم حتى يعرف هذا الكأس على أربعة أوجه, من فوق ومن تحت وعلى الجانبين". 

هذا القول المنسوب إلى الشيخ العلاوي، يعبر عن عمق المعرفة الصوفية ومراتب الإدراك في السير إلى الله. إنه يحمل دلالة رمزية وإشارية عميقة.

الفقير المتجرد عن كل ما سوى الله لا يتخلى عن ذكر اسم الله الاعظم حتى يتحقق به معرفةً وشهودًا. يعرف الكأس على أربعة أوجه.

الكأس هنا رمز للحقيقة أو المعرفة أو الشيء المخلوق، ومعرفته على أربعة أوجه تعني إدراكه من جميع جوانبه الظاهرة والباطنة.

من فوق: معرفة الكأس من حيث كونه مخلوقًا من عند الله، أي إدراك أصله العلوي.

من تحت: معرفة حقيقته الأرضية والمادية، من تراب وطين أو مادة.

من الجانبين: إدراك ارتباطه بالعالمين، العالم الروحي والعالم المادي، أو العلاقة بين الباطن والظاهر.

وقد تكون الأوجه الأربعة رمزية للأركان الأربعة للوجود أو الإدراك: الحس، العقل، الخيال، والروح.

بالتالي، يشير الشيخ إلى أن السالك لا يترك الذكر أو يترقّى في المقامات حتى يتحقق بالفهم الكامل لحقيقة الأشياء لا مجرد شكلها، بل جوهرها وربطها بالله.